لماذا أصبحت مقاطعة الانتخابات الخيار الأكثر واقعية للعراقيين؟

سعد السامرائي

لماذا أصبحت مقاطعة الانتخابات الخيار الأكثر واقعية للعراقيين؟

تقترب لحظة الحسم السياسي في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية. لكن بدلاً من الأمل في التغيير، يسود شعور واسع باللاجدوى والإحباط. فالكثيرون يرون أن ما يسمى (انتخابات) ليس سوى إعادة تدوير لنفس الطبقة الحاكمة التي أمسكت بالسلطة منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، تحت وصاية إيرانية وأمريكية مزدوجة.

منذ دخول الساقطين في ٢٠٠٣، تشكّلت العملية السياسية وفق معادلة معقّدة تجمع بين الهيمنة الأمريكية والنفوذ الإيراني، ما جعل الحكومات المتعاقبة رهينة توازن خارجي أكثر من كونها معبّرة عن إرادة العراقيين. لم ينج أي قطاع حكومي واهلي من تدخّل القوى الأجنبية والميليشيات، من الاقتصاد إلى القضاء فالأمن، فاستُنزفت مقدرات البلاد في صراعات الولاءات.

يُفترض أن تشكل الانتخابات مناسبة لتجديد الشرعية، لكنها بالعراق في الواقع تكرس احتكار السلطة من قبل العملاء والمصلحيين .

وزارة الداخلية أعلنت نشر 170 ألف عنصر أمن لتأمين الاقتراع، في مشهد يوحي بأن النظام يخشى شعبه أكثر مما يخشى أعداءه!.. كما ذكرت تقارير ميدانية تحدّثت عن وجود قناصة، وعن تكليف تشكيلات مسلحة بأدوار أمنية داخل العملية الانتخابية. هذه الإجراءات الأمنية الكثيفة لا تحمي الديمقراطية، بل تحرس نظاماً هشاً يعيش على الخوف.

تراجع المشاركةالشعبية

التحليلات المستقلة تتوقع أن تكون نسبة المشاركة الأدنى في تاريخ ما يسمى الانتخابات العراقية، وهو مؤشر واضح على عمق فقدان الثقة في أن تنتج صناديق الاقتراع تغييراً حقيقياً، بعدما تحولت العملية الانتخابية إلى وسيلة لإعادة تدوير الفساد ذاته تحت مسميات جديدة.

وفي واقع غياب البدائل داخل العملية السياسية للمحتل لا يمكننا ان نعثر على قوى اصلاحية للعمل من داخل النظام لأن الكل يريد ان يسرق ويستغل وجوده بالسلطة لمصلحته الشخصية في الوقت الذي تغيب فيه الضمانات الأمنية والنزاهة الحقيقية.

حتى القوى التي تدعي (المقاطعة) تمارس أدواراً النفاق المزدوج، إذ تشارك بصورة غير مباشرة في تثبيت النظام القائم عبر صفقات خلف الكواليس. هذا الانفصام جعل الشارع أكثر قناعة بأن المقاطعة هي الشكل المتاح للمقاومة السلمية لكي نحفظ ارواح شبابنا ولكي لا تتكرر مشاهد تشرين الاجرامية من قبل الحكومة وزلمتها.

أما الشعب فيعيش في دوامة بين الخوف والمواجهة ،،المواجهة المباشرة مع منظومة حكومية وميليشياتية تمتلك السلاح والإعلام والدعم الخارجي والمال لذلك يعتبره الكثير بانه ليس خياراً واقعياً في هذه المرحلة، لأن الكلفة البشرية ستكون باهظة.

من هنا اذن تبرز المقاطعة كأداة ضغط مدنية تعري زيف الانتخابات وتكشف حجم السخط الشعبي بلا عنف ولا دماء.. (ارخص!)

أما دوليا فرغم كثرة الأحاديث عن ضغوط أمريكية أو تفاهمات إيرانية لم يصدر أي تصريح رسمي من واشنطن أو طهران يضمن للشعب العراقي انتخابات حرةنزيهة ولا تعديل للدستور ولا من يحق له ان ينتخب فالعملية تبقيها بيد عملاء ايران من الاحزاب التي تحميها الميليشيات الغير قانونية وحتى الأكراد و السنة المشاركين فكل طرف يتعامل مع العراق كمساحة نفوذ، لا كدولة ذات سيادة. وهنا يجب أن يقول الشعب كلمته في استعادة صوته عبر رفض المشاركة في مسرحية محسومة النتائج.

اخيرا ..المقاطعة ليست انسحاباً أو هروبا، بل موقفا وطنيا واع. المقاطعة اذن هي إعلان رفضٍ جماعي لمنظومة فشلت لعقود من الزمن في بناء الدولة، وصرخة ضد الفساد والتبعية والقتل باسم السياسة.

إنّ مقاطعة انتخابات نوفمبر 2025 قد لا تسقط النظام في يوم واحد، لكنها ستكون الخطوة الأولى في طريق أطول نحو استعادة السيادة وبناء وطن حر يعبّر عن إرادة أبنائه لا عن صفقات المحتلين.وستتحول هذه المقاطعة الى كفاح مسلح كنتيجة حتمية لاستنفاذ كل الوسائل السلمية ان عاجلا او آجلا.

لا للانتخابات او المشاركة بها .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

869 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع