علي الكاش
العراق يفرش البساط الأحمر للفاسدين
بتحويل قضية الطبيبة المغدورة بان العزاوي من جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد الى قضية انتحار، فقد القضاء العراقي والحكومة العراقية والبرلمان الخائب شرفهم وضميرهم. مبروك عليكم جهنم وبئس البصير
أقول: من يحب الله ويريده لا يمكن ان ينتحر، بل انلا يمكن ان يفكر في الانتحار، هذه اول مرة نسمع عن طبيب ناجح وطموح لإكمال دراسته العليا، ويقدم برنامج ناجح في علاج الاكتئاب وبقية الامراض النفسية ثم ينتحر!!! حدث العاقل بما لا يعقل فان صدق فلا عقل له.
المقدمة
قال تعالى في سورة النساء/ 66 (( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا)).
يعتبر الفساد سرطان البلاد المتخلفة سيما تلك البلدان البعيدة عن النظام المؤسساتي، ولعل احد ابرز أسباب التخلف في دول العالم هو تفشي حالات الفساد، ويكون الفساد في اعلى مستواه عندما يتسلل الى مؤسسات الدولة والبرلمان والمؤسسات الدينية بخفية، الا ان يتجذر فتصعب عملية اجتثاثه او حتى معالجته. اما اذا وصل الفساد الى المؤسسات القضائية فاقرأ على البلد السلام، وسبق ان قلت اعطني قضاءا نزيها، اعطيك دولة نظيفة خالية من الفساد، لكن المشكلة ان الفساد يعشعش في قمة الهرم.
قال ابن بسّام:
قالوا خليفتُنا قد ماتَ قلتُ لهم ... في الكلبِ منه وفي أمثالِه خَلَفُ
حتَّى إذا قامَ شرٌّ منه قلتُ لهم ... الآنَ طابَ عليه الهمُّ والأسَفُ
كيفية مواجهة الفساد؟
ـ توفر مؤسسات الرقابة الحكومية والقضائية والبرلمانية كالنزاهة والمفتشين في الوزارات تعمل وفق الدستور والقوانين النافذة بشفافية تامة.
ـ وضع قوانين صارمة للحد من حالات الإفلات من العقاب، سيما حالات صدور اوامر القبض بعد هروب المجرمين الى خارج البلاد.
ـ الحد من حالات التوسط والرشوة والصفقات المشبوهة وتنشيط محاربة الفساد ومنع تدخل أقارب المسؤولين في الاستحواذ على الاستثمارات الداخلية.
ـ استقلالية القضاء وتساوي المواطنين امام العدالة، ومنع الاستثناءات مهما كانت غايتها، وإخضاع القضاة الى مجلس اعلى للقضاء بأيدي نزيهة، بعيدة عن البرلمان والحكومة، ومحاسبة الفاسدين محاسبة شديدة.
ـ تفعيل نصوص الدستور سيما تلك المتعلقة بمحاربة الفساد، مع توصيف الفساد وتحديد آلية محاربته، ومحاسبة من يخفي او يتستر عن حالات الفساد واعتباره شريكا للفاسد.
ـ الابتعاد عن تشكيل اللجان التي غالبا ما تخضع الى المطاولة والتسويف او بنتائج لا تتوائم مع حجم الجريمة.
ـ تحديث القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد بحيث تتناسب مع قوة وحجم الكريمة، وتشديد العقوبات على تجارة المخدرات والأعضاء البشرية وزنا المحارم وغسيل الأموال وعدم شمول مرتكبيها بالعفو العام.
ـ منع المرجعيات الدينية والمسؤولين في الحكومة من ممارسة أي عمل تجاري، كل ينصرف الى مهمته الأساسية، وسوف نناقش هذا الموضوع بطريقة منطقية وعملية كواقع حال في العراق.
ـ وضع قوانين صارمة للرشوة، سيما عندما تكون بطابع ديني، على أساس ان النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهدية، كما ادعى حيدر الشروكي ـ اخو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ـ عندما طلب رشوة بمقدار مليار دولار عن بناء شبكة مواصلات من شركة بريطانية، بحجة ان النبي قبل الرشوة،
ونقول في هذا الموضوع، أهدي إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ هَدِيَّة، فَردهَا، فَقيل لَهُ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يقبل الْهَدِيَّة. فَقَالَ: قد كَانَت الْهَدِيَّة لَهُ هَدِيَّة، وَهِي لنا رشوة، وَقد لعن الله الراشي والمرتشي. وَقَالَ بعض السّلف: الْهَدِيَّة فِي عمل السُّلْطَان رشوة". (تحسين القبيح/71).
عندما تتحول العتبات الى مراكز تجارية
قال الفضل بن الربيع:
كم فاسقٍ تحسبُهُ ناسكاً ... يستقبلُ الليلَ بأمرٍ عجيبْ
غطّى عليهِ الليلُ أثوابَهُ ... فباتَ في أُنسٍ وعيشٍ خَصيبْ
(المحب والمحبوب/140).
المرجعيات الدينية تخلفت عن مواكبة الازمة في العراق ولم يرتقوا الى مستوى التحديات لجهة التآزر والتعاون في سياسات مشتركة تخفف من وقع الازمة، وموقفها ما زال في اطار التوصيف العام للازمة ونتائجها على مختلف المستويات بما فيها الشرعية.
علاوة على التجارة بالدين التي يمارسها كبار المراجع ويكسبوا المليارات منها، فقد تحولت العتبات الشيعية الى مؤسسات وشركات ضخمة برأسمال يتجاوز عدة مليارات من الدولارات، وبتنا نسمع بتنوع العتبات مثل العتبة العباسية، العتبة الحسينية في كربلاء، العتبة العلوية في النجف، العتبة الكاظمية في بغداد، وعتبة الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، وتنوعت تجارة المرجعيات فشملت جامعات كجامعة الكفيل، ومستشفيات كمستشفى الكفيل التخصصي، ومستشفى المرجع القزويني، ومدارس مثل مدرسة الكفيل، وأسواق الكفيل للمواد الغذائية والدواجن، على معامل لتعبئة التمور، ومسالخ للحوم والدواجن، ومشاريع بناء واعمار مثل شركة الكفيل للعقارات والبناء، وفي مجال النقل (خدمة الإيرانيين من الزوار في موسم عاشوراء التجاري)، واستثمارات زراعية وغيرها.
والحق يقال ان اول من عمل في مجال الاستثمار هو المرجع الخوئي من خلال تأسيس مؤسسة (الخوئي المالية) في لندن ـ بلاد الكفار ـ وذكر نجله عباس الخوئي المليارات التي تضنها المؤسسة، وهي بالكبع من أموال الخمس والتبرعات ورد المظالم وغيرها من الموارد. وتلاه المرجع الشيعي علي السيستاني الذي اشترى شارع في ارقى احياء لندن يضم فيلات وقصور لإبائه وبناته، وتبعه المرجع اليعقوبي وهو من كبار لصوص النفط، وهذا ما يقال عن همام حمودي وقيس الخزعلي ومقتدى الصدر وعمار الحكيم وبقية رهط المافيات الحوزوية، ناهيك عن كبار زعماء الميليشيات وأركان الدولة العميقة وابرزهم نوري المالكي، محمد شياع السوداني، مصطفى الكاظمي، فائق زيدان، اسعد العيداني، زعماء الحشد الشيعي وغيرهم.
لم تعد السرقات مرفوضة شرعا، بسبب فتوى السيستاني بجواز سرقة المال مجهول الصدر، ولم تعد مرفوضة من قبل الحكومة والجهات السياسية لأنها تعتبر شطارة وفن، كما ان السرقات وهدر المال العام مقبول من قبل الشعب العراقي لأنه لم ينتفض اتجاهه، فهذا يعني ان الفساد صار سمة من مقبولة من قبل كل الجهات، فمن قادر اذن على التغيير.
لو افترضنا جدلا ان بعض الثوار اصروا على رفض الفساد في الحكومة والبرلمان والقضاء وقرروا القيام بثورة ضد الفاسدين، فان الحشد الشعبي وبقية الميليشيات ستقابلهم بالعنف من خلال السلاح المميت والاغتيالات والاختفاء القسري والاعتقالات وغيرها من الوسائل، ولنا في ثورة تشرين عبرة لمن اعتبر، ولا ننسى فتوى الخامنئي باعتبار المنتفضين عملاء وغوغاء وافتى بقتلهم.
من المؤسف فقد كانت ثورة تشرين ثورة بكل المعاني، وأهدافها سامية ووطنية بحتة، لكن الخامنئي والحشد الشيعي وأصحاب القبعات الزرق وأدوها، وما ساعدهم في ذلك شعار السلمية التي اصر عليه الثوار، فتم سحقهم. العنف مقابل العنف، والسلمية مقابل السلمية، تلك هي القاعدة الذهبية، ولكن احمق من يعتقد ان السلمية تنتصر على العنف، ومن استشهد بثورة غاندي، نقول له ارجع الى عدد الضحايا الهنود، وستعرف حجم المأساة.
ذكر الدينوري" عن المدائني قال: نظر علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إلى قوم ببابه، فقال لقنبر: يا قنبر! من هؤلاء؟
قال: هؤلاء شيعتك يا أمير المؤمنين.
قال وما لي لا أرى فيهم سيماء الشيعة؟
قال: وما سيماء الشيعة؟
فقال: خُمْصُ البُطُونِ مِنَ الطوَى، يُبْسُ الشِّفاهِ مِنَ الظمأى، عُمْشُ العُيونِ مِنَ البُكاء". (المجالسة وجواهر العلم/216). (حسن التنبيه3/223). (أمالي المرتضى1/13).
هل ينطبق قول علي بن ابي طالب على مراجع الشيعة وحكامهم في العراق؟ سؤال موجه للشيعة فقط.
الخاتمة
خير ما نختم به المقال هو قوله تعالى في سورة البقرة 11ـ 12 (( وَإِذا قيل لَهُم لَا تفسدوا فِي الأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحن مصلحون إِلَّا إِنَّهُم هم المفسدون وَلَكِن لَا يَشْعُرُونَ))
علي الكاش
663 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع