الزبابيگ يشوهون وسائل الاعلام

                                                           

                الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي

الزبابيگ يشوهون وسائل الاعلام

ابتداءا اشكر الاعلامي المبدع احمد البشير الذي يتصدى بشكل رائع وفعال للزبابيگ الذين يملئون الفضاء الاعلامي بأفكارهم المسمومة العفنة ،ووفر علينا الجهد في اختيار المصطلح المناسب لهذه المجموعة من مرتزقة ملالي ايران ومارنيز الاحتلال ،الذين لوثوا اسماع العراقيين واعتدوا على اذواقهم الامر الذي جعل جميع من يشاهدهم مكرها يستنكر ويستهجن نباحهم اليومي بكل المناسبات ،وهو يستقتلون دفاعا عن اولياء نعمتهم ،وقد تناسى هؤلاء ان العراقيين قد تجاوزوا المرحلة التي كانوا مجبرين على قبول بعض من طروحاتهم طيلة 19 عاما عجافا سوداء مثل وجوه كل العملاء تحت غطاء العقيدة والطائفة والمنطقة وووو .

امام هذه الصورة للزبابيگ هناك لوحات جميلة للاعلاميين العراقيين الملتزمين بثوابت الوطن والامة والعقيدة الذين يحرصون على محاكاة وممارسة الاعلام المهني الملتزم والمسؤول والاخلاقي والقيمي وفق الاصول المرعية والفضاء الاعلامي الوطني وسقفه العراق المحرر وانتمائهم لارضه وولائهم لشعبه.
ان المطلوب من كل اعلامي عراقي وطني غيور شريف ان ينقل الحقيقة ويعظم المنجز ويبني على الايجابيات ان وجدتا ويعمل على كشف المستور ومسائلة اعداء الشعب وتصويب الاخطاء والنقد البناء لمصلحة الوطن بما يساعد في خلق رأي عام واع ضاغط قادر على صنع القرارات المتصلة بمصلحة العراق وشعبه ،والالتزام بخلق حراك اجتماعي وثقافي وسياسي على مستوى العراق واحياء الهمم نحو جهد بناء ومؤثر واحداث التفاعلات بين ابناء الوطن الواحد بتحديد اولياتهم ولفت الانظار الى مشاكلهم وهمومهم جنبا الى جنب مع تعظيم الحراك الوطني وديمومة الثورة.
الإعلامي هو توصيف لمهنة عظيمة وممارسة احترافية تستدعي أن يكون حاملها ومن تُخلع عليه جديراً بها لكنها للأسف باتت مرتقى لبعض الأدعياء الذين استسهلوا ممارستها دون أن يتسلحوا ببعض أدواتها ،وهي الصفة الأكثر جدلية في راهن المجتمع الإعلامي في العراق المحتل، والمؤرقة أيضاً للمنتمين إليه، لكثرة المتترسين خلفها، والمباجلين بها تنطعاً دون إلمام بأدني مبتغياتها وغاياتها والأدوات الملحة لنيلها،هذه سلوكيات لا يستغربها من يقرأ المشهد بحياديه حيث إن الفوضى تعم ساحة الاعلام في العراق بشكل غير مسبوق ،فالإعلام الحقيقي مرتبط بالعلم والمعلومة ومن ثم بالحقيقة، ولكنه في عراقنا المحتل حدثوا ولا حرج، ويبدو ان الزبابيگ ارادوا ان يعيدوا بشكل غبي منهج "غوبلز" وزير الدعاية النازية زمن هتلر الذي صاغ مقولة: اكذب اكذب اكذب، حتى يصدقك الناس وحتى تصبح الكذبة حقيقة، وفي العراق تم انشاء كم من المؤسسات التي هدفها الاساسي هو غسل ادمغة الناس وتغييب العقل والمنطق.
بلا شك عندما نتحدث عن مهنة الاعلام بهذا الحجم التي تلامس احاسيس وعواطف وعقول الجماهير لابد أن يتقدم صفوفها اصحاب الكفآت ويقف على منابرها المبدعون من اصحاب الوعي والقدرة والدراية والفهم الحقيقي للمهنة وللمجتمع ولكيفية التعاطي مع الأحداث والكلمة والصورة والمؤثرات لضمان وصولها إلى عقل ووعي المتلقي بشكل سليم ورزين.فالمجتمعات اليوم اصبح لها باع طويل وتجربة ثرية في التعامل مع ميدان الإعلام بكل وسائله بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام يجب ان ينتمي إلى مرجعية ومحاكمة أيضاً لما ينشر في وسائله المتعددة بما يحفظ للمهنة مكانتها واحترامها في الأوساط الاجتماعية والثقافية.
هناك يقظة لمن يحاول ان يسطو على أي مهنة مثل الطب أو الصيدلة أو الهندسة، والإعلام مهنة لها أخلاقيات وقيم كالدقة والموضوعية والمعلومة والصياغة، وما يقتضية الرأي والخبر كل على حدة أو في حالة ممازجتهما بما يخدم الهدف ويضفي على المعلومة أبعادها المختلفة لتكتمل مادة مفيدة وثرية للمتلقين ولابد من التنبه لذلك ومجابهته ،والإشكالية الكبرى في كثرة وتنوع وسائل الاتصال الحديثة التي قد تتعرض بشكل مقصود ومخطط الى التشويش وعدم التوازن وخلوها من الطرح الموضوعي والاعتماد على الطرح الجزئي الذي قد يؤثّر في اتجاهاته بشكل غير إيجابي وهذا الاجتزاء قد يؤدي الى ضعف المصداقية والموضوعية والحياد والشمولية وقد يشمل ايضا الصياغة التي هي أساسات متينة تقوم عليها صفة الإعلام والمنتمين له وخصوصاً الصياغة التي من خلالها يستوعب المتلقي الأهداف ويفهم الأبعاد، واكتمالها بما يشبع نهمه ويلبي رغباته، وأي خلل في أي من هذه المقومات يعني الاتجاه إلى مسارات أخرى ليست من الإعلام في شيء.
ان الطارئين على المهنة الإعلامية في العراق بعد الاحتلال يبحثون عن الإثارة لجمع أكبر عدد من المتابعين ويتسببون في تغييب المصداقية ويعمدون الى ترويج الشائعات وخلط الاوراق التي تأخذ مجراها في أوساط الناس بدون تحرٍ أو بحث، خصوصاً في ظل غيلب الرقابة على وسائل الاعلام وأقنيتها المختلفة التي تمتلكها جهات حزبية جاءت مع الاحتلال وخلفه وهذا يمهد الطريق لهم إلى اختلاق الإثارة واجتزاء ما يثير ومايغلب على الظن أنه سيحقق الإثارة والانتشار. الإثارة رغم أنها سمة وجزء من الفن الإعلامي، ولكن عدم الالتزام بأدبياتها وتجاوزها يخلط الأوراق فتلتبس الحقيقة والشائعة، ويصعب التفريق بينهما وبالتالي يؤثّر على الطرح الإعلامي وقد يحط من قدره وقيمته بطرق لا تخدم المجتمع ولا تحقق الأهداف التي تخدم المجتمع.
أن هذه الحالة للاسف أصبحت واضحة للعيان فقد باتت ظاهرة التفت واضحة في إطار مجتمعنا المحتل، حيث لا نرى تخصصاً علمياً إلا وقد انبرى للحديث فيه، وادعاء المعرفة الكامنة به، من ليس له معرفة به أساساً، ولا يملك أدنى وعي بحقيقته بشكل كلي. ومن هذا المنطلق باتت ظاهرة الشهادات الوهمية (كما يحدث منذ الاحتلال ) مستساغة في ثنايا المشهد العراقي، بحيث لا نرى من يستنكرها أو يبدي رفضاً قاطعاً لمن دخل في ثناياها، انطلاقاً من إيمان عميق بأهمية التزام الصدق وتوخي قول الحقيقة. بل على العكس، نجد الكثير ينساق مع ذلك الوهم، فيُطلق مختلف الألقاب التي استحقها الآخر بوهم وليس بصدق، والمجتمع في فعله هذا يُكرس ثقافة الزيف، وظاهرة الافتئات التي نعاني منها مجتمعياً، وتعاني منها مختلف التخصصات. ومن ذلك مهنة الإعلام، التي باتت مستباحة لكل من أراد سبيلاً.
إن توصيف مصطلح (إعلامي) يحتاج إلى إعادة تأسيس لمفهوم الإعلام، الذي انفلت بشكل كبير في العراق المحتل، ليتخيل الزبابيگ مثلاً أنهم إعلامين ومحللين ووو.. لمجرد ظهورهم في هذا البرنامج او ذاك، وربما كتب جملتين في موقعه الخاص على موقع الفيس بوك أو التويتر، ناهيك عن انفلات مفاهيم مثل ظاهرة (الخبير والمحلل الستراتيجي )، والأهم أن كل ذلك بات مستساغاً ضمن إطار المجتمع العراقي باعتبار حالة القبول الرئيسة بواقع الافتئات التي تبرز في شكل من أشكاله في الشهادات الوهمية.
ان اقتحام عدد من الزبابيگ مجال الإعلام بوصف نفسه أنه (إعلامي) ثم يقوم بالتنظير، وبالحديث في الشأن الإعلامي العام أو الخاص دون سابق معرفة، مع عدم حصول أولئك على مبادئ علوم الاتصال والإعلام، وليس لديهم ما يؤهلهم ولو بقدر أدنى للخوض في هذه المسائل، ولا دراية بِمِيثاقِ شرف هذه المهنة الشريفة مما يجعل اقتحامهم هذا المجال دون سابق علم أمراً مذموماً لدى العقلاء من الناس، فاحترام التخصص مطلوب في هذا الزمن، إضافة إلى ما يوقعونه من إشكالات كثيرة غير مهنية، فالصَّنعة الإعلامية أصبحت في عالمنا اليوم مهنة ذات شرف ورسالة، وينبغي لمن يقتحمها أن يكون ذا رصيد كافٍ من المعرفة، وعنده إلمام بالثقافة المجتمعية، وذا فاعلية في مجتمعه، يسهم في رفع الوعي ونشر الثقافة.
ومما يراعنا ويقلقنا ما يوجد اليوم عبر عدد من القنوات الفضائية المتحزبة وغيرها ومايتبعها من وسائل التواصل الاجتماعي من يصف نفسه أنه إعلامي فيدس أنفه فيما لا يعنيه، ويتكلم في غير علم التي قد تجر على البلاد والعباد ما لا يحمد عقباه، كل هذه الجراءة لأجل كسب مصالح شخصية وحزبية ولأجل أن يضللوا الناس بهذه الصفة المزعومة.
الإعلامي كان وسيبقى يمثل صفة عليا في قيمتها ومهنيتها وأخلاقياتها ومسؤولياتها ولهذا ينبغي ألا تطلق إلا على من مارس العمل الإعلامي احترافاً سواء في الصحافة الورقية أو الإلكترونية أو التلفزيون أو الإذاعة كعمل ممارس ولسنوات اكتسب منها خبرة وليس مجرد لقب يطلق على كل من هب ودب ممن يخرج علينا اليوم، خصوصاً من الزبابيگ ؛ ومع الأسف هذه الظاهرة تنم عن جهل كثيرين ممن يطلقون على أنفسهم صفة إعلامي دون ممارسة مهنية واحترافية وتمكن من أدواتها المهنية؛ ويؤسفنا أن إطلاق الألقاب بهذه الطريقة لا تنم عن وعي؛ فكما أن الطبيب لا يطلق إلا على الطبيب والمعلم لا يطلق إلا على المعلم وغير ذلك من مهن، فينبغي أيضاً ألا يطلق لقب إلاعلامي إلا على من يحترف العمل الإعلامي احتراماً لهذه المهنة وما تحمله من مسؤولية أخلاقية ومجتمعية ذات أبعاد غاية في الأهمية على المجتمع.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

684 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع