كيس من شاميتها صرخ: هنا دفنت نبأ!

                                   

                           ذكرى محمد نادر

نبأ مروان.. طفلة ذات اربعة اعوام، من سكان منطقة حمام العليل بالموصل, حملت في الضحى الاخير لحياتها ,كيس " الشامية" الذي اشترته من الدكان المجاور ومضت فرحة ومسرعة لبيت صديقتها لصق بيتها, لتشاركها لعبها وحبات الشامية .

طرقت بكفها الوردية الصغيرة الباب,وانتظرت مبتسمة.. تتلمظ بطعم الشامية .

كانت تلك,الوهلة الاخيرة من عمرها القصير الى هذا الحد ! فحياة نبأ , وكأنها ومضة حلم , وانطفاء براءة !

كان كيس " الشامية" يحمل اثار اصابعها وقد تناثرت حباته في باحة بيت صاحبتها, هو من اشار لمرورها في تلك الباحة, التي انكر جارهم" ابو صديقتها" مرورها عندهم, وكانت حبات الشامية هي الشاهد الوحيد الذي دل الشرطة صارخا على مكان دفنها !!

فنبأ ذات الاربعة اعوام لم تجد في ضحاها الاخير صاحبتها لكنها وجدت ابوها, الذي ولسبب غير معروف حتى الان, تلذذ بشنقها حتى الموت, ثم لف حسدها الصغير في كيس اسود, ودفنها في مجرور للمياه الثقيلة !!

وبقسوة مفرطة طلب من اخوة نبأ وهم اكبر منها قليلا بالعمر , مساعدته بصب الاسمنت على الكيس الذي كان يحوي جثة اختهم الصغيرة , فتسابقوا لاعانته وهم لا يعرفون انهم كانوا يساعدون في دفن اختهم !

نبأ هي ضحية جديدة في مسلسل قتل وتعذيب طفلاتنا, فقبلها كانت جريمة اغتصاب وقتل الطفلة بنين ذات السنوات الخمس من منطقة الزبير التي غدرها الجناة وهي تحمل عيديتها في أول أيام الاضحى لتكون اضحية بشرية, وعبير ذات السنوات السبع من محافظة العمارة التي عذبت بوحشية واغتصبت قبل قتلها! وكذلك الجريمة البشعة التي ارتكبها صاحب دكان يجاور مدرسة للبنات بمنطقة الوشاش في بغداد, حينما اغتصبها في دكانه وهددها بقتلها ان اخبرت اهلها بما حدث !!

هذه الجرائم بحق الصغيرات لها دلالات سلوكية مجتمعية خطيرة تشوه حياتنا وتمحو عنا قدسية احترام الذات البشرية, وبالاخص طفولتها ,تحتاج منا لوقفة مطولة للانتباه لها, ودراسة حقيقية من قبل ذوي الاختصاص .

وقد يمكن ان نتفهم ان خلف كل جريمة دوافعها تأتي ربما, من رغبة بالانتقام من شخص بعينه , او جراء حالات غضب عاتية أو ثأر, لكن ان تكون الجرائم قائمة فقط بدافع اللهو, والتلذذ بمنظر الضحية الصغيرة وهي تصرخ طلبا للرحمة, او رغبة تدميرية مريضة لمخلوق ضعيف لا يقوّ على الدفاع عن نفسه, فهي علامة لظاهرة توحش مرعب تجتاح مجتمعنا, خصوصا وانها توزعت بمناطق مختلفة من وطننا ولم تختص منطقة بعينها.. فحينما يستدرج القتلة الصغيرات لينفردوا بهن ليعتدوا عليهن بهذه الضراوة والوحشية, اعتقد انها وقائع تشير الى تردي نفسي وسلوكي واخلاقي وتطور اجرامي غير مسبوق في مجتمع محافظ كان حتى فترة قريبة من الزمن يتباهى بصونه للعرض واحترامه للانسان .

اهالي منطقة حمام العليل يتظاهرون الان لاقامة قصاص القتل بحق الجاني في موقع الجريمة ..

ولا أحد يمكنه أن يلومهم في مطلبهم خصوصا وان هذه الجريمة البشعة تقع ضمن قوانين تنص حكما على عقوبة الاعدام .

ولكن .. ما خلف هذه الجرائم أكبر من تظاهرة وعقوبة أعدام! فما اشارت اليه وقائع هذه الجرائم لا يجب ان تمر دلالتها, دون دراسة معمقة من قبل الدولة وعلماء الاجتماع لانها توضح وبصورة صارخة, اننا وبفعل الحروب, وانهيار المنظومة اجتماعية والاخلاقية, وتسويغ الجرائم وتبريرها ما دامت تقع لغيرنا وليس لنا شخصيا, تحولنا الى مجتمع "يتغول" مجتمع يتلمظ للضراوة ويستمتع بالعنف! مجتمع غادر جلد الضحية الى سوط الجلاد.. وللاسف أن كل ضحاياه ابرياء

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

853 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع