الهند ما قبل الإسلام

                                         

                الدكتور معراج أحمد معراج الندوي

         الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها

              جامعة عالية ،كولكاتا - الهند

mail.comgmerajjnu@

الهند ما قبل الإسلام

إن الهند هي بلاد قديمة لها حضارة وثقافة يرجع تاريخها إلى عدة آلاف مضت من السنين ، والهند ليست مجرد دولة بل هي شبه قارة وربما يطلق عليها قارة ، أي بلاد عديدة في وطن واحد. ومن السمات الرئيسة في الهند المجتمع المتنوع ، ربما تكون الهند هي الدولة التي تضم العديد من الأجناس المتنوعة في العالم.

كانت الهند قبل دخول الإسلام والمسلمين بلاداً منقطعةً ومتقطعةً سياسيا واجتماعيا عن العالم الخارجي كله ، يعيش أهلها في عزلة وخلوة ، ليست لها علاقة مع المجتمعات الإنسانية الأخرى ، وانقسم الناس في نظام الطبقات ، فلم يعرف في تاريخ أمة من الأمم لها نظام طبقي أشد قسوةً وأعظم فصلاً بين طبقة وطبقة ، وأشد امتهاناً بشرف الإنسان من النظام الديني. وكانت الهند تذوق هذه كلها منذ زمن عتيق ، وقد بدأت طلائع التفاوت الطبقي في آخر العهد الفيدي (Vedic Period) بتأثير الحرف والصنائع وتوارثها بحكم المحافظة على خصائص السلالة الآرية المحتلة ونجابتها. وقبل ميلاد المسيح ازدهرت في الهند الحضارة البرهمية، ووضع فيها مرسوم جديد للمجتع الهندي ، وألف فيه قانون مدني وسياسي اتقفت عليه البلاد، وأصبح قانونا رسميا ومرجعا دينيا في حياة الناس والبلاد ، وهو المعروف بـ "منو شاسترا" (Manu Shastra) يقسم هذا القانون أهل البلاد إلى أربع طبقات شهيرة.

الأولى: "البَرَاهِمَةُ" وهي طبقة أصحاب العلم و رجال الدين الذين يبينون أحكامه، ويزعمون أنهم خلقوا من رأس إله "براهما" ربهم الأعلى، ولذلك كانوا أعلى الناس، لأنهم خلقوا من أعلى الإله. وهم فى زعمهم خلاصة الجنس البشرى، وعقله المتفكر، ورأسه المدبر، لأن الرأس عنوان ذلك كله، فهم علاوة الجسم.

الثانية: "شَتْرِيْ" وهي طبقة الحرب والحكام. ويزعمون أنهم خلقوا من مناكب إلههم براهما ويديه، وهم لهذا الحماة والغزاة وموطن القوة. وكانت مرتبتهم دون مرتبة البراهمة، وهى تليهم مباشرة.

الثالثة: "ويش"وهي طبقة رجال الزراعة والتجارة. وهم الذين خلقهم الإله من فخذه، يزرعون ويتاجرون ويجمعون المال، وينفقون على المعاهد الدينية.

الرابعة: "شُوْدَرُ" وهي طبقة رجال الخدمات. وهؤلاء خلقوا فيما يزعمون من قدمى إلههم "برهما" فهم أحط الطبقات، وكانت مكانتهم في المجتمعالهندي حسب كتابهم أحط من البهائم واذل من الكلاب، وأنهم لم يخلقوا إلا لخدمة هذه الطبقات الثلاث. ومن سعادة شودر أن يقوموا بخدمةالبراهمة ،وليس له مأجر وثواب.

إن القادر المطلق قد خلق "البراهمة" من فمه لمصلحة العالم, وخلق "شَتْرِيْ" من سواعده و "ويش" من أفخاذه و"شُوْدَرَ" من أرجله ، وكذلك وزع مؤلف هذا القانون الفرائض والواجبات على كل من الطبقات لصالح المجتمع الهندي ، فعلى "البراهمة" الأمور الدينية من تعليم "فيدا" وتقديم الرسوم والنذور للآلهة وتعاطي الصدقات كما وعلى "شَتْرِيْ" الأمور السياسية كحراسة الناس والدفاع عن الوطن والحكومة والقيادة ، ووالجب على "ويش"رعي السائمة والقيام بخدمتها والزراعة والتجارة ، وليس على "شودر" إلا خدمة هذه الطبقات الثلاث ‘‘فهكذا أصبحت هذه البلاد مسرحا للوثنية والقسوة والهمجية والجور الاجتماعي، ليس له مثيل في الأمم ولا نظير له في العالم.

إن الهند كانت قبل دخول الإسلام متخلفة ومنقطعة عن العالم كله ، وإن كان بعض الهنود عرفوا شيئا من العلوم ،كالهندسة والنجوم والطب ، ولكن أكثرهم كانوا متخلفين من حيث الثقافة والحضارة ، كما كانوا متخلفين في كل مجال من مجالات الحياة عامة، وفي مجالات الاقتصاد والسياسة والاجتماع خاصة. وظلت الهند وجاراتها وشقيقاتها في التدهور الخلقي والاجتماعي. لم يوجد في المجتمع الهندي ، العدل والمساواة ، وكان الناس يعانون من الشقاء والبؤس من أجل تفاوت الطبقات، ومن جور الأديان وانتشار الفساد، وكان المجتمع الهندي كبحر يأكل السمك الكبير فيه السمك الصغير حتى دخل المسلمون ، فتغير مجرى التاريخ، وانقلب تيار المجتمع الهندي. فكان دخول المسلمين في هذه البلاد نقطة انطلاقٍ من التخلف إلى التقدم ، ومن الجمود إلى الحركة ، ومن الجور إلى العدل والمساواة ، ومن العبودية إلى الحرية الكاملة ، فظهرت جماعة من المسلمين الذين حملوا رسالة الإسلام إلى الناس في أرض الهند، ونشروا تعاليم الإسلام السمحة في جميع أرجاء الهند، وأخرجوا أهلها من الظلمات إلى النور، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن التقاليد القديمة إلى التطور الحديث فبدأت الهند تتقدم وتزدهر حتى طار صيتها في كل ناحية من أنحاء العالم.

الگاردينيا: نرحب بالدكتور معراج من الهند و نرجو أستمرار التواصل.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1082 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع