المثقف العراقي من سياسي معارض الى متقاعد

                                                

                           مؤيد عبد الستار

المثقف العراقي من سياسي معارض الى متقاعد

ظاهرة ملفتة كانت سائدة في الساحة الثقافية العراقية خلال السبعينات والثمانينات هي كثرة أعداد شغيلة الفكر والثقافة والادب والفن من المتميزين بنزعة أفكارهم اليسارية والتقدمية ، فكانت لهم صولات وجولات في الثقافة العراقية وحتى العربية وعلى الاخص حضورهم الباهر في لبنان واليمن الجنوبي والمنظمات الفلسطينية اليسارية مثل الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية وفي تنظيمات دمشق التي كانت تعج بالعراقيين الساخطين على النظام الصدامي .

ومن أشهر المنظمات الثقافية العراقية رابطة الكتاب والصحفيين العراقيين الديمقراطيين في الخارج التي كانت تضم بين صفوفها نخبة من العراقيين المعروفين في الساحة الثقافية العراقية والعربية وبعض البلدان الاشتراكية ، مثل الادباء والكتاب في دار التقدم - الاتحاد السوفيتي- وبراغ وبودابست وصوفيا وغيرها الذين ترجموا العديد من امهات الكتب عن الروسية ولغات اخرى والكتاب والصحفيين والمثقفين في بريطانيا وكان لهم منبر متميز في نضالهم المتمرس ضد النظام الدكتاتوري باسم جمعية الطلبة العراقيين في المملكة المتحدة ، كذلك مجموعة من الفنانين العراقيين في ايطاليا وفرنسا اضافة الى مجموعة كبيرة من المثقفين في عدة بلدان اوربية اخرى ، ومنظمة الديمقراطيين العراقيين في امريكا - مشيغان - وأعداد أخرى موزعة في العديد من الدول والبلدان العربية مثل الجزائر والمغرب وليبيا واليمن وغيرها وبلدان اوربية مثل اسبانيا والسويد والدانمرك .. الخ .
حاول النظام الصدامي كسب المثقفين والعلماء العراقيين من خلال دعوات مغلفة بالمربد والنشاطات الثقافية المختلفة ولكنه فشل في الحصول على رصيد بين المثقفين الملتزمين باسباب النضال في سبيل حرية شعبهم وبلادهم .
ولم يتوانى النظام عن فتح خزائن العراق للمثقفين العرب الذين هرعوا الى مرابده ونهلوا من دولارته المسمومة فكانوا يطأطئون رؤوسهم أمام دكتاتور جاهل وهو ما ترك ندوبا بينهم وبين المثقف العراقي أصبحت لها عواقب وخيمة في الساحة الثقافية العربية .
تقلص نفوذ معظم المثقفين العراقيين بعد سقوط نظام العصابة الصدامية وتوارى خلف مصالح شخصية وهبات ووظائف حصل عليها المثقف العراقي من نظام إتسـم بمساوئ المحاصصة والفساد المالي والاداري .
وكان من أهم أسباب إنسحاب المثقف العراقي من جبهة المعارضة للحكومات الفاسدة هو سيل الوظائف والمناصب التي فتحت أبوابها للمثقفين والمفكرين والعلماء ، بعضها في مواقع إعلامية وثقافية واخرى في وزارات ومؤسسات علمية وصناعية وجامعات غير منتجة .
ومما يؤسف له انغماس العديد من شغيلة الفكر والعلم والادب في الركض وراء المنافع المادية من رواتب ومخصصات تقاعدية وهبات من هذا الحزب وذاك ، فاستطاعت القوى السياسية الفاسدة شراء أصوات العديد من المثقفين في جميع الساحات السياسية والعلمية والثقافية حتى بات المجتمع العراقي يكاد يخلو من صوت المثقف المعارض ، فالاغلبية رقدت على رواتب ومخصصات تمنحها السلطات التي تنهب المليارات وتلقي بالفتات الى الاصوات التي كان يؤمل منها أن تعارض الظلم والفساد، الا من استمسك بعروة الشعب الوثقى وانحاز الى الفقراء يقف في صفهم لا تأخذه في قول الحق لومة لائم .
وقد صدق القول البليغ الذي يصف من يرى الحق ولا يدافع عنه : كأنه نصرَ الباطل .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

798 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع