الحصاله او الدخل او القاصه

                                             

                           د.منير الحبوبي

          

  

        الحصاله او الدخل او القاصه

احلى شيء بالحياة هو الطفوله وهذه تتميز بالطهاره والعذريه والبرائه وهي فتره من العمر لا ينساها الأنسان مهما كبر وما احلاها وانت قد كبرت ومرت بك السنين وعانيت وتعبت ونجحت او فشلت وكل هذا يمكن ان تنساه ولكنك لا تنسى ايام الطفوله حيث الود والحب واللعب بالدربونه او بالشارع او بالحي مع اطفال بعمر الورد..

اكتب هذه الكلمات وانا متعجب حين اتكلم بها مع اصدقاء من عمري اقصد من اكل عليهم الدهر وشرب بأن البعض منهم لا يتذكر ايام طفولته فأتعجب من هذا وتراني انا ابحث عن ذكرياتي الى اوائل العمر ومن خلال نبشي لهذه الذاكره قبل سنوات كنت اصل الى ذكريات لحد عمر اربع سنوات ولكن الأن وصلت ذاكرتي الى حد عمر السنتين ان لم اخطأ فأتذكر وجوه واتذكر حوادث واتذكر واتذكر واتذكر وأغطس بهذه الذكريات الى اعماق الذاكره فأفرح وأتمنى ان تعود ولكن,,,,هيهات.

       

هذه الذاكره تحملني لأتذكر اللعب بالعرباين التي نعملها من ثلاثة چروخ بوربرن ونتفنن في تصنيعها يدويا وكذلك العاب كثيره اخرى وتحملني الذكريات وهنا بيت القصيد لمقالتي هو ذلك الألحاح من وقت لآخر لكسر الدخل او القاصه او الحصاله بالعربيه الفصحى لكي اعرف كم من النقود جمعت بها ولكن الوالدين دائما ينصحون بعدم الأستعجال بالفتح وعلينا التجميع اكثر فاكثر لكي نتمكن من ان نشتري ما نشتهيه

هذه الطريقه جدا مهمه من الناحيه التربويه لتعليم الأطفال دور المال بحياتنا وفهم اهمية الأدخار من ايام الطفوله وكذلك التعليم على الصبر لكي لا نكسر القاصه بعد اسابيع او اشهر بل تجعلنا نجمع اكثر واكثر وبالتالي سنحصل على شيء كبير ومهم جدا يحقق لنا اماني كبيره ,

        

وما احلى فرحنا ونحن نهز القاصه المعدنيه فتسمع صوت القطع النقديه داخلها يزداد يوميا وتبدي تحلم بالأشياء التي ستشتريها مستقبلا وخصوصا بالذات الدراجه اي البايسكل فيما يخص الأولاد وعموما يتم فتح او كسر القلصه او الحصاله حينما تمتلي ولا يمكنك بعدها اضافة النقود وحتى ان هزيتها فلا تسمع صوت للنقود داخلها لعدم وجود الفراغ الذي يسمح باصدار الصوت

هذه العمليه كان الوالدين يشجعون عليها كثيرا قديما ولكن يبدوا لي انها اهملت هذه الأيام مع الأسف في حين هي كانت حافز كبير ورائع في تثقيف وتعليم الأنسان من طفولته لمعنى الأدخار والترقب والحذر من المستقبل ولعدم صرف ما في اليد ولا تفكر بيوم غد !! , اكتب هذه الكلمات وانا فرح جدا لرؤية العديد من الآباء هذه الأيام يعلمون ابنائهم اهمية الأدخار وعدم البذخ او الصرف بدون وعي وخاصة لشراء العاب الكترونيه, طبعا عصر الحصاله قد ولى او انعدم وبدأ عصر البنوگ الذي يدخر المال لهؤلاء الأبناء ليحفظ لهم على القليل المال الذي سيساعدهم يوما ما في تحقيق بعض الاهداف كدفع جزء منها لتمويل او دفع تكاليف التعليم الجامعي مثلا وكم فرحت بزيارتي الأخيره للأردن لرؤية ان الكثير من العوائل فتحت حسابات مصرفيه لأولادهم بالبنوگ واول ما يحضرني هو بنگ الأسكان للطفوله في عمان والذي تديره احدى السيدات الأردنيات الفاضلات التي لا تآلوا جهدا من اجل تشجيع الآباء لأبنائهم للأدخار..

   

وهنا اتذكر ايضا ان مصرف الرافدين في ثمانينيات القرن الماضي في بغداد كان يهدي بعض العملاء هدايا عباره عن محصله لأبنائهم شكلها شكل ملويه او شكل بناية مصرف الرافدين المركزي في شارع البنوگ في شارع الرشيد.

         

ولكي لا اخرج عن الموضوع حول الحصاله احب ان ابين ان الحصالة هذه تكون على شكل علبه معدنيه اسطوانيه وبها ثقب صغير ضيق يسمح بأدخال الخردوات ويستحيل اخراجها منه بسهوله الا اذا تفنن الطفل بعبقريه مستحيله وصعبه جدا لأخراج قطعه منها في غياب علم والديه, هذه الحصاله للنقود عرفت منذ ازمان غابره وحسب اطلاعي فأنها اول ما عملت فهي بالصين منذ اكثر من الف عام وكانت تعمل من السيراميك وكان شكل الحصاله يأخذ شكل حيوان معين كل سنه حيث التقويم السنوي عندهم يعتمد على التقويم الفلكي وكانوا يسمون كل سنه بأسم حيوان فمثلا هذا العام الميلادي الجديد عام 2019 يحمل اسم حيوان الخنزير وهو من حيوانات الأبراج الصينية الأثنى عشر والتي تبدأ بسنة الفأر وتليها سنوات الثور والنمر والأرنب، والتنين، والأفعى، والحصان، والخروف، والقرد، والديك، والكلب، وتنتهي بسنة الخنزير

     

هذه السنه 2019 سنة الخنزير هي حسب العرف الصيني تعني لهم السعاده وربح المال الكثير وهذا يعود لكون الخنزير هو من الحيوانات الوحيده التي تتفرد بكون جسمها غني جدا باللحوم وان الأنسان يستطيع اكل كل جزء منه اي يؤكل لحمه من رأسه الى اخمس قدميه على خلاف بقية الحيوانات وهذا ما يشاركهم به الأوربيون الأنگلوسكسون فهم حتى يأكلون دم الخنزير في بعض اكلاتهم ومن هنا نرى ان اكثر الحصالات المعموله من السيراميك قديما في اوروبا وحتى الآن هي على شكل حيوان الخنزير الذي هو محرم تربيته وأكله عندنا نحن المسلمين والذي هو محرم بشكل واضح لا جدال فيه بقرآننا الكريم ويجب ان نعرف بأنه وحسب المفهوم الصيني او الغربي فالخنزير لا يحتاج لعنايه كبرى من ناحية تغذيته وكذلك يلد كثيرا وبالتالي ربح المال بوفره من هذا الحيوان

طبعا للتذكير حيوان الخنزير ومن المعلوم للكل فهو حيوان محرم اكله من قبل المسلمين واليهود ولكن المسيحيين يأكلوه وحيث قديما استشعر المسيحيون في قرارة عقيدتهم ان هناك مشكلة بخصوص اكل لحم الخنزير بكونهم يختلفون عن اخوانهم او الناس التي تعبد مثلهم الله اي هم من الأديان التي تؤمن بوجود ووحدانية الله فلتقليل هذا الأختلاف او التناقض حرمت الكنيسه حينما كانت بأوج عظمتها بالقرون الماضيه اكل الخنزير البري الوحشي ومثلوه بالشيطان وحللت فقط الخنزير الأليف ذو البشره الورديه وهذا التفسير والتعليل ذكره اكثر من فيلسوف واخصائي اجتماعي في اوربا وفي تحليلات اخرى فأن هؤلاء الفلاسفه قد عزوا تحريم لحم الخنزير من قبل الأديان الأخرى بسبب كون جسمه يشبه الى حد كبير جسم الأنسان

    

للتذكير ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي كانت حصالاتنا من النوع الخشبي والتي كان يبيعها النجارون حيث من قطع او فضلات خشبيه يصنعون الحصالات وتباع للأطفال وايضا البعض من الآباء يستغل علب النيدو الأسطوانيه في عمل حصالات لأبنائهم بعد عمل ثقب في قبغها العلوي

طبعا اختيار مادة السيراميك لتصنيع الحصالات في العالم الغربي لم تكن اعتباطيه وحسب تفسير اخصائيي عالم الطفوله هو لتعليم الطفل ان قرار فتح او أيقاف عملية الأدخار ليست بالسهوله فكسر الدخل او الحصاله يعني توقف هذه العمليه وانه بعد ذلك عليه شراء حصاله اخرى لكي يستطيع من جديد الأدخار اي على الطفل اان يفكر لأكثر من مره ان عملية الكسر ليست بالسهله فتتطلب ان يكون حريصا ويفكر بالموضوع مليا اي ان الكسر يستوجب فعلا تبريرا مهما لهذه العمليه لانه خسارة للمحصله

  

في بريطانيا علماء النفس اعطوا تفسيرات اخرى لعملية الأدخار وأعطوها بعدا اجتماعيا آخر بالأضافه الى اهمية دور الحصاله في عملية الأدخار وتعليم الطفل دور وأهمية المال بحياتنا الأجتماعيه فهم قد ذهبوا بعيدا الى القول بأن اكثر الآباء كان يجبر ابناؤه على دفع الجزيه او الغرامه كلما قالوا كلمه تسيء الى الادب العام فيجبروهم على وضع عمله نقديه بالحصاله لكل كلمه مسيئه وهذا ما جنب الكثير من الأبناء تكرار هذه الكلمات القبيحه.

في كثير من المرات كنت اسمع قصص لأطفال او بنات بالذات حين يسمعن ان احد الوالدين وبالذات الأب ان كان يتألم من قساوة العيش وصعوبته في تسديد ديون كبيره عليه في تجارته او لتسديد قروض بناؤه للبيت وحينما تسمع والدتها تعرض على ابيها بيع حليها وكل ما تملك من ذهب لحل الأزمه فترى احد بناته تقترح عليه كسر محصلتها لحل ازمة أبيها ضانة ان دينارا او اكثر سيحل مشكلة ابيها وعوزه الذي يتجاوز الاف الدنانير او الجنيهات فهل لنا ولكم ان نتصور هذا المشهد الرائع والأنساني والبريئ لأطفالنا بالسنوات القديمه التي خلت

حديثا تغلغل التطور حتى على طريقة تصنيع المحصلاة وهذا ما أثر كثيرا كمية ونوعا على معاني عملية الأدخار القديمه حيث الآن البعض من المحصلات لا تستوجب كسرها لأستخراج النقود من داخلها حيث يوجد فتحه اسفل المحصله تسمح بالفتح واخراج النقود منها بسهوله وهناك ايضا محصلاة جديده تحمل شاشه الكترونيه تعطيك المبلغ الكلي الموجود بالحصاله كل مره نضيف قطعة نقود جديده بها وهذا مع الاسف يناقض الفرحه العظيمه التي يكتشفها الاطفال يوم كسر الحصاله وتفريق العمله من سنتيمات الى شلنات او عانات او دراهم واجراء الجمع والطرح وكل العمليات الحسابيه لتقرير هل ان المبلغ الذي جمعوه كافي ام لا لشراء الحاجه التي هم يحلمون بها

   

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

887 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع