(اعطاني خادمة بثمن شاة، وخادم بثمن ثوب) من لوحة كيلمووا ملك مملكة سمآل

بقلم
الأستاذ الدكتور
صلاح رشيد الصالحي
تخصص: تاريخ قديم
بغداد 2025

(اعطاني خادمة بثمن شاة،  وخادم بثمن ثوب) من لوحة كيلمووا ملك مملكة سمآل


اللوح الحجري للملك كيلمووا ملك مملكة سمآل

حكم الملك كيلمووا (Kilamuva) مملكة (سمآل) أو سمعال (Sam'al) (مدينة زنجرلي) (تقع في ولاية غازي عنتاب في تركيا) حوالي (832-810) ق.م، ومن اثاره المهمة لوحة حجرية نقش عليها صورته وكتابة فينيقية أطلق عليها (لوحة كيلمووا)، وهي تعود للقرن التاسع ق.م، ويدعي أنه نجح في استقرار وتوسيع مملكته، بينما فشل أسلافه الملوك في تحقيق ذلك، واكتشفت (لوحة كيلمووا) خلال تنقيبات بعثات الجمعية الشرقية الألمانية (1888-1902) م في اثار قلعة المدينة القديمة، وفي وقت اكتشافها كانت تُعتبر النص الفينيقي الوحيد الذي عُثر عليه في سمآل (سمعال)، بينما عثر على العديد من النصوص كتبت بالآرامية في نفس الموقع.
تضم اللوحة على نص من (16) سطر كتبت باللغة الفينيقية، وكتبت بالأرامية القديمة وبابجدية فينيقية، ويظهر الملك كيلمووا واقفا في أعلى اليسار، يُخاطب أربعة من آلهة بلاد الرافدين، وهو يؤشر بذراعه وإصبعه الأيمن مُقلدا سادته في بلاد الرافدين بحركة تُسمى (أوبانو تاراشو) (Ubanu tarrašu) والتي تعني (أنت إلهي)، أما يده اليسرى فهي مُغطاة على جانبه الأيسر تمسك بزهرة لوتس lotus)) الذابلة، ربما رمزا لموت الملك، ويرتدي كيلمووا زي طويل وتاج يشبه التيجان الاشورية، وتقف صورته في بداية الأسطر التسعة الأولى من النص:

ترجمة النص
السطر (1-6) يفتخر الملك كيلمووا بانجازاته وانه افضل من اجداده الملوك الذين لم ينجزوا شيئا .
السطر (7) ذكر اطماع الممالك الاخرى ومنهم ملك الدانونيين (Danunians)، وهؤلاء ذكروا ضمن تشكيل المحاربين من (شعوب البحر) الذين دمروا ممالك عصر البرونز الاخير عام (1200) ق.م.
السطر (8): (لكني استخدمت ملك آشور (Assyria)، ضده (يقصد ملك الدانونيين)، وأعطاني (بمعنى ملك آشور) خادمة بثمن شاة، وخادم بثمن ثوب).
الاسطر (9-16) ذكر انه قدم الكثير من الخير والرفاهية لسكان سمآل (سمعال)، فمن كان فقيرا أصبح غنيا، ومن لم يملك شاة أصبح يملك ماشية، وثيران، وذهب، وفضة، والملابس الراقية، ثم يحذر ابنائه ان يكونوا حذرين ضد من يسعى لتدمير مملكته، أو يخرب أو يزيل اللوح الحجري فالآلهة سوف تحطم رأسه.

التعليق
(حكم الملك كيلمووا حوالي (832-810) ق.م وبذلك كان معاصرا للملك شلمانصر الثالث ولده شمشي-ادد الخامس، وما يهمنا في اللوح الحجري هو السطر (8)، فعلى ما يبدو ان القدرات العسكرية للملك كيلمووا كانت ضعيفة فهو غير قادر على قتال ملك الدانونيين، لذلك طلب مساعدة الملك الاشوري، وفعلا ذكر شلمانصر الثالث في حولياته الملكية بانه: (قاد حملة عسكرية في السنة الثانية من حكمه، فانطلقت من مدينة نينوى، فعبر نهر دجلة باتجاه بلاد ديحنونو Dihnunu)، وهي قريبة للفظ من الدانونيين (Danunian) (من عادة الاشوريين تغير اسماء الملوك والمدن والممالك وإعطاء اسماء اشورية)، وكما وصفهم بانهم: (يعيشون بمحاذات جبال الامانوس Amanus) (تقع في شمال غرب سورية)، وفعلا حقق الملك الاشوري نصرا رائعا على الاعداء واعاد الأمن والاستقرار وثبت الملك كيلمووا في حكم سمآل (سمعال)، ومن الطبيعي المساعدة العسكرية الاشورية ليست مجانية، ولا الهدف منها استعراض القوة الاشورية، انما فرض السيادة الآشورية على الممالك الصغيرة وضمان عدم تمردهم أو اقامة تحالفات بينهم ضد الملك الاشوري.
على اية حال بعد الحملة العسكرية ياتي دور دفع الفاتورة، وهي الجزية للدولة الاشورية، فكما ورد في حوليات شلمانصر الثالث فانه: (استلم الجزية من بيت جباري (Bit-Gabbar) (بمعنى سمآل) وهو في مدينة اشور)، وتشمل الجزية: (10) طالنت (Talent) من الفضة، و (90) طالنت من النحاس، و (30) طالنت من الحديد، و (300) قطعة ملابس من الصوف والكتان ذات الألوان الزاهية، و (300) رأس من الماشية، و (3000) رأس من الأغنام، و(200) جذع من اخشاب الارز، و (2) (homers) من راتنج خشب الأرز (حرفيا: دم الأرز)، وقدم ايضا ابنته مع مهر كبير كزوجة للملك الاشوري، ويستمر النص: (كل هذه الجزية كانت من بيت جباري....) بالمقابل ارسل شلمانصر الثالث هدية (أمة) بالأكدي امتو (Amatu) ولها معنيان (عبدة، خادمة)، وللعبد وردو(wardu) بمعنى (عبد، خادم)، ولم يذكر الملك الاشوري هذه الهديه في حولياته، فلا اهمية لذكرها، لكنها كانت فرحة كبيرة لدى ملك سمآل فذكرها في اللوح الحجري، واغفل ذكر الجزية التي فرضت عليه، حتى لا تؤخذ ذريعة للتمرد ضده من قبل معارضية ، ولأن دفع الجزية والتبعية للملك الاشوري أسهل بكثير من فقدان عرش سمآل).

ملاحظة: واحد طالنت يعادل (30) كغم، و(300) غرام.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

778 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع