أقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها - ١٠) .

                                                 

                      حسن ميسر صالح الأمين

(أقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها - 10) .

في يوم مُوصلي حزين ووسط أحداثٍ أليمةٍ وموجعة ، قرأت كلماتٍ له تقول :
(لعلنا أكثر من يشعر بكم ويحس بأوجاعكم لأننا ك(سوريين) ابتلينا بمثل ما ابتليتم به من هذه الفئة الخارجة من كهوف التاريخ والقاتلة لكل ما هو جميل في حياتنا ، صلاتنا من أجل أهلنا الأحباء في الموصل قائمة ومستمرة ليبقوا مصانين ومحفوظين من كل شر وليشهدوا قيامتهم الظافرة قريباً مع كل شعوب المنطقة التي عانت ما عانت خلال هذه السنوات المُرّة العجاف) .
بهذا الحضور الأول والمتميز له وبكلمات المواساة الأثيره هذه والنابعة من صميم قلبه النابض بالإتزان والوسطيه والتي هزت الوجدان وحركت المشاعر وبعثت الأمل المحتضر بأن أمة العرب واحدة وتشترك بمصير واحد وألم واحد وعدو واحد ، وكلانا يرتويان من منبع واحد وهو دجلة الخالد الذي يمر من مسقط رأسه (الحسكة) ليدخل الموصل بعدها ، فارتشفنا منه كل معاني الصفاء والنقاء والحب والإخلاص وغرفنا منه الوفاء للأوطان وللشعوب ، شارَكنا بمشاعره الجياشة وعنفوانه الفياض في أحداث الموصل  وما مرت به من ظروف ، عبر تعليقاته القيمة وكلماته البليغة ونحن في خضم نزال شديد بين الشر كله والخير كله إبان احتلال الدواعش الأنجاس وما فعلوه في الموصل  الحبيبة ، فشرفني بإرسال طلب الصداقة ليترك بكلماته العذبة هذه بالغ السعد والسرور ، وهو يبعث لنا بمشاعره النبيلة من موطنه الثاني في ألمانيا بعد أن هجر بلده (سوريا) قسرًا كما الآلاف من أهالي الموصل وتقاسم هموم بلدينا وشاطرنا الأحزان والآلام فيما مرت به مدينتا العزيزة الموصل الحدباء ، وفي كلماته المعبرة كل ما نستبشر فيه من أمل بمستقبلِ زاهر ونرتجي منها خيرًا في إصلاح ما أفسده الدهر في بلدينا والتي تؤكد وبما لا يقبل الشك والتأويل بأن العمر الذي عشناه سويةً (مسلمين ومسيحيين) في العراق أو في الموصل أو في سوريا أو أي مكان آخر ، متحابين متعاضدين جيرانًا وزملاء دراسة وأصحاب عملٍ مشترك وصحبةَ خير وعملٍ وظيفي واحد لا يمكن نسيانه أو تناسيه وهي محبةٌ تسري في دمائنا كسريان دجلة في أراضينا وهي مجبولةً في ثنايا أرواحنا كما لغتنا وعاداتنا وتقاليدنا ، ولم ولن تتمكن غربان الشر وأبواق الغدر وأقزام القدر ودعاة الطائفية المقيته ورجال الدين المزيفون أن تمحوها أو تنال من نسيجها القوي والأبدي ، وكان له الرد التالي على تهنئة قدمتها له بمناسبة أعياد الصليب والمنشورة في صفحتي الفيسبوكية بتاريخ (15/9/2016) فكان رده (أحييك بأحسن ما تكون التحية وأنت ها هنا تنثر زهر مودتك المقطوف من حديقة الإسلام الزاهرة الجميلة التي فيها معاً زرعنا كل ما هو جميل ونافع وسنظل معاً ندافع عن وجودنا جنباً إلى جنب بالفكر الناضج والسلوك السامي والمودة الصادقة ولن نسمح لأحد أن يزرع أشواكه السامة الدامية في هذه الحديقة المباركة ، لك شكر قلبي ومن خلال شخصك الفاضل كل التحية لإخوتي المسلمين الأوفياء المخلصين وأعياد ومسرات دائمة لجميع أهل الأرض) .
كان الشعور  بيننا متبادلُا بعد أن لمست في شخصيته رمزًا لكل معاني التسامح والألفة والمحبة ويضمر كل الحب والإحترام والتقدير للعراق عامةً وللموصل وأهلها وظروفها وأحوالها بشكل خاص ومتميز ، وحين نشرت مقالتي عن حلب الشهباء والمنشورة في صفحتي بتاريخ (2/10/2016) بعنوان (هذا الجواب يا سائلًا عنه) ، كان جوابه قصيدة من أروع ما قيل عن حلب حيث قال متسائلًا (هل نعود ...؟ ) الذي مزج في أبياتها ما يعيشه التوأمان (الموصل وحلب) من ظروف ومآسٍ حين قال في بعضٍ منها  :
(في الجُرْح .. نحن معاً ،
أشعارُنا وجعٌ لا ينتهي .
ورؤانا في الزّنازينِ  ،
أحلامُنا انكسرتْ كالموج .
لا فرحٌ يأتي ولا يُرتجى شدوُ الحساسينِ ،
أوّاهُ ، ما أفظعَ الآلامَ في وطنٍ ،
تجري دِماهُ كنهرٍ في الميادينِ .
فهل تعودُ ليالينا الّتي سُرقتْ ،
وهل نعودُ إلى رقْصٍ وتلحينِ ؟) .

لم يخلُ مقالٌ لي من حضورٍ له بتعليقٍ مميز ولم يَدعْ دعاءً لنا في أحوال الموصل وأهلها إلا وأجاب معنا بآمين فآمين فآمين ، ولم يَدعْ مناسبة في حلول رمضان أو العيدين أو غيرهما إلا وكان من أوائل المهنئين ، وهذا ما جعل الكثيرين يعتقدون أنه أحد مسيحيي الموصل ورجالات الدين فيها لكثرة وقوفه معنا فيما عبر عنه من شعور ومشاعر صادقة ، شاركنا وأهالي الموصل والعراقيين كافة بفرحة النصر والتحرير وأرسل التهاني والتبريكات الصادقة وعبر عن فرحه الغامر فاهدى للموصل قصيدة تُعد من أفضل ما كتب وصفًا ونظمًا نشرها على صفحته الفيسبوكية بتاريخ (21/7/2017) ويسعدني نشرها كاملةً ليتسنى للجميع الإطلاع عليها حين قال فيها  :
* إلى " الموصل " أمّ الربيعين "
(في إنتصارها على قوات الظلمة والجهل)
((فلتحترِقْ أشعارُنا يا موصلُ ،
إذْ لم تعُدْ عنّا وعنكِ تقاتلُ .
نامتْ وبركانُ الرّدى في جوفِنا ،
يقِظٌ وحائطُ مجدِنا متمايلُ .
تبًّا لشِعرٍ  ليس يركضُ هادرًا ،
فيهِ القوافي ... ألسُنٌ وقنابلُ .
وبحورُهُ نارٌ وكبريتٌ بها ،
للشّرِّ يغرقُ عسكرٌ ومنازلُ  .
وبها يحارَبُ حاقدٌ  متطرِّفٌ  ،
ومدمِّرٌ  لبلادِهِ متخاذِلُ  .
ما أبشعَ الدّنيا إذا ما سادها ،
عبدٌ بليدٌ بالمحاسنِ جاهلُ .
فانهضْ وقُلْ يا شِعرُ قولًا موقِظًا ،
ولتشدُ  فيكَ عنادلٌ وبلابلُ .
فلقد نُحرنا بالسّكوتِ  فسادَ ،
في أسماعِنا لغوٌ  قبيحٌ عاطلُ .
وطغتْ خرافاتٌ على أفكارِنا ،
ونمَتْ ببستانِ العقولِ مهازلُ .
تِهنا وأشواكُ الصّراخِ بحلْقِنا ،
والجهلُ فوق ربوعِنا متناسِلُ .
لوحاتُنا بالطّينِ نرسمُ وجهَها ،
فتخافُنا أممُ الورى وقبائلُ .
أينَ الحكيمُ  وأينَ  مَنْ  يمضي  بنا ،
والغيثُ  فوق حقولِنا  متهاطِلُ .
جفّتْ منابعُنا فلا نهرٌ لنا ،
يجري ولا عادت تسيلُ جداولُ .
فإلى متى الأسيافُ  توقِظُ وحشَنا ،
وإلى  متى  منّا  تفرُّ أيائِلُ .
وإلى متى الآلامُ  تنهشُ صدرَنا ،
وربيعُنا متمزِّقٌ  متآكلُ .
يا موصلَِ النّصرِ العظيمِ تفاخري ،
وابقَي  مثالًا  للّذي  سيناضلُ .
أطفأتِ  نارَ  جهنّمٍ فلتسلمي  ،
ولتنتعِشْ بدمِ  الشّهيدِ خمائلُ  .
هذي  تحيّاتي أنا السّوريُّ  لن ،
أخزى وبالفوزِ القريبِ  لآمِلُ)) .

وله العديد من الإنجازات وكم كبير جدًا من القصائد والأبيات الشعرية والتي تزخر بها صفحته الفيسبوكية ولا مجال لسردها خشية الرجم بالإطالة  ، وقام عدد من الملحنين بتحويل قصائده إلى أغانٍ ومنها على سبيل المثال لا الحصر قصيدة (أنا الغريب) والتي تحاكي ما يعيشه الغريب عن وطنه وبلدته وما يحس به من ألم الفراق والبعد عن الأهل والتي ختمها بالقول
((أنا الغريبُ وَموتي هَا هُنا وَجعي ،
رباهُ إني أريدُ المَوتَ في وَطني)) .

أنه سعادة القس جوزيف موسى ايليا (من سوريا الشقيقة) ، مواليد إحدى قرى مدينة المالكية التابعة لمحافظة الحسكة في سورية عام (1964) وحاصل على شهادة لاهوت من القاهرة من إحدى كلياتها الدينية ، معروف عنه بأن الشعر يسري في شراينه وأوردته كما يسري دمه فيها ، مولعٌ بتنظيم قصائده الشعرية فهو يتناول فطوره الصباحي ببعض الأبيات الشعريه ليكون غداؤه قصيدة شعر فيغدو العشاء نشرًا كاملًا لها لتضاف إلى رصيد إنجازاته الشعرية العديدة ، هكذا يقضي يومه وسط أشعاره اللهابة التي تترك في نفوس المتلقين كل ما يواسي عنهما السوء الذي حل بهما في الغربة اللعينة والحسرات الأليمة والشوق الحارق من الأنين والعذابات .
أحيا العديد من الأمسيات الشعرية ونشرت له العديد من المجلات والصحف كما أذيعت له قصائد من تلفزيونات وإذاعات سورية وعربية وهو بصدد إصدار ونشر عددٍ من الدواوين الشعرية قريبًا وهو من الضليعين في كتابة الشعر العمودي والتفعيلة ، وقد تم تكريمه في عدة محافل أدبية وثقافية في أكثر من دولة ونال العديد من الجوائز والمداليات لمساهماته الفعالة في كتابة القصيدة والشعر العمودي وتفعيلاته .
حمى الله سوريا والعراق وبلادنا العربيه أجمع وأعاد لهما أمجادهما وأزاح الغمامة السوداء من فوق سمائهما .
ووفاءً لشخصه الكريم ولمشاعره الفياضة بالحب وبكل الشعور النبيل الخالص وتقديرًا لمواقفة النبيلة ومشاطرته أحزاننا وأتراحنا على ما حل بالموصل وأهلها في ثلاث سنين عجاف ، وحيث أن سلسلة الأقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها التي ننشرها تباعًا ليست محصورة بنطاق أهل الموصل فحسب بل تتعدى لتشمل كل ذي موقف مشرف وكلمة صادقة وموقف نبيل في أرجاء المعمورة وبغض النظر عن الهوية أو الجنس أو الديانة أو القومية ، فكان حقًا لنا وعلينا أن يكون حضوره المشرف ضمن السلسلة أعلاه وان يُسجل اسمه في صفحاتها ليأخذ استحقاقه بكل شرف وتميز فيما سيسطره التاريخ عنها وعن رجالاتها ، فاخترت مقولته كما في الصورة أدناه وهي جزء من تعليقه أعلاه على مقالة الدعاء التي نشرتها في (20/6/2016) بعد صدور قرار قطع الأنترنيت والإتصالات كافة في الموصل ، فكان جلَ حضوره وتعليقاته ومواكبته للأحداث وطيب كلامه وطراوة لسانه هي مبعث فخر وسرور وتعكس شخصية هذا الإنسان النبيل والمخلص والشغوف حبًا لوطنه وأهله والدؤوب عملًا وحضورًا ، أضعها أمامكم سادتي الكرام آملًا أن تنال إعجابكم وأن يلقى صاحب المقولة في مشاركتكم وتفاعلكم معها ما يبعث إلى سروره وسعادته وتعكس ردا لجميل مواقفه ولتغدوَ شهادة حق في موقفٍ وقول لرجل دين يُكِنُ كل المحبة ويعمل على نشر التسامح والألفة بين الأوطان والشعوب على إختلاف مذاهبها وأديانها ، متأملًا تفاعلكم القيم ومسجلًا عظيم الشكر والإمتنان للشخصيات التي تواكب ما ننشر بكل حرص وسرور وتقدر عاليًا ما نبذل من جهود في سبيل إظهار المواقف والحقائق ، وفق الله الجميع لما فيه خير العباد والبلاد وتقبلوا وافر الإحترام والتقدير .
حسن ميسر صالح الأمين

21/8/2017
 
والمقولة هي :
صلاتنا من أجل أهلنا الأحباء في الموصل 
قائمة ومستمرة ليبقوا مصانين ومحفوظين
من كل شر وليشهدوا قيامتهم الظافرة قريباً .
القس 
جوزيف موسى إيليا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

707 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع