تسعة كتب نالت الشهرة ببطء

         

                   تسعة كتب نالت الشهرة ببطء

    

الشرق الأوسط/فرح عبد الصمد:أحدثت رواية هاروكي موراكامي الخامسة، «الغابة النرويجية»، ضجة في اليابان عندما صدرت للمرة الأولى سنة 1987. وبرغم نجا حها، لم تكن متوفرة باللغة الإنجليزية على نطاق واسع حتى سنة 2000، لكن قلة من الأشخاص خارج بلد المؤلف كانوا قد سمعوا عنها إلى حين صدور بعض مؤلفاته الأخرى لاحقا باللغة الإنجليزية. ويُقال إن الناشرين الأميركيين افترضوا في البداية أن «الغابة النرويجية» لن تحظى بقبول جمهور واسع. لكن بمجرد أن ظهرت أخيرا في العالم الناطق بالإنجليزية، كانت الضجة في كل مكان، وانتهى بها المطاف إلى بيع ملايين النسخ عالميا.

هذا مجرد مثال واحد لظاهرة معروفة: والواقع أن بعض الكتب والمؤلفين تُقرأ على نطاق واسع في الخارج، ولكنها تجد شعبية في الأسواق الأميركية بعد عقود من الزمان فقط.

- «لماذا هذا العالم؟» لبنجامين موسر

كتاب بنجامين موسر عن سيرة الكاتبة البرازيلية، الأوكرانية المولد، «كلاريس ليسبر» سنة 2009 بعنوان «لماذا هذا العالم؟»، ساعد على إطلاق مشروع لإعادة ترجمة أعمالها إلى اللغة الإنجليزية. رغم أن الروائي التنزاني «عبد الرزاق قرنح» يكتب باللغة الإنجليزية بالأساس، فإن الكاتب لم يكن معروفا بشكل كبير بالنسبة للجمهور الأميركي قبل فوزه بجائزة نوبل في الأدب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، برغم أنه كان ضمن القائمة القصيرة لجائزة بوكر سنة 1994 ونشر 10 روايات. والآن، هرعت دار النشر الأميركية «ريفرهيد» للاستحواذ على بعض عناوين روايات قرنح الجديدة والقديمة، مثل «الهروب» (2005)، و«بحر» (2001)، وسوف تُنشر روايته الأخيرة «بعد الحياة» في الولايات المتحدة بعد عامين فقط من إصدارها الأولى. أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي قط.

العناوين التسعة المعروضة أدناه هي مجرد بعض من الكتب الكثيرة التي مضت لتعيش نوعا من حياة ثانية في الترجمة الإنجليزية بعد بروزها الأول أو إنجازها بلغة أخرى. وتدين الطبعات المتأخرة بالكثير للعاطفة المتفانية لدى المترجمين والناشرين - لكن، كما جرى تذكيري أثناء البحث في هذه المقالة - ربما كان من حسن الحظ أيضا.


- ثلاثية نجيب محفوظ

كانت جائزة نوبل في الأدب لمحفوظ سنة 1988، هي أول جائزة يفوز بها مصري أو عربي. وصدرت الثلاثية كاملة للمرة الأولى باللغة العربية سنة 1957، ثم تُرجمت إلى الإنجليزية بين عامي 1990 و1992. وتتبع الرواية المؤلفة من ثلاثة أجزاء ثلاثة أجيال من عائلة «السيد أحمد عبد الجواد» خلال الصعود المضطرب للهوية الوطنية المصرية، بدءا من السنوات السابقة على سقوط الإمبراطورية العثمانية. البنية المعمارية لمنزلهم ذات الطوابق المختلفة هي رمز لعلاقاتهم الاجتماعية، إما مفتوحة أو هي محظورة على بعض أفراد الأسرة (سيما النساء). هذا التراتب الهرمي يتجلى في إيقاعات تقاسم الوجبات والمناقشات السياسية، بما في ذلك الآيديولوجيات التي تشعل أحيانا الثورات.

يركز محفوظ على شخصية «أمينة»، الأم، رئيسة الأسرة، كصورة مصغرة لعقود من التغيير. وفي رواية «السكرية»، ثالثة الثلاثية، تلتصق النساء سويا حول دفء الموقد في يوم بارد من يناير (كانون الثاني) القارس، ورغم استمرار الطقوس الخاصة بساعة القهوة العائلية، فإنها ينتابها التغيير الواضح إثر الاضطرابات في السنوات الماضية: إذ تبقى بعض الكراسي فارغة.

«الصدور والبيض»، لميكو كواكامي لأي مدى يتحكم الجسد في وجود المرأة؟ يبحث كواكامي في رواية «الصدور والبيض» في قضية الأنوثة، بالإضافة إلى فحص الذات، والحكم الخارجي الذي يلهمه. ثلاث نساء من الطبقة العاملة يجتمعن في طوكيو: «ماكيكو»، أم لابنتها المراهقة تقريبا، و«ميدوريكو»، التي تزور أختها الصغرى وخالة «ميدوريكو»، و«ناتسوكو»، وهي فتاة غير متزوجة بالغة من العمر 30 عاما، وتعاني لاحقا من عدم الإنجاب وتحديد مكانتها في المجتمع. إنهن يواجهن العذاب الداخلي. تُبحر ناتسوكو في أوجاع عائلتها الماضية والحاضرة، فنرى ماكيكو، التي تواجه الشيخوخة وعدم الأمن، تفكر في تكبير ثدييها، بينما صامت ميدوريكو، التي لجأت إلى مذكراتها، عن الكلام وقد أرهقتها أعباء المراهقة العاطفية. ينقل كواكامي الأخوية، والتضحية، والتوترات بين الأجيال إلى علاقة حميمة مثيرة للمشاعر في الجزء الأول من الرواية، عبر ملاحظات تبدو ملطفة للأجواء. «ماذا يمكن أن نصنع بالبيض فقط؟» تسأل إحدى الشخصيات، وهي تتفقد الثلاجة أمامها. يمكن صناعة الكثير بالبيض كما يتضح. توسعت الرواية من نسختها القصيرة سنة 2008 إلى رواية كاملة من جزأين، ونُشرت باللغة الإنجليزية سنة 2020، ثم تتباطأ وتيرة رواية «الصدور والبيض» مع انتقال ناتسوكو من الوساطة في الصراع بين شقيقتها وابنة أخيها إلى الاهتمام بأحلامها المكبوتة. وهذا، على نحو مفهوم، يستلزم جهدا كبيرا ومزيدا من التصميم.


- رواية «التألق والشروق»، للوبي ك. سانتوس

ظهرت رواية «التألق والشروق» في البداية في شكل كتاب سنة 1906، وتُرجمت إلى الإنجليزية سنة 2021. لقد كتب سانتوس، المؤلف البارز، والمترجم، والسيناتور في الفلبين، رواية متأثرة بالحياة إبان الحرب الفلبينية الأميركية أثناء تبنيه آيديولوجيات يسارية نشطة في ذلك الوقت، وكان مشاركا في أول اتحاد نقابي حديث في البلاد، «الاتحاد الديمقراطي الفلبيني».


في قصة الحب هذه، والتي تبدو وكأنها نشرة سياسية، تقاسم الصديقان ديلفين وفيليب، المشاعر السلبية والإيجابية عبر مجريات الحياة اليومية. فالأولى اشتراكية، والثاني فوضوي. ولا تتواءم أفكارهما على الدوام، وهما يناضلان لإقصاء الرأسمالية عن حياتهما، لا سيما عندما تؤدي لتعقيد علاقاتهما.


- «ثلاثية كوبنهاغن: الطفولة والشباب والتبعية»، لتوف ديتليفسن «الطفولة طويلة وضيقة كالتابوت، ولا يمكنك مغادرتها من تلقاء نفسك»، هذا ما كتبته توف ديتليفسن في الجزء الأول من الثلاثية بعنوان «الطفولة» في كوبنهاغن. وكانت المجلدات الأولى من مذكراتها قد نُشرت سنة 1967 قبل 9 سنوات من وفاتها انتحارا، ورغم ذلك لم تُنشر ترجمتها الإنجليزية الكاملة إلا في سنة 2019. في البداية تسعى المؤلفة إلى فهم المغزى من الحياة في الوقت الذي تواجه فيه وصمة الفقر، ثم يعلو صوت «الشباب» الرافض للسقوط في مثل هذه الورطة. تتوق ديتليفسن كثيرا إلى الحرية، حتى وهي تتأرجح بين الالتزام بالقواعد الراسخة والتخلي عنها.


- «الحياة والمصير» لفاسيلي غروسمان

يوضح كتاب «الحياة والمصير»، الذي ألفه غروسمان، الطبيعة الغريبة للحرب في حالة نثرية جاذبة، ورائعة، ويقدم رواية واقعية لا مثيل لها عن معركة ستالينغراد بين عامي 1942 و1943. لقد أتم تأليف الرواية سنة 1959، في أعقاب ما بعد الستالينية، وتضم شخصيات الرواية عائلة «شابوشنيكوف» و«شتروم»، فضلا عن الجنود الألمان والسوفيات والمثقفين والناس العاديين. إن مصائرهم الفردية متشابكة ومرتبطة ببقاء المدينة، والشخصيات السوفياتية عالقة ما بين الدفاع عن بلادها ودعم نظامها السفاح. وبرغم وجود تلميحات على الانفتاح السياسي في نهاية الخمسينات فإن إدانة «الحياة والمصير» للفظائع التي أقرتها الدولة تجاوزت الحدود؛ وقد صادرت الاستخبارات السوفياتية مسودة رواية غروسمان أثناء عرضها على الناشرين. وتمكن أصدقاء له من تهريب نسخة خفية من المسودة إلى سويسرا، حيث نُشرت الرواية أخيرا سنة 1980، ثم تُرجمت إلى الإنجليزية سنة 1985. حقيقة الرواية مستمدة من الوضوح الأخلاقي الاستثنائي لمؤلفها. ولأنه صحافي، شهد غروسمان بنفسه على مجازر لا يُسبر غورها، وكتب تقارير مبكرة عن الجرائم النازية. ومع ذلك، لم يتمكن غروسمان من إنقاذ والدته من بيرديشيف في أوكرانيا، حيث قتلها النازيون مع ما يقرب من 30 ألف يهودي آخرين.


- «كتابات مختارة» لنمرود

نشر الكاتب «نمرود»، المولد في تشاد، أكثر من 20 كتابا باللغة الفرنسية منذ 1989، ونال جائزة «إدوار غليسان» وجائزة «أبولينير» الشعرية، من بين امتيازات أدبية أخرى بالفرنكوفونية. وقد أشرفت «فريدا إكوتو»، أستاذة الأدب في جامعة ميشيغان، على نشر معظم نصوص «نمرود» المثيرة للعواطف والذكريات سنة 2018 مما جعلها متاحة للجمهور الناطق بالإنجليزية للمرة الأولى. يستكشف نمرود من خلال هذه المقالات، والقصص القصيرة، والقصائد ما إذا كانت اللغة الفرنسية يمكن أن تجسد العواطف والرغبات والحب في عالم ما بعد الاستعمار.

«الطريق إلى المدينة والقلب الجاف» لناتاليا جينزبورغ

تُرجمت هذه الرواية للمرة الأولى من الإيطالية بعد بضع سنوات من نشرها في أربعينات القرن الماضي، ثم أعيد نشرها مؤخرا سنة 2021، وهي عبارة عن حكايات الرغبة المعقدة واكتمال الأنوثة في سن الرشد ما بين قوسي: الزواج والأمومة. وفي هذه الأقاصيص المترابطة، التي نُشرت بين دفتي كتاب واحد، تتوق شخصيات الرواية إلى المعنى والحب المتبادل. إحداهما تحمل طفلا بلا زواج، وتصارع الأخرى للحفاظ على زواجها السعيد مع زوجها البارد عاطفيا. وتُغري المدينة السيدة الأولى، في حين تعيش الثانية حياة منعزلة في ضواحيها. والمؤلفة ناتاليا جينزبورغ صوت أدبي ظهر في إيطاليا الأربعينات والخمسينات، وقد شغلها موضوع الخيانة وعواقبها، وطرحت أسئلة عما إذا كان على النساء المطالبة بالمزيد بدلا من الاستقرار.


- «مذكرات براس كوباس بعد وفاته» لماشادو دي أسيس

كان الكاتب البرازيلي «ماشادو دي أسيس» من فترة أواخر القرن التاسع عشر، متقدما بشكل حاسم على زمانه لما أعاد تفسير الشخصية الرئيسية في روايته «مذكرات براس كوباس بعد وفاته»، التي ألفها سنة 1881. وتُرجمت إلى الإنجليزية في السنوات 1952 و1955، و1997، مع ترجمتين جديدتين ظهرتا سنة 2020، في كتاب ينضح بروعة الحداثة. كان براس كوباس، الشخصية المتوفاة، قد ولد سنة 1805، ولم يبلغ النعمة أو المجد في حياته قط.

- «الحرفيون: قرية صينية متلاشية» لشين فويو

تتسع محبة شين فويو لقريته التي يبلغ عمرها 600 عام في جنوب شرقي الصين، كمثل سعيه للحفاظ على ذكريات الأسرة. إنها مهمة ملحة بالنسبة لمؤلف أكثر من 12 كتابا يعيش في باريس، ذلك لأن أسلوب حياة قريته يتلاشى بمرور الأيام بصورة مؤلمة. وفي كل مرة يعود إلى القرية، يلاحظ أن المزيد من المنازل ينالها التدهور، وأن القرية يجري «تطويرها» بوتيرة مقلقة. وعبر هذا التحول السريع، يمثل الحرفيون طبقة متلاشية. يرسم شين فويو لوحة اجتماعية وعاطفية لمكان على مدى قرن كامل من الزمان.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

593 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع