روداو:لم يشهد تاريخ تشكيل الحكومات العراقية منذ انتخابات 2005، وحتى اليوم إجراءات سلسة، سواء بتكليف رئيس الحكومة او باختيار المكلف لتشكيلة حكومته بحرية وحسب ما هو خطط لها، بل كانت تدخلات الاحزاب المسيطرة على السلطة، ووفق مبدأ المحاصصة، هي من تختار بعد الدخول في معارك وصراعات لم تنتج في الغالب حكومات خدمية يرضى الشعب على ادائها، بل كانت حكومات اعادة تدوير، انتجت سلاسل من فضائح الفساد، وكان آخرها ما اطلق عليه بسرقة القرن، سرقة اكثر ملياري دولار ونصف المليار من اموال الضرائب.
ويمكن وصف ظروف تشكيل الحكومة القادمة بأم الازمات، حيث مر البلد بمشاكل سياسية قادت الاوضاع الى نفق معتم لاكثر من عام بعد إجراء الانتخابات مرورا باختلافات جذرية حول اختيار لطيف رشيد رئيسا للجمهورية، الذي كلف بدوره محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة.
وبالرغم من ان رئيس الوزراء المكلف، محمد شياع السوداني، كان قد اكد قبل ان يتم ترشيحه رسميا، وبعد ذلك، بانه سيقدم كابينته الوزارية باسرع وقت، وانه سيختار وزرائه بنفسه وحسب كفائتهم، الا ان الوقائع برهنت حتى اليوم عكس ذلك ، حيث تتصارع الكتل المتحاصصة على هذه الوزارة او تلك مما أخر الاعلان عن التشكيلة الوزارية حتى نهاية الاسبوع الحالي، حسب بشار الساعدي، نائب الامين العام لتيار الفراتين، السوداني، الذي قال اليوم، ان "رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني قبل بغالبية المرشحين للمناصب الوزارية، ولن يحدث تغيير كبير في تبادل الوزارات بين الكتل السياسية"، مبيناً ان "جميع المحاولات تبذل من اجل تقديم اسماء كامل المرشحين للكابينة الوزارية الى البرلمان، نهاية هذا الاسبوع، وليس نصفهم".
وفي حديث لسكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، لشبكة رووداو الاعلامية، اليوم الأحد (23 تشرين الأول 2022)، عن توقعاته حول اعلان الحكومة وما هي طبيعتها، قال من:"حيث النصاب البرلماني والتفاهمات فيما بين الاحزاب المتحاصصة فان الوقائع تشير الى ان الحكومة قد تعلن قريبا ، لكن المشكلة تكمن في الصراعات فيما بين الاحزاب ذاتها ، وهذا على العكس مما كان يتوقعه رئيس الوزراء المكلف، السوداني نفسه، وهذا يقودنا الى ان كل تصريحاته حول محاربة الفساد وحصرالسلاح المنفلت بيد الدولة وإجراء الاصلاحات مجرد كلام غير قابل للتحقيق". مضيفا:" اليوم نسمع عن مزاد لبيع هذه الوزارة او تلك، وسواء كان هذا الكلام صحيح ام لا لكنه حدث في حكومات سابقة وما الذي يمنع ان يحدث في هذه الحكومة من اجل سيطرة هذا الحزب او ذاك على مؤسسات الفساد".
ونبه فهمي الى ان"قادة الخط الاول من الاحزاب سيكونوا في المواقع المتقدمة من تشكيلة الحكومة، ولن يكون بمقدور السوداني ان يتعامل معهم بحرية، فاذا هم اليوم يفرضون عليه اسماء الوزاراء فكيف له ان يكون حازما معهم غدا". موضحا بان" سبب كل هذا لخراب هو نهج المحاصصة الذي اتبعوه بتشكيل الحكومات منذ ما بعد 2003 وحتى اليوم، وهذا النهج هو الذي يمنع السوداني من اختيار تشكيلته بحرية وتنفيذ مفردات برنامجه الذي تحدث عنه هنا وهناك حول محاربة الفساد والحد من انفلات السلاح واجراء تغييرات مهمة، ولنسال ما هي قوة السوداني لتنفيذ برنامجه وهو مكلف من قبل احزاب الفساد لتشكيل الحكومة وفق نهج المحاصصة، ولا اعني هنا السوداني بالتحديد بل ان اي رئيس وزراء ياتي بهذه الطريقة لن يستطيع انجاز اي اصلاح مع ان العملية السياسية تحتاج الى تغيير كامل وليس الى اصلاح بسيط".
وأكد سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي على ان "مفهوم حرية المرشح باختيار تشكيلته الوزارية، الذي تحدثت الاحزاب المتحاصصة عنه، مرتبط بمصالحهم ولا يتعلق بمصالح الشعب ومطالبه بمحاربة الفساد وايجاد فرص عمل وتحقيق اصلاحات اقتصادية وحصر السلاح بيد الدولة والاستجابة لمطالب المحتجين".
وقال: "هذا ما اسميناه بالمشكلة البنيوية في العملية السياسية ، فبعد 20 سنة يستمر نهج المحاصصة دون الالتفات الى الحراك الجماهيري الضاغط، وان السوداني لن يستطيع الافلات من ضغوط الاحزاب التي جاءت به الى السلطة، فقبله حاول حيدر العبادي وعادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي الى حد ما لكنهم استسلموا للضغوط والمساومات ومشوا مع التيار السائد".
ونبه فهمي الى ان (الانسداد السياسي) الذي طالما تحدثوا عنه قبل تشكيل الحكومة كان حله بيد المحكمة الاتحادية ومجلس النواب وانتهى، لكن الانسداد السياسي الحقيقي بدأ مع تشكيل الحكومة واستمرارها بمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والامنية امام واقع شعبي والاستجابة لمطالبه".
وفيما اذا يعتقد باستمرار الحكومة في عملها بعد تشكيلها لمدة طويلة ام ستواجه عقبات تنهي وجودها، قال سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي:"الاحزاب المتحاصصة سوف يعملون على الحفاظ على الحكومة وعلى منظومتها خدمة لمصالحهم وليس لمصالح البلد والشعب العراقي، واستمرارها مرتبط بمدى استجابتها لمطالب الناس، اما اذا دخلت في صراعات داخلية فهذا سيكلف البلد ماليا وعلى حساب الشعب".
ونبه فهمي الى ان "مصالح الاحزاب تفرض تعيين المزيد من الوزراء ووكلاء رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ، وهذه من افرازات المحاصصة وترضية الاخرين والاستفادة على حساب المال العام"، مضيفا:"نحن نتاكد يوما بع آخر بان المشكلة ليست بالشخوص فقط وانما بالنظام كله، حتى اذا جاءوا بوزراء نزيهين وكفوئين فهؤلاء لن يستطيعوا محاربة الفساد والفاسدين في وزاراتهم وهذا ما اوضحته تجربة علاء الدين العلواني، وزير الصحة في حكومة عادل عبد المهدي، الذي استقال بسبب تعرضه للابتزاز، وكذلك علي علاوي وزير المالية بحكومة الكاظمي الذي فضح في رسالته الاخيرة خطط واساليب الفساد الخطيرة في وزارته، هذه بنية موجودة وتحتاج الى ارادة سياسية جبارة وضغط شعبي قوي لاستئصالها".
وقال: "نحن نعرف ان المشكلة في نهج المحاصصة وهذه الحكومة هي امتداد للحكومات السابقة، وما نسمعه اليوم من كلام معسول من احزاب المحاصصة حول محاربة الفساد والاصلاح سرعان ما سينتهي حالما يتمكنون من السلطة وينقلبوا بشراسة ضد رئيس الوزراء". مضيفا "نحن حتى الان لا نعرف ما هي ردود فعل التيار الصدري، وما ستنتج عنه الاحتجاجات الشعبية، فمن الممكن ان تتغير المسارات، فليس من الممكن ان تحكم قوى خسرت بالانتخابات وصعد الى البرلمان، واصبحت قوة تشكل الحكومة، بسبب انسحاب الكتلة الصدرية، اذن لماذا جرت الانتخابات وما هي قيمة نتائجها".
وفيما اذا يعتقد بان السودالني قد ينسحب من التكليف بسبب التحديات التي تواجهه من بقية الاحزاب؟ قال فهمي:" كل الاحتمالات واردة".
وكان السياسي المستقل عزة الشابندر قد نشر اليوم تغريدة على حسابه في تويتر، قال فيها:"عشرة ايام مضت واطراف ائتلاف (تقاسم) الدولة يراوحون مكانهم تتقاذفهم امواج الحقائب ولا تلوح في الافق معالم توافق وشيك. نعم تداعيات غياب الدولة ليست ضمن اهتمام احدكم، ولكم ماذا لو اعتذر مرشحكم وزهد بكم وبثقتكم وتخلى عن تكليفكم واعادكم الى ما قبل المربع الاول ؟ فما انتم بفاعلين".
681 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع