محكمة نشر في العراق.. مجلس القضاء الأعلى خصم وحكم

              

مجلس القضاء الأعلى في العراق يحيي محكمة النشر الخاصة بالنظر في القضايا المرفوعة ضد الصحافيين، بعدما كان سبق وأطلقها في عام 2010 ثم ألغاها في عام 2017 في ظل قوانين قمعية تعود إلى عام 1969 تعاقب الصحافيين بالسجن.

العرب/بغداد - قرّر مجلس القضاء الأعلى في العراق الأحد إنشاء محكمة خاصة للنظر في القضايا المرفوعة ضد الصحافيين، مع حظر استجواب أيّ صحافي دون وجود ممثل عن نقابة الصحافيين العراقيين.

ومن المتوقع أن تمنع المحكمة الخاصة عشوائية أوامر الاستدعاء والاعتقال التي تطال الصحافيين، كما يتوقّع أن تحظى كلّ محافظة بمحكمتها الخاصة للنظر في دعاوى النشر.

وهذه هي المرة الثانية التي يقرر فيها مجلس القضاء الأعلى تشكيل محكمة مختصة في قضايا النشر والإعلام. وقرر المجلس في 12 يوليو 2010 تشكيل محكمة مختصة في قضايا النشر والإعلام، ونص القرار المنشور في موقع السلطة القضائية على تخصيص محكمة في رئاسة استئناف الرصافة تتولى النظر في الشكاوى والدعاوى المتعلقة بالإعلام والنشر في جانبيها المدني والجزائي، وخصص لهذه المحكمة قاضيا متمرسا وعلى دراية تامة بدور الصحافة، ويستعين بلجنة خبراء من رجال القانون والصحافة.

وعاد مجلس القضاء ليحل عددا من المحاكم المختصة من بينها محكمة النشر والإعلام، في أبريل عام 2017 لعدم وجود قانون لها، دون أن يسعى المشرع العراقي إلى تمرير قانون يعيد لها الحياة، ويحمي حرية العمل الصحافي، وأسند اختصاص النظر في دعوى المحاكم الملغاة إلى المحاكم حسب الاختصاص الوظيفي والمكاني، الأمر الذي ساوى قضية النشر والإعلام بالقضايا الجنائية الأخرى.

ويتورط مجلس القضاء الأعلى في إصدار مذكرات الاعتقال بحق الصحافيين.

ويونيو الماضي أثارت مذكرة اعتقال صادرة ضد الكاتب العراقي سرمد الطائي على خلفية تصريحات أدلى بها في برنامج “المحايد” على القناة العراقية الرسمية تنتقد حلفاء إيران في العراق جدلا إعلاميا واسعا. وكان برنامج “المحايد” الذي يقدمه سعدون محسن ضمد قد استضاف الطائي الذي حذر من دكتاتوريات جديدة في البلد، منتقدا أوامر القبض التي يصدرها مجلس القضاء الأعلى.

وانتقد الطائي زعيم “فيلق القدس” الإيراني السابق قاسم سليماني، والمرشد الإيراني علي خامنئي، إضافة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي فائق زيدان. ورأى مجلس القضاء الأعلى حينها أن مقدم البرنامج لديه رأي شخصي سلبي ومتطرف يتطابق مع من يتعمّد استضافتهم في البرنامج، مشيرا إلى أن تعمّد استضافة أصحاب الرأي المتطرف يهدف إلى إخراج الإساءة وكأنها صدرت بعيدا عن القناة.

ومن جانبها، أعلنت نقابة الصحافيين العراقيين ترحيبها وتقديرها العالي لقرار مجلس القضاء الأعلى المتضمن تشكيل محاكم نشر في مركز محاكم الاستئناف تختص في النظر في الشكاوى الخاصة بالصحافيين المتعلقة بعملهم الصحافي، والتأكيد على إعلام المجلس السابق بخصوص إشعار نقابة الصحافيين بأي شكوى تقدم بحق الصحافيين.

وقالت في بيان “إن هذا القرار يعبر ويؤكد على حرص السلطة القضائية في العراق، الذي عبرت عنه في أكثر من مناسبة، على توفير مناخات وبيئة ملائمة لعمل الصحافيين، واستشعارها أهمية دورهم في المجتمع وترسيخ أسس الديمقراطية في العراق الجديد”.

وتتزايد الدعاوى القضائية ضد الصحافيين في العراق، بفعل الإرادة السياسية القاضية بالإبقاء على القوانين الدكتاتورية نافذة، من أجل تكميم الأفواه، وتقليص مساحة حرية التعبير والعمل الصحافي المكفول دستوريا.

وتسعى بعض الأحزاب والشخصيات السلطوية للتنكيل بالصحافيين، كإجراء عقابي، من خلال تلك القوانين، على الرغم من مخالفتها الدستور. وهناك 15 مادة في قانون العقوبات العراقي، تختص في النشر والصحافة والتعبير، وهي مواد قاسية في عقوباتها حيث تتراوح ما بين الإعدام إلى المؤبد والسجن.

وتحاسب هذه التشريعات كالمادتين 226 و225 بالسجن ومصادرة الأموال لكل شخص يهين رئيس الجمهورية أو الحكومة أو القوات المسلحة وغيرها من المؤسسات، هي تشريعات يمكن أن تستخدمها الطبقة السياسية لصالحها وتضيق من خلالها على حرية التعبير.

وتظهر أبحاث لجنة حماية الصحافيين أن القوانين الموروثة عن نظام صدام حسين ما زالت سارية في المحاكم العراقية، مثل قانون العقوبات الذي تم إقراره في عام 1969 والذي يسمح بإصدار أحكام بالسجن ضد الصحافيين بسبب اجرائم التشهير الفضفاضة التي تقيّد حرية التعبير.

ومكّنت مجموعة من القوانين التي تعود إلى ما قبل عهد صدام حسين وبعد انتهائه في 2003، السلطات من اتخاذ إجراءات قانونية ضد منتقديها، وذلك باستخدام أحكام التشهير والتحريض في قانون العقوبات وقوانين أخرى.

ويكاد لا يمر يوم دون أن تثار ضجة حول محتوى تلفزيوني أو برنامج سياسي أو مسلسل رمضاني في العراق ، ومر رمضان الماضي ثقيلا على الصحافيين والممثلين ومنتجي الدراما، في البلد الذي قدم ويقدم حتى الآن تضحيات كبيرة في سبيل الحرية. إذ يصنف البلد على أنه من أخطر المناطق على العاملين في الصحافة.

وكشفت مؤشّرات حرّية الصحافة لمنظّمة “مراسلون بلا حدود”، أنّ العراق في حالة تراجع مستمرّ حيث كان ترتيبه في المركز 124 عالميّا من أصل 180 دولة في العام 2003، ليصل في العام 2022 إلى المرتبة 172 عالميا!

والجدير بالذكر أن العشرات من الصحافيين وأصحاب الرأي قتلوا منذ عام 2003 فيما تسيطر على أغلب المحطات الفضائية العراقية أحزاب سياسية، يلتزم الصحافيون فيها بخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها.

وتعمل وسائل الإعلام التابعة لوكلاء إيران، ومن خلال عامليها، على رصد ونشر نشاطات كل من يعارض سياستهم من الصحافيين المناهضين للوجود الإيراني، وهذا ما قتل أو اختطف أو هجر على إثره عدد ليس بالقليل، وفق شهادت استمع لها موقع “الحل نت”، لعدد من الصحافيين العراقيين.

وعلى الرغم مما تملكه طهران من إعلام ناطق بالعربية وموجه إلى العراق مثل قناة “العالم”، إلا أنها تملك إلى جانب ذلك نفوذا تاما على 29 محطة فضائية ضمن “اتحاد الإذاعات والتلفزيونات العراقي” الممول إيرانيا، والعشرات من الإذاعات والصحف، وهذه هي التي تمثل الفاعل الأكبر في معادلة انقسام الإعلام في العراق بين مملوك إلى أحزاب السلطة أو المنصات الغربية، أو المملوك إيرانيا.

ويفرض التمويل الإيراني تبعية كاملة لهذه المؤسسات لطهران، حتى أن النشرات الإخبارية لا بد أن تتناول أخبار ولاية الفقيه وإنجازات الحرس الثوري الإيراني كعناوين رئيسية، تسبق حتى عناوين الشأن العراقي.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

688 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع