روداو/معد فياض
قصة الانتخابات العراقية من 2005 حتى 2021
لم تسلم اية دورة لانتخابات مجلس النواب، ومنذ 2005، وحتى 2021 من اتهامات التزوير والخروقات ومطالبة الكتل الخاسرة بالعد اليدوي، ومن ثم ادخال البلد في دوامة الصراعات والازمات لتنتهي هذه العملية بتوافقات وتوزيع المناصب الحكومية حسب المحاصصات الدينية والطائفية.
كنت قد شهدت، بحكم عملي الصحفي، أحداث جميع الانتخابات العراقية ميدانيا، مع تفاصيل الصراعات بين الاحزاب والكتل المرشحة للانتخابات خلف الكواليس، وبمناسبة تجدد الخلافات بين الاحزاب والكتل السياسية على نتائج التصويت في انتخابات 10 تشرين الاول 2021، أدون هنا مشاهداتي ومعايشتي كمحايد، وعلى حلقات، وسأكشف بعض هذه التفاصيل في قصة الانتخابات العراقية.
الحلقة (11)
تحذير مبكر.. واهمال متعمد
قبل احتلال تنظيم داعش الارهابي لمدينة الموصل، بستة أشهر حذر الزعيم مسعود بارزاني، رئيس اقليم كوردستان، واعتمادا على معلومات استخبارية دقيقة، نوري المالكي، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، من وجود خلايا ارهابية نائمة في المدينة، تمهيدا لاحتلال نينوى من قبل تنظيم داعش الارهابي، لكن الاخير لم يأخذ الموضوع مأخذا جديا، ربما تعمد ذلك.
ورد على رئيس اقليم كوردستان بالقول: "اهتموا بأمن الاقليم واتركوا أمن الموصل وبقية مناطق العراق لنا".
التحليل الاقرب لتصرف المالكي هو انه كان مع مخطط احتلال تنظيم داعش للموصل لاسباب عدة، اولها طائفية، والانتقام من اهالي الموصل الذين كانوا قد احتجوا بقوة ضد حكمه وتصرفات القوات الامنية التي عينها على المدينة والتي عاثت الخراب والفساد في تصرفاتها مع الاهالي، وحسب شهادات لاشخاص من الموصل، قالوا لي ان السيطرات الامنية كانت تتصرف بطائفية وبعدوانية حتى مع العوائل الموصلية المحافظة.
كما أن المالكي كان قد جرد محافظ نينوى، أثيل النجيفي، من كل صلاحياته الامنية والادارية، تقريبا، وقد اخبرني النجيفي بانه لم يكن قادرا على نقل شرطي مرور من هذه الساحة الى شارع آخر.
السبب الثاني هو ان القائد العام للقوات المسلحة كان يهدف من وراء تسهيل عملية احتلال التنظيم للموصل، اقتراب العصابات الارهابية من حدود اقليم كوردستان، خاصة العاصمة اربيل وتهديد امنها واستقرارها ووضعها الاقتصادي، وهذا ما كاد يحدث لولا شجاعة قوات البيشمركة واستبسالهم في الدفاع عن حدود اقليم كوردستان ضد تنظيم داعش الارهابي، وضحوا بالكثير من الشهداء من اجل هذا الهدف النبيل.
اما السبب الثالث فانه يتعلق بالجانب الانتخابي، اذ تخيل المالكي بان القوات العراقية سوف تتمكن من استعادة الموصل خلال ايام قليلة وبذلك يقدم نفسه كبطل للتحرير القومي والبقاء في منصبه لولاية ثالثة كرئيس للوزراء ويسيطر على الموصل ليجعل منها طريقا بريا آمنا للقوات الايرانية باتجاه سوريا.
وفي حالة عدم تمكنه من طرد مقاتلي التنظيم الارهابي فانه سيلجأ لتدبير ما لالغاء الانتخابات النيابية والبقاء في منصبه لفترة اطول.
عام..أسود
كان عام 2014، واحد من اكثر اعوام العراق والعراقيين سوءا، من حيث الاحداث الامنية وافتقاد الاستقرار، حيث التفجيرات في بغداد وبقية المدن العراقية، السنية خاصة، والمواجهات العسكرية بين القوات الحكومية وعشائر الانبار.
فبدلا من ان يسعى المالكي لتأمين حدود العراق في الجهة الغربية وحماية العراق من مخاطر تهديدات تنظيم داعش، وجه قواته لمحاصرة مدينة الفلوجة والرمادي، مركز محافظة الانبار، ومقاتلة الاهالي وتهجير السكان المدنيين، وبلغ عدد النازحين من الأنبار وفقا للوائح الأمم المتحدة أكثر من 370 ألف نازح.
مقابل هذا قطعت القوات الحكومية كافة الطرق امام النازحين من الانبار للوصول الى بغداد وبقية المحافظات العراقية، وبقي الاف العراقيين عالقين عند جسر (بزيبز) الرابط بين الانبار وبغداد.
معركة الانبار
وكانت المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية وعشائر الانبار، او ما اطلق عليها (معركة الانبار) تهدف لاقصاء الصوت العربي السني في الانتخابات التي كان موعدها قريبا جدا، وتهميش اهالي الانبار، هذا ما ادى الى حرمان الناخبين في مدن كبيرة في محافظة الانبار، مثل قضاء الفلوجة، الذي كان قد غادره اكثر من نصف سكانه، ويعد اكبر قضاء في عموم العراق، من التصويت، أذ تمكنت الحكومة من تأمين 82 مركزا انتخابيا لهم، منها 37 داخل المحافظة و54 خارجها.
غير هذا كان تنظيم داعش الارهابي يهدد باستهداف مراكز الانتخاب ومجموعات الناخبين والمرشحين على حد سواء. وقد نجحت المجاميع المسلحة بالفعل في إيجاد الفجوات التي تستطيع أن تنفذ من خلالها لإلحاق الضرر بالعملية الانتخابية.
وسرت وقتذاك معلومات بأن الولايات المتحدة تعمل عن كثب عبر سفارتها في بغداد لإسداء النّصح إلى جانب الأجهزة الأمنية العراقية بشأن سبل تطويق تلك التهديدات.
وفي المحافظات الجنوبية لم تكن الاوضاع افضل مما هي عليه في المحافظات الغربية، اذ ارتفعت الاصوات من على منابر المساجد وخلال الخطب الدينية داعية لتغيير النظام معبرة عن سخط العوائل التي انقطعت عنهم أخبار أبنائهم الجنود بعد أن التحقوا بمعارك الأنبار.
ونقل صحافيون من داخل الفلوجة صورة مروّعة عن تكديس العشرات من جثث العسكريين القتلى في غرف وردهات داخل الثكنات العسكرية، حتى أن بعضها يتحلل قبل أن تعاد إلى ذويها في مجموعات صغيرة، خشية التخفيف من وقع صدمة الأعداد المرتفعة.
انتخابات 2014
وسط هذه الظروف الصعبة والمعقدة امنيا واجتماعيا للغاية، جرت الانتخابات في 30 نيسان 2014 بمشاركة احزاب وتكتلات وكيانات سياسية تقليدية، اضافة الى مشاركة أحزاب وأسماء جديدة.
وكانت هذه أول انتخابات نيابية تجري منذ انسحاب القوات الأميركية من العراق عام 2011 ، وثالث انتخابات منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، حيث تنافس أكثر من 277 حزباً وتياراً على 328 مقعداً في مجلس النواب العراقي، وجرت الانتخابات في 18 محافظة عراقية بما فيها الأنبار التي كانت تشهد موجات متصاعدة من القتال بين قوات الحكومة العراقية ومقاتلي عشائر الأنبار.
وقد استثني اهالي قضاء الفلوجة ومدينة الكرمة من التصويت بسبب سوء الأوضاع الأمنية في محافظة الانبار، وكذلك بعض أحياء مركزها، الرمادي ، وحق لأكثر من 22 مليون عراقي منح اصواتهم في هذه الانتخابات، كما شارك في هذه الانتخابات حوالي نصف مليون عراقي من اصل مليوني عراقي في الخارج ممن له حق التصويت.
مرشحون.. وفائزون
وكان ابرز المرشحين: نوري المالكي، الذي استقتل من اجل ولاية ثالثة لحكم العراق، بالرغم من الانتقادات الشديدة التي واجهها بسبب سوء الاوضاع الامنية، وإياد علاوي رئيس مجلس الوزراء العراقي الأسبق، وعمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق، ومسعود بارزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ورئيس إقليم كوردستان العراق، التيار الصدري، وأسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب العراقي.
بعد انتهاء العملية الانتخابية، فرضت القوات العراقية حظر تجول في بغداد خلال الليل. وقد وقعت هذه الانتخابات تحت إجراءات أمنية مشددة.
وحذر بعض المرشحين من تزوير النتائج، كما شهدت الانتخابات أعمال عنف في بعض المدن العراقية، ففي كركوك قتلت امرأتان من عائلة واحدة في انفجارعبوة ناسفة، وشهدت تكريت مقتل شرطي في انفجار حزام ناسف في إحدى مراكز الاقتراع، اما في بعقوبة فقتل 4 أشخاص في انفجار عبوة ناسفة قرب مركز انتخابي.
في 19 ايار 2014، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية للتصويت والتي اسفرت عن فوز ائتلاف دولة القانون (المالكي) 92 مقعدا، كتلة الاحرار (التيار الصدري) 33 مقعداً، ائتلاف المواطن (عمار الحكيم) 30 مقعداً، ائتلاف متحدون للإصلاح (النجيفي) 23 مقعداً، ائتلاف الوطنية (علاوي) 21 مقعداً، الحزب الديمقراطي الكوردستاني (بارزاني) 19 مقعداً، الاتحاد الوطني الكوردستاني (جلال طالباني) 19 مقعداً، ائتلاف العربية (صالح المطلك) 10 مقاعد، حزب التغير الكوردستاني (نشيروان مصطفى) 9 مقاعد، حزب الفضيلة والنخب 6 مقاعد، ائتلاف الإصلاح الوطني (ابراهيم الجعفري) 6 مقاعد، ديالى هويتنا (سليم الجبوري) 5 مقاعد، ائتلاف العراق (فاضل الدباس) 5 مقاعد، الحزب الإسلامي الكوردستاني 5 مقاعد، التحالف المدني الديمقراطي (كل من فائق الشيخ علي ومثال الآلوسي وشروق العبايجي ) 3 مقاعد.
643 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع