"هدوء استراتيجي".. الميليشيات العراقية تتأهب لضربة وشيكة

عناصر من الميليشيات العراقية الموالية لإيران

إرم نيوز:يرى مختصون في الشأن الأمني أن اختفاء الفصائل المسلحة العراقية عن المشهد الميداني والإعلامي، خلال الأسابيع الأخيرة، يأتي ضمن سياق أوسع من التحولات الإقليمية والداخلية، في ظل تصاعد الضغوط على حلفاء طهران.

ويأتي هذا التراجع اللافت في الحضور بعد سنوات من نشاط علني وظهور متكرر لقادة الفصائل على الأرض وفي الإعلام، وبيانات شبه يومية تتناول التطورات المحلية والإقليمية.

إلا أن الأسابيع الأخيرة شهدت صمتاً شبه تام، وتوقفاً في النشاط الميداني، باستثناء بعض البيانات التي تصدر عن واجهات إعلامية محدودة.

 إعادة تموضع

في هذا السياق، قال الخبير في الشأن العراقي، رمضان البدران، إن "غياب الفصائل عن الظهور في هذه المرحلة أمر متوقع"، موضحًا أن "الوضع الإيراني يعيش مرحلة انتقالية غير واضحة المعالم، تفضل فيها طهران الانكفاء على الداخل، وإعادة ترتيب شكل النظام السياسي والمؤسساتي".

وأضاف البدران لـ"إرم نيوز" أن "الفصائل العراقية تدرك طبيعة هذه التحولات، وتُدرك أن التوقيت لا يسمح بأي مغامرة ميدانية أو سياسية، لذلك اختارت السكون خيارا استراتيجيا مؤقتا"، لافتاً إلى أن "هذا التراجع لا يعني انتهاء نفوذ الفصائل، فهي لا تزال قوة قائمة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية".

وأشار إلى أن "التطورات الإقليمية تدفع الفصائل نحو إعادة التموضع، بانتظار ما ستؤول إليه ترتيبات المنطقة، قبل اتخاذ قرارات مصيرية بشأن شكل وجودها في العراق".

وبحسب مراقبين ميدانيين، فإن أغلب الفصائل المسلحة أوقفت منذ أشهر معظم أنشطتها العسكرية والإعلامية داخل العراق، وشهدت مقارها انسحاباً تدريجياً من المدن، مع انخفاض واضح في وتيرة الظهور السياسي العلني لقادتها، وغياب شبه تام عن التغطيات الإعلامية.


 قلق من ضربة مؤجلة

وبينما تلقّت جماعات كـ"حزب الله اللبناني" و"الحوثيين" و"حماس" ضربات مباشرة خلال الأشهر الماضية، ظلت الفصائل العراقية خارج نطاق الاستهداف المباشر، مستثناة مما يتعرض له "المحور الإيراني".

ويخشى قادة هذه الفصائل، بحسب مصادر مطلعة، من أن تكون الضربة القادمة موجهة لهم، خاصة بعد معلومات استخبارية عن رصد تحركات غير اعتيادية لطائرات مسيّرة إسرائيلية وأمريكية قرب الحدود الغربية للعراق.

وقال مصدر أمني عراقي إن "قيادات الفصائل المسلحة ناقشت أخيراً احتمال تعرّضها لضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية وشيكة، على خلفية التطورات الإقليمية الأخيرة".

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لـ"إرم نيوز"، أن "حالة من التوجس والتوقعات المتضاربة تسود أوساط الفصائل في بغداد والأنبار وبابل وجنوب نينوى، حيث جرى رفع مستوى التأهب الأمني داخل بعض مقارها، ونقل عدد من المخازن الحساسة إلى مواقع غير معلنة".

وأشار إلى أن "هذه التوقعات تفسر استمرار حالة السكون الإعلامي والعسكري للفصائل، وعدم إعلانها أي مواقف تصعيدية، رغم استمرار الضغوط الأمريكية، وتسريبات عن لوائح عقوبات جديدة قد تشمل أسماء بارزة مرتبطة بها".

  إشارة إيرانية

على الرغم من هذا السكون، أصدرت شخصيات بارزة في بعض الفصائل، بينها "كتائب حزب الله"، بيانات رافضة لدعوات تسليم السلاح، إذ قال المسؤول الأمني للكتائب أبو علي العسكري، في تغريدة له، إن "سلاح المقاومة لا يُسلَّم إلا بيد الإمام المهدي".

وكانت هذه التغريدة من بين المواقف النادرة التي ظهرت خلال الأيام الماضية، بعد موجة دعوات أطلقها سياسيون وزعماء دينيون، من بينهم المرجع علي السيستاني، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بضرورة إنهاء فوضى السلاح.

بدوره، أكد الخبير الأمني كمال الطائي أن "الفصائل تلقت رسائل واضحة من طهران بتجميد أي تحرك قد يفهم كتصعيد أو تهديد للمصالح الأمريكية".

وأوضح لـ"إرم نيوز" أن "الخشية من أن تتحول الساحة العراقية إلى ساحة رد على إيران، دفعت هذه الفصائل إلى تقليل ظهورها وتجميد نشاطها، حفاظاً على وجودها من جهة، وتفادياً لمزيد من الضغوط الدولية على الحكومة العراقية من جهة أخرى".

وعلى الرغم من تمسك هذه الفصائل بوجودها العسكري، فإن المتغيرات في المشهد الإقليمي والدولي، واحتمال عقد تفاهمات أوسع بين إيران والغرب، قد تفرض معادلة جديدة لا تتسع لنفوذ غير منضبط، ما يضع الفصائل أمام خيارات صعبة، تبدأ من الانضواء الكامل في المؤسسة الرسمية، ولا تنتهي عند حدود التفكك التدريجي.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

822 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع