من أين لك هذا سؤال معطل في العراق!!؟؟

    

             ماضون قدما في الاحتجاج

يعي رئيس الوزراء العراقي أن ما أعلنه من "إصلاحات"، خاصة في ما يتعلق بالفساد تصطدم بدرجة أولى بشركائه في الحكم، إلا أنه يواصل مداعبة المحتجين برسكلة قانون قديم لمكافحة الإثراء غير المشروع، وتقديمه على أنه مبادرة جديدة. فلا المحتجون تستهويهم هذه البروباغندا ولا رئيس الحكومة قادر على محاربة من يحميه على رأس السلطة.

العرب/بغداد – يحاول رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي أن يبدو إصلاحياً على المستوى الإعلامي في محاولة منه لإسقاط المبررات القوية التي يقدمها المنتفضون في ميادين الاعتصامات، ومن بين تلك المحاولات إعلاناته المتواصلة عن دفع ما سماه بحزم الإصلاحات التي تفسرها الأوساط العراقية بأنها جزء من “خدعة” لتمرير الوقت لافتقادها للإرادة السياسية ولقدرة التنفيذ.

آخر ما قدمه عبدالمهدي إعلان مكتبه العمل على سن قانون “من أين لك هذا” لمراقبة ممتلكات وعقارات كبار المسؤولين في الدولة خلال المدة السابقة ومتابعة أصولها وكيف حصلوا عليها.

وفي الوقت الذي يستفسر المراقبون عن ماهية القانون الجديد الذي لم يقدم حتى الآن، فإن الوقائع تشير إلى محاولات سابقة من قبل البرلمان في دورته السابقة حيث أعلن رئيسه سليم الجبوري في ذلك الوقت عن إعداد اللجنة القانونية في البرلمان لمشروع قانون “من أين لك هذا” والذي لم ير النور بسبب الفيتو من قبل ممثلي الأحزاب داخل البرلمان من احتمالات أن يستهدف ذلك القانون بعض الممتلكات غير المشروعة للسياسيين من مسؤولين رسميين وبرلمانيين.

ويشير الكثير من المختصين القانونيين العراقيين إلى أن مشكلة النهب والفساد لا تعيقها أو تحد منها القوانين، وأعاد الخبير القانوني علي التميمي بالذاكرة إلى أن هناك في قانون العقوبات العراقي والذي ما زال نافذاً المواد العديدة المتعلقة بردع الموظفين الذين يقتربون من التعامل بالمال العام، وكذلك الحد من مظاهر الإثراء والكسب غير المشروع.

كما أن قانون النزاهة عالج هذا الموضوع في المادة 19 منه بالتفصيل، مستدركاً بأن مشروع القانون الجديد “من أين لك هذا” لم يتناول مسألة استيلاء الأحزاب والمسؤولين على ممتلكات الدولة. وإن الإجراءات التي تتبعها هيئة النزاهة تقوم على استصدار براءة ذمة شكلية شخصية، حيث يقوم المسؤولون بتسجيل ممتلكاتهم قبل تسلمهم أي منصب، بحيث يتعذر رصد أي تضخم في ثرواتهم لأنهم ببساطة ينقلون ملكية كل الأموال التي يحصلون عليها بأسماء أقربائهم وشركاء لهم سواء في داخل أو خارج العراق، فيما يعتبرون إنجاز ورقة الذمة المالية بمثابة شهادة بحسن السلوك ونظافة الذمة ويحرصون على إبرازها إعلاميا.

وكما هو معروف فإن لدى الأحزاب السياسية لجاناً اقتصادية تجلب لها حصصاً مالية كبيرة تنتقل عبر عمليات غسيل الأموال الشائعة إلى الخارج لتحويلها إلى عقارات وشركات وأسهم في مشروعات تعود أرباحها إلى قادة تلك الأحزاب، وهذه الطريقة لم يتمكن أي تشريع عراقي من مجابهتها على المستوى القانوني كما لم يتجرأ أحد من السياسيين على طرحها لأنها تخلّ بمعادلة “التضامن” بين الفاسدين.

بدأ نهب الأموال العراقية مشواره منذ عام 2003 وبعد أن سمحت سلطة الاحتلال الأميركي لصفقات الكومشنات في العقود التجارية، إضافة إلى التلاعب المشترك بالأموال المخصصة لإعادة إعمار العراق في ذلك الوقت.

وهناك مسؤولون أميركيون أحيلوا إلى القضاء في بلدهم. وسبق أن أرسلت السفارة الأميركية ببغداد في نوفمبر عام 2014 تقريرها المتعلق بحجم الثروات التي كسبها القادة السياسيون في العراق حيث قدرتها السفارة بـ700 مليار دولار.

وقد أكد النائب السابق في البرلمان العراقي مثال الآلوسي صحة استلام هيئة النزاهة لتقرير السفارة الأميركية والمتعلق بحجم الثروات للقادة السياسيين، ناقلا ما ورد في التقرير بأن التحالف الكردي جاء بالمرتبة الأولى في حجم الثروات وبمبلغ 300 مليار دولار، فيما جنى ائتلاف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مبلغ 210 مليارات دولار كما تأتي قائمة إياد علاوي في المرتبة الثالثة حيث لديها 180 مليار دولار، في حين كانت حصة المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري التابع لمقتدى الصدر 150 مليار دولار، لافتاً إلى أن هذه الثروات الضخمة هي السبب في امتناع القوى السياسية عن الموافقة على قانون الأحزاب الذي يضم في فقراته مواد تطالب بوضوح تحديد جهة التمويل.

وقد دعم هذه المعلومات التقرير المالي الذي كشفت عنه وزارة الخزانة الأميركية على موقعها الرسمي بمجموع الأموال الموجودة في المصارف الأميركية والعائدة إلى خمس وعشرين مسؤولا عراقياً وقدرها 597 مليون دولار

إن تتبع خيوط الفساد في العراق سهل جداً، ولكنه ممنوع في الوقت ذاته لأنه سيوصل إلى معظم الرؤوس الكبيرة في السلطة. وهناك متابعة ورصد متواصلان من منظمات عالمية معنية بالرصد والكشف عن سرقة الأموال العراقية وأساليب التحايل على القنوات المصرفية المحلية والعالمية، مثل منظمة الشفافية العالمية التي رصدت وفق تقارير موثقة حجم تلك الأموال والمهادنة الحالية من بعض المصاريف في المنطقة وأوروبا، إضافة إلى عمليات التهرّب من قبل بعض المسؤولين العراقيين بنقل أموالهم إلى كل من طهران وبيروت لضمان عدم كشفها. فأي قانون هذا الذي يدعي عادل عبدالمهدي أن يقدمه للتشريع في ظل عدم وجود إرادة حقيقية للإصلاح؟ هكذا يتساءل العراقيون.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

772 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع