بغداد ــ ميمونة الباسل:سوك مارو أو النواشي أو سوق الشيوخ، كل تلك الأسماء تشير إلى عاصمة إمارة المنتفق التاريخية (دولة تضم معظم مناطق نصف العراق الأسفل)، التي تحوي مكونات وطوائف عراقية مختلفة من عرب سنة وشيعة، ومن غير المسلمين العرب من اليهود، والمسيحيين والصابئة.
سميت بمدينة سوق الشيوخ عام 1870، وعين أول قائمقام عراقي بعد تكوين الدولة العراقية عام 1921، وهو صالح الحجاج، وهي أقدم مدن محافظة ذي قار التاريخية التي هزم العرب فيها الفرس قبل الإسلام جنوب العراق وتبلغ مساحتها 1374 كيلومتراً مربعاً.
نشأتها
يقول الرواة إن مدينة سوق الشيوخ نشأت على مرتفع واسع من الأرض أو تل كبير، حيث وجده بعض الباعة من أبناء الأرياف القريبة منه خير ساحة لمبادلة البضائع المختلفة. وكان يعرف بتل الأسود، وقد بنيت علية عدة دكاكين من الطين أو القصب. وقد أسسها الأمير ثويني بن عبد الله من أسرة السعدون حاكم إمارة المنتفق وأمراء قبائلها.
ويقول المؤرخ يعقوب سركيس، في بحث له، إن مدينة سوق الشيوخ لم تشيّد إلا بعد سنة 1781 كمركز ثابت لمهمات الشيوخ وجلساتهم مع أمراء القبائل العربية القادمين من الجزيرة العربية أو بلاد الشام. وباتت مقراً لهم ومخزنا لذخيرتهم، وملجأ حصيناً يلجؤون اليه عند الحاجة. ويذكر النبهاني هذه المدينة في كتابه "التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية" بالإشارة إلى أنها من ضمن إمارة المنتفق التي تمتد من الغراف إلى البصرة إلى قرب الكويت.
سميت المدينة بسوق الشيوخ لكونها بنيت لكي تكون مركزاً تجارياً في المنطقة، أما لفظة -الشيوخ- فهي نسبة لمؤسسها حاكم إمارة المنتفق الأمير ثويني بن عبد الله، والذي كانت أسرته آل سعدون تعرف بـ آل شبيب وقت تأسيس المدينة، وهي أسرة المشيخة لقبائل اتحاد المنتفق الكبير الذي يشمل معظم القبائل والعشائر في جنوب ووسط العراق، وكان أبناؤها يحملون لقب شيخ مشايخ المنتفق.
موقعها ومكانتها الجغرافية
تقع مدينة سوق الشيوخ للغرب الجنوبي لمحافظة ذي قار. تحيط بها الأهوار والمياه وغابات من النخيل التي مع الزمن تآكلت شيئاً فشيئاً بسبب الإهمال والتوسع في البناء. وفي غرب مدينة سوق الشيوخ، ما بعد مستنقعاتها المائية، تزحف عليها الصحراء والبادية الممتدة حتى ونجد والحجاز، وكأنما كُتب لهذه المدينة الصغيرة أن تقع بين فكي حرب الصحراء والبادية من الجهة الغربية، وحرب المياه والأنهار والخضرة من الجهة الشرقية والجنوبية.
أهل سوق الشيوخ جلهم عمّال وكسبة ومن ذوي الحرف والمهن الصغيرة الذين يعيشون على عملهم اليومي دون أن يكون لهم أي ضمان للمستقبل عند تعطلهم عن العمل أو تقاعدهم. وقلة قليلة تعمل في وظائف حكومية على ندرتها، كما نشأت طبقة صغيرة من التجار وملاك العقار أو الأراضي الزراعية وهي البساتين التي تحيط بالمدينة من كل جانب وهي في الحقيقة بما تنتج تكون محور الحياة الاقتصادية للمدينة، هذه البساتين الكثيفة ذات الإنتاج الغزير من التمور الجيدة التي يستهلك بعضها محلياً ويصدر أكثرها إلى داخل العراق أو خارجه بواسطة شركة بريطانية مقرها البصرة.
829 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع