بعد مطالب بتغيير "السبهان" .. لماذا غيرت واشنطن سفيرها في بغداد؟

   

   ماكغورك: العراق على أبواب حقبة جديدة تجُبُّ ما قبلها

ياسين السليمان - الخليج أونلاين:أثار تغيير واشنطن سفيرها في بغداد قبل انطلاق معركة استعادة الموصل، وتعيين دوغلاس سيليمان الذي كان سفيراً لدى الكويت – عدة تساؤلات حول تزامن ذلك مع مطالبة بغداد الرياض بتغيير سفيرها ثامر السبهان إثر تصريحات "جريئة" ضد التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي واتهامه طهران بمحاولة اغتياله.

وفي يوم الخميس 1 سبتمبر/ أيلول 2016، أعلنت سفارة الولايات المتحدة في بغداد، وصول السفير الجديد دوغلاس سيليمان إلى العاصمة العراقية (بغداد)، وأشارت في بيان لها إلى أن سيليمان وصل مفوضاً فوق العادة للولايات المتحدة في جمهورية العراق، وتم اعتماده رسمياً بعد موافقة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ويتطلع إلى بناء سبل جديدة للتعاون بين الولايات المتحدة والعراق.

- دبلوماسي مخضرم

ويعد السفير الجديد عضواً مخضرماً في السلك الدبلوماسي للخارجية الأمريكية، وحاصلاً على شهادة الماجستير في الآداب من جامعة جورج واشنطن، وكان نائباً لرئيس البعثة في السفارة الأمريكية لدى تركيا (2008 - 2011)، ثم عمل بالسفارة الأمريكية في بغداد (2011 - 2013) ووزيراً ومستشاراً للشؤون السياسية، ومن ثم نائباً لرئيس البعثة.

كما عمل مستشاراً أقدم في مكتب وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى من العام 2013 - 2014، ثم سفيراً للولايات المتحدة لدى دولة الكويت من العام 2014 - 2016، وشغل أيضاً مناصب في كل من الأردن وهاييتي وباكستان وتونس وفي مكتب وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون جنوب أوروبا، منذ انضمامه للخدمة الخارجية في عام 1984.

ويرى محللون أن توقيت تغيير واشنطن سفيرها في بغداد قد يكون جزءاً من متطلبات ومهام المرحلة المقبلة، التي من المرجح أن تتمخض عنها تصفية لملفات الصراع في العراق في ظل استمرار التحشيد لمعركة استعادة الموصل من قبضة تنظيم "الدولة"، وكذلك سحب يد إيران ونفوذها من الملفات السياسية والأمنية على الساحة العراقية، وهو مطلب تتطلع إليه دول الخليج، لا سيما السعودية. لذلك، تشير الأوساط الدبلوماسية إلى أن سيليمان معروف بحنكته الدبلوماسية بإدارة أطراف النزاع، وتحريك الملفات الراكدة، ووضع حلول عبر المفاوضات.

وهذه التحركات الأمريكية في بغداد، تأتي في وقت طالبت فيه الخارجية العراقية الرياض بتغيير سفيرها في بغداد بعد سلسلة من التصريحات حول نفوذ المليشيات التي تدعمها إيران وتهديدها البعثات الدبلوماسية العاملة في البلاد؛ منها محاولة اغتيال "السبهان"، واتهام طهران بتأجيج الصراع بالمنطقة وإثارة الفتنة بين مكونات الشعب العراقي.

- نقطة صراع دولية

وحول التغييرات الدبلوماسية التي شهدها العراق مؤخراً، يعد السياسي والباحث في مجال العلاقات الدولية الدكتور عمر عبد الستار أن العراق نقطة صراع دولية بين أمريكا وإيران، وإقليمية بين السعودية وإيران، ويشير في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن الصراع على دور العراق وهويته من جهة، واستقراره الذي سيعود إلى استقرار المنطقة من جهة أخرى.

وفي الفترة الأخيرة، بدأ الملف العراقي الذي يعد واحداً من أهم ملفات المنطقة التي يشغل الرأي العام، يزاحم غيره في أجندة صنّاع القرار في السعودية، حيث ترى الرياض أنه دون رفع يد إيران وتفكيك "الحشد الشعبي" لا يمكن للعراق أن يستقر، حسب تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وسفير الرياض في بغداد ثامر السبهان.

- رد فعل متبادل

ويبدو أن تصريحات المسؤولين السعوديين عن دور إيران السلبي في العراق قد أزعج حكومتي طهران وبغداد في آنٍ واحد، ليس ضد "السبهان" فحسب؛ بل ضد سياسة السعودية في عهد الملك سلمان بالعراق والمنطقة، حسب عبد الستار النائب السابق في البرلمان العراقي، الذي يؤكد أن إيران تحاول عزل سنة العراق عن شيعته بصراع بين "داعش" والمليشيات التي تمولها وتدعمها من جهة، وعزل شيعة العراق عن العرب من جهة أخرى، وذلك ليبقى العراق حديقة خلفية لنفوذها دفاعاً عن حدودها ونظامها السياسي.

وفي المقابل، وبعد عزل واشنطن طهران دولياً ورفضها الانضمام إلى التحالف الدولي لقتال تنظيم "الدولة"، ربما تسعى الرياض إلى عزل إيران سياسياً عن قتال "داعش" وعزل شيعة العراق عن إيران، وهذه هي نقطة الصراع التي لا بد لها من حل وسط، حسب المراقبين، الذين يشيرون إلى أنه ربما تقوم أمريكا -عن طريق سفيرها في بغداد- بدور الوسيط بين السعودية وإيران، ليس في العراق فحسب؛ بل في المنطقة؛ من اليمن لسوريا للبنان والعراق.

- دعم أمريكي

من تلك المنطلقات، وتعزيزاً لموقف الرياض، يرى الدكتور عمر عبد الستار، أن واشنطن ربما تسعى إلى الدفع باتجاه دعم مواقف "السبهان" والحكومة السعودية ضد نفوذ إيران وتسلطها على القرارت السياسية والأمنية الاقتصادية في الحكومة العراقية، من خلال تبني سفارة واشنطن مواقف مقاربة لمواقف "السبهان" وتحفظات الرياض على تدخل طهران في الشأن العراقي؛ لأنه معلوم أن الرياض وواشنطن ترتبطان بحلف استراتيجي على عكس العلاقة بين أمريكا وإيران التي يشوبها الكثير من الغموض.

ويلفت عبد الستار النظر إلى أن واشنطن قد تسعى من خلال سيليمان إلى تحقيق رغبتها في أن تتحول إيران من خصم إلى حليف، وهذا يحتاج إلى دور المدير للنزاعات الإقليمية، وهو ما يمكن تحقيقه عن طريق سفيرها الجديد في بغداد، خصوصاً أن قرب تسوية الملف السوري دولياً وإقليمياً، ربما يلقي بظلاله على تسوية ملفات المنطقة في العراق واليمن ولبنان.

والحديث عن تسوية ملفات المنطقة -أهمها السوري- في أروقة المجتمع الدولي يأتي في وقت تحشد فيه الولايات المتحدة الأمريكية والقوات العراقية لاستعادة الموصل التي ستؤرخ لحقبة دولية جديدة، كما قال مبعوث أوباما للتحالف الدولي ألبرت ماكغورك قبل أيام، الذي أكد أن الأمر جدّي، وقد يكون العراق على أبواب حقبة جديدة تجُبُّ ما قبلها.

لذلك، يرى مراقبون أنه في حال لم تستجب طهران وأصرت على دورها وتدخلها في شؤون دول المنطقة – فإن إصرار السعودية، ومعها تركيا وبدعم أمريكا، على إنهاء فوضى المليشيات لا رجعة عنه، وإن كانت مليشيات إيران قد انزعجت من تصريحات "السبهان".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

493 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع