الاخوة والأخوات كتاب وقراء مجلة الگاردينيا المحترمين
تحية وتقدير
أن رئاسة تحرير مجلة الگاردينيا كان لزاما عليها أن تفي بوعدها الذي نوهنا عنه سابقا بنشر حلقات متعدده عن كتاب حكاية ذاكرة صوريه للدكتور حسين الأعظمي ،والذي كان لذاكرة الزمان والمكان دورا مهما في إعداد الكتاب ،وقد أستعان ليس بالتدوين المسبق إنما معتمدا على الصور التي أحتفظ بها منذ سنين ،وساعدته عائلته على أعادة الذكريات ،رغم قطار الزمن الذي غادر ولايعود ،لكن الذاكره مخزونة في ذهن المؤلف زميلكم الدكتور والفنان قارئ المقام العراقي الأصيل الدكتور حسين الأعظمي ،واليوم بأسمكم جميعا نقدم الحلقة (العاشرة - الباب الثاني - الفصل الثالث) ،وفقنا الله وإياكم لما فيه خيرا ....
جلال چرمگا
رئيس التحرير
حكاية هذه الصورة
عن جائزة الماستر بيس (A masterpiece)
إن الحديث عن مضمون الانجاز الكبير في فوز العراق بمسابقة جائزة الماستر بيس العالمية التي تقيمها منظمة اليونسكو A Masterpiece .. حديث ذو شجون .. ونظراً لمضمون هذا الحدث الكثيف في عملية إعداده ، فإنني أرى عدم الاسهاب في الحديث عنه والتركيز على أهم مضامينه وبصورة مختصرة .. لأنني أسهبت في هذا الموضوع في المقدمة الطويلة التي كتبتها للبحث المذكور ، حيث أنوي طبعه في كتاب خاص ونشره باللغتين العربية والانكليزية إن شاء الله ..
على كل حال ، فقد قـُدِّر لجهود مكثفة حقاً ، ليس جهودي وحدي ، بل جهود الفريق الكبير الذي إخترته وجمعـْتـُهُ لمساعدتي في هذه المهمة الوطنية والمسابقة الدولية ، فضلا عن مساعدة موظفي دائرة العلاقات العامة في وزارة التربية ، أن تأتي أُكلـَها ويفوز العراق بالجائزة العالمية المشار إليها أعلاه التي أعدَّتـْها منظمة اليونسكو العالمية التابعة الى الامم المتحدة ..
البحث باللغتين العربية والانكليزية ، والفلم الوثائقي ومدته أحد عشر دقيقة ، والـ CD أوديو ومدته ساعة كاملة غناءاً وتحليلاً علمياً وتقليدياً ، كل ذلك أنجزته بمساعدة الفريق الذي إخترته لمساعدتي في أقل من اسبوعين ..!!! إعتباراً من 15/8/2002 حتى يوم 28/8/2002 .. وسُلـِّم الى اليونسكو بباريس يوم 30/8/2002 .. !! وهو آخر موعد حدَّدتـْه اليونسكو لاستلام بحوث المسابقة ..! تأمل عزيزي القارئ الكريم ..! وعندما إقتنعت اليونسكو به وتم قبوله ضمن بحوث المسابقة ، أمضينا فترة اخرى في التنقيح والملاحظات والاعادات والترتيب وغــــير ذلك حتى تم كل شيء ..
أما فكرة البحث كله ، مع الفلم والـ CD اوديو ، فقد كانت تدور في محور واحد ، هو أن المقام العراقي باعتباره تراثاً غناسيقياً حضارياً إنسانياً يمثل تراث بلد يعد أقدم الحضارات البشرية ، أصبح في ظل ظروف الحروب والحصار الظالم الذي فُرض على العراق ، في خطر وركود واضمحلال مستديم ، حيث أصبحت الدولة في ظل هذه الظروف غير قادرة تماماً على الحفاظ في رعاية وحماية هذا التراث من الاضمحلال وربما الاندثار ..! فعلى المنظمات الانسانية ، وخاصة منظمة اليونسكو ، أن تسارع الى الحفاظ في رعاية وحماية هذا التراث وإنتشاله من وضعه البائس الذي أصبح فيه ..
من المفارقات النادرة ، أن ممثلية العراق في منظمة اليونسكو ، المتمثلة بشخص د. علي المشاط ، كلـَّفتني بإعداد البحث والفلم والـCD في وقت ميؤوس منه تماماً ، أو نستطيع أن نقول في الوقت الضائع ..! فقد كانت ممثلية العراق قد طلبت منذ عدة أشهر ، او ربما قبل زمن قارب السنة ، من اللجنة الوطنية العراقية للتربية والثقافة والعلوم في وزارة التربية والمرتبطة بمنظمة اليونسكو مباشرة ، تكليف أحد الباحثين العراقيين في شأن المقام العراقي يمكن المشاركة بجهوده في المسابقة العالمية التي أعدتها اليونسكو .. ورغم جهود اللجنة في إتصالاتها بوزارة الثقافة التي كلـَّفتْ بدورها أكثر من باحث في هذا الشأن ، إلا أن الجميع لم يكن يـُرضي ، أو ليس بالمستوى المطلوب حسب رأي ممثلية العراق في اليونسكو .. وهكذا ضاع وقت كثير ، بل ضاع معظم الوقت ، ولم تبقى سوى أيام قلائل ، مع كثافة ضغوط رئاسة الجمهورية بضرورة مشاركة العراق في هذه المسابقة ..! بل لابد من المشاركة ..! وفي اللحظات الاخيرة ، نصح الاستاذ الدكتور مازن عبد الحميد كاظم السامرائي عميد كلية الهندسة في جامعة صدام للعلوم الهندسية ، وهو قريب لي وصديق عزيز ، نصح صديقه د. علي المشاط بتكليفي بهذا الموضوع ، وقال له ، لا أحد يستطيع أن ينجز ما تريده غير حسين الاعظمي ..! رغم ضياع الوقت الكثير ..! وعليه ، إتصل بي شخصيا د. فهد سالم الشكرة وزير التربية زمنذاك ، في ظهيرة يوم 14/8/2002 .. وهو صديق قديم لي منذ بداية السبعينات .. حيث لم أعد الى البيت بعد ، ولكنه ترك هاتفه الشخصي منتظراً مكالمة مني .. وعندما عدتُ الى البيت قبل الثانية ظهراً ، إتصلت به ، وبعد السلام والكلام ، طلب مني الحضور الى مكتبه في التاسعة من صباح الغد لأمر مهم جدا ، دون ان يوضح لي اي شيء آخر ..!
في صباح اليوم الثاني 15/8 .. ذهبت الى وزارة التربية ، وفي الساعة التاسعة كنتُ في غرفة السيد الوزير ، وقد حضر أيضا د. علي المشاط .. وفي هذا اللقاء تم تكليفي بهذه المهمة ..
من المهم قوله ، أنني طبعاً إعتذرت من هذه المهمة التعجيزية ، حيث لا يمكن لأي عاقل الموافقة على إنجاز بحث وفلم وCD اوديو في اسبوعين ، حيث لا بد أن يكتمل كل شيء قبل 30/8/2002 ..! وهو الموعد النهائي لاستلام المشاركات الدولية .. ولكن الاصرار على المشاركة كان ملحاً ، بل أحسست أنه أمر ولا بد من تنفيذه والمشاركة مهما كانت المتاعب ..!!
عزيزي القارئ الكريم ، لا بد لك أن تتأمل كم هو صعب إكمال هذه المهمة في غضون اسبوعين ، أو أقل من ذلك .. بل تأمل كيف أنني إستطعت والفريق الذي عمل على مساعدتي في أن أجعل من الاحتمال الضعيف والميؤوس منه لضيق الوقت ، موقفاً نادراً في دحر كل الظروف وإكمال كل المهمة يوم 28/8 ومن ثم إرسال كل هذا الانجاز يومي 29 و 30/8 وهو الموعد الاخير الذي يمكن لليونسكو أن تستلم فيه المشاركات الدولية كما قلت سابقاً .. والأكثر من ذلك .. أن نكون على
موعد مع القدر الكبير ، وهو فوز العراق بهذه المسابقة من بين 813 باحث من كل دول العالم ، علماً أنني العراقي الوحيد بين الباحثين ..!!
على كل حال لابد أن نقول ، أن منظمة اليونسكو هي التي موَّلت المشروع كله بعشرين (20) ألف دولار ، علماً أنني أكملت كل شيء بـ ثلاثة آلاف ونصف الالف دولار ، وما زاد من الاموال التي كانت تحت تصرفي كلها ، وهي أكثر من أربعة أخماس المبلغ الذي رصَدَتـْهُ المنظمة لإنجاز المشروع ، أرجعـْتـُها كلها الى المنظمة تحت وابل من نصائح ونقد الكثير من الموظفين والاصدقاء بعدم إرجاعها ، على إعتبار أنها أتعابي ، وما عليَّ إلا أن أطفئها بوصولات وهمية شبيهة بإطفاء السِلـَفْ المالية ..! ولكنني لم أستطع ذلك ، حيث لم أعتد على مثل هذه المحاولات في حياتي وأخلاقي .. آملاً أن أستلم مكافأتي من ممثلية العراق في اليونسكو حسب الاتفاق على مبلغ (3000 ثلاثة آلاف دولار) .. وهكذا ضاع الخيط والعصفور ..!! فلا أنا إستفدت من أموال المشروع ، ولا أنا إستلمت أي شيء من الممثلية في اليونسكو ، والسبب كان موقف موظفي وزارة التربية الذين أرادوا الاستحواذ على نصف حقوقي المتفق عليها ، في حين أنهم كوفؤوا من قبل الوزارة على عملهم كموظفين ولا علاقة لإتفاقي مع الممثلية بهم من هذا الجانب ، وقد زاد الطين بلة ، الاحتلال البغيض ، حيث كان إعلان الامم المتحدة بفوز العراق في 7/11/2003 بباريس ..! أي بعد الاحتلال بستة أشهر تقريبا ..
على الاجمال ، لابد لي أن أهيب بموقف وزير التربية د. علاء الدين العلوان والمرحوم د. كمال رفيق الجراح الامين العام للجنة الوطنية العراقية للتربية والثقافة والعلوم ، وكل الوزارة ، حيث تم الاحتفاء بي وأقيم إحتفال كبير في قصر المؤتمرات رغم الظروف القاسية التي يعيشها بلدنا العزيز في ظل فوضى الاحتلال ، برعاية السيد الوزير ومسؤولي الوزارة ، وقد أدار الحفل الامين العام للجنة والمدير العام للعلاقات العامة في الوزارة المرحوم كمال رفيق الجراح .. وقد ألقى السيد الوزير كلمة بالمناسبة ، كذلك ، ألقت السيدة د. ميسون الدملوجي وكيلة وزارة الثقافة ، كلمة وزارة الثقافة بهذه المناسبة ، باعتباري شخصيا من وزارة الثقافة ، وألقى أيضاً المرحوم د. كمال الجراح كلمة اللجنة الوطنية العراقية للتربية والثقافة والعلوم ، وفي ختام هذه الكلمات نودي على المحتفى به ، لإلقاء كلمته بالمناسبة ، وهكذا أقف لأول مرَّة أمام مايكرفون منصة قصر المؤتمرات لأتحدث هذه المرَّة ، ثم أجريت مراسيم إستلامي شهادة اليونسكو وهديتها الرمزية من قبل السيد وزير التربية د. علاء الدين العلوان ..
أما الفصل الثاني من هذا الاحتفاء ، فقد كان غنائياً ، حيث قدمت فاصلاً غنائياً من المقامات والاغاني العراقية بصحبة فرقتي الموسيقية .. وفيما يلي الكلمة التي ألقيتها في هذا الاحتفال التاريخي قبل أن يبدأ الفصل الثاني من هذا الاحتفال ..
السيد وزير التربية د. علاء الدين العلوان المحترم
السيدة د. ميسون الدملوجي وكيلة وزارة الثقافة ، ممثلة الوزارة المحترمة
السيد الامين العام للجنة الوطنية العراقية للتربية والثقافة والعلوم
د. كمال رفيق الجراح المحترم
سيداتي سادتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن تكونوا بخير وأن تسعدوا بقضاء أوقات جميلة بربيع يتربع في ضمائرنا نحو أمل زاه لعراق آمن ومزدهر ..
سادتي الافاضل
في الوقت الذي يسرني إبداء شعور بالحبور والسعادة لنجاح بلدي الحبيب في منافسة دولية راقية من الطراز العالي .. إسمحوا لي أن أتقدم بشكري الجزيل لمن كان له الفضل وشرف المساهمة في هذا العمل الوطني ، وفي المقدمة بلا ريب وزارة التربية ممثلة باللجنة الوطنية العراقية للتربية والثقافة والعلوم ، المرتبطة بنفس الوقت مباشرة بمنظمة اليونسكو العالمية ..
واسمحوا لي أيضاً أيها السادة ، أن أذكر أهم الاسماء المساهمة فعلياً ، وهي نفس الاسماء التي وردت في كتاب الشكر الذي وجهه السيد وزير التربية لي ولهم ..
1 – د. كمال رفيق الجراح أمين عام اللجنة
2 – السيد لؤي العمري
3 – الموظفة خمائل حسين عبد الحافظ
4 – مديرة الحسابات هناء احمد غازي
5 – السيد مصطفى عبد الرزاق
وغيرهم من الجنود المجهولين ..!
سيداتي سادتي
لم أُمنح أكثر من فترة زمنية وجيزة جداً من الوقت ، لا تتناسب وحجم الفحوى والمضمون للبحث الذي قدمـْتـُهُ عن طريق اللجنة الوطنية مع فلم وثائقي لأكثر من عشرة دقائق ، وقرص CD اوديو مدته ساعة كاملة ، إحتوى على غناء نماذج لمجموعة من المقامات العراقية بصوتي وأصوات مجموعة اخرى من زملائي المغنين المقاميين ، مع شرحي وتحليلي لها .. وعليكم سادتي أن تتصوروا هذه الفترة التي لم تتجاوز الاسبوعين ..!!! إنها فترة قصيرة بالتأكيد ، بل تعجيزية تماماً .. بعد ذلك إستمر الأمر الى شهور اخرى للمراجعة والملاحظات والاعادات ، وكل ذلك مترجم الى اللغة الانكليزية .. وكل ذلك أيضاً تم بمساعدة أساتذتي وإخواني وأخواتي في اللجنة الوطنية وشعبة اليونسكو في وزارة التربية ، مساعــدة فعالة للغاية .. لقد كان شعوراً جماعياً موحداً لإتمام هذه الــــــــمهمة الوطنية التي نحتفل بها الآن ..
واسمحوا لي مرَّة اخرى أيها السيدات والسادة ، أن اشيد بالدور المهم لوزير الثقافة السيد مفيد الجزائري الذي تابع ويتابع لحد هذه اللحظة تطورات الموضوع باعتباره إنجازاً للجميع ، وقد بادر بتوجيه كتاب شكر وتقدير لي في وقت مبكر .. وكذلك أهيب بالدور اللامع لأخي العزيز وصديقي العتيد بيرج كيراكوسيان مدير عام دائرة الفنون الموسيقية الذي تحمل أعباء متابعة قضية تعمير الأبنية التراثية التي أشرتُ إليها في بحثي ، محمِّلاً مسؤولية صيانتها على عاتق منظة اليونسكو ، وخاصة منها صيانة معهد الدراسات الموسيقية الذي أتشرف بإدارته حالياً ، مع السيدة المجتهدة ناياب الدباغ ، وكيلة منظمة اليونسكو للشؤون الثقافية في العراق .. وقد أعلن السيد بيرج كيراكوسيان في كتاب رسمي عمـَّمهُ على جميع تشكيلات الدائرة ، بأنه الآن قد تم الاعتراف من قبل الامم المتحدة ومنظمة اليونسكو بالمقام العراقي تراثاً غناسيقياً لجغرافية العراق .. وبأنه تراثاً من تراث الشعوب المعترف بتراثها في الامم المتحدة .. وكان ذلك إعتماداً على ما ورد من كتب رسمية من اليونسكو الى وزارة التربية في بغداد وتعميم ذلك على الدوائر الثقافية في العراق ، وكذلك ما أعلن بباريس في يوم 7/11/2003 في منظمة اليونسكو ..
وهكذا نحصل على أول إنجاز تاريخي لتراثنا الغناسيقي على مدى عصوره الموغلة في القدم ..
دمتم سالمين .. ودام عراقنا بكل خير ..
حسين اسماعيل الاعظمي
مدير معهد الدراسات الموسيقية
31 /3/2004
*
أعزتي القراء الكرام ، انتهت كلمتي بهذه المناسبة ، ولايسعني في هذه الحلقة من حكاية هذه الصورة إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل لكل من وزارة التربية ووزارة الثقافة واللجنة الوطنية العراقية للتربية والثقافة والعلوم وجميع المؤسسات الفنية الغناسيقية ، ومنها معهد الدراسات الموسيقية وبيت المقام العراقي وإتحاد الموسيقيين العراقيين واللجنة الوطنية العراقية للموسيقى وغيرها ، ممن إحتفوا بي وأقاموا من أجل ذلك أماسي جميلة سأبقى أتذكرها ما حييت .. مع شكري الجزيل لكل من ألقى كلمة أو قصيدة بالمناسبة ، وشكرا آخر لكل الهدايا التي وصلتني ، وكل الاتصالات الهاتفية وغير الهاتفية مهنئة لي بهذا الانجاز ، وبذلك يكون الفوز للعراق وكل الشعب العراقي الأبي بكل ما تستطيع الكلمة إحتواءه من معنى .. والحــــــــــمد لله على كل شيء ..
ثمار الجائزة
الان أعرض على اخوتي وأصدقائي القرَّاء ، ما نتج أو ما أثمرت عنه جائزة الماستر بيس العالمية (A masterpiece) .. تاركاً بعض التفاصيل الى مجالات اخرى ..
عشنا جميعاً في العراق مآسي جرائم الاحتلال البغيض لبلدنا ، ولا احد يعلم ما جرى لمسابقة اليونسكو العالمية ، أو ماهي نتائج مسابقة اليونسكو (الماستر بيس العالمية) ..! وفي هذه الاثناء كنت قد أصبحت مديراً لمعهد الدراسات الموسيقية منذ تشرين الاول October عام 2003 .. تاركاً إدارة بيوت المقام العراقي لأخي وصديقي وتلميذي الفنان المؤدب موفق عبد الهادي البياتي ..
في صباح يوم 3/1/2004 السبت ، غادرتُ بغداد متوجهاً الى عمـَّان لبدء جولة فنية أوربية تشمل فرنسا وهولندة وبلجيكا وألمانيا لإقامة بعض الحفلات برفقة الفرقة العربية الموسيقية التي أعدها عازف آلة القانون العربية ، الفرنسي جوليان فايس ، تحت اسم (فرقة الكندي) تضمنت عازفين من بعض الدول العربية ، من العراق كان أخي الفنان محمد حسين قمر على آلة الجوزة ، ومن سوريا كان عازف العود محمد قدري دلال وعازف الناي زياد القاضي وعازف الرق ماهر المدلل ، ومن مصر العربية عازف الطبلة عادل شمس الدين ، فضلاً عن وجود العازف الفرنسي جوليان فايس على آلة القانون العربية ..!
في يوم 7/1 وصلت الى باريس لإقامة أول حفلة في هذه الجولة على مسرح المدينة الكبير (مسرح دو لافيل) ، وهو من أقدم المسارح الباريسية الكبيرة .. وذلك يوم 12/1 .. وقد سبق لي ان غنيت على هذا المسرح الشهير اكثر من مرة (مسرح دو لافيل) .. وقبل هذا اليوم ، كنتُ قد إستعنت بالسيد المحترم أمير الحلي المقيم في باريس منذ أكثر من أربعين عاماً ، الذي تشرفت بمعرفته في باريس كانون الثاني January عام 1995 .. وهو رجل بمثابة الأب ، إستعنت به في الاتصال بمنظمة اليونسكو والسؤال عن نتائج مسابقة الماستر بيس .. وهكذا إضطررت الذهاب الى اليونسكو في نهار يوم 12/1 وهو يوم حفلتي في مسرح المدينة .. حيث يفترض أن لا أخرج فيه لأخلد للراحة التامة ، ولكن لاحيلة لي ، ولا وقت لي غير هذا اليوم ، فقد كان لابد من سفري الى هولندا في الصباح الباكر من يوم غد 13/1 لأقامة حفلة اخرى في مدينة اوترخت الهولندية .. وفي نهار هذا اليوم 12/1 تفضل أخي وصديقي المهندس سالم ناجي وأخذني بسيارته الى اليونسكو ..
أخي القارئ العزيز ، في زيارتي هذه للمنظمة حديث كثير ومثير في قيمة الانجاز ، وأعتقد أنه يفوق التصورات ، وما دمتُ قد كتبتُ كل التفاصيل في مقدمة الكتاب الذي أنوي طبعه ونشره قريباً ان شاء الله ، الذي يتضمن كامل البحث الفائز بجائزة الماستر بيس ، أرى أن أكتفي بتدوين ما حدثتني به السيدة جانيت ، أرمنية تركية الاصل وكندية الجنسية ، التي تتحدث اللغة العربية بطلاقة ، وهي المسؤولة المباشرة في شؤون المسابقات أو ما شابه ذلك من عنوان وظيفي في منظمة اليونسكو ..
قالت لي السيدة جانيت ..
1 – أنت الباحث الوحيد من العراق ..
2 – عدد البحوث التي قدمت للمشاركة من معظم أقطار العالم بلغ 813 بحثاً ، طبعاً مع الفلم والـ CD اوديو ..
3 - 200 ماءتي باحث ونيف من حاملي شهادة الدكتوراه ، وأكثر من 300 ثلاثمئة باحث من حاملي شهادة الماجستير ، والباقي من حملة شهادات البكلوريوس وما دون ..!
4 – قُدمتْ البحوث الى أول لجنة دولية ، حيث أخرجت الكثير من البحوث خارج المسابقة في عملية تصفية اولى للبحوث ، بحيث بقي 165 مئة وخمسة وستون بحثاً ..
5 – قـُدمتْ البحوث المتبقية وهي 165 بحثاً وفلما وثائقيا و CD اوديو الى لجنة دولية اخرى ، فأخرجت 100 مئة بحث خارج المسابقة ، مبقية ً 65 خمسة وستون بحثاً ..
6 - قـُدمت البحوث المتبقية وهي 65 خمسة وستون بحثاً مع الافلام الوثائقية وسيديات الاوديو ، الى اللجنة الدولية العليا للتصفية النهائية ، وقد أسفرت هذه التصــفية عن فوز بحث العراق في هذه المسابقة العالمية ..
النتائج التاريخية والمعنوية للجائزة
1 – إعتراف الامم المتحدة ممثلة بمنظمة اليونسكو ، بتراث العراق الغناسيقي (المقام العراقي) ، تراثاً عراقياً يمثل الحدود الجغرافية العراقية المعروفة ، من البصرة في أقصى الجنوب حتى زاخو في أقصى الشمال ..
2 – أصبح تراث المقام العراقي الغناسيقي (المقام العراقي) بعد هذه الجائزة ، تراثاً من ضمن تراث الشعوب الانسانية المعترف بها والمعتمدة في الامم المتحدة ، لوضوح أبعاده وحدوده وتاريخه الموغل في القـــــــــــــدم وإنتمائه الأكيد لحدود جغرافية العراق المعروفة ..
– أصبح العراق ، البلد رقم 47 في تسلسل الدول الفائزة بهذه الجائزة ، وكذلك يكون الباحث العراقي حسين اسماعيل الاعظمي ، الباحث رقم 47 في تسلسل الباحثين العالميين الفائزين بهذه الجائزة ..
مشاريع فنية
– إنشاء مدرسة المقام العراقي في بغداد بتمويل منظمة اليونسكو ، ويديرها الباحث حسين الاعظمي ، ويرصد لأجل ذلك مليوني دولار للسنوات الثلاثة الاولى فقط ، من الخطة العشرية التي جاءت في البحث الفائز .. واذا ما نجح المشروع ، سوف تكمل المنظمة تمويلها بقية السنوات السبع ..
2 – مشروع أرشفة وتوثيق كل ما يعني تراث المقام العراقي ، صوتياً وصورياً وكتابة ًوتاريخاً .. وقد رُصـد لهذا المشروع مليون ونصف المليون دولار ..
3 – صيانة وتعمير كل المناطق الأثرية العراقية التي أصابها بعض الاهمال نتيجة الحصار المفروض على العراق ، والتي اوردها الباحث في بحثه ، حيث رصد مليونا دولار لأجل ذلك ..
لابد من الاشارة الى بعض ما ورد في هذه النتائج .. فاعتراف الامم المتحدة بتراث العراق الغناسيقي (المقام العراقي) تراثاً يمثل حدود جغرافية العراق المعروفة ، يعد أكبر إنتصار فني حقيقي لموسيقى وغناء العراق على مدى عصوره الموغلة في القدم .. وبذلك تنتهي الى الأبد ، كل الأقاويل المغرضة التي تقول ، أو تنوه على أن المقام العراق ليس عراقياً أو ما شابه ذلك من أقاويل واهية .. ويؤكد ذلك أيضاً ، إعتماد الامم المتحدة لتراث المقام العراقي ، من تراث الشعوب الانسانية المسجلة رسمياً في الامم المتحدة ، وبما تسمى بـ عبقرية الشعوب .. ومن حيث انه فوز وإنجاز تاريخي عراقي دولي وعالمي ، فإنه يكفي أن يشار الى تسلسل الرقم 47 مع الدول وباحثيها الفائزين بهذه الجائزة التي يبدو أنها بدأت مسابقاتها منذ اكثر من نصف قـــــــــرن ..! وهذا يعني ان هناك الكثير جدا من تراثات الشعوب الغناسيقية غير معترف بها في الامم المتحدة ، وهذه الحقيقة اكتشفناها من خلال هذا الفوز الكبير للعراق وللباحث حسين اسماعيل الاعظمي ..
أما بالنسبة الى المشاريع الفنية التي تمخضت عن فوز العراق بالجائزة المذكورة أعلاه ، فإنها متوقفة بسبب الوضع الامني الفالت في العراق ، الناتج عن الاحتلال البغيض ، والمنظمة غير مستعدة لصرف المبالغ في ظل هذا الوضع حسب ما أعلمتني به المنظمة .. ولكنها ولضرورة إستمرار الدراسة في معهد الدراسات الموسيقية الذي يأخذ على عاتقه تدريس وتعليم المقام العراقي ، وكوني أصبحت مديراً لهذا المعهد ، وهو الذي تعرض للنهب والسلب ابان الاحتلال البغيض ، فقد اقترحتُ على وزارة الثقافة بارسال كتاب رسمي الى منظمة اليونسكو ، على ان ترفق نسخة من شهادة الفوز التي تسلمتها من السيد وزير التربية د. علاء العلوان في حفل قصر المؤتمرات في 31/3/2004 ، تطالب فيه وزارة الثقافة من منظمة اليونسكو صيانة ودعم كل نواقص المعهد ، واعتبار ذلك جزء من مهمات المنظمة حسب ما ورد في تعداد ثمار هذه الجائزة التي اعلنتها المنظة ..
وما هي الا ايام او اسابيع قليلة حتى عملت المنظمة مشكورة على صرف 250000 مائتي وخمسين ألف دولار لترميم وصيانة المعهد الذي تعرض للنهب والسلب والتخريب ، وأجــِّلتْ المشاريع الباقية الى الظروف الامنية المستقرة إن شاء الله ..
والصور أعلاه ضمن سلسلة حكاية هذه الصورة ، فإنها تمثل جانباً من الاحتفالية التي أقامتها وزارة التربية ببغداد في قصر المؤتمرات نهار يوم 31/3/2004 ، إحتفاءاً بفوزي بالجائزة وتقديراً لجهودي في هذا الفوز .. وصورة اخرى ، أظهر أنا وبعض أعضاء فرقتي الموسيقية على مسرح قصر المؤتمرات ، حيث قدمتُ فاصلاً غنائياً مقامياً بالمناسبة .. وصورة اخرى اظهر فيها الاول من اليمين ، ثم السيدة ميسون الدملوجي وكيلة وزارة الثقافة ، ثم السيد وزير التربية د. علاء العلوان ونحن نستمع الى إحدى الكلمات التي ألقيت في هذه الاحتفالية ..
وللحلقات صلة
حسين الاعظمي
عمـَّان
31/3/2008
هدية الحلقة
للراغبين الأطلاع على الحلقةالسابقة:
http://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/qosqsah/23373-2016-04-25-22-24-06.html
668 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع