ظرفاء بغداد .. صادق الأزدي صاحب مجلة (القرندل)

    


ظرفاء بغداد.. صادق الازدي صاحب مجلة (قرندل)

               بقلم :حسين الكرخي / كاتب راحل

       

        

هو صادق بن محمد بن قدوري بن خضر الازدي – بفتح الهمزة – نسبة الى قبيلة ازد اليمانية. والده محمد من مواليد الموصل، اما صادق فمن مواليد بغداد سنة 1918م في محلة (المجارية) من رصافة بغداد ونشأ في محلة القره غول القريبة من (المجارية)

ودرس القرآن الكريم لدى كتاب الملا ابراهيم الواقعة في محلة (كوك نز) واصل التسمية (كوك لازار) اي قطيعة لازار وانما سميت بهذا الاسم لان ضابط مدفعية السلطان مراد العثماني الذي دحر الجيش الفارسي وفتح بغداد كان ارمنيا يدعى (لازار) طلب الى السلطان ان يقطعه ارضا ببغداد يبني عليها كنيسة فاقطعه هذه القطعة فبنى فيها كنيسة للارمن الارثودكس وبنى الناس حولها وسميت المحلة، كوك لازار، ثم حوره البغداديون الى الاسم الشائع الحالي وكان بيت المرحوم الرصافي مجاورا لهذا الكتاب.
دخل مدرسة التفيض الاهلية عام 1925 – 1926 وكانت تحتل بناية امام مبنى القشلة ثم قام مديرها السيد حسين العاني بانشاء بنايتها الجديدة في العاقولية....

               

وقد وضع الملك فيصل الاول حجر الاساس لها تخرج في الابتدائية ودخل مدرسة الصناعة – قسم النجارة – عام 1931 وفي المرحلة هذه كان يقرا الصحف الفكهة وظل كذلك فقرا جرائد الكرخي وحبزبوز وما يكتبه نوري ثابت في (البلاد) وعندما صدرت جريدة (الناقد) لميخائيل تيسي ارسل اليها كلمة ولما قراها منشورة في العدد التالي لم تعد الدنيا تسعه من الفرح...

       

وبعد انقلاب بكر صدقي عمل مصححا في جريدة (الدفاع) التي اصدرها سركيس صوراني وصارت تنطق بلسان قائد الانقلاب وبعد اغتيال بكر صدقي في الموصل تم نفي صوراني الى سورية وفي الصف الرابع من مدرسة الصناعة عمل في جريدة (الكشكول) التي اصدرها حمادي الناهي بعد انفصاله عن جريدة حبزبوز ثم تركها وعمل محررا في جريدة (بالك) التي اصدرها عبد الحميد فخري ثم تحول اسمها الى (العهد الجديد) وبعد ان انهى دراسته في الصناعة عمل في سلك التعليم بعدها دخل دار المعلمين الريفية وكان من اساتذتها العرب علي حيدر الركابي ومحمد النقاش وبدوي الجبل وفي تلك الاثناء كان ينشر مقالاته الفكهة في الجرائد البغدادية فنصحه اساتذته بترك التعليم ومزاولة الصحافة وهكذا فعل عام 1940 فعمل في جريدة (النديم) لصاحبها ناصر جرجيس ولما قامت حركة مايس الوطنية عام 1941 عمل في جريدة (النهار) لصاحبها عبد الله حسن ثم عمل في جريدة (الاخبار) لصاحبها جبران ملكون الى عام 1952 ....

  

وكان قبلها قد اصدر مجلته المعروفة (قرندل) عام 1947 واذكر انني نشرت فيها الفصل الاول من كتابي (مجلس الادب في بغداد) استمرت هذه المجلة حتى عام 1958 حيث الغي امتيازها وكانت قبل ذلك قد عطلت خمس مرات وفي الثامن من ايلول 1958 توقفت تماما عن الصدور و(قرندل) هذا معروف في الحكايات الشعبية العراقية وهو الذي يجهد نفسه في خدمة الاخرين ثم يحرم من ذرة جهده بهذا المعنى الطريف وجه الشاعر علي الخطيب هذين البيتين الى الازدي:
اذا كبة كان الغداء وجدتني
انوء به دقا وما منه ااكل
فان كان دق قيل اين قرندل
وان كان اكل قيل نام قرندم
واحسب ان الكلمة محورة من (قلنر) والقلندرية فرقة دينية عرفت في العهد العباسي ورد ذكرها في رحلة ابن طوطة مرة بصورة قلندرية واخرى بصورة قرندلية وحدثنا العلامة محمد رضا الشبيبي في كتابه (اصول الفاظ اللهجة العراقية) ان بعضا منهم كانوا يحلقون لحاهم وحواجبهم وشواربهم قال السراج الوراق:
عشقت من ريقته قرقف
وما له اذ ذاك من شارب
قلندريا حلقوا حاجبا
منه كنون الخط من كاتب
سلطان حسن زاد في عدله
فاختار ان يبقى بلا حاجب
وعمل الازدي بعد احتجاب مجلته عدة جرائد منها:

العقد الجديد، العرب، الجماهير، الجمهورية وغيرها وفي عام 1974 تقاعد ولكنه بقي يرفد جريدة (العراق) ومجلة (المرأة) بمقالاته الشائقة ومما يجدر ذكره انه عمل في العهد الملكي كرئيس تحرير في اوقات مختلفة لجرائد (اخبار المساء) لمهدي الصفار و(الحوادث) لعادل عوني كما حرر في (العهد الجديد) لعدنان القاضي و(فتاة العرب) لمريم نوة و(صوت الشعب) ليوسف هرمز و(الناشئة الاسلامية) لعبد الباقي العاني وغيرها وكان صاحب جريدة (الصحافة) واحد اصحاب جريدة (المنار).

    

  
من طريف ما ذكره الاستاذ سعاد الهرمزي في واحدة من مقالاته عن ابي جعفر قوله:
اشتهر بطول انفه، وقد دعي يوما للغداء عند احد اصدقائه وفيما هو جالس لاحظ الداعي ان ابنه الصغير دائم التطلع الى انف الضيف فخشي ان يبدي الطفل ملاحظة تؤلم الازدي فظل يحملق في وجه طفله كلما هم بالكلام واخيرا قال الطفل:
- لا تخف يا ابي فانني لن اقول شيئا عن انفه فقط اتفرج عليه!؟
بقي ان تعرف ان ابا جعفر يهوى الطرافة ويجيد حبك النكتة وله نوادر وتعليقات ومبادهات كثيرة اذكر منها ما يلي:
* تعرف على احد وزراء العهد السابق الذي اشتهر بالبخل وذلك في احد فنادق دمشق فقال للازدي شاكيا انه لم انم البارحة حتى الصباح من اصوات الصراصر المزعجة في الغرفة فضحك ابو جعفر وقال له.
- "مولانا"! لعد تريد يجيبولك محمد عبد الوهاب يغنيلك للصبح بثلاث ليرات التدفعها يومية؟.
* كان – مرة – يشتري (الزوزوات) من سوق الفضل فصادف احد الممسكين من ابناء محلته يعامل على البيض وقد تعرق جبينه فقال له:
- ابو جاسم! "اشوف لو ترجع للبيت وتجيب لك كاسة وياك!؟ فساله :
- ليش ؟ فاجابه – اكو اعرابية دتبيع البيضة الصحيحة بعشرين فلس والمكسورة بخمسصطعش خلي تحطلك جم بيضة مكسورة بالكاسة".
* كان مركب الاسنان المرحوم عبد الكريم المراياتي يعالج اسنان الازدي وذات يوم حدثه المراياتي عن زبون اختلف معه على الاجرة بعد ان صنع له (طخما) فاحتدم النقاش واذا بالزبون يعضه بالاسنان التي صنعها له فضحك ابو جعفر وقال – هاي تتسجل! انت اول واحد ينعض بسنونه!!
* عندما الزمت احدى الحكومات بعض المنتمين الى احد الاحزاب بنشر (براءة) في الصحف كان من بين النابذين الشاعر حسين مردان وفي مساء اليوم الذي تم فيه نشر البراءة التقى الازدي بصاحبه حسين مردان فقال له:
- ابو علي: هاليوم من الصبح وانت على بالي! فساله – لويش يابه اني على بالك ؟ فاجابه – قريت لك قصيدة اليوم بعنوان (براءة) والى هسه انت على بالي.
* زار الصحفي صبيح الغافقي – رحمه الله – زميله الازدي في ادارة مجلة (قرندل) فاتعبه السلم فقال – ابو جعفر! "الواحد لما يجي عليك يخاف لا يوكع من الدرج وتنكسر رجله" ! فاجابه – استاذ صبيح لا تدير بال اذا تنكسر او تنفصخ رجلك المجبر الفني جلال شاكر مو بعيد يداويك بلاش فماكو حاجة تفكر بهالمسألة؟!".
* وهذه نادرة وان لم تكن له ولكنها حصلت في ادارة احدى الجرائد التي يعمل بها الازدي تستحق الذكر – كان الصحفي الياس وزير معروفا بين زملائه بالطرونة كالمرحوم عبد المسيح وزير وذات يوم زار الازدي في مقر عمله وكان الصحفي المعروف محمد حامد هناك وروى محمد اثناء وجوده انه اشترى ساعة سويسرية منبهة بخمسة دنانير واذا بالياس وزير يقول له "غلبوك هواية!".
فساله محمد – شلون استاذ".
فاجابة – جيراني اشترى دوه (دواء) سويسري منبه للاعصاب بنص دينار بس؟
عن كتاب مجالس بغداد

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

522 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع