هوايات الملك فيصل الثاني
بقلم وسام الشالجي:تتميز حياة الملك الشهيد فيصل الثاني على قصرها بمرحلتيتن مهمتين , الاولى تبدأ من وفاة والده المرحوم الملك غازي لغاية تتويجه عام 1953 , والثانية تبدأ بعد التتويج حتى مصرعه رحمه الله في 14 تموز 1958 . وقد تربى الطفل ثم الفتى اليافع ثم الصبي ثم الشاب فيصل الثاني تربية ملوك واعد بعناية ليكون قائدا لوطنه , لكن حياته ظلت في نفس الوقت تشابه حياة أي انسان في هذه المراحل من العمر , أذ كان يمتلك نشاطا كبيرا ولديه هوايات واهتمامات عديدة .
وكانت والدته الملكة عالية رحمها الله تحرص على ان لا يشعر الطفل بالتميز لكونه ملك , لذلك كانت تطلب من الجميع معاملته بشكل طبيعي كأي طفل أخر وفي الواقع هو لم يعرف بانه ملك الا بعد ان بلغ الثانية عشر من العمر , حيث وجد احد الحراس يناديه باسم (مولانا) , فقال له لماذا تدعوني (مولانا) فأجابه لانك ملك . عندها ذهب فيصل الى أمه وسالها عن الامر فصرحت له لاول مرة بانه فعلا ملك .
اولى هواياته الطفولية والتي بقيت معه حتى الكبر كانت حبه للكلاب وحبه لتربيتها.
الهواية الثانية للملك فيصل الثاني التي بدأت معه منذ الطفولة هي حبه للفروسية وركوب الخيل حتى وهو لا يزال طفل صغير , ولا سيما تلك الخيول التي تستعمل في السباق وتسمى خيول (السيسي) . وقد ادرك والده المرحوم الملك غازي ولعه بهذه الهواية فراح ينميها في نفسه لعلمه بان الفروسية هي من الصفات العربية الاصيلة . غير ان اصابة الملك فيصل الثاني بالربو في مراحل مبكرة من عمره جعلت الاطباء يمنعونه من ركوب الخيل فحرم من هذه الهواية الرفيعة.
لقد كان فيصل الثاني الشاب يشبه اي شاب مقبل على الحياة في مثل سنه , وقد كان يحب السيارات الحديثة والقديمة ويهوى اقتنائها وقيادتها , ويبدوا من الصور بان حبه لقيادة السيارات كان مزروعا في نفسه منذ الصغر . وحين كبر فيصل وتوج ملكا على العراق اقتنى بعض السيارات حسب ما تسمح له مدخولاته ,
من بينها سيارات من طراز(بيوك) موديل 1953 وسيارة (بنتلي) موديل1956 و سيارة (كاديلاك) موديل 1953 وسيارة (كونتينتال) موديل 1953 .
وهناك رواية غير مؤكدة تقول بان فيصل الثاني اراد في احدى المرات شراء سيارة جديدة اعجبته ولم يكن معه ما يكفي من مال لدفع ثمنها فاستدعى وزير المالية طالبا ان يمنحه قرض يسدد من خلال تقسيطه على رواتبه . اعتذر منه الوزير لأن الميزانية قد اقرت وليس فيها منفذ يسمح له بان يمنحه القرض , لكنه وعده بان يسهل له ها الامر في العام القادم وقد فرح فيصل بهذا الوعد . وبعد فترة ولدى مروره في شارع الرشيد ، شاهد سيارة متوقفة امام محلات اورزدي باك تشبه السيارة التي كان يريد شرائها فتوقف وترجل واخذ ينظر بأعجاب الى السيارة المتوقفة ، وهنا جاء مالك السيارة وحياه وعرض عليه ان يتكرم بقبول السيارة هدية منه إن كانت تعجبه فشكره الملك وقال له : ان حكومتنا الرشيدة وعدتني بان تخصص لي مبلغا لشراء مثل هذه السيارة في العام القادم وانا اثق بوعدهم .
وربما تكون صورة الملك واقفا الى جانب السيارة التي اشتراها من هذا القرض , اذ يبدوا فرحا جدا باقتنائها .
من ناحية اخرى كان الملك فيصل الثاني رحمه الله يهوى السباحة كما كان يهوى التزلج على المياه وله مغامرات عديدة في التزلج بنهر دجله وبحيرة الحبانية ومياه مضيق البسفور على شواطيء اسطنبول .
لقد كان حبه للماء طاغيا متمثلا بالسباحة والتزلج والزوارق والبواخر وكل شيء يتعلق به . لذلك كان من اجمل الاوقات عنده هي رحلاته على متن الزوارق او على متن اليخت الملكي (عالية) , والذي سافر به الى مناطق عديدة من بينها رحلته به الى اسطنبول حيث تعرف على خطيبته الأميرة فاضلة واثناء تلك الرحلات كان الملك ينزل الى الماء ويمارس السباحة او التزلج .
ومن الهوايات الرفيعة الاخرى التي كان يمارسها الملك الراحل فيصل الثاني رحمه الله باتقان ومعرفة هي الرماية , فقد كان جلالته راميا ماهرا بمختلف انواع الاسلحة الخفيفة واليدوية .
وكان رحمه الله يشارك في مباريات الرماية التي كانت تنظم بمختلف الاسلحة , القصيرة المدى منها والبعيدة وكان يتفوق على منافسيه لما يتمتع به من دقة ومهارة فائقتين في التصويب .
كما كان الملك الراحل صيادا ماهرا قليل ما يخطأ هدفه وكان ينظم باستمرار رحلات خارجية للصيد يدعوا فيها اصدقائه ومعارفه حيث كانوا يمارسون صيد الثعالب والخنازير البرية . كما كان يحرص على حضور اي دعوة من هذا القبيل توجه اليه من قبل رؤساء العشائر .
كان الملك الشاب فيصل الثاني يحب الرسم بشدة اذ كان يهوى أن يرسم اللوحات الفنية . وقد ولع الملك الشهيد بهذه الهواية منذ صغره ولديه رسومات لطائرات وسيارات ومناظر طبيعية رسمها الملك بنفسه عندما كان لايزال طفلا صغيرا في المدرسة الابتدائية عرض بعضها مؤخرا اثناء المعرض الذي اقيم في بغداد لمقتنيات العائلة المالكة العراقية . وحين كبر جلالته أقام معرضا فنيا في لندن بأنكلترا عرض فيه بعض أعماله التي تظهر مهارته في الرسم والتي اعجب بها المشاهدين . كما كان جلالته يحب ان يرسم من قبل الرسامين ويفضل ان تظهر له صور مرسومة بدلا من الصور الفوتوغرافية , وهناك العديد من الوحات الشخصية له قام برسمها له بعض الرسامين .
كما كان فيصل الثاني ككل الملوك والامراء يهوى الهواية الراقية والرفيعة وهي جمع الطوابع البريدية .
وكان من هوايات الملك الشهيد ايضا ممارسة لعبة الشطرنج حيث كان يمارس لعب هذه اللعبة باستمرار . وتعبيرا عن تطلعه للحياة وحبه للنشاطات العصرية كان الملك الشاب يهوى السينما وله علاقات وطيدة ومراسلات مع بعض الممثلين الانكليز والامريكان , خاصة الممثل (روبرت تايلر) .
وكان لديه قا عة عرض خاصة في قصر الزهور يذهب اليها باستمرار لمشاهدة أخر الافلام السينمائية .
وفي الغناء كان الملك فيصل الثاني يحب الفنان فريد الاطرش وله صور عديدة معه , كما كان من هواة المقام العراقي وقد أمر شخصيا بتكريم مطرب العراق الاول (محمد القبانجي) من خلال منحه وسام الرافدين من الدرجة الثانية . كما كان جلالته يحب موسيقى الجاز الامريكية التي شاعت في خمسينيات القرن الماضي , بينما لم يكن يميل ابدا الى الموسيقى الكلاسيكية . كما كان ولعا برياضة المصارعة وأساليب الدفاع عن النفس فقد أطلع وهو طالب في كلية هارو في بريطانيا على العديد من الكتب والمجلات الرياضية لاسيما تلك التي تبحث في أمور الكارتيه والجودو والدفاع عن النفس , حتى تملكت نفسه رغبة في ان يتحدث عن هذا الموضوع وينقل خبراته التي تعلمها الى الاخرين لقناعته بأن جميع شباب العرب والعراقيين بصورة خاصة بحاجة إلى مثل هذا الكتاب لانه سيفيدهم في تعلم أساليب الدفاع عن النفس . وبالفعلألف جلالته كتابا بعنوان (أساليب الدفاع عن النفس) عام 1951 طبع منه 50 نسخة اهداها الى الملوك والرؤساء وعلى رأسهم عمه الملك عبد الله ملك الاردن . كما اهدى نسخة منه ايضا الى جامعة الدول العربية متأملا بان تعاود طبعه وتوزعه مجانا على الشباب في البلدان العربية , لكن ذلك لم يحدث أبدا .
903 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع