الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
أستاذ مُتمرِّس/ جامعة الموصل
عائلة الحَسُّو في الموصل- الجزء الأول
الشيخ عبد الله محمد الحَسُّو: هو (عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حَسُّو بن خطاب)، تنتمي أسرته إلى (البو علي)؛ وهم فخذ من قبيلة العبيد. وكلمة (حَسُّو) مأخوذة بالأصل من (حسن).
الشيخ عبد الله الحَسُّو (1890-1960م) من رجال الدين المعروفين في الموصل، وكان من كبار علماء الموصل ومن الشيوخ الأعلام فيها وله العديد من المؤلفات الدينية، وكان يُعد مدرسة فكرية دينية بحد ذاتها. وهو من مواليد محلة الجولاق وكان بيتهم قريبا الى الجامع النوري الكبير.
سكنت عائلة الشيخ عبد الله الحَسُّو محلة (شهر سوق) (شغسوق)، وكان له جهود طيبة في المجال الديني على مستوى العراق والعالم الإسلامي.
صدرت الارادة المَلكية باختيار الشيخ (عبد الله بن محمد الحَسُّو) خلفا لشيخ شيوخ الموصل العلّامة الجليل الشيخ محمد الرضواني (1852م-1942م)، وكان الشيخ محمد الرضواني رحمه الله قد اختار الشيخ عبد الله الحَسُّو بُعيد نيله الاجازة العلمية منه ليُدرّس الى جانبه، حيث كان كل منهما يأخذ جانبا من قاعة الدرس للتدريس، وكان ذلك تشريفا كبيرا للشيخ عبد الله الحَسُّو من قبل أستاذه.
خلّف الشيخ عبد الله الحَسُّو أربعة أبناء وابنتين؛ وهم جميعا من مواليد محلة شهر سوق، وهم على التسلسل: محمد الحَسُّو ثم عبد الرحمن الحَسُّو رحمهما الله، ثم الأستاذ الدكتور أحمد الحَسُّو، ثم المهندس والفنان التشكيلي سالم الحَسُّو. وللشيخ عبد الله الحَسُّو ابنتان هما السيدة الفاضلة أم عبد المحسن الأربيلي والسيدة الفاضلة أم ريان؛ وهي والدة الشيخ الدكتور ريان توفيق.
ولده الأول (محمد الحَسُّو) كان من رجال الدين؛ (وهو شاعر وأديب ولغوي) وقد دخل المدرسة الرضوانيّة بتاريخ 1940/12/4 وتخرّج منها بتاريخ 1943/10/25، وبعد ذلك أوفد إلى الأزهر الشريف في مصر لإكمال دراسته الدينية. والتحق بكلية اللغة العربية لدراسة علوم اللغة وآدابها، وقد تخرج منها سنة1947م ومُنح َ الدرجة العلمية.
وولده الثاني الدكتور عبد الرحمن الحَسُّو طبيب حاصل على شهادة الاختصاص في موضوع الباثولوجي السريري؛ وقد حصل على شهادة الدكتوراه في مجال علم الأمراض (الباثولوجي) وعمل في المستشفيات التعليمية اثناء الدراسة واكتسب الخبرة العالية في مجال اختصاصه. وبعد العودة من الدراسة عمل في المستشفيات الحكومية والمستوصفات والعيادات والتعليم الطبي، كما كان لدية مختبرا في الموصل يحمل اسمه.
وولده الثالث هو المؤرخ والشخصية الإعلامية والأكاديمية الأستاذ الدكتور أحمد الحَسُّو، أما ولده الرابع فهو الشخصية العلمية الهندسية سالم الحَسُّو.
لقد درس عبد الرحمن الحَسُّو في متوسطة العدنانية، ودرس أحمد الحَسُّو في مدرسة الوطن ثم في متوسطة الحدباء، أما عبد الله الحَسُّو وسالم الحَسُّو فقد درسا في المتوسطة المركزية بجوار جامع النبي شيت.
سننفرد بنشر سيرة الدكتور أحمد الحَسُّو، كما سنخصص تفاصيل مثيرة عن الشقيق الأصغر الأستاذ سالم الحَسُّو إن شاء الله تعالى.
الدكتور أحمد عبد الله الحَسُّو:
الدكتور أحمد الحَسُّو شخصية موصلية نشطة متعددة المواهب، فهو أستاذ جامعي ومؤرخ وشاعر وصحفي وإعلامي ومذيع، كما كان مرافقا صحفيا لكل من الرئيس عبد السلام محمد عارف (1921 - 1966م) وأخيه الرئيس عبد الرحمن محمد عارف (1916 - 2007م).
أحمد الحَسُّو من مواليد محلة (شهرسوق) في الموصل سنة 1937 وحاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من جامعة (سنت أندروز) في بريطانيا.
ولد أحمد الحَسُّو في دار مجاورة لجامع عمر الأسود (جامع شهرسوق)، وتعلم القراءة والكتابة وقراءة القران الكريم على يد ملا محمود أفندي في كتّابه بمسجد (الشيخ شمس الدين) في محلة باب جديد ( باب عغاق) بالموصل.
ولمسجد (الشيخ شمس الدين) خصوصية خاصة في الموصل، حيث يقع في الجهة المقابلة لبيت شيخ القُراء وشيخ الموسيقيين العرب المُلا عثمان الموصلِيّ (1854-1923م) وكان المُلا عثمان يتخذه مقرا له. كما أفاد أحمد الحَسُّو في استكمال قراءة القران الكريم اتقانا وتجويدا عند الملا أسعد الذي كان يتخذ من سرداب مسجد (الشيخ شمس الدين) كتّابا له.
وحيث أن والد أحمد الحَسُّو كان من رجال الدين، فقد حرص على اصطحاب أبنائه لحضور دروس الشيخ الجليل محمد الرضواني (1852-1942م) فجر كل يوم في المدرسة الرضوانية التي كان هو مديرا لها ومدرسا فيها. لقد مكّن ذلك أحمد الحَسُّو من حفظ جزء من (ألفية ابن مالك) في النحو، وقد دربه والده على الكتابة والقراءة، ممهدا بذلك لما كان يرغب به: وهو أن يواصل دراسته في المدرسة نفسها بعيدا عن المدارس النظامية التي كانت الدولة قد عممتها في جميع الألوية (المحافظات) آنذاك.
في حدود سنته السابعة، ورغبة منه في محاكاة أقرانه في الدخول الى المدارس النظامية، وارتداء الزي المدرسي الجميل، وممارسة الألعاب السويدية التي كانت موضع اهتمامه واعجابه، فقد التحق أحمد الحَسُّو، دون علم ابيه، بمدرسة مسائية لمحو الأمية: فدخل أولا مدرسة في محلة الميدان البعيدة عن محل سكناه، وكان يعاني كثيرا عند عودته إلى المنزل بسبب اضطراره المرور عبر طرق (عوجات ) مظلمة وخالية من المارة، مما دعاه الى البحث عن مدرسة أخرى: فالتحق بمدرسة الوطن المسائية في (باب لكش) والتي كانت أقرب الى بيته، وحقق نجاحا مميزا في سنته الأولى.
لقد دفعه هذا إلى الالتحاق بالمدارس النهارية، فقُبل في مدرسة الأحداث الثانية، وكانت سعادته كبيرة عندما بدأ دوامه وهو يرتدي الزي المدرسي، وإن كان قد حرص على إخفاء ذلك عن أبيه: فقد كان يخرج كل يوم باللبس المعتاد (الدشداشة) ويذهب إلى بيت أسرة كريمة ليلبس الزي المحبب إليه، ثم يفعل الشيء ذاته عند العودة ولكن بشكل معكوس.
لقد لعبت الصدفة دورها في تعويض أحمد الحَسُّو عما فاته جراء عدم التحاقه بالمدرسة مبكرا، فقد ارسلته والدته يوما إلى جارة مسيحية كانت من أصدقاء اسرتهم؛ وهي المربية الفاضلة (الست بهيجة يونان) والتي كانت واحدة من معلمات مدرسة الأحداث التي انتمى إليها أحمد الحَسُّو. فسالته عن دراسته المسائية ودراسته الجديدة، فوجدت في اجوبته أنه مؤهل الى ان يكون في صف أعلى من الصف الذي وضع فيه، فجاءت بنسخة من القرآن الكريم وطلبت منه أن يقرأ أمامها. وعندها قالت: غدا سآخذك الى الست كواكب جلميران (وهي مديرة المدرسة)؛ فأنت تستحق صفا أعلى!! وهكذا كان فقد نُقل أحمد الحَسُّو في اليوم التالي من الصف الثاني إلى الصف الثالث.
بعد ذلك التحق أحمد الحَسُّو بمدرسة الوطن الابتدائية التي تركت أثرا كبيرا فيه بفضل أساتذتها المتميزين؛ وبخاصة الأستاذين الجليلين: جميل الحاج أحمد وعبد العزيز نجم.
التحق بعد ذلك أحمد الحَسُّو بمدرسة الحدباء المتوسطة وكان لأساتذتها؛ وفي مقدمتهم مديرها الأستاذ صلاح النوري والأديب الشاعر ذو النون الشهاب وأستاذَيْ اللغة العربية محمد الحَسُّو ( وهو شقيقه الأكبر ) ويوسف أمين قصيرة؛ تأثيرا كبيرا.
شارك أحمد الحَسُّو خلال هذه المرحلة الدراسية بمسابقة الخطابة على مستوى لواء الموصل سنة 1953م ( الصف الثاني المتوسط ) وحاز على المرتبة الأولى فيها. وكان ذلك مؤشرا على نبوغه في الخطابة والذي أصبح ذلك من سمات شخصيته فيما بعد.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
833 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع