زيد الحلي
هل يعزف العراقيون عن السفر الى الخارج للعلاج ؟
من الطبيعي ان المرء الذي يرى جانبا واحدا من صور الحياة ، يبقى ذلك الجانب وحده ، مخزونا في عقله الباطن ، حيث يصبح عنده هو الواقع الوحيد والدائم ، ومقياس نظرته للأمور .. وهذه من اخطاء الصيرورة في الحياة ، ومن المؤسف ، انني كنتُ واحدا من أولئك الاشخاص في جانب رؤيتي للواقع الصحي القائم في العراق ، قبل ان تتغير تلك النظرة بعد لقائي بالدكتور عامر عبد السادة عبد ، مدير قسم القطاع الصحي الخاص ومنح الاجازات بوزارة الصحة والبيئة .. فهذا الرجل ، بدفء كلامه وصدق تعبيراته ، حدثني عن جانب لم التفت اليه في القطاع الصحي ، وهو ( القطاع الطبي الخاص ) بمختلف صنوفه ان جاز لي هذا الوصف .. وهو جانب مشرق ، يحسسك بالفخر ، وكم تمنيت ان ينتقل ما سمعته ورأيت صوره الى المستشفيات الحكومية ، لكن يبقى قطار القطاع الخاص في كل دول العالم ، اسرع من قطار الدولة دوما بجميع اقطار العالم.. وامامنا تجارب عالمية عديدة بمختلف الفعاليات ، تؤكد تلك النظرية ..!
حدثني د. عامر ، معززا حديثة بصور عن وجود مستشفيات ( اهلية ) حديثة في العديد من المحافظات ، لاسيما في وسط وجنوب العراق،تضاهي المستشفيات الاوربية من حيث البناء الراقي ، بديكوراته التي تضفي حالة ايجابية ونفسية للمريض وتقديم الخدمات الفندقية التي يحتاجها المرضى اثناء مكوثهم للعلاج ، وتوفير اطباء اختصاص واجهزة متكاملة من أحدث المعّدات الطبية ، التي تؤمن للمريض الأمان والراحة والعناية ، وصالات للعمليات الجراحية الكبرى والصغرى وفق المقاسات العلمية الدولية المعتمدة في المجال الطبي،وبعض تلك المستشفيات التي باتت تشكل معالم حضارية في المحافظات التي انشأت فيها ، تجري فيها الان عمليات ( القلب المفتوح ) بكفاءة عالية .. وتم دعم آلية التطوير لتلك المنشآت بتشجيع ومساندة وزارة الصحة وتجارب كوادرها .
لقد لاحظت ان د. عامر ، كان حريصا اثناء حديثه معي ، بعدم الاشارة الى اسماء تلك المستشفيات ، من باب قناعته بان جميعها تخضع دون تمييز الى ( مسطرة ) واحدة ، تسير عليها دائرته خلاصتها ان تقديم الخدمة المتميزة الى المواطن والاسرة العراقية هي اولوية ينبغي التقيد بها...
كم تمنيت ان تخضع الخدمات الصحية والطبية في المستشفيات الحكومية الى معايير الحداثة التي تتمتع مؤسسات القطاع الصحي الخاص .. ولا اظن ان الامر صعبا لاسيما عندما تتحسن الظروف المالية للدولة ، فعقلية التطور موجودة ، لكن ينقصها التمويل ، فيما ان القطاع الخاص لا يبالي بهذه الجزئية ، لأنه يعد الإنفاق العام على القطاع الصحي من أهم أوجه الاستثمار في رأس المال البشري, الذي تسعى إليه جميع الدول, وتهدف من خلاله إلى تحقيق زيادة و كفاءة في إنتاج الأفراد, مما ينعكس إيجابا على إجمالي الناتج المحلي, ومعدلات النمو الاقتصادي.
خلصتُ الى نتيجة من خلال استماعي الى طروحات د. عامر ، وهو رجل له خبرة طبية وحياتية طويلة ، ان الاستثمار الخاص في القطاع الصحي يسهم في تخفيف العبء عن القطاع الصحي العام, ما يؤدي إلى إيجاد سوق منافسة كاملة, وزيادة الكفاءة الاقتصادية في تقديم الخدمات الصحية, باستهلاك اقل للموارد وإنتاج أفضل للخدمات..
520 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع