بقلم: سالم إيليا
لقد إستبشر الشعب والعالم وأهالي نينوى حصراً بكل مكوناتهم وأطيافهم خيراً منذُ إعلان رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة الدكتور حيدر العبادي بداية تحرير نينوى بمدنها وقصباتها مع بداية الساعات الأولى من فجر يوم الأثنين المصادف السابع عشر من تشرين الأول/2016م ووضعه لآليات ميدانية للحركات العسكرية وتسميته بوضوح للقطعات العسكرية المشاركة في التحرير من صنوف الجيش والشرطة العراقية وقوات مكافحة الإرهاب وتحديد مهام الميليشيات المتجحفلة معها بالإسناد اللوجستي فقط دون الإشتراك في عمليات إقتحام المدن والأقضية وخاصة مدينة الموصل ولأسباب لم تعد خافية على أحد.
وكان لموقف العبادي في إصراره على عدم السماح أثناء عمليات التحرير للجيش التركي الغازي والحشد المتجحفل معه الذي أطلق على نفسه "حشد نينوى" الذي يقوده محافظ الموصل السابق والمطلوب للعدالة أثيل النجيفي (الذي سُلِّمت الموصل لداعش في زمنه على طبقٍ من ذهب) أبلغ الأثر والإرتياح في نفوس أهل نينوى والموصليين بشكلٍ خاص، وحيثُ سارت عمليات التحرير بمهنية شهد لها الجميع على الرغم من الصعوبات الميدانية للمُحَرِرين وللمدنيين الأبرياء بكل تفاصيلها التي ستظهر جلياً بعد سكوت المدافع والأسلحة المختلفة وبعد أن ينجلي غبار المعركة بمآسيها التي مهما حاول ويحاول الجيش مشكوراً تفاديها إلاّ أنها وقعت ولو بأقل الخسائر بين المدنيين (البيانات الرسمية أكدت سقوط ما يتجاوز المئة قتيل وثمانية مئة جريح بين المدنيين أثناء تحرير الجانب الأيسر من الموصل، ومعظمهم سقطوا نتيجة إستخدام داعش للعجلات المفخخة والهاونات).
وقد أثنى على مهنية الجيش أكثر من مسؤول سياسي أوربي ومنهم رئيسة وزراء بريطانيا "تيريزا ماي" التي كانت وزيرة للداخلية ولها خبرة لا يستهان بها في المجال الأمني والعسكري وأمتدحت القائد الميداني الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي من خلال (التقارير الإستخباراتية) التي كانت تصلها ومشاهدتها للجولات المصوّرة التي كانت تسجلها عدسات الكاميرات لمراسلي الفضائيات العالمية، وحيثُ وصفت تعامله الإنساني مع المدنيين "بالمبهر" وأثنت على إبتكاره للخطط العسكرية الحديثة التي ربما ستستفيد منها إنكلترا مستقبلاً إذا ضربها الإرهاب!!!، هذا ما جاء ذكره في الرابط أدناه:
https://www.kitabat.com/ar/page/29/01/2017/93339/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D8%A9-%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D8%A8%D9%87%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D9%8A.html
ونحن على أعتاب المرحلة الأخيرة لهذه العمليات بعبور نهر دجلة والبدأ بتحرير الجانب الأيمن (الغربي) للموصل ظهرت مشكلة مسك الأرض في الجانب الأيسر (الشرقي) لمنع عمليات الإلتفاف أو الظهور المفاجيء للخلايا النائمة لغرض إستعادة السيطرة على الأجزاء المحررة والتي يجيدها الدواعش بأساليب التمويه والإختفاء بين المواطنين.
وتفاجئ أهل الموصل بكل مكوناتهم بقرار القائد العام للقوات المسلحة بتغير بوصلة قناعاته ووعوده بالسماح لما يسمى بحشد نينوى بمسك جزء من الأرض المحررة علماً من أن قائده أثيل النجيفي هارباً وملاحقاً قضائياً (لا أعلم كيف يثق رئيس الوزراء بحشد تدرب عسكرياً وسياسياً على أيدي الجيش التركي ومنظومته الإستخباراتية ويقوده شخص مطلوب قضائياً)!!!.
خرجت "داعش" من الجانب الأيسر في الموصل بتضحيات الجيش والمدنيين الموصليين على حدٍ سواء، ودخلت مجاميع "داحش" أي عناصر "حشد نينوى" وبمباركة أصحاب القرار السياسي والعسكري والمتمثل برئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة لتحتل بيوت حرف النون "ن" مجدداً في محافظة نينوى ولتسرق البسمة والفرحة من على وجوه وشفاه المتضررين الذين لا يزالون يفترشون العراء بإنتظار جلاء المعركة للعودة الى دورهم التي إغتصبتها عناصر العصابة الدولية المجرمة في وضح النهار، والرابط أدناه الذي نشره أحد المواقع الرصينة المعني بشؤون المكونات المختلفة لأبناء الشعب العراقي ومنهم المسيحيين يؤكد سيطرة عناصر ما يسمى بحشد نينوى على بيوت المسيحيين في حي "المصارف" بعد أن حررها الجيش من عناصر "داعش" الإرهابية وبشهادة شهود عيان ذهبوا لتفقد دورهم التي سيطرت عليها عناصر من حشد نينوى والمرفوضة جملة وتفصيلاً من أهالي نينوى النجباء!!.
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=831074.0
وهذا الخبر يتقاطع مع تصريح العميد يحيى عبد الرسول الناطق الرسمي بإسم قيادة العمليات المشتركة على الفضائية العراقية الشبه رسمية في صباح يوم الأحد المصادف التاسع والعشرين من كانون الثاني الجاري والذي يؤكد على عدم السماح لحشد نينوى بدخول الجانب الأيسر المحرر لمسك الأرض وإنما الإكتفاء بإنتشاره خارج المدينة والذي يعلن في نفس الخبر تعميم مذكرة إعتقال بحق محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي القائد الميداني لهذا الحشد فيما لو شوهد داخل المدينة!!، وحيثُ أكد تصريحه السابق هذا في اليوم التالي في برنامج "ستوديو النصر" لكن مقدم البرنامج قاطعته متسائلاً من أنّ أثيل النجيفي قد دخل وتجول في الساحل الأيسر من الموصل بحرية ولم يعتقله أحد؟؟!!، وهذا التصريح مُبهَم بصياغته، إذ لم يبين الناطق الرسمي للعمليات المشتركة: هل أنّ أثيل النجيفي متهم مطلوب القاء القبض عليه داخل مدينة الموصل فقط، لكنه بريء حر يقود حشده بحرية خارجها؟؟؟!!!، أم إنّ قرار إشراكه بمسك الأرض جاء من خلال الإتفاقيات السرية وكأحد الشروط التي حددتها المفاوضات التي جرت بين رئيس الوزراء العراقي ومثيله التركي خلال زيارة الأخير الى بغداد بداية السنة الحالية كون أنّ أثيل النجيفي هو رجل تركيا في الموصل؟!!!، وحيثُ يعود العميد يحيى عبد الرسول مؤكداُ على لسان جميع من قابلهم من أهالي الموصل خلال تجواله في الساحل الأيسر بعدم ثقتهم بمعظم السياسيين في الموصل ومناشدتهم للجيش بالبقاء لحمايتهم، وهذا ما أكدهُ الموصليون من خلال تواصلنا معهم من داخل الموصل وطريقة إستقبالهم لقطعات الجيش المُحَرِرة لأحيائهم!!، إذن لماذا لا يتم تهيئة عناصر مدربة على مسك الأرض من الجيش والشرطة خاصة وإنّ ما تبقى من الأراضي الغير محررة داخل الموصل تشمل الجانب الأيمن (الغربي) فقط والذي تبلغ مساحته 40% من المساحة الكلية!!، وحسب ما يروّج الإعلام الحكومي نقلاً عن الناطقين الرسميين والقادة العسكريين بأنّ معركة الساحل الأيمن ستكون أسهل بكثير وبفترة زمنية أقصر لتحقيق النصر!!، وقد إنتظرنا عدّة أيام لنفي هذا الخبر من قبل الجهات الرسمية قبل نشرنا لهذه المقالة، لكن يبدو من أن الخبر الذي نقله شهود عيان ذهبوا لمعاينة دورهم التي لا تزال مغتصبة من قبل جماعة أثيل النجيفي صحيح، وحيثُ إستبدلت "داعش" بـ "داحش" التي تتمثل بالحشود الغير مرغوب بها والمنبوذة من قبل أهالي الموصل.
وأختتم رسالتي هذه لأقول بكل أمانة نقلاً عن لسان الوطنيين المخلصين من أهالي الموصل ومن داخل الساحل الأيسر المُحرر من إنهم ليسوا متفائلين ويتوقعون من أنّ ما سيلاقونه لاحقاً سيكون الأسوأ إذا ما غيّر أصحاب القرار السياسي والعسكري رأيهم بالسماح للحشود المسلحة وبمسمياتها المختلفة والتي ظهرت الى الوجود من خلال التكتلات الإقليمية والمحلية في العودة للسيطرة على مقدرات الأمن في الموصل وكما كان الحال قبل إحتلال داعش.
اللهمّ إشهد إني بلغت.
994 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع