عباس العلوي
بأسم الدين باكُونه الحرامية !
كانت احزاب الحرامية قبيل السقوط في وضع لاتحسد عليه ماديا ومعنويا / رجالها مشتتون في المنافي / منهم اعتاش على الخمس والزكاة أوعلى المساعدة الاجتماعية البلدية وآخر من ابتاع السبح ولعب الاطفال واجهزة الموبايل الخردة في هذا البلد او ذاك / بأستثناء القليل جدا من كان ينتمي الى عوائل ثرية / كالجلبي وعلاوي والطالباني والبرزاني
وما أن سقط الصنم عام 2003 / فرّخ لنا المحتل الامريكي بطريقة السفاح [ مجلس الحكم ] الذي ضم في جنباته خليطا اثنيا طائفيا انتهازيا / سواده الاعظم لم يفهم من السياسة او ادارة الدولة شيئا / وتحت هدير المدافع وقعقعة السلاح جعلوه قدرا محتوما / وتحول العراق الموحد الى دولة مكونات يمثلها كيان هزيل معمول في مطبخ الحاكم بريمر / تلك كانت البداية التي لاتسر الناظر !
تلاميذك [ بريمر] خذهم لبيتك / حراميّه طلعوا مثلك على نيتك / شيعة وسنه كلها تصبّح لبيتك / من يوم رصدت الهُم الماليّه
في ظل الوضع الامني المنفلت والطائفي المضطرب الذي ساد الانتخابات الاولى عام 2005 تقمصت الاحزاب الدينية والعلمانية دور الممثل القبيح لمكونات الشعب العراقي / واستخدمت كل اساليب الكذب والدجل والخداع مع شعب يصارع الجهل والفقر / لايعرف من الانتخابات الا اسمها / لعب العتاولة عليه بورقة الدين في تخدير مشاعره / ولا احد منا ينسى شعار من لاينتخب < قائمة 555 > الشيعية تتبرأ منه فاطمة الزهراء < ع > ومن لاينتخب < قائمة التوافق السنية > يحل عليه غضب النبي والخلفاء الراشدون / عدا ما انفق من مبالغ فلكية في الدعاية الانتخابية لتسويق امّعاتها / او شراء الاصوات بالمال او البطانيات او المدافىء وغيرها
وما ان هدأ صوت صفير البلبل بعد الانتخابات / تحولت الديمقراطية المزيفة الى مافيات حزبية دينية اثنيه / ادعى كل فريق منهم انه الممثل الاول للمكوّن < س > او < ص> وبقى الشعب المطحون وحده دافع الثمن / وقد رأيت لاحقاً كيف تم تغييب عقول الناس في البدع والخرافات / و ماذا فعل جياع الامس المتسربلين بثوب الدين / بسنة العراق من تشرد ونزوح مليوني وضياع المدن / وما حصل لشيعة العراق من فقر وصل حد بيع الاعضاء البشرية / وماجرى للمسيحيين والصابئة والأزيديين من سبي وقتل وتهجير غني عن التعريف !
استحوذت الاحزاب المسعورة على المنطقة الخضراء وقصور صدام والاراضي الممتازة في بغداد والمحافظات / خطف امعاتهم البرلمان والمناصب القيادية في الدولة / في ظاهرة لاتختلف بشيىءعن مشهد الذئب الجائع الذي يفترس ضحيته / وصار المواطن المخدوع يرقب كل يوم بذهول الحرامية الجدد وهي تلطش المليارات وضح النهار وتهرب بها الى اوربا ودول الجوار !
ادلى الدكتور قاسم حسين صالح بشهادته عن بعض ما جرى :
اعتمدت الاحزاب الشيعية مبدأ < الثقة الطائفية > في التعيين الوظيفي حتى لو كان شاغل الوظيفة لايحمل شهادة الاعدادية فمن لقبه موسوي / حيدري / ساعدي / صار عندهم افضل من حامل الدكتوراه او البرفسور / افرط سياسيو الشيعة بعد التغيير في اسناد وظائف بمسؤوليات كبيرة الى جهلاء معرفة وفقراء خبرة / لقد التقيت بفلاحين من الجنوب وحين سألتهم عن رأيهم في حكوماتهم الشيعية اجابوا < خزونه من الله يخزيهم ويسوّد وجوههم > والواقع ان معظم قادتهم سقطوا اعتباريا يوم ان هتفت الجماهير < نواب الشعب كلهم حرامية > !! انتهى
علق الشاعر المبدع كاظم الوائلي على هذا المشهد القبيح :
واحِـدهُم فـقيهْ ويحـچي بالدستور / ومنهم من تِـلَقـب شـيخ لو دكـتور
بس اوداعتـك لو نِـكشِـف المستور / أكبر راس بيـهم عـَفـن من گاعة
وأمام شعب نصفه او اكثر منكوب بالاميّة والجهل / ركبت احزاب < السنة والشيعة > الموجة الطائفية / وتمكنت وبالمال الحرام من توظيفها في تمزيق بنية المجتمع العراقي / وللأسف الشديد غطس في هذا المستنقع اولاد مراجع دين كبار تزعموا بعضا من احزاب العار
ومازالت الذاكرة تحتفظ بما فعله المرجع السني عبد الملك السعدي ورجاله من شيوخ الدين والعشائروايتام البعث في الانبار /عندما قطعوا الطريق الدولي ورفعوا شعار قادمون يابغداد / وزعيق النائب المخبول احمد العلواني الذي هدد الصفوين بالويل والثبور طرش الآذان / فكانت النتيجة سقوط محافظاتهم داعشيا ونزوح ملايين السنة العراقيين في مشهد تراجيدي مؤلم !
عقب حسن حاتم المذكور على هذا المشهد التراجيدي : [ إذا تعلق الأمر في العراق الطائفي / فهناك كل شيء مقلوباً الى ضده / رجل الدين إذا ما تدخل في السياسة / لا يمكن له أن يكون إلاّ طائفي فاسد شيعيّا كان ام سنيّا / من يدعي غير ذلك يكذب على تجربة ثلاثة عشر عاماً ] انتهى
بغداد الجميلة التي كان كل شارع من احيائها السكنية يضم جمعا رائعا من الطوائف والأثنيات العراقية حولتها احزاب العار الى احياء كئيبة مقفلة على مكون واحد فالشيعي لامكان له في الاعظمية اوالعامرية او الغزالية او ابي غريب وكذا الحال بالنسبة للسني لامكان له في الاحياء الشيعية / وقس على ذلك!
على هذا الانحطاط / اجاب المهندس عمر الراوي البرلماني بولاية فيينا وعضو مجلسها البلدي والمولود في بغداد / حينما سُئل عن الفرق بين فيينا وبغداد . قال : [ أشعر بالفخر بأن المدينة التي أبذل جهدي في تقديم الخدمات البلدية لأهلها تنتخب للمرة الرابعة على التوالي كأفضل مدينة في العالم / ويعتصرني الألم بأن تكون بغداد المدينة التي ولدت فيها أسوأ مدينة في العالم . وهنا لابد أن يسأل السياسيون أنفسهم لماذا بغداد في ذيل القائمة وقعر التميز ؟ ] .
لم تقدم احزاب الفضائح ومعمّمي السلطة طوال هذه المدة أي منجز عمراني او اقتصادي او صناعي اوصحي يمكن العراق الجديد ان يفخر به / بقت كل المرافق الاساسية التي تمس حياة المواطن في تخلف وحال يرثى له على عكس رجال الدين في ايران الذين تمكنوا من بناء دولة قوية في شتى المجالات يُحسب لها اليوم الف حساب / لكن في المقابل نجح الدجالون في خداع السذج من الناس في اللعب بالورقة < الحسينية > لتكريس تواجدهم في السلطة / بأنفاق المليارات من المال الحرام / تارة في تسيير الحشود المليونية المواليه لأهل البيت مئات الكليومترات والتباهي بأرقامها القياسية / واخرى في اقامة مجالس العزاء الحسيني في بيوت ومقرات قادة الاحزاب الشيعية / بمشهد روزخوني اعلامي هوليودي / هدفه اثارة عواطف الناس في تصنع الحزن اوالبكاء المزيف / ويخال لي لو ان الامام الحسين قام من مثواه الشريف الآن طالبا الاصلاح / لخيرته العمائم المزيفة بين العودة من حيث اتى اوالقتال والله ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) !
حراميّة وحكمتوا معمّين الراس *** خوش كلاو باسم الديمقراطيّه
ارجو ان لايزايد عليّ احد في حب سبط النبي الامام الحسين ع الذي قاد اعظم ثورة للأصلاح في التأريخ الانساني وتحول الى عنوان بليغ في التضحية والبطولة والأيثار ولولاه لما بقى الاسلام المحمدي ماثلا / وما أحوج البشرية اليوم الى عطائه الرافض للذل والخنوع وليس المتاجرة به لأغراض سياسية رخيصة / ولابد لي هنا ان اقف اجلالا لقول الشاعر :
فما زال النعيق يصيح دوما *** بأن الخير في أرض العراق
وإن الدين قد أمسى ملاذاً *** لإهل الشر من قيقٍ وقاقي
اختم بتوصيه جميلة ذكرها البرفسور والاديب العراقي الرائع عبد الاله الصائغ :
< ارجوكم ان لاتقربوا من الدين فأنتم اعداء الدين جهارا نهارا / اخلعوا عباءة الدين
وافعلوا ماطاب لكم > !!
وللحديث بقية
السويد في : 2 / 4/ 2016
908 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع