بدري نوئيل يوسف ـ السويد
شوارع المدينة ..ارصفة بلا مشاة ...!الجزء الرابع
(اجزاء تحكي حال الشارع العمراني والاجتماعي والاقتصادي في محافظات العراق وقد اخذتُ مدينة السليمانية التي تعتبر مستقرة نموذجا .فما حال بقية المحافظات ..؟ كان الله في عون ساكنيها).
نتابع حديث الشيخ في الجزء الثالث .
الجزء الرابع
قال لي :عندي حديث طويل عن ارصفة شوارع المدينة التي اصبحت بدون مشاة ..!
قلت له باندهاش : لنبدأ الحكاية من البداية ما تريد ان تقول عن ارصفة بلا مشاة .
قال بامتعاض ونبرة حزينة : لمن الرصيف ؟ .. للإنسان أم للنشاط التجاري أو موقف سيارات ...! أم امل الباحثين عن لقمة العيش وحيل المتسولين وأسرار البسطاء ...! هذه الامتار القليلة من الارصفة هي ممرات امنة للمشاة في الشوارع ، نجد صعوبة في استخدامها وكذلك لذوي الاحتياجات الخاصة ، عدة اسباب جعلت الرصيف بدون مشاة ، نجده متهالك مقلوع التبليط ومتفاوت في مستوى سطح الرصيف ، وسوء بنيته كأهم مشاكله ، في ظل غياب الصيانة عنه ، وهناك بعض الارصفة بقيت أطلال بالية تخبرننا أنه كان هنا رصيف ، أشجار تقف عقبات فوق الرصيف وأمام المشاة ، وحفريات لمقاولين او أي جهة اخرى ومنها ممتلئة بالمياه ، وأصحاب المحلات التجارية يعرضون جزءا من بضاعتهم على الرصيف وهي بضائع ثقيلة يقوم صاحب المحل بوضعها على الأرصفة وتفرش امامه مثل الأثاث المنزلية والمكائن والمعدات مع سيارته الشخصية او سيارة حمل تعمل لصالح المحل ، أو مالكي المنازل الواقعة واجهتها على الشارع واحتلالهم الرصيف وضمه إلى أملاكهم ، ويعتبر ساكني هذه المنازل أن الأرصفة جزء من المنزل و يتم استغلاله من قبلهم في زراعته ببعض الأشجار ، أو درج للطابق الثاني أو موقفاً لسياراتهم ، وكذلك الارصفة في شوارع المدينة تستخدم كمواقف عشوائية للسيارات ، واستخدامه الغير القانوني من قبل الباعة المتجولين وأصحاب المهن من سمكرة وصبغ وتصليح وتبديل الدهون وبيع الاطارات وغسل السيارات ، وصباغي الاحذية ، وأقفاص بائعي الطيور والدجاج ، ووضع كراسي للمقاهي الشعبية ومواقف لتجمع الشباب ، بالإضافة قيام اصحاب المحلات بترك مخلفاتهم بعد اغلاق المحل مساء على هذه الارصفة .
ومستخدمو الأرصفة (المشاة) أكبر الخاسرين وآخر المستفيدين. لان بقى جزء بسيط فقط من الرصيف وتضاءل دوره كمرفق للمشاة ، لدرجة لا تتمكن المشاة من السير فوقه وتبقى لا حول ولا قوة لهم ، عندها تجبر المشاة النزول والسير بالشارع وبين السيارات و تسبب لهم أخطارا قد تودي بحياتهم. فإذا كانت الأرصفة ملك صرف لمرور المشاة فلا يحق لأي شخص بالتجاوز على الرصيف ، في ظل غياب جهة معينة تتحمل المسؤولية في محاربة ظاهرة استغلال الملك العام.
أما مفترشي الأرصفة بمختلف انواع الباعة الذين توارثوا هذه المهنة من ابائهم ضحيتها نسب كبيرة من اطفال الشوارع الذين يعيشون خارج الأسرة والمجتمع المدرسي وهذه الفئة من الأطفال من أخطر مشاكل الحياة الاجتماعية لأنهم سيكونون عرضة للانحراف .
قلت له : تقصد ان الرقابة معدومة على هذه الظاهرة ولا يوجد من يراقب وماذا تقترح ؟
قال : ظاهرة استغلال الرصيف من اصحاب الدكاكين والمحلات من الظواهر التي اصبحت عقيمة وعلى الجهات منع استغلال الرصيف مهما كان نوع النشاط التجاري ، وعلى اصحاب المحلات تكيف وتنظيم محلاتهم لعرض بضاعتهم ، وعلى الجهة المسئولة تحديد كيفية وقوف السيارات بجوار الأرصفة اما ان موازيا للرصيف أو عموديا أو مائلا على الرصيف مع تخطيط ارضية الشارع وتحدد مكان وقوف السيارة ، كما يمكن استغلال الشوارع الفرعية لإيقاف السيارات على جهة واحدة من الشارع بعد تحديد اتجاه حركة السير في الشارع الفرعي وجعله اتجاه واحد وكل موقف يحدد له سعر شهري يباع لصاحب السيارة وجعل هذه المواقف تابعة للبلدية ، مع بناء مواقف للسيارات متعددة الطوابق .
قلت له : وماذا تقول عن الباعة الجوالين .
قال :لو القينا نظرة على المنطقة المحيطة بالجامع الكبير والشوارع المؤدية الى سراي المدينة لاكتشفنا انها عبارة عن سوق للباعة الجوالين او باعة الارصفة ، وضاعت جمالية وقدسية الجامع ، عربات متحركة يدوية تقف فوق الرصيف والشارع تحولت الى مطاعم تبيع المشوي والمقلي والمطبوخ ليل نهار ودخانها يتصاعد في عنان السماء ، يلتف حول العربة عشرات الشباب وهم يتناولون الطعام وكان الله في عونهم ، يقطعون الشارع والرصيف ولا اعلم لماذا لا يستغلوا الشوارع الفرعية او الازقة اذا سمحت لهم الجهات ببيع منتجاتهم ، وهناك باعة العجين المقلي بالزيت لو انتبهت الرقابة الى المقلاة تراها قد احترقت وإما الزيت فلا حديث عنه ، وباعة العجين مع البصل المخبوز على الصاج كل هذا يباع على الارصفة و فوق العربات المتجولة ، و هناك جماعة اخرى استغلت الرصيف ولها اختصاصات في بيع وشراء العملة ومجموعة ثانية تصليح وبيع وشراء الساعات والتلفونات ، وكذلك عربات بيع الملابس التي تقف وسط الطريق داخل الاسواق ، ومصلحي الاحذية . وبائعي المسبحات .
المشكلة ليست فقط في الارصفة ، ولكن في الرقابة المعدومة ، وهذه الظاهرة تحتاج الى تطبيق التعليمات ، وإذا كانت الرقابة قد اصدرت تعليمات فلا يوجد محل واحد من هذه المحلات المخالفة يلتزم بالتعليمات أو حتى بالتحذيرات التي تلويح بعقوبات من قبل الجهات المختصة ،وعلى الجهات التأكيد على المحلات التجارية بتأمين حاويات للنفايات في مواقع مناسبة لا تشغل الرصيف ولا تعيق المارة والعناية بالنظافة العامة وعدم رمي النفايات والمخلفات .
قلت له :اشكرك كثيرا على هذا الحديث .
قال :بهدوء نكمل حديثنا شوارع المدينة ... الكهرباء ومصابيح تضيء في النور .. !، ونتعرف ماذا يريد ان يقول الشيخ في الجزء الخامس .
للراغبين الأطلاع على الجزء الثالث..
http://www.algardenia.com/maqalat/17315-2015-06-19-15-32-30.html
597 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع