ضغوط أمريكية وصفقة سرية .. كواليس إطلاق سراح تسوركوف في بغداد

 الباحثة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف

إرم نيوز:كشف مصدر سياسي عراقي عن تفاصيل مثيرة بشأن صفقة إطلاق سراح الباحثة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، التي كانت مختطفة في بغداد منذ أكثر من عامين، مشيرًا إلى أن العملية جاءت ثمرة تفاهمات معقدة.

وأوضح المصدر الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز" أن "الصفقة تضمنت التزامًا غير معلن بعدم استهداف قادة الميليشيات العراقية، وعدم فرض عقوبات جديدة عليهم لما بعد تشكيل الحكومة المقبلة، وهو ما اعتبر ضمانة كبرى دفعت الميليشيات إلى قبول الإفراج".

وأضاف أن "واشنطن مارست خلال الأشهر الماضية ضغوطًا مكثفة على بغداد، ربطت فيها ملفات اقتصادية وعسكرية بمصير تسوركوف، ما دفع الكتائب إلى الرضوخ وقبول الصفقة، بعد تدخل وسطاء من داخل الإطار التنسيقي، مرروا التفاهم لتجنب مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة".

وأفاد المصدر أن "حكومة بغداد تلقت، عبر قنوات أمريكية، إشعارات استخبارية واضحة تفيد بأن إسرائيل كانت تستعد لاستهداف قادة بارزين في الميليشيات داخل العراق، قادة في الإطار التنسيقي، إلى جانب مسؤولين عراقيين، بينهم مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي المعروف بعلاقاته المتينة مع الفصائل، خاضوا حوارات مباشرة مع قيادات كتائب حزب الله بشأن ترتيبات الإفراج، وسط مداولات امتدت لأسابيع قبل أن تصل إلى لحظة التنفيذ".

وكانت مصادر عراقية تحدثت خلال الأشهر الماضية عن ضربة إسرائيلية وشيكة تستهدف قادة ميليشيات مسلحة.

تحرير أم إطلاق سراح؟
ومساء الثلاثاء، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن العملية كانت ثمرة "جهود كبيرة ومتواصلة" للأجهزة الأمنية والاستخبارية، مؤكدًا أن الحكومة "لن تسمح بالإساءة إلى سمعة العراق"، وأنها ماضية في فرض سلطة القانون.

إلا أن هذه التصريحات لم تُنه الجدل بشأن طبيعة ما جرى، خاصة مع تضارب الروايات بين "التحرير الأمني" و"الصفقة السياسية".

وأثار بيان الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة، تساؤلات بشأن تفاصيل العملية، إذ أكد أن القوات العراقية عثرت على مكان الاحتجاز وحررت المختطفة، دون الكشف عن أي تفاصيل ميدانية أو صور لعملية الاقتحام، ولا عن الموقع الدقيق للمكان، أو مصير المتورطين بالجريمة.

وتعود قصة تسوركوف إلى آذار/ مارس 2023، عندما اختفت في بغداد خلال زيارة بحثية مرتبطة بجامعة برينستون الأمريكية، حيث كانت تعمل على ملفات تخص الوضع العراقي والميليشيات المسلحة.

ومنذ لحظة اختفائها، وُجهت أصابع الاتهام إلى كتائب حزب الله، خصوصًا بعد تداول تقارير غربية عن احتجازها في مواقع سرية مرتبطة بالفصيل.

كما أن اسم تسوركوف ارتبط بالجدل السياسي والأمني، فهي تحمل الجنسيتين الإسرائيلية والروسية، وتكتب باستمرار عن قضايا الشرق الأوسط، وقد سبق أن عملت في مراكز بحثية مؤثرة، ما جعل احتجازها مادة خلافية، بين من اعتبرها باحثة أكاديمية، ومن عدّها واجهة استخبارية.

قلق الميليشيات
بدوره، أوضح الباحث في الشأن السياسي عبد الله الركابي، أن "الإفراج عن تسوركوف عكس حجم القلق الذي تعيشه الفصائل المسلحة في العراق، بعد أن وجدت نفسها أمام تهديدات غير مسبوقة من الولايات المتحدة وإسرائيل".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المعادلة الجديدة تجعل الفصائل تدرك أن المنطقة تمر بمرحلة حرجة، حيث يمكن أن تتحول ملفات المختطفين بشكل عام إلى أوراق مساومة تضغط على جميع الأطراف".

وأشار إلى أن "الحكومة العراقية حاولت أن تقدم الرواية على أنها عملية تحرير داخلية، حفاظًا على هيبة الدولة، لكن القراءة السياسية تكشف أن ما جرى كان صفقة بامتياز، أعطت لواشنطن نصرًا معنويًا، فيما تركت بغداد في موقف حرج بين الخطابين المحلي والدولي".

وبينما تتواصل التساؤلات حول تفاصيل ما حدث، يرى مختصون أن إطلاق سراح تسوركوف قد يكون بداية لمرحلة أكثر تعقيدًا في العلاقة بين الميليشيات المسلحة والدولة العراقية، خصوصًا إذا ما تكررت الضغوط الدولية على بغداد.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

774 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع