إرم نيوز:تحوّل ملف نبتة "الداتورة" المخدّرة إلى مأزق أمني جديد في العراق، بعدما تزايدت التحذيرات من خطورة انتشارها في الأراضي الزراعية والبساتين وحتى الحدائق العامة، وسط مخاوف من استغلالها في صناعة المخدرات.
وأعلنت وزارة الزراعة العراقية تشكيل فرق أمنية خاصة لمتابعة انتشار النبتة، التي باتت تُعرف شعبياً باسم "الجوافة" في مناطق الوسط والجنوب.
وأكدت الوزارة أن "المعلومات الخاصة بوجودها تصل عبر إخباريات أمنية يجري التعامل معها وفق محاضر ضبط وإتلاف، بالتنسيق بين الأجهزة الأمنية ودائرة وقاية المزروعات".
وأضافت أن "نبتة الداتورة من النباتات المعمرة والمقاومة للحرارة والجفاف".
وبينت أن "استمرار نموها في مساحات واسعة يعقد مهمة السيطرة عليها، وهو ما يستدعي خططاً مشتركة مع الجهات الأمنية والصحية والبيئية لضمان عدم استخدامها في تصنيع مواد مخدرة".
وتنتشر هذه النبتة في عدة محافظات عراقية، من بينها صلاح الدين وديالى وبغداد، حيث ألقت القوات الأمنية القبض على مزارعين بحجة وجودها في أراضيهم، فيما يؤكد هؤلاء أن النبتة "تنبت من تلقاء نفسها ولا علاقة لهم بزراعتها".
كما سبق لجهاز الأمن الوطني أن أعلن، العام الماضي، عن ضبط مساحات مزروعة بها في منطقة المدائن قرب بغداد، وفي بساتين قضاء الخالص بمحافظة ديالى.
ويحذر مختصون من أن هذه النبتة، التي عُرفت في الأدبيات العلمية باسم "سترامونيوم"، تحتوي على مواد سامة ومهلوسة قد تؤدي إلى فقدان الوعي وضعف الذاكرة واضطرابات في الجهاز العصبي.
وأشار المختصون إلى أنها تدخل في بعض الاستخدامات الطبية المحدودة، لكنها تتحول إلى مخدر خطير إذا استُعملت بطرق غير شرعية.
خطر مزدوج
ورأى الخبير في المجال الزراعي تحسين الموسوي أن "الداتورة تُشكّل خطرًا مزدوجًا، فهي من جهة سريعة الانتشار وتوجد بكثرة في البساتين والحدائق، ومن جهة أخرى يمكن استغلالها من قبل ضعاف النفوس لإنتاج مواد مخدرة".
وأضاف الموسوي لـ"إرم نيوز" أن "أوراق النبتة عند ملامستها تبعث روائح كريهة، ولا تقترب منها الحيوانات أو حتى الحشرات الناقلة، لكنها تتحول إلى مادة مخدرة إذا جرى تناولها بشكل متعمّد، حيث تؤثر على الذاكرة وتجعل الإنسان يفقد السيطرة كما تفعل المخدرات التقليدية".
واعتبر أن "غياب التوعية وضعف الرقابة من الجهات الزراعية ساعد على انتشارها، بينما المطلوب اليوم لجان مشتركة بين وزارتي الزراعة والصحة لإتلافها أو حصرها".
وظهرت هذه النبتة منذ عقود على ضفاف دجلة في مناطق سامراء والضلوعية، وكان الأهالي يتعاملون معها كأحد الأدغال الضارة، لكن مع انكشاف استخدامها في المخدرات تحوّلت إلى مصدر قلق، لا سيما مع تقارير عن تورط شبكات محلية بزراعتها عمدًا في بعض الأراضي.
وفي أغسطس الماضي، ضبط جهاز الأمن الوطني مزرعة بمساحة سبعة دوانم في المدائن مزروعة بالنبتة، وجرى إتلافها بالكامل وفق محاضر رسمية، كما سجلت مديرية مكافحة المخدرات في ديالى حالات مماثلة، مؤكدة أن الظروف المناخية في العراق باتت مناسبة لتكاثرها، وهو ما يفاقم التحديات.
محاولات منظمة
من جانبه، أكد الخبير الأمني عبدالغني الغضبان أن "الداتورة تحوّلت إلى تحدٍ أمني جديد يوازي في خطورته ملف تهريب المخدرات"، مبينًا أن "أجهزة الدولة تضطر الآن لملاحقة هذه النبتة في البساتين والمزارع المهجورة، وهو ما يستنزف قدراتها".
وأضاف الغضبان لـ"إرم نيوز" أن "القضية لا تتعلق فقط بظهور نبات سام، بل بوجود محاولات منظمة لاستثماره في تجارة المخدرات، ما يعني أن هناك جهات تستفيد من إبقائه دون معالجة، وهو ما يستوجب إعلان حالة استنفار زراعي وأمني متكامل".
ويُجمع الخبراء على أن ضعف التوعية بين المزارعين يشكّل ثغرة إضافية، إذ لا يعرف معظمهم خطورة النبتة، فيما يطالبون السلطات بمساعدتهم في القضاء عليها بدل اعتقالهم بتهمة زراعتها.
555 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع