إطلاق سراح مئات المعتقلين من السجون السورية بموجب العفو الرئاسي

      

     سوريون ينتظرون الأفراج عن اقاربهم في السجون السورية

رووداو ديجيتال:مع أوّل أيام عيد الفطر، بدأت أكبر عملية إطلاق سراح للمعتقلين في السجون السورية، وذلك تنفيذاً لمرسوم العفو الرئاسي العامّ الذي أصدره بشار الأسد، الرئيس السوري، في 30 ابريل/نيسان 2022، والذي جاء فيه: « يمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30-4-2022 عدا التي أفضت إلى موت إنسان والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم (19) لعام 2012 وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (148) لعام 1949 وتعديلاته ».

وبدءاً من يوم الاثنين 2 ابريل/ نيسان، أوّل أيام عيد الفطر، أُطلقَ سراح أوّل مجموعة من المعتقلين من سجن صيدنايا، وهو سجن عسكري يقع بالقرب من العاصمة دمشق، وتحتجزُ فيه السلطات السورية آلاف السجناء جلّهم مدنيون، ومنهم متمرّدون على الحكومة.

حسب المعلومات التي استقتها شبكة رووداو الإعلامية، تمنح السلطات القضائية السورية المُفرَج عنه ورقة إخلاء سبيل، ومبلغاً مالياً قدره خمسة آلاف ليرة سورية ( ما يعادل أكثر من دولارٍ بقليل) ويُنقل إلى أمكنة محدّدة من العاصمة، بينها (جسر الرئيس حافظ الأسد) وسط العاصمة.

ومع أنباء وصول الدفعة الأولى من المعتَقَلين المفرَج عنهم إلى موقع جسر الرئيس، توافد مئات المواطنين السوريين من ذوي المعتقلين والمفقودين، من شتّى المناطق السورية، إلى المكان على أمل أن يكون أبناؤهم المعتقلون من بين المفرج عنهم أو على الأقلّ الحصول على خبرٍ عنهم من المهتقلين المفرَج عنهم.

أمّ عبدة، سيّدة دمشقية في العقد الستين من عمرها، كانت تبحث بعينين مليئتين بالألم والألم عن ولدين لها، اعتُقلا، حسب قولها، بينما كانا في طريقهما للعمل. تحدّثت أم عبدة لوكالة الصحافة الفرنسية، وهي تعبّر عن حالتها النفسية، إذ قالت: « طلبتُ من جارتي أن تسندني، إذا ما رأيتُ ولديّ هنا، لأنني قد أتعرّض للإغماء. لا أدري قد لا أتعرّف عليهما ».

محمد عجم شقيقٌ لأربعة معتقلين، كانوا قد اعتقلوا على دفعتين، اثنان منهما في عام 2011، واثنان في عام 2016. تحدّث عجم للصحافة بحسرة غياب أشقائه الأربعة، قائلاً: « ذهبوا، وفُقِدوا. لم نعد نعثر على أثرٍ لهم. منذ البارحة، نحن هنا، مثلنا مثل كلّ هؤلاء الناس الذين افترش بعضهم الأرض هنا وناموا في العراء، على أمل عودة أبنائهم ».

التجمّع الكبير لذوي المعتقلين والمفقودين في وسط دمشق حدا بوزارة العدل السورية إلى أصدار بيان، يوم الأربعاء، 4 مايو/أيار 2022، دعت فيه أهالي المشمولين بمرسوم العفو إلى " عدم الانجرار إلى ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، أو المصادر الإعلامية غير الرسمية، سواء لجهة تحديد أماكن التجمع والانتظار، أو لجهة نشر أسماء وقوائم غير دقيقة. علماً أن إطلاق سراح المشمولين بالعفو يتم من أماكن توقيفهم".

أمين عبد المحمد، معتقل من مدينة القامشلي، اعتُقِل يوم 20 مايو/أيار 2015، من قبل الأجهزة الأمنية في القامشلي، حينما كان في الخامسة عشرة من عمره، ولا يزال مصيره مجهولاً. تحدّثت شقيقته ابتسام عبد المحمد لشبكة رووداو الإعلامية عن ملابسات إعتقاله، وقال:" انضم شقيقي أمين إلى قوات المغاوير (ميليشيا محلية موالية للحكومة السورية) بالضدّ من رغبة ذويه. وإثر مشاجرة مع عناصر من رفاقه في السلاح، اعتُقِل من قبل أجهزة الأمن، وبعد عشرة أيام، تمّ ترحيله إلى العاصمة دمشق، وعلمنا عن طريق المحامين أنّه معتَقَل في سجن صيدنايا". تمنّت شقيقته أن يكون مشمولاً بالعفو، ولكنّها أوضحت بأنّهم لم يتلقّوا أي معلومات عنه حتى الآن.

شبال إبراهيم، عضو منظمّة العفو الدولية، ومعتقل سابق، وناشط في متابعة ملفّ المعتقلين والمغيّبين، تحدّث إلى شبكة رووداو الإعلامية عن مرسوم العفوّ العام الرئاسي، وقال: « يبدو هذا الإقرار بالإفراج عن المعتقلين مفاجئاً ولم يُخطّط له من قبل. سوف يتمّ إطلاق أعداد كبيرة من المعتقلين خلال الأيام المقبلة التي قد تمتدّ لأكثر من عشرين يوماً ».

وعن أسباب صدور هذا العفوّ العام في هذا التوقيت، قال إبراهيم: « أعتقد أنّ صدور هذا المرسوم مرتبطٌ بالمشكلة الكبيرة والضجّة الإعلامية الكبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب تسريب مقاطع مصوّرة لمجزرة حيّ التضامن التي ارتكبتها قوات النظام، ويريد النظام إخفاء هذه المجزرة من خلال إطلاق سراح بعض المعتقلين».

رافقت عملية إطلاق سراح المعتقلين بعد المفارقات، إذ أُفرِج عن المعتقل (حسين علي الخرابة) من حي الجورة في مدينة ديرالزور، شرق سوريا، بعد أن كانت معلومات قد وصلت إلى عائلته بأنّه قد قُتِلَ تحت التعذيب، وذلك بعد ستّ سنوات من الاعتقال أمضاها في سجن صيدنايا. كما نُشرَ قصص إنسانية مؤلمة عن معتقلين تبيّن بعد الإفراج عنهم أنّهم قد فقدوا ذاكرتهم.

في تقريرٍ لها، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن هناك ما لا يقلّ عن 131 ألفاً و469 شخصاً ما بين معتقلٍ ومختفٍ قسرياً لدى الحكومة السورية منذ مارس/آذار 2011- بينهم 3621 طفلاً و8037 سيدة -، في حين سجل التقرير ما لا يقلّ عن 149 ألفاً و862 شخصاً - بينهم 4931 طفلاً و9271 سيدة- لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ مارس/آذار2011 حتى أغسطس/آب 2021.

لم تصدر وزارة العدل والداخلية السوريتين أي إحصائيات بعدد المفرَج عنهم حتى الآن، لكن منظّمات حقوقية تقدّر عدد المفرَج عنهم بأكثر من مئتي معتقل لغاية الرابع من مايو/أيا. كما تتوقّع المنظمات الحقوقية أن يتمّ الإفراج عن آلاف المعتقلين في عملية قد تمتدّ لغاية شهر يونيو/حزيران وفق استكمال الإجراءات القانونية للإفراج.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

686 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع