"توبيخ إيراني" للمليشيات العراقية.. تفاصيل "اجتماعات سرية" احتضنت مسؤولين بارزين

               

بعض المسؤولين في بغداد حملوا الجماعات المدعومة من إيران مسؤولية الهجوم الذي استهدف مقر إقامة الكاظمي.

الحرة - كشفت وكالة رويترز للأنباء، الأربعاء، عن محاولات أجرتها إيران للحد من التوترات والاضطرابات الداخلية التي أثارتها الميليشيات التابعة لها في العراق بعد الانتخابات، وهي خطوة يصفها محللون بأنها تأتي في إطار مساعي طهران للنأي بنفسها عن الأعمال التي تقوم بها المليشيات في العراق.

وقال تقرير لرويترز إن أحدث هذه المحاولات "جاء عبر تدخل رفيع المستوى الشهر الماضي، جرى بعد ساعات من هجوم استهدف مقر إقامة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وحمل بعض المسؤولين في بغداد مسؤوليته على الجماعات المدعومة من إيران".

وأشار التقرير إلى أن قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني، إسماعيل قآاني، هرع إلى بغداد بعد الهجوم، وفقا لما أفاد به مسؤولون في الميليشيات وسياسيون عراقيون مقربون من الميليشيات ودبلوماسيون غربيون ومصدر أمني عراقي مطلع.

وذكرت الوكالة أن قاآني حمل رسالة للميليشيات، الرافضة للاعتراف بنتائج الانتخابات البرلمانية، التي جرت في 10 أكتوبر، وفاز بها تيار رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، ومفادها ضرورة "تقبل النتائج".

وقال قاني لاثنين من قادة المليشيات إن "السياسات التافهة تهدد سلطة الأغلبية الشيعية الحاكمة في العراق، التي تمارس إيران من خلالها نفوذها"، بحسب أشخاص مطلعين على الاجتماعات.

وأشار التقرير إلى أن "الهجوم الذي استهدف منزل الكاظمي في السابع من نوفمبر ونفذ بواسطة طائرات مسرة كان بمثابة تصعيد دراماتيكي في التوترات التي كانت تتصاعد خلال الأشهر الأخيرة بين الجماعات الشيعية المتنافسة".

وأكدت رويترز أنه خلال "اجتماع مقتضب جرى في مكتب سياسي مخضرم تدعمه إيران في بغداد، وبخ قاآني اثنين من قادة الميليشيات المدعومة من إيران واتهمهما بالتعامل بشكل سيئ مع تداعيات الانتخابات".

وأضافت الوكالة أنها استقت هذه المعلومات من أحد مسؤولي الميليشيات، على علم مباشر باللقاء، بالإضافة إلى اثنين من السياسيين المرتبطين بالفصائل والذين تم اطلاعهم على مجريات الاجتماع.

وقال المسؤول والسياسيين الاثنين إن قاآني، الذي كان يرافقه فريق صغير، طلب من الرجلين السيطرة على مؤيديهما وميليشياتهما.

ونقلت رويترز عن مسؤول في إحدى الميليشيات مطلع على الاجتماعات وسياسيين اثنين مقربين من الميليشيات، إن الرجلين الذين التقاهما قاآني في بغداد، هما زعيم منظمة بدر هادي العامري وزعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي.

ولم يستجب مكتبا العامري والخزعلي لطلبات رويترز التعليق.

وأضاف مسؤول الميليشيا أن "الإيرانيين كانوا غاضبين". وأضاف أن مسؤولا إيرانيا تساءل قائلا: "هل تريدون حربا أهلية شيعية؟".

وذكرت رويترز أن مصدرها امتنع عن تحديد المسؤول الإيراني الذي أدلى بهذه التصريحات.

ونقلت الوكالة عن خمسة مسؤولين آخرين في الميليشيات ودبلوماسيين غربيين ومسؤول أمني عراقي وجميعهم تم اطلاعهم على ما جرى في الاجتماع القول إن قاآني هو من كان يقود الاجتماعات.

وبينت رويترز أن جميع هذه المصادر قدمت روايات مماثلة مفادها أن قاآني أبلغ الجماعات المدعومة من إيران بضرورة وقف تأجيج الاضطرابات في العراق.

ولم ترد الحكومة الإيرانية، التي أدانت الهجوم الذي استهدف منزل الكاظمي في وقت سابق، على طلبات رويترز للتعليق على ما ورد في هذا التقرير.

كما لم يرد الحرس الثوري على أسئلة مكتوبة وجهتها رويترز، وأيضا لم يرد مكتب العلاقات العامة التابع للحرس الثوري على الاتصالات الهاتفية للوكالة.

وأكدت رويترز أنها لم تتلق ردودا على الأسئلة الموجهة إلى قاآني والتي تم إرسالها عبر الحكومة الإيرانية والحرس الثوري الإيراني.

وكذلك لم يرد مكتب رئيس الوزراء العراقي على طلب رويترز للتعليق.

إيران "تفقد السيطرة"
ويقول المحلل السياسي العراقي، موفق الحربي، إن "إيران ربما تكون قد فقدت السيطرة على بعض هذه الميليشيات الموالية لها في العراق منذ فترة سبقت إجراء الانتخابات الاخيرة في العراق".

ويضيف الحربي لموقع "الحرة" أن "من الواضح أن بعض قادة الميليشيات بدؤوا يتصرفون بمفردهم وبمعزل عن إيران وباقي قادة المليشيات الموالية لها".

ويرى الحربي أن هذا الأمر "بدأ يظهر للعيان بعد فترة وجيزة من مقتل قاسم سليماني، لكنه برز بشكل أوضح بعد نتائج الانتخابات".

ويشير المحلل السياسي، رعد هاشم، إلى أن "إيران لا تخاطر بأن تقحم نفسها في فرض طرف خاسر، وهي تدرك أن الانتخابات فيها رابح يشكل انتخابات وخاسر يذهب للمعارضة أو يرمى له الفتات".

ويضيف لموقع "الحرة" "لكن في الوقت ذاته، قاآني يحاول أن يصور للعالم أن إيران ليس لديها سلطة بعد اليوم على الأطراف الخاسرة"، مشيرا إلى أن "هذا يندرج ضمن محاولاتها النأي بنفسها عما تقوم به هذه الميليشيات من تجاوزات أو تصعيد".

لكن أستاذ العلاقات الدولية، هيثم الهيتي، يؤكد في حديث لموقع "الحرة" أن "الحقائق على الأرض تثبت أن جميع قادة الميليشيات في العراق يخضعون لإرادتها (طهران) ولا يوجد منهم أحد يتجرأ على الخروج من عباءتها".

ويضيف الهيتي أن "إيران تحاول أن تتبادل الأدوار مع الميليشيات الموالية لها وهذا يجب أن لا ينطلي علينا جميعا.. الإيرانيون دائما يتلاعبون بورقة الميليشيات لمصالحهم الخاصة".

ويرى الهيتي أن "إيران لا تزال تعتبر الميليشيات الموالية لها جزءا مما يعرف بمحور المقاومة في المنطقة"، مبينا أنه "متى ما أظهرت طهران تبرؤها منهم بشكل علني فعندئذ يمكن أن نقول إنهم خرجوا عن سيطرتها".

وأشارت رويترز إلى أن مهمة قاآني الأخيرة في بغداد هي واحدة من عدة تدخلات إيرانية جرت على مدار العام الماضي لمنع تصاعد الصراع بين الجماعات الشيعية المتنافسة، والذي قد يهدد بتقويض نفوذ إيران في العراق وزعزعة استقرار المنطقة.

وقالت إن التوترات بين الأحزاب الشيعية في العراق يعتبر بمثابة إلهاء غير مرغوب به من قبل طهران التي تجري محادثات غير مباشرة مع واشنطن بشأن الاتفاق النووي.

وأضافت الوكالة أن حلفاء طهران العسكريين والسياسيين في العراق بدؤوا في الغالب كمجموعات شبه عسكرية تمولها وتدربها إيران ثم طوروا فيما بعد أجنحة سياسية.

وقالت إنهم "يعملون الآن كمجموعات عسكرية-سياسية مدججة بالسلاح وتسيطر على أجزاء من الاقتصاد العراقي ومؤسسات الدولة".

ونقلت عن مسؤولين عراقيين القول إن هذا التنامي في قوتهم "شجّع بعض قادة الميليشيات على التصرف بشكل أكثر استقلالية عن طهران".

وكذلك ذكرت الوكالة في تقريرها أن "بعض قادة الميليشيات يشتكون بشكل خاص من أن قاآني يفتقر إلى الكاريزما وإتقان اللغة العربية التي كان يتمتع بها سلفه قاسم سليماني".

وقتل سليماني في ضربة أميركية استهدفت موكبه قرب مطار بغداد الدولي، في يناير من عام 2020، كما قتل في الضربة نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق، أبو مهدي المهندس.

وقالت رويترز إن قاآني التقى أيضا، خلال زيارته التي أعقبت الهجوم على منزل الكاظمي، برئيس هيئة أركان الحشد الشعبي، عبد العزيز المحمداوي، الملقب بـ "أبو فدك"، وفقا لسياسيين اثنين مقربين من الميليشيات العراقية.

وقال السياسيان إن قاآني أبلغ المحمداوي ذات الرسالة المتعلقة بضرورة السيطرة على الميليشيات.

ولم يرد مكتب المحمداوي على الأسئلة المتعلقة باللقاء، وفقا لرويترز.

"مقاطعة الصدر للانتخابات"
وأكدت الوكالة أن المسؤولين الإيرانيين تدخلوا في عدة مناسبات أخرى لتهدئة التوترات بين القوى الشيعية، بما في ذلك خلال الفترة التي سبقت الانتخابات وشهدت إعلان الصدر مقاطعة العملية الانتخابية في يوليو الماضي، لكنه تراجع عن قراره بعدها بأسابيع.

ونقلت رويترز عن عبد الكريم الموسوي، عضو ائتلاف الفتح بزعامة هادي العامري، القول إن "هذا الأمر أثار قلق إيران، فلقد شارك الصدر دائما في التحالفات الشيعية الحاكمة، ومن شأن رفضه المشاركة في العملية السياسية ان يزعزع الأمور ويؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار".

ونقلت رويترز عن مسؤول في المكتب السياسي للصدر، لم تكشف عن اسمه، القول إن وزير الاستخبارات الإيرانية في حينه، محمود علوي ورئيس أمن الحرس الثوري حسين طيب ومسؤولين آخرين، التقوا ببعض أعضاء الفريق السياسي للصدر في بغداد.

وقالت الوكالة إن علوي والطيب حاولا إقناع الصدر بعدم مقاطعة الانتخابات، وفقا للمسؤول في المكتب السياسي للصدر.

وقال المسؤول في المكتب السياسي للصدر لرويترز إن "الصدر قرر العدول عن قراره لتجنب التصعيد بعد طلبه مشورة آية الله العظمى علي السيستاني"، مضيفا أن "الوساطة الإيرانية نجحت".

وذكرت رويترز أن ممثلا للمكتب السياسي للصدر امتنع عن التعليق على هذه المعلومات.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

830 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع