عراقيون يصفون قرار القضاء بالرياء ويطالبون بمحاسبة مبددي ألف مليار دولار.
العرب/بغداد – أثارت السلطة القضائية في العراق ردود أفعال ساخرة، بعد قرار معاقبة طبيب بتهمة الإساءة إلى مقام النبي محمد، في وقت يسرح ويمرح فيه العشرات من الفاسدين، المتهمين بقضايا تسببت في ضياع مليارات الدولارات، دون التعرض للمساءلة.
وأصدر القضاء العراقي حكما بالسجن لمدة عامين بـ”حق مدان أساء لمقام النبي محمد عبر صفحات التواصل الاجتماعي في محافظة الديوانية” جنوب العراق.
وقال بيان صادر عن السلطة القضائية في العراق إن “محكمة جنح قضاء عفك في رئاسة استئناف محافظة الديوانية أصدرت حكما بالحبس البسيط لمدة سنتين على مدان أساء لمقام النبي محمد عبر صفحات التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بالتهجم على مقام النبي في التعليقات وبكلمات بذيئة”.
وأضاف “بعد اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتهم تم القبض عليه وبعد التحقيق معه اعترف بملكيته للصفحة وأن جميع التعليقات كانت قد صدرت من قبله لكونه ملحدا”، موضحا أن “المحكمة وجدت أنه بفعلته هذه قد أساء إلى مقام النبي وآل بيته وهذا يمس الشعور الديني لملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وبذلك يكون المتهم قد ارتكب فعلا تنطبق عليه أحكام قانون العقوبات”.
ورغم القدسية التي يحظى بها النبي محمد وآل بيته في العراق والبلاد الإسلامية عموما، فإن هذا القرار “يدخل في باب الرياء”، على حد وصف مراقبين، وجدوا أن من الأولى الذهاب إلى محاسبة الفاسدين الذين بددوا قرابة ألف مليار دولار منذ 2003 أو تسببوا في سقوط مناطق واسعة من أراضي العراق في أيدي الجماعات المتطرفة، أو إشاعة نموذج الفشل المزمن في بناء الدولة.
ويقول المحلل السياسي العراقي عبدالرحمن الجبوري إن العراقيين اكتشفوا بعد الذكرى الـ17 للغزو الأميركي، أن مشروع الدولة ما زال حبرا على ورق.
وبالرغم من أن أي تجاوز على مقام الرموز الدينية مرفوض بشكل قاطع في العراق، إلا أن مراقبين تحدثوا عن “شبهة مجاملة” بين المحكمة المعنية بالنظر في القضية المذكورة، وأحزاب الإسلامي السياسي في مدينة الديوانية.
وربما ليس مصادفة أن يصدر هذا القرار في إحدى أشد محافظات العراق فقرا، حيث فشلت أحزاب الإسلام السياسي التي تحكم الديوانية منذ 17 عاما في مد شبكة للمياه الصالحة للشرب أو خدمات الصرف الصحي، فيما تعد مهنة العمل في محارق الطابوق، هي الأكثر انتشارا بين الشبان، بالرغم من آثارها الجسدية المدمرة، إذ لا تتوفر الكثير من فرص العمل هناك.
وكشف المدون العراقي محمد أوجي تفاصيل أكثر عن الحكم الصادر على خلفية إساءة مزعومة إلى مقام النبي محمد.
وقال أوجي إن “الطبيب حيدر نوري تم إلقاء القبض عليه من قبل الأمن الوطني في محافظة الديوانية بتهمة الإساءة إلى الرموز الدينية في تعليقات على فيسبوك، ويواجه الآن خطر الحبس لسنتين مثلما قالت المصادر للإعلام”.
ويضيف أوجي أن “مئات المنشورات المسيئة إلى رموز دينية مختلفة تنشر يوميا، وهناك رجال دين يسيئون إلى الرموز الدينية للطوائف الأخرى ولم نرهم خلف القضبان”، معتبرا أن “استغلال تعليقات حيدر لحبسه بهذه العقوبة الشديدة عبارة عن تعسف في استعمال سلطة القانون”.
وطالب أوجي بـ “محاكمة عادلة وعلنية للطبيب حيدر نوري”، رافضا “التستر على إجراءات الاعتقال والمحاكمة من قبل قضاء قد لا يكون محايدًا في مثل هذه الأمور الحساسة”.
وناشد “أصحاب القرار التدخل لضمان كرامة حيدر وسلامته والحرص على عدم إساءة معاملته وتوفير وسائل الاتصال به لمساعدته على تمثيل نفسه من قبل محامين يضمنون عدم ظلمه”، مطالبا “الأصدقاء جميعا والمنظمات الحقوقية بمتابعة موضوع الدكتور حيدر والضغط بهدف إطلاق سراحه أو محاكمته بشكل عادل وشفاف على الأقل”.
ويقول مراقبون إن السلطات الحاكمة ربما تستخدم القضاء لإسكات جميع الأصوات التي تتورط في توجيه انتقادات علنية لتجربة الإسلام السياسي في إدارة العراق، التي تجاوز عمرها 17 عاما، دون أن تترك بصمة نجاح في أي مجال.
824 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع