رووداو - أربيل:عقب عودة مجلس النواب العراقي إلى الالتئام، للتصويت على كابينة مصطفى الكاظمي، ومن ثم التهيؤ للتصويت على سبعة وزراء ضمن الحكومة الجديدة، لم يتم الاتفاق على أسمائهم لغاية اليوم، ظهرت على سطح العملية السياسية قضية حساسة، تتمثل بعزم مجلس القضاء التحقيق مع مسؤولين كبار ونواب، بتهم الفساد، والتحضير لرفع الحصانة عنهم.
ملف الفساد في العراق ليس بالأمر الجديد في ظل استشرائه منذ 2003 ولحد اليوم، لكن الجديد في الأمر أنه يأتي عقب أيام من تمرير كابينة الكاظمي، وعودة الشارع العراقي إلى الاحتجاجات في عدة محافظات، سواء في العاصمة بغداد أو في محافظات الوسط والجنوب، وعودة المطالبات الشعبية لمحاكمة المتهمين بالفساد، وتوجيه هذه المطالب إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الحاصل على تأييد ملحوظ من عدة أطراف محلية وخارجية.
وسائل إعلام عراقية، تداولت مؤخراً قائمة بأسماء كثيرة من النواب والمسؤولين، ممن يود مجلس القضاء الأعلى مفاتحة البرلمان لرفع الحصانة عنهم والتحقيق معهم بتهم فساد وغيرها، ومنهم قاسم الفهداوي ومثنى السامرائي وكاظم الصيادي وعبد الله عبد الحميد ذياب وصادق السلطاني وهريم كمال وفائق الشيخ علي وعالية نصيف ومحمد إقبال وعطوان العطواني وكاظم فنجان الحمامي وأحمد عبد الله الجبوري وعلي الصجري وندى شاكر جودت وطلال الزوبعي ومناهل جليل وبشار الكيكي وفلاح حسن زيدان، حسب وسائل إعلام عراقية مختلفة.
وأظهر مؤشر الفساد العالمي لعام 2019 أن العراق يحتل المركز 162 بين دول العالم، و16 بين الدول العربية.
المتهم بريء حتى تثبت إدانته
اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي، تؤكد عدم تلقيها أي كتاب رسمي بهذا الصدد، مشيرة إلى أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته".
ويقول مقرر اللجنة القانونية النيابية يحيى غازي لشبكة رووداو الإعلامية، إن "اللجنة لم تتلق لحد الآن أي كتاب أو ورقة رسمية بهذا الشأن"، موضحاً أنه "في حال وجود هكذا ملفات، فانها تكون تحت إشراف رئاسة البرلمان، ثم الدائرة القانونية، وتأخذ السياقات الطبيعية القانونية الخاصة بذلك".
ويلفت إلى أن "العطلة التشريعية هي من صلاحية رئاسة البرلمان، وفي حال عدم وجود عطلة تشريعية، من الممكن أن تعرض المسألة على البرلمان لرفع الحصانة عمن يثبت تورطه بملفات فساد".
ويضيف غازي أن "الإجراءات في هذه الأمور طبيعية وتأخذ سياقها القانوني"، مشيراً إلى أن "المحكمة هي من تفصل بمصداقية هذه الاتهامات".
هيبة القضاء
بدوره، يرى زعيم حزب الأمة العراقية مثال الآلوسي، أن "النظام الديمقراطي في العراق يستند على صيانة حقوق المجتمع وإيجاد عدالة ومساواة أمام القضاء لجميع المواطنين"، مردفاً أنه "لا يمكن أن يكون مفهوم الحصانة التستر على المخالفات أو الجرائم، وبالتالي فقد مضت 17 سنة من التغيير، ولازال البرلمان والقضاء متلكئين".
ويضيف لشبكة رووداو الإعلامية إن "هذا التلكؤ أدى إلى تفشي نزعات ونزوات السرقات والفساد المالي في البلاد"، منوهاً إلى أن "هنالك الكثير من الاتهامات لا يمكن أن نصل إلى حقيقتها، إلا من خلال قضاء عادل".
ويشير الآلوسي إلى أن "التستر بالحصانة أدى لفقدان الثقة بالبرلمان"، متسائلاً: "هل هؤلاء النواب يمثلون رأس الفساد أم هو جزء من اتهامات حزبية؟".
ويشدد الآلوسي على أنه "إذا أراد القضاء والنزاهة أن يعطيان هيبة لذاتهما، فيجب البدء من رموز الفساد"، مؤكداً أن "الرأس الكبير في الدولة العراقية، المتمثل برئاسة الوزراء والوزراء، يتحمل القضاء على الفساد والحد منه".
محاربة منقوصة
من جانبه، يرى المحلل السياسي احسان الشمري في تصريح لشبكة رووداو الإعلامية، أن "هذا الإجراء فيما لو تم، سيكون طبيعياً"، عاداً ذلك "خطوة إلى الأمام في قضية فتح التحقيق ببعض الشبهات للمسؤولين".
ويؤكد على "ضرورة أن تعمم هذه المسألة في كل مفاصل الدولة، وليس الاكتفاء فقط بالنواب، بل يجب أن تشمل أعلى المستويات بقضايا الفساد أيضاً"، مضيفاً أن "محاربة الفساد في العراق بحاجة إلى تكافل وتضافر السلطات الثلاث في البلاد".
ويحذر الشمري من أن "محاربة الفساد ستكون منقوصة في حال عدم التنسيق بين هذه السلطات"، لافتاً إلى أن "الكثير من الشبهات ظهرت مؤخراً، ولابد أن يكون هناك توجه لفتح مثل هكذا ملفات لاستعادة الثقة في الشارع العراقي".
ويشهد العراق منذ مطلع تشرين الأول 2019 تظاهرات احتجاجية شعبية كبيرة، ضد الطبقة السياسية في البلاد، نتيجة الفساد المستشري في العراق وارتفاع مستوى البطالة وتردي الخدمات وسوء الإدارة وغيرها.
836 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع