عراقي يفتح دفاتر قرنين من التاريخ في باحة مسجد

      

             همزة وصل بين الأجداد والأحفاد

حسن موسى عراقي ثمانيني عمل طيلة سنوات على إعادة الدور التثقيفي للمساجد من خلال جمع أكثر من ألف قطعة من الأدوات المنزلية التي تعود استعمالاتها إلى الأجداد بهدف بسط طرق عيش الأولين أمام الأجيال الحاضرة والقادمة.

العرب/كركوك (العراق) - حول العراقي حسن موسى مسجد الثقلين في مدينة داقوق (على بعد 40 كم إلى الجنوب من محافظة كركوك) من مكان للعبادة فحسب، إلى متحف صغير أيضا يحوي أدوات منزلية قديمة وقطعا أثرية من فترات مختلفة من التاريخ العراقي.

وأصبح بإمكان المصلين المتوافدين على المسجد لأداء الصلوات الخمس بفضل موسى أن يستمتعوا بالتجول في قسم محاط بسور تُعرض فيه هذه القطع الأثرية، في محاولة للحفاظ على تراث العراق ونمط الحياة العراقية للأجيال القادمة.

وعمل جامع التحف والأثريات البالغ من العمر 80 عاما على مدار عدة عقود وبإمكانيات محدودة، على تكوين هذا المتحف الذي يضم حتى الآن حوالي ألف قطعة. وتفتح هذه القطع نافذة على ماضي العراق، حتى حوالي 200 عام ماضية.

     

ويعرض العراقي الثمانيني بالمتحف خناجر وأواني وكاميرات وأجهزة تلفزيون وراديو وغيرها من الأجهزة والأدوات القديمة بعد أن نقلها إلى هناك في عام 2016.

ويطمح موسى الذي يعرض مجموعته النادرة مجانا، في أن يساهم المتحف في تعريف الشباب العراقيين ببعض محتويات ماضيهم، قائلا “يجب أن يكون للإنسان تاريخ، يجب أن يكون له ماض.. لقد قمت بإعداد هذا المتحف حتى تتمكن الأجيال القادمة من معرفة كيف عاش أجدادها”.

وأضاف “بلغت من العمر 80 عاما، ما بقي في العمرإلا القليل.. ولا أبحث من وراء إنشاء هذا المتحف عن أي أرباح مادية.. كل ما أفعله هو بمثابة ترك رسالة للأجيال القادمة من أجل زيارة هذا المتحف ومشاهدة تراثنا وكيف كان أجدادنا يعيشون”.
وأفاد أحد المصلين ويدعى علي جمعة “يجب على الشباب المجيء إلى هنا من أجل التعرف على تراث أجدادنا وتراثنا ورؤية السلع المنزلية التي كانت تستخدم في السابق.. الكاميرات والاتصالات، وأجهزة الراديو التي كانوا يستعملونها في السابق”.

ولفت أمير الجبوري، إمام المسجد الذي أقيم فيه المتحف، إلى أن هذه المبادرة تمثل فرصة ثمينة لعودة دور المساجد كمراكز للإسهام الثقافي والفكري.

وتابع الجبوري أن “هذه الفكرة جيدة للغاية، لأن المساجد ليست أمكنة للصلاة فقط”، موضحا “كانت المساجد في عهد الرسول محمد (ص)، منبرا لقيادة المجتمع وتوجيهه إلى المساهمات الاجتماعية والثقافية. هذا المتحف هو نتاج ثقافي يجمع بين الماضي والحاضر. لذلك يأتي المصلون للتأمل ويتذكرون تاريخ أجدادهم”.

مثل المسجد الوجهة الأولى للمسلمين، منذ القدم، للنهل من علوم الدين والدنيا، حيث أقام علماء المسلمين حلقات للعلم على مدار السنة، يتلقى الطلبة الدروس وما جمعه أساتذتهم من تراث الأوليين والآخرين. وهذا الشغف بجمع ما خلده الأجداد لبسطه على الأجيال القادمة لا يعد جديدا في العراق، لكن ما فعله موسى أنه نقل التراث إلى المسجد بدل جمعه في منزله.

وهناك العديد من الأمثلة عن عراقيين حولوا منازلهم إلى متاحف، من بينهم المعلم العراقي المتقاعد والعاشق للآثار يوسف عكار البالغ من العمر 80 سنة، والذي حوّل بيته الصغير في مدينة النجف الأشرف (الجنوب الغربي للعاصمة بغداد)، إلى شاهد على حلقات فريدة من تاريخ العراق، وذلك عبر مسدسات عمرها مئتي عام وساعات وحتى غنائم أُخذت من الجيش البريطاني أثناء ثورة عشرينات القرن الماضي.

كما حول سياسي كردي منزل أسرته في مدينة السليمانية الكردية إلى متحف فني يعرض فيه مجموعة أعمال فنية خاصة مؤلفة من أكثر من 500 لوحة لفنانين عراقيين بارزين.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

625 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع