فنجان قهوة مع الروائية والكاتبة والصحفية المبدعة إنعام كجه جي

 

    فنجان قهوة مع الروائية والكاتبة والصحفية المبدعة إنعام كجه جي

 

            

                      إيمان البستاني 

  

ضيفتنا ياسادة ياكرام ....عاشقة ...عشقت ألوطن وألصحافة ...وطنها عشقها الاول ساكن في مشارق ألارض ....عملها عشقها ألثاني أخذها لمغارب ألارض ....بقى  القلب بعد أنشطاره يجمع بين هذين ألعشقين ...هل رأيتم عاشقاً أنشطر قلبه نصفين؟...

ضيفتنا هي  الروائية والكاتبة والصحفية المبدعة الدكتورة إنعام كجه جي......

  

ولدت في بغداد ١٩٥٢ ...درست الصحافة والإعلام وعملت كإعلامية في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة قبل أن تنتقل إلى فرنسـا عام ١٩٧٩ لنيــل درجة الدكتوراه من جامعة السوربون في باريس، ولا تزال تعيش هناك حتى الآن، وتعمل كمراسلة صحفية لجريدة "الشرق الأوسط" ومجلة "كل الأُسرة".
وفي عام ٢٠٠٤ قامت بعمل فيلم وثائقي عن نزيهة الدليمي -أول امرأة تستلم منصب الوزارة في العالم العربي. كما نُشِــر لها العديد من الأعمال الأدبية
لورنا، سنواتها مع جواد سليم- ١٩٩٨
كلمات عراقية- ٢٠٠٣
سواقي القلوب- ٢٠٠٥
الحفيدة الأميركية- ٢٠٠٨
وقد اختيرت روايتها الثانية "الحفيدة الأميركية" في القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربي

                      

أهلاً وسهلاً بضيفتنا ألمبدعة ألدكتورة إنعام كجه جي في ألمجلة ألثقافية ألگاردينيا ....

هل لك أن تحكي لنا رواية ألطفولة وأعتقد بداياتها كانت  في ألكرادة ....لم أتوفق في ألعثور على معلومة تجعلني انا الراوية ....لذا سأترك ألامر لك.
ولدت في شارع الهندي، الكرادة داخل، وكانت مدرسة الحكمة، القريبة من دارنا، أول مدرسة ذهبت إليها. لكن طفولتي كانت حزينة في بداياتها بسبب إصابتي بمرض شلل الأطفال الذي كان منتشراً في تلك السنوات ولا يعرف له لقاح في العراق. وقد بقيت مقعدة لفترة من الزمن بسبب شلل ساقي اليسرى، أتفرج على الدنيا من النافذة ولا أخرج من البيت. ثم بفضل العناية الالهية ودعاء والدتي وعماتي، وبحنكة الدكتور عبدالأمير علاوي، شفيت من مرضي وانطلقت أجري في الدنيا لتعويض ما فات، ولعل عملي في الصحافة والميل للاختلاط بالناس هما ردة فعل على سنوات الحبس تلك.



لماذا أخترت  مهنة ألمتاعب ألصحافة وهل محيط ألاسرة من شجع هذا؟
لا أدري لماذا تعلقت بهذه المهنة من الصغر، فقد كانت والدتي تتحدث عن أخيها اسطيفان كجه جي، الذي مات في البصرة، في سن مبكرة، وكان صحافياً في جريدة "الأيام" ومطبعياً. وفي المتوسطة أصدرت إولى مجلاتي "التلميذ" ونصبت نفسي رئيسة للتحرير، وكنت أُحرر موادها مع عدد من الزميلات وأكتبها باليد ثم نوزعها على الطالبات في مدرسة راهبات التقدمة، في الباب الشرقي. وكان من الطبيعي أن أتوجه، بعد الثانوية، الى قسم الصحافة في جامعة بغداد، وأن أبدأ العمل متدربة في جريدة "الثورة" منذ سنتي الدراسية الأُولى، عام 1970. وما زلت صحافية منذ ذلك الوقت، لم أتوقف عن العمل يوماً واحداً، سواء في الصحف العراقية أو إذاعة صوت الجماهير، ثم في مجلات "الوطن العربي" و"الجيل" و"الحوار" و"الدولية" في باريس، ومراسلة لمجلتي "الشروق" و"كل الأُسرة" في الشارقة،  ولجريدة صحيفة "الشرق الأوسط" في لندن.

 
يستذكر ألسيد عبدالرزاق الربيعي بالموقف الوحيد الذي جمعه بالكاتبة إنعام كجه جي عام ١٩٧٥ في الوزيرية بمبنى مجلة المسيرة يقول على بعد خطوات شاهدنا لافتة تشير الى مجلة " المسيرة" التي كان قد صدر منها عدد واحد ’ فعرجنا عليها , دخلنا وهناك وجدناها هناك قالت مرحبة بنا: أهلا بكم , هل من خدمة أقدمها لكم ؟
فإرتبكنا , لم نعتد أن نتكلم مع النساء السافرات والجميلات،لوحت لنا بإبتسامة مشرقة بددت صمتنا وإرتباكنا
قلت لها : أقرأ لك ,ولم اكمل فإبتسمت , تلك الإبتسامة جعلتني مفوها فنطقت :لقد عملنا هذه المجلة بأنفسنا ,ونحب ان نسمع آراءكم
أخذت المجلة مني وبدأت بتصفحها , وسط صمت مرتبك
بعد أيام صدر العدد الجديد من (المسيرة) وكانت به صفحة عن مجلتنا حيث كتبت مقالا لا ازال أذكر عنوانه وهو ثلاثة حملوا الينا الفجر
بعد شهور إختفى إسم إنعام كجه جي من الصحافة ....هل تذكرين هذا اللقاء؟
تقابلت والزميل الشاعر عبدالرزاق الربيعي في باريس، في مناسبة أدبية، قبل أشهر، واسترجعنا الذكريات. ويسعدني أن أقرأ، اليوم، لصحافيين عراقيين صاروا معروفين في وسائل الإعلام العربية والقنوات الفضائية وكنت قد عرفتهم وهم بالسروال القصير، أو شباناً يافعين يهوون الكتابة ويسعون للعمل في هذه المهنة المباركة. والحقيقة أن اسمي لم يختف من الصحافة، كما كتب الربيعي، لكن الصحف التي كنت أكتب فيها كانت لا تصل العراق. كما أنني أُحب لعبة الأسماء المستعارة وقد استخدمت العشرات منها خلال السنوات الأربعين الماضية، ولي منذ أكثر من عشرين عاماً صفحة أُسبوعية بتوقيع رجالي في إحدى المجلات العربية الشهيرة.

  

في روايتك "سواقي ألقلوب" استحضار لشخوص أظنها حقيقية. تبدأين ألرواية بتجربة الرحيل عن العراق عند نقطة التفتيش في الحدود العراقية - طريبيل ...هل هي تجربتك ألذاتية ...ومن هم سارة والمرأة كاشانية خاتون؟
سارة وكاشانية شخصيتان من وحي الخيال. والرواية لم تكن تجربة ذاتية بدليل أن البطل رجل وأنا امرأة، أما حبيبته فتموت وأنا ما زلت حية. لكن الكاتب ينهل من ذاكرته في ما يكتب، أو يصف ما يرى بعد أن يلبسه ثوب الأدب، أو يطلق العنان لبنات أفكاره. لهذا تبدو كتاباتي نتفاً من سيرة ذاتية، ذلك أن لي ذاكرة تهدر، بل تصرخ، بما عشته في سنواتي العراقية وكأنها تتدفق لتسجيل ما فات ولن يتكرر.


في "الشرق الاوسط" لك مقالات عديدة متنوعة ...لم أستطع أحضار جميع عنوانيها ...منها صدام وألدكاترة و المسقوف والمخلل وأسلحة الدمار الشامل..الأندلسية «آن هيدالغو» أول امرأة تنافس على ترأس بلدية باريس......هل هي توثيق صحفي لأحداث ألساعة؟
بعض ما ذكرت مقالات نشرت في صفحة الرأي، والباقي تقارير أخبارية. وقد توقفت منذ سنوات عن وضع اسمي على الأخبار التي تنشر لي في الجريدة لأنها يومية وكثيرة ولا تعدو عن كونها أحداثاً عابرة. نعم، إن الصحافي، كما تعرفين، شاهد عصره.

شلش العراقي   وصلته رسالة منك معقبة على مقال نشره , فذكر أنها شهادة تستحق أن يعلقها على صدره من كاتبة عراقية معروفة ...ماذا كتبت له فقير مدينة ألثورة...أعتقد هذه بداية ألرسالة.
لفت شلش العراقي نظري منذ أن بدأ النشر في موقع "كتابات". وكان فضولي يحرضني على معرفة هوية صاحب هذا القلم الساخر النادر. وقد كتبت تقريراً عنه وعن طرائف مقالاته الانتقادية الحادة في جريدة "الشرق الأوسط". وما زلت أجهل من هو هذا الذي تصفينه بأنه "فقير مدينة الثورة" الثري بأُسلوبه المميز، ويزعجني انتحال آخرين للإسم، فيما بعد.

  


يشخص كتاب  ( لورنا .. سنواتها مع جواد سليم ) حقيقتين مهمتين لتاريخ الفن العراقي من خلال متابعتك لماضي ومستقبل لورنا سليم الفنانة الإنكليزية ـ العراقية التي ارتبطت بواحد من أهم رموز الفن التشكيلي العراقي وهو جواد سليم ، متمتعين بمعرفة تلك الحقائق الحية والتفاصيل الفنية عنه والتي لم نعرفها سابقا بهذه الدقة (وخاصة المشاكل التي اعترضته في تحقيق نصب الحرية) وكذلك عن معاناته الحياتية حتى وفاته ...هل لكي أن تحكي لنا عن هذه ألتجربة؟
تعرفت على لورنا في معرض أقامته في لندن وكنت هناك بالمصادفة. لم أُصدق أنها ما زالت على قيد الحياة لأن أخبارها كانت قد انقطعت عنا منذ سنوات سابقة. وبدأ الأمر بمقابلة صحفية معها. ثم وجدت أمامي نبعاً يستاهل ما هو أكثر من مقابلة. وهكذا قصدتها إلى قرية "أبرغافاني" التي تقيم فيها في مقاطعة ويلز، وأمضيت معها وقتاً كنا فيه لا نأكل ولا نشرب بل تتحدث وأنا أُسجل الشريط تلو الآخر. ثم تكرمت الناشرة رشا الأمير واعتنت بإصدار الكتاب بتصميم باذخ عن "دار الجديد" في بيروت. وما زال بيني وبين لورنا سليم مراسلات ومهاتفات.

       


كتبت عن فكتوريا نعمان أول مذيعة وأقدم منفية عراقية والمؤرخ والشاعر مير بصري ألذي رحل في لندن وعينه على بغداد...وأخرون ...هل كتاباتك وفاء لشخوص تعرفينها؟
بل وفاء للعراق الذي علمني وهذبني وشد عودي ودعم بداياتي وما زال يلهمني ويرفع رأسي، رغم كل الخراب. إن كل شخصية عراقية ترحل بدون أن تأخذ حقها من الضوء تترك فجوة في تاريخ البلد المعاصر وفي تركة الأجيال التالية. ولهذا اهتممت بالكتابة عن المذيعة الأُولى فكتوريا نعمان، والوزيرة الأُولى نزيهة الدليمي...

   

والشاعرة لميعة عباس عمارة، والرسامة سعاد العطار، والصحافية أقدس الملوك عبدالحميد التي كانت رئيسة لتحرير صحيفة في بغداد الأربعينات، والناشطة الاجتماعية رباح الركابي التي رسمها جواد سليم، والضابط المتقاعد شليمون ميخائيل بطل معركة جنين في حرب فلسطين 1948، والروائيين اليهود من أصل عراقي سمير نقاش ونعيم قطان وشمعون بلاص وسامي ميخائيل وغيرهم. وقد تلاحظين اهتمامي في كتاباتي بأبناء وبنات الأقليات، ذلك أن عراقيتهم لا تقل عن وطنية الأكثريات.

                                                              


روايتك بعنوان ''الحفيدة الأميركية'' ألحائزة على جائزة ألبوكر تقدمين فيها تصورا لفتاة عراقية، زينة بهنام، هاجرت مع اهلها الى اميركا هربا من قمع الدكتاتورية، لتعود في سن النضج كمترجمة مع القوات التي احتلت بلادها. كيف كان تحضيرك لرواية تسجل الواقع العراقي من منظورين متعاكسين .؟؟ في لطف بدا اقرب إلى التحدي كتبت الاهداء  "...اذا كنت تحتمل جرعة اضافية من الوجع العراقي.. فتلطف بمطالعة روايتي".
لم تنل روايتي البوكر بل اختيرت ضمن الروايات الست للقائمة القصيرة للجائزة. وقد كتبتها لنفسي، أولاً، حين كنت أُحاول أن أفهم كيف يمكن لشخص من أصل عراقي أن يشارك في غزو جيش أجنبي لبلاده ويتعاون مع من يحتل مسقط رأسه. وقد بدأت التحضير للرواية بالرجوع الى الوثائق والتقارير الصحفية المنشورة عن الحرب، ثم بالسفر الى الولايات المتحدة لسماع شهادات وطرح أسئلة وتجميع معلومات تفيدني في الكتابة. ولهذا جاءت الرواية قرببة من الواقع، تعكس صراع الذات العراقية مع نفسها في ظروف زلزالية يشعر فيها المرء وكأنه يسير فوق رمال متحركة. أما الإهداء الذي تتحدثين عنه فهو عبارة شخصية كتبتها عندما أرسلت الرواية لأحد المعارف. والإهداء "الرسمي" المطبوع في أول الكتاب فهو لشقيقي طلال.

أستشف من عبارتك في أحد المقالات ...."تلزمني نخلة. نخلة حقيقية لا من فسائل الزينة التي تباع في كشتبانات".......هل الحنين إلى الوطن يستيقظ معك كل صباح؟

        
ومن منا لا يستيقظ مع الحنين؟ هل تصدقين أنني ما زلت أبحث عن تلك النخلة؟ إن لدى باعة المزروعات في باريس نخيلا قصيرة وهشة مثل شعر البنات ولا تفي بالغرض. وأنا أحلم بنخلة وارفة أتمدد تحت سعفاتها وتتدلى عليّ عذوقها المحملة بالتمر. لعلها تركة من تأثيرات والدتي البصراوية المولد. ثم ما به الحنين؟ ولماذا يقولون إنه مرض؟ أنا سعيدة بمرضي ومرتاحة له وما زلت أستيقظ في بغداد تحت نخلة الدار، كل صباح باريسي، إلى ما شاء الله.


تقولين أيضاً "أتجمّل ذاهبة الى صحبة كتاب" ...ماهي طقوسك في ألكتابة؟
ليست لي طقوس. نحن الصحافيين تعودنا الكتابة في المكتب أو في البيت على طاولة المطبخ أو في المقهى أو في الطائرة وحتى في حمام النسوان. يكفي حضور الورقة والقلم، وحالياً الحاسوب النقال، لكي تتراصف الحروف والأفكار. إن الطقوس من ترف الكتّاب الهواة.


عن منشورات 'شنغهاي 99'، إحدى أبرز دور النشر المستقلة في الصين، صدرت الترجمة الصينية لروايتك 'الحفيدة الأميركية' هل تلقيت  ردود أفعال الصينين عن الرواية؟
أظنك تمزحين، فأنا لا أقرأ الصينية لأطلع على ما ينشر هناك. لكنني أسكن في عمارة تقع فوق المركز الثقافي الصيني في باريس، وقد ذهبت إليهم لكي يساعدوني في قراءة اسم المترجم، لأنه مكتوب بالصينية، وفوجئوا برواية عراقية مترجمة الى لغتهم، وطلبوا مني أن أترك نسخة الرواية لمكتبة المركز.

   

في ٢٦ أيار٢٠٠٤ كتبت  "باريس تحتفل بمرور 300 سنة على ترجمة ألف ليلة وليلة إلى الفرنسية على يدا المستشرق انطوان غالان"....تقولين فيها هل كان شهريار قاتلا بالجملة، اي «سيريال كيلر» بمصطلح هذه الايام؟
أظنه كان كذلك. ما رأيك؟ ولو عاش في زماننا لأطلقوا عليه لقب "سفاح النساء". إن عبارتي مجرد محاولة لاستدراج القارئ بفكرة جديدة... لقد صار على الكاتب والصحافي أن ينصب المصائد للقراء بعد أن انصرفوا الى التلفزيون وصحافة الألكترون.


ماهي مشاريعك ألمستقبلية ...وهل تمنحين نفسك فاصلاً زمنياً بين عمل وأخر ....أم الحدث والصدفة من يقرران؟
الوقت هو الذي يقرر. وحينما تتكرم عليّ الصحافة بزمن إضافي يسمح بكتابة الروائية فإنني أستغله بدون إبطاء. وحالياً أعمل في رواية بعنوان "طشاري"، عن الشتات العراقي في أربعة أطراف المعمورة، من خلال سيرة حياة طبيبة عراقية تهاجر بعد أن بلغت الثمانين.

 
لو قلت لك بغداد..... تنتظرك على الهاتف ...ماذا ستقولين لها؟
آلو؟ شلونج عيوني؟


كلمة أخيرة لقراء مجلة "الگاردينيا" ولقرائك ومتابعيك؟
أرجو وساطتكم لكي تتكرم نقابة الصحافيين العراقيين وتعيدني إلى عضويتها. وأنا ما زلت أحتفظ بهوية النقابة في صندوق حاجياتي الثمينة.

أما كلمتي ألاخيرة ....لو قال لي أحدهم أيام كنت في بغداد ...بأنني سألتقي يوماً بالكاتبة المبدعة إنعام كجه جي ....لقلت لقد جُنَ ألرجل.
في أمان ألله لضيفتنا ....ولكم.

             

                                 

                             

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

530 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع