الـمخدرات..بمناسبة اليوم العالـمي لـمكافحة الـمخدرات
تمر علينا بعد أيام وبالتحديد يوم 26 حزيران الذكرى السنوية لليوم العالمي لمكافحة المخدرات حيث يجدد العالم المتحضر عزمه وتصميمه على مواصلة الحرب ضد هذا العدو المدمر من خلال التنسيق والجهد الجماعي الدولي للحد من خطورته .
منشورات بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات
العراق وفي وضعه الحالي بحاجة ملحة للانضمام إلى هذا الجهد الدولي من خلال المشاركة الجادة في نشاطاته للحيلولة دون وصول آثار هذا الوباء الخطير فيه إلى مستوى تجعل مواطنيه من المتعاطين والمتاجرين بهذه المادة اللعينة على غرار الدول المصنفة دولياً بخطورتها في هذا المجال.
تناولت دراسة هذا الموضوع لأهميته وتزامنه مع هذه المناسبة من خلال اعطاء فكرة مبسطة عامة عن تاريخ تعرف الإنسان على المخدرات والآثار الخطيرة لها على الناحية الصحية والاجتماعية للإنسان والمجتمع وتقييم وضع العراق وفق المستجدات على الساحة السياسية بعد سقوط نظام صدام حسين من هذه المادة والخطوات الكفيلة في الحد من تسربها إلى العراق والدول المجاورة عن طريقه.
لمحة تاريخية:
يتضح من السجل التاريخي الطويل للمخدرات انها آفة عرفها الإنسان منذ العصور الاولى التي قد ترجع بدايتها إلى العصر الحجري حيث استخدمتها بعض القبائل في طقوساتها الدينية أو لمعالجة بعض الأمراض , كما عرفها الامبراطور الصيني (شن ننج) منذ 2700 سنة ق.م , اما هوميروس فقد ذكرها في ملحمته الشعرية الاوديسة حيث ورد فيها أن (هيلين) قامت بمزجها كمسكن لآلام المرضى.
صورة للهنود الحمر وهم يتعاطون المخدرات للبحث عن النشوة
إن انتشار استخدام المخدرات في المجال العلاجي أو كمخدر لخلق شعور بالنشوة والراحة بدأ في مستهل القرن التاسع عشر في مناطق محددة ومن ثم انتشرت في معظم بلاد العالم لكن درجة شيوعه من بلد إلى أخر قد تباينت تبعا لعوامل كثيرة حضارية واقتصادية ونفسية وذوقية ... ومع تزايد الاقبال على تعاطي المخدرات أخذ العلماء والمفكرون يحققون ويمعنون في آثارها على الكيان البشري صحياً واجتماعياً ونفسياً واقتصادياً , وارتفعت أصوات السياسيين ورجال الدين في العالم بعد أن توضحت لهم مخاطر سوء استخدام المخدرات منذرين بالخطر الداهم ومطالبين الاسراع في قيام تعاون دولي وثيق وفعال لمكافحتها ومما يجدر الانتباه إليه أن دول العالم لم تتخذ موقفاً موحدا اتجاه قضية من القضايا الحساسة على الساحة الدولية مثلما فعلت تجاه مسألة المخدرات من خلال عقد المؤتمرات وتوقيع المعاهدات ... ومنها تشكيل هيئة خاصة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة زراعة وإنتاج المخدرات , كما وقد تم التوقيع على معاهدة دولية تستهدف تنسيق الجهد الجماعي في هذا المضمار.
وأخيراً فقد اعتمد المجتمع الدولي وفي مضمار محاربة هذه الآفة من خلال اعتماد يوم 26 حزيران من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة المخدرات من أجل متابعة ما تم تحقيقه دولياً في هذا المجال على الصعيدين الدولي والحكومات المحلية.
صورة لبعض أشكال وأنواع المخدرات
الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية:
أولاً: الآثار الصحية والنفسية:
إن استخدام بعض أنواع المخدرات كعلاج طبي له منافعه في حياة الإنسان لكن استخداماته خارج هذا الإطار تنطوي على أضرار بالغة الخطورة على صحة الفرد والجماعة من الناحيتين البدنية والنفسية.
1-الناحية البدنية : لقد اسفر تفشي المخدرات عن خسائر بشرية كبيرة في بعض مناطق العالم وتعاطي المخدرات والإدمان عليها بشكل خاص يؤدي الى آثار وبائية بالصحة البدنية السليمة حيث ينعكس ذلك على نشاط الانسان وخمول حركته وتحركه الفسيولوجي بالإضافة إلى الآثار الأخرى المتعلقة بالإصابة بأمراض معينة أو استعداد جسم الإنسان المدمن للإصابة بها.
2-الناحية النفسية : المخدرات تؤثر تأثيراً متفاوتاً تبعاً لنوعية المخدر ودرجة وأسلوب تعاطيه على الوظائف العقلية للإنسان والشخص المدمن يتأثر من حيث النتيجة سلباً في حالة حصوله على المخدرات وتعاطيها وسلباً أيضاً في حال عدم حصوله عليها.
طريقتان من طرق تعاطي المخدرات
ثانياً: الآثار الاقتصادية والاجتماعية:
إن الآثار السلبية لتعاطي المخدرات تنعكس على الفرد والمجتمع من الناحية الاقتصادية ويمتد هذا التأثير بطبيعة الحال إلى الناحية الاجتماعية أيضاً. فالدولة تنفق أموالاً ضخمة في سبل مكافحة وتعاطيها.
أما المدمن فلا شك من أنه أيضاً ينفق جانياً كبيراً من دخله في سبيل الحصول على المخدر وعلى حساب حاجاته العائلية الأساسية كما أنه يتحول إلى عنصر عاطل عالة على المجتمع.
نبات الخشخاش الذي تستخلص منه بعض أنواع المخدرات
العراق والمخدرات:
إن اسقاط نظام الحكم السياسي في العراق والذي كان يقوده الرئيس العراقي السابق (صدام حسين ) من قبل دول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 9/4/2003 لا يعني بالضرورة نعته بالتخلف والسلبية في جميع جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت فيه الكثير من الجوانب الايجابية والتي توازي في رقيها وتقدمها ما هو موجود في البلدان المتحضرة , كما وأن النهج الشمولي في ادارة الحكم لا يعني تأثيره على الجوانب الأخرى وفي مقدمتها الجانب الذي نحن بصدد البحث فيه في مجال مكافحة المخدرات حيث كان العراق يتميز عند مقارنته بالمناطق الاخرى من العالم في أنه من المناطق النظيفة والخالية من هذا الوباء الخطير , ويعتقد بأن هذا التميز مرده تمسك العراقيين بالاعتبارات الاخلاقية ونظرتهم إلى مدمن المخدرات واعتباره شخصاً منحرفاً وشاذا يفتقر إلى قيم الرجولة الصحيحة ورفضهم التعامل معه لكونه عنصراً غريباً عن تقاليد وعادات المجتمع , و العامل الأخر الرادع فهو العامل الديني الذي يحرم تعاطي واستخدام هذه المواد.
أما العامل الأهم في نظرنا هو صرامة الإجراءات الوقائية والقانونية التي كانت مطبقة بحق متعاطي المخدرات والمتاجرين بها وفرض العقوبات الصارمة على من تثبت اتيانه أي فعل من التصرفين المذكورين.
المخدرات الإيرانية تعبر الحدود العراقية بدون تفتيش
بسقوط نظام حكم الرئيس العراقي السابق (صدام حسين) وانتشار الفوضى والفساد في كافة مفاصل الدولة وفي مجالاتها العديدة ومنها الذي يعنينا حيث أصبحنا نسمع الكثير من القصص والحكايات عن تجارة المخدات وتعاطيها من قبل بعض العراقيين وحتى زراعتها في بعض المناطق .
يتحتم على الحكومة العراقية إعادة النظر في برنامجها في مجال مكافحة المخدرات وتحديثها وفق المتغيرات الحاصلة فيه والمنطقة للأسباب التالية: -
1-يقع العراق في منطقة قريبة نسبياً من أبرز مناطق انتاج المخدرات في العالم
2-الوضع السياسي والاقتصادي في العراق وما تشهده المنطقة من انتعاش كبير للنشاط التجاري بين العراق والدول المجاورة واستمرارية هذه الحركة لسهولتها ولانعدام العوائق والمراقبة الجادة وشيوع الفساد بين العاملين في هذا المجال , يغري البعض من ضعفاء النفوس والمستغلين الجشعين في جعل أرض العراق معبرا لها من الدول المنتجة وإلى الدول المستهلكة.
مخدرات بنكهة وهيئة الشوكولاته
إحدى طرق تهريب الحبوب المخدرة على هيئة مكسرات الفستق
وأخيراً لابد من الاشارة الى بعض الخطوات الضرورية لمحاصرة أية نشاطات في مجال تجارة وتعاطي المخدرات ومنها:
1- وضع مراقبة شديدة وفعالة لمنع زراعة المخدرات ومراقبة ومنع زراعة بعض أنواعها في الحدائق العامة والخاصة إهمالاً أو تقصداً أو جهلاً وبقصد الزينة.
2- مضاعفة الجهود التي تبذل لمكافحة تهريب المخدرات من وإلى الدول المجاورة وتهيئة المستلزمات الضرورية.
3- مراقبة الأسواق والمحلات التي تتعامل بالأدوية والعقاقير والتأكد من عدم تداول المواد المخدرة.
4- تشديد العقوبات على متعاطي وتجار المخدرات.
5- تشريع القوانين التي تحرم صرف الأدوية والعقاقير المخدرة من الصيدليات إلا تحت رقابة شديدة وبعد التأكد من أنها لا تصرف إلا للأغراض الطبية.
6- التنسيق والتعاون مع المنظمات الدولية المعنية وتبادل المعلومات حول النشاطات المرتبطة بتجارة المخدرات.
7- القيام بحملات توعية مكثفة وتسخير وسائل الإعلام المختلفة لهذا الغرض وتوضيح الآثار والمخاطر العديدة للمخدرات على الإنسان.
إحدى الندوات للتعريف بالمخدرات وطرق مكافحتها في جامعة بابل - العراق
611 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع