مفارقات من الحياة ٧- الدعاء المستجاب

محي الدين محمد يونس

مفارقات من الحياة ٧- الدعاء المستجاب

هوايتي وعشقي للكتابة يجعلني في الكثير من الأحيان استغرق في التفكير العميق لأجد حدثا او شخصا يقع اختياري عليه في الكتابة عنه وحظيت هذه المرة فوقع اختياري على الشخصية الاربيلية الاصيلة المرحوم الدكتور عبد الرزاق شهاب الدباغ.
ولد في مدينة أربيل عام (1932 م) في محلة القلعة درس في كلية الطب الملكية العراقية وتخرج منها عام (1956) وتم تعينه في المستشفىٰ الملكي التعليمي (المجيدية) واثناء وجوده في هذا المستشفى عاصر انقلاب ( 14 تموز 1958) واشترك مع زملائه في معالجة جرحىٰ قصر الرحاب الملكي لذلك اليوم من جراء الاحداث التي وقعت فيه , في عام (1964) تم قبوله للدراسة في بريطانيا في كلية الجراحين الملكية في لندن و حصل على شهادة الدبلوم العالي في موضوع الجراحة العامة ويعتبر من اول جراحي أربيل ويكاد يكون الطبيب الوحيد آنذاك في الجراحة و الحالات الأخرى.


الدكتور عبد الرزاق شهاب الدباغ



الدكتور عبد الرزاق شهاب الدباغ في عيادته

بالإضافة الي ممارسة مهنة الطب فقد شغل وظائف حكومية عديدة علىٰ سبيل المثال لا الحصر .... مدير عام صحة أربيل، نقيب أطباء أربيل، نائب امين عام الشؤون الاجتماعية، امين عام الشؤون الاجتماعية (بدرجة وزير).

سماته وخصاله:
كان الدكتور عبد الرزاق الدباغ متواضعاً متسامحاً ولا يتردد في خدمة من يحتاج الى مساعدته ومعالجة الفقراء مجاناً في عيادته الخاصة ومهما ذكرنا من خصال هذا الانسان الطبيب الطيب الأمين والصادق فهي قليلة بحقه.
في يوم الخميس (20 أيلول 2018) رحل عنا الدكتور عبد الرزاق شهاب الدباغ شيخ جراحي أربيل بعد ان ترك مسيرة حافلة بالمنجزات والذكريات الطيبة التي لا حصر لها وستبقى ذكراه خالدة.


الزعيم الكردي مصطفى البارزاني مع رجال الدين

الحديث عن عبدالرزاق شهاب الدباغ يقودنا للحديث عن محاولة اغتيال الزعيم الكردي (مصطفىٰ البارزاني) عندما قامت السلطات العراقية و بإشراف مباشر من قِبل مدير الأمن العام (ناظم گزار) بإرسال مجموعة من رجال الدين الى منطقة حاج عمران التي كانت خاضعة لسيطرة الحركة الكردية بتاريخ (29 أيلول 1971) لمقابلة الزعيم الكردي ظاهرها بهدف انهاء المشاكل العالقة بين السلطات العراقية و الحركة الكردية  وكان أعضاء الوفد باستثناء السائقين من رجال الأمن يجهلون ما يبيته لهم وللزعيم الكردي،  (ناظم گزار) من نوايا شيطانية إجرامية أسفرت عن مقتل جميع رجال الدين ومرافقيهم من عناصر الأمن واصابة الزعيم الكردي (مصطفى البارزاني) بشظية في خده قام الدكتور عبد الرزاق الدباغ بمعالجته في نفس اليوم.



ناظم گزار

وأخيرا وكعادتي و محاولة مني في تجميل مقالاتي بحكاية مشوقة أو طرفة حيث استنجدت بذاكرتي المعطاء والتمست منها استرجاع ما يجول فيها من حكاية تتلائم مع ما نحن فيه فاستجابت لمرامي و ذكرتني بالحكاية التالية: قمت بزيارة المرحوم حسين خضر  أغا السورجي عام (1995) عندما كان راقداً في مستشفىٰ أربيل الأهلي لوعكة صحية المت به وبينما كنت جالساً عنده دخل علينا الدكتور (عبد الرزاق شهاب الدباغ) بملابس العمل (الصدرية البيضاء و السماعة في عنقه) وبعد السلام والاستفسار عن حالة المريض ومدى استجابته للعلاج جلس معنا وبدأ الحديث موجها كلامه لمريضه (حسين أغا السورجي ) قائلاً له " انا عالجتك طبيا بالأدوية ولابد من معالجتك نفسياً بهذه الحكاية الطريفة التي حصلت لي مع احد مرضاي وبدأ يحكيها ... كنت قد اجريت عملية جراحية لأحد الأشخاص وكان يعاني من التهابات في غدة البروستات وصعوبة التبول وبعد أن أصبحت كل الوسائل الاخرىٰ غير مجدية لمعالجة حالته وكان شخصاً بسيطا وفقير الحال فأشفقت عليه وتبرعت بإجراء العملية الجراحية له علىٰ حسابي الخاص وشاءت الصدفة أن التقيه في احد شوارع مدينة أربيل بعد عدة شهور  ولدىٰ مشاهدته لي عرفني وتقدم نحوي مسرعاً وبشوق وهو يذكرني بالعملية التي اجريتها له ويلهج بالدعاء لي ولعائلتي والصحة والسلامة  والستر ويكرر ذلك فما كان مني الا أن ابادره قائلاً:  

 

المرحوم حسين أغا السورجي

((هسه خلينا من هذا الحجي گلي صحتك شلونها))؟؟.

ورد عليَّ ببساطة وعلىٰ نياته العفوية:((دكتور كلما اگعد أبول أدعيلك))

ورديت عليه ضاحكاً (دعائك مستجاب !!!)
ومع نهاية هذه الحكاية الطريفة التي ذكرها الدكتور (عبد الرزاق شهاب الدباغ) التي قوبلت بالسرور والضحك المتواصل من قبل الحاضرين، اختم مقالي هذا بالدعاء من الله عزت قدرته في أن يشمل الفقيدين (حسين أغا السورجي والدكتور عبد الرزاق شهاب الدباغ) بواسع رحمته وغفرانه ويجعل مثواهم الجنة.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

991 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع