الادعاء بالاعراق والانساب وسائل ابتزاز ومتاجرة

                                           

                           يوسف علي خان

ليس كل من سكن ارض العرب فهو عربي وهذه حقيقة ثابتة وواقعيه لا يمكن نكرانها... ولكن كل من ولد في ارض العراق هو واجداده ومكث فيها  او كان موجودا في 24/ اب / 1921 فهو عراقي بنص القانون وبحكمه بغض النظر عن جنسه وعرقه وطائفته ويتمتع الجميع بنفس الحقوق…. هكذا كان قانون الجنسية الذي غيره بريمر وشوه صورته ..

وبصرف النظر عن هذه القوانين الوضعية.. فان القومية لم يعد لها نفس الوصف الذي تعارف عليها المتشددون من  الناس.. انطلاقا من ادعائهم بعراقة واصالة وصفاء هذه الاعراق.. متغاضون او متغافلون عن ما شاب الاعراق العربية اوغيرالعربية من تداخلات عرقية اخرى عن طريق التزاوج بين  المواطنين المقيمين في أي منطقة جغرافية على وجه البسيطة او بسبب التنقل والهجرة والغزوات التي تستباح خلالها النساء ويسبى الالاف منهن ويؤخذن اسرى و سبايا الى تلك البلدان الغازية والمكتسحة للبلاد ومن جميع الاجناس.. حتى من السود والبيض مما ادى الى اختلاط الاعراق مع بعضها البعض وانتاج اجناس هجينة لا يمكن ان يدعي احد نقاوة جذوره واصالتها… فلم تبقى قبيلة لم تتعرض لمثل تلك الغزوات في مختلف العصور الموغلة في عمق التاريخ.... كل تلك العوامل جعلت من الصعب ان لم يكن من المستحيل ايجاد جنسا نقيا نقاوة الماس ( البرلنت )  كما يقولون ولا زالت هذه التشابكات التزاوجية في الحلال والحرام مستمرة حتى يومنا هذا.وهي تنجب الخليط والهجين.... بل ازدادت كثافة بسبب التطور الكبير الذي حصل في وسائل النقل الحديثة مما قصر المسافات وجعل التنقل سهل وميسور كما كان لعوامل التبادلات التجارية والمصالح مع الشعوب بعضها مع البعض العامل الفعال الذي ادى الى التزاوج من الاجانب.. فظهرت اجيالا هجينة لا يمكن ان تنسب بشكل مطلق الى عرق صاف لم تشوبه عوامل التهجين  حتى سيدنا ابراهيم فقد تزوج هاجر وسارة ..وعليه فقد اضحى التمسك بالعرقية القومية ضرب من الخيال وادعاء فارغ… يؤيد ذلك الالاف من الامثلة التي تثبت مثلا طبيعة الاعراق في العراق حتى بالنسبة للاعراق المتزمتة التي تدعي عدم القبول بالتزاوج من غيرها من الاعراق فان هناك العشرات من الحالات التي اعرفها انا بالذات مما قد اخترقت هذه العصبية العرقية وتزوجوا من اجناس اخرى اذا كان ذلك من الاناث او الذكور فعليه لابد وان نعتمد في وحدتنا على الهوية الوطنية العراقية وكذا الحال بالنسبة للمصريين فهناك الالاف مما تزوج من القبطيات والعكس بالعكس .. كما ان العرب انفسهم عند فتح مصر وفي زمن عمر بن العاص فقد تزوج الالاف من العرب المسلمين من الاقباط سكان مصر الاصليين واختلطت الدماء... فلعبة التمشدق ان كان في العراق او في أي بلد اخر من دول العالم مجرد هراء وكذبة يتمشدق بها السذج او المنافقون المتفاخرون وهم يعلمون حقيقة الامر بكل تأكيد .. كما اضحت القومية تطلق على المجاميع التي تسكن في المنطقة الجغرافية الواحدة... فقد يقال عن الساكن في القارة الامريكية امريكي القومية مع انها تتكون من اربعمائة اصل وجذر... والساكن في بريطانيا بريطاني القومية فاضحت الجنسية هي القومية والقومية هي الجنسية بغض النظر عن اصل المواطن ومصدر قدومه واصل بلاده التي جاء منها هو او ابائه او اجداده او ما سبق .. وهي على اية حال فهي نعرة ممجوجة تحاول الامبريالية اثارتها في النفوس لخلق الفتن فيحق عليها القول ( الفتنة نائمة لعن الله من يوقضها) ..لذا فالانتساب القبلي لم يعد له قيمته التي كان يتمتع بها في الماضي وادت الى التطاحن والاقتتال على مدى التاريخ الطويل .. وان نتمسك بقول الشاعر (( لاتقل اصلي وفصلي هكذا انما اصل الفتى ما قد حصل )) فمهما ادعينا انتسابنا الى هذه القبيلة وتلك او الالتصاق الجذري بطائفة معينة دون غيرها فليس هناك التصاق ابدي او ارتباط عضوي مهما حاولنا ان نجد لنا او حتى لرموزنا تسلسل جذري فهو مجرد ادعاء وتفخيم وتعظيم لذلك الرمز وخاصة تلك التي قد مر على وفاتها وربما على انقراضها قرون ودهور.. وانما ما نجده من تشبث البعض بل الكثيرون باعراقهم وادعائهم باتصال انسابهم لفلان وعلان فهي وسائل مفاخرة بائسة واستكبار لا معنى له.. بل وفي بعض الاحيان نفاق ورياء وانتهازية كما فعل المنافقون في اصول وجذور صدام مثلا في منظومة شجرة متفرعة الاغصان او صلوها في جذورها في النهاية الى الرسول الكريم... ولم يتوقف الامر عند صدام فقد يصدق ذلك على الكثيرين..حتى بالنسبة للملك فاروق ملك مصر الشركسي فقد او صلوا شجرة نسبه الى ىالرسول ونشرت في مغظم المجلات المصرية في الارعينات من القرن الماضي ..فيطلقون مثل هذه الاكاذيب للتموية  او على الاقل كي يقنعوا البعض او لخداعه ....عسى ان تنطلي عليه هذه الادعاءات.. لكن كيف يكون بالامكان مثلا ان ينسب الكثير من الاعاجم من الهنود والافغان بل وفي الكثير من الاجناس الصفراء والسوداء الى الرسول ومن يدري لربما قد يكون كلنتن او اوباما سيظهر بانه سليل الرسول الاعظم.. بينما لو اقتضت مصلحة الانتهازبيين في ايجاد الصلة النسبية بالعديد من التبريرات التي يجيدها الانتهازييون وكما نراه اليوم للعديد من الرموز..فحتى لو صح ذلك جدلا.... فهل انتسابه الى السلف الصالح يبرئه من كل الجرائم التي يقترفها ويبيح له ارتكابها ؟؟؟؟وهل يشفع له بها اولائك السلف ويعفيه الله من العقاب ومن غضبه اوطائلة القانون...؟؟؟؟ وهل يمكن ان يكون النسب والانتساب ذريعة ومبرر لا جازة الجرائم والموبقات؟؟؟؟ وهل نحن واثقون من مواقف الرموز يوم القيامة وامام الخالق وما سيؤول بهم المصير....؟؟؟؟ كي نحاول ان نتمسح باذيالهم ونحاول الانتساب لهم ... ثم الم يكن البشر سواسية لا افضلية لاحدهم على الاخر بسبب عرقه وحقيقة انتسابه وقد اكدت ذلك جميع الاديان حيث جاء في القرأن الكريم ليس لاحد افضلية على احد إلا بالتقوى .. والتقوى تعني العمل الصالح بكل ما تعنيه هذه الجملة المترامية المعاني الواسعة القيم  وهو الله الذي يقيمها..فليس هناك فرق في افضلية الانساب خاصة اذا كنا تؤمن باننا كلنا من ادم وادم من تراب .. فعلينا ان نتجاوز بدعة الانساب ونتعصب للاعراق.ونتقوقع في داخلها... كما يجب ان نتجاوز بدعة افضلية الاديان والطوائف.... وان نؤمن بكوننا كلنا بشر يجب ان ننصهر ببود قة الاوطان التي يمكن ان تكون ركيزة سلوكنا مع بعضنا ونجعلها الهدف في مواجهة هذه التشكيلات الدولية الحالية التي تبني تعاملاتها على اساس الاوطان السياسية  الذي تتشكل في داخلها الدولة وتدير شؤونها الحكومات ... فقد تجاوزنا بقرون عصور العصبية  القبلية ومعلقات التفاخر الشعرية في سوق عكاظ.... التي ابتنت في اسسها على الغزو المتبادل بين القبائل مع انتساب جميع سكان الجزيرة العربية الى الجذور العربية القبلية التي لم تستطع ان توحدها وتخلق جوا من السلام فيما بينها ..فالاعتداد بالاصول وبالجذور مشاعر عنصرية مضى اوانها وعفى عليها الزمن... اذ انها تشعل الفتن وتديم الصراعات فقد وجدنا ما فعله هتلر بشعبه وشعوب العالم بواسطة وزير دعايته كوبلز الذي لم يجني باعتداده بعنصريته سوى جلب الخراب والدمار للعالم اجمع .. فعلى العالم ان ينتسبوا للعقل فهو ما يتميز به الانسان وهو المعيار الحقيقي للافضلية والتفوق بما يملكه المرء من قدرات علمية ومعرفة وتطور وعظيم خبر..  وليست الانساب الجاهلية المتخلفة او المناطقية العرقية الجغرافية هي الوسيلة المثلى التي يحاول البعض التأكيد عليها وترسيخ قواعدها ومفاهيمها بين الاجيال..... بعد ان اضحى العالم قرية واحدة يتطلع الى التوحد الكلي لا الى التجزئة العشائرية او المناطقية  ... ومع ذلك وحيث ان البشر اليوم يعيشون في كيانات جغرافية سياسية معترف بها دوليا وليست مناطقية محلية ..  لابد ان تكون له فيها هوية يعرف بها وبغيرها .. ولا يمكنه ان يجد له مكان او شبر من الارض خالية يقيم عليها او تسمح له اية دولة الاقامة داخل حدودها دون الانتماء الرسمي لها.. مما يجعله مضطرا ان ينتسب الى  الدولة التي يقيم فيها بشكل دائم....  يجعلها وطنا له ومحل اقامة وعمل له ولاحفاده من بعده... فتمنحه هويتها التي تصبح بالتالي هي هويته التي ينتسب لها ومن دون هذه الهوية سوف يصبح مثل الهوام والبهائم لايجد له مكان إلا في الصحاري والغابات مشردا ليس له حقوق وليس هناك من يحميه ولا يجد ماوى يأويه.. ومن المفروض بناءا على هذا ان يكون للفرد وطن واحد وهوية واحدة يخلص لها وتخلص له وترعاه بحقوقه عليها ويخضع لها بالتزاماتها عليه... ومع ان هناك بعض الدول تجيز ان يكون للفرد هويتان ولكن من الصعب ان يوفق بين انتسابه لهذه الدولة والدولة الاخرى خاصة اذا كانت مصالح الدولتين متناقضتين او ان تنشب بينهما الحروب فلابد انه سيعتبر خائنا لاحدها فلا يمكنه ان يقف مع الطرفين ويمنحهما الولاء الصادق...  وإلا فقد مزية الانتماء وفقد ذاته  مما دفع العديد من الدول ان تطلب مما يحمل هويتها ان يتنازل عن اية هوية اخرى  اما ما يحدث في العراق فهو اتثناء لا مثيل له في الكون فعبقرية العراقيين قد طغت على كل عقول العالم حتى باختراع الولاءات المتعددة ((والله يستر من نهايتها )).. وحتى لو اضطر ان يغادر فترة من الزمن وطنه الاصلي غير ان جذور انتمائه بوطنه الاصلي الذي يختزن فيه ذكريات طفولته وصباه تبقى ملتصقة في ذاكرته .. فالشجرة مهما ارتفعت في الفضاء تبقى جذورها مرتبطة بارض منبتها .. فهوية الانسان لم تعد بانتمائه العشائري وليس بانتمائه الطائفي فمع انها  مشكوك في حقائقها التاريخية فعلينا مغادرتها .. اضافة لفقدانها لذالك الرابط العصبي الضيق بعد ان تكونت الدول وتغيرت ضروف الحياة ..فاضحى الوطن الدولي  هو الرابط للشعوب مهما تنوعت قومياتهم او اختلفت طوائفهم وذلك بهويته الموحدة المثبتة بسجلاته الرسمية غير انه لازالت النعرات القومية تفعل فعلها في النفوس ولا زالت الجذور الجغرافية مترسخة في اجساد الشعوب الشرقية مع كل هذه التغييرات السياسية التي شكلت الدول وغدى الانتماء الى هذه الكيانات السياسية هو المعيار  المعتمد في جميع الدول الاوربية ولم تعد للتعرات القومية فيها اية قيمة بينما لازالت في بلدانها هي مثار الخلافات والصراعات بين الطوائف والملل وهي السائدة ما جعلها سبب مباشرا لوجود هذا التخلف الحضاري البعيد كل البعد عن المجتمعات الاوربية ولربما سوف تبقى الشعوب الشرقية  تأن فترات قد تطول تحت تأثير هذه النزعات المدمرة على عكس الشعوب التي جعلت من هويتها الوطنية هي الركيزة المعول عليها في انظمتها السياسية والاجتماعية وهو ما جعلها متكاتفة متعاونة تعمل كفريق واحد من اجل تطوير بلدانها السياسية .. فالمواطنة المثبتة بالهوية الموحدة بالشهادات الرسمية هي المعول عليها في الدول الغربية  و هي الاساس في التعامل بين الشعب الواحد وليس الانتماء القبلي او العرقي كما هو سائد في بلداننا المتخلفة..... وهي التي تبين الحقوق والواجبات المترتبة بذمة المواطنين دون تمييز او تفريق .. فلم يعد المرء جزء من القبيلة التي يتحكم بها الشيخ الذي بيده السلطة او المرجعية الدينية التي تحكم حتى رئيس الدولة كما هو الحال في معظم البلدان الشرقية وخاصة الاسلامية منها  وهي كثيرا ما تكون ارادات مزاجية لا تقوم على معيار قانوني ثابت بل هي تعتمد على التفاسير والاجتهادات للشرائع والطقوس الدينية بحسب ما يترائى لذلك المرجع الديني او القبلي او تعتمد على الانتساب الى الرموز او الوجاهة العائلية او المكانة الدينية او الاجتماعية والتي كثيرا ما يشوبها التحريف والتزوير كما اسلفنا لانها لاتستند الى السجلات الرسمية الثابتة.... ومع ان حتى هذه السجلات الرسمية قد يشوبها التزوير والتحريف في بعض الضروف وكما حدث في عهد صدام عندما اثار موضوع التبعية..... فاستطاعت العديد من العوائل الاعجمية تسجيل نفسها بكونها تنتمي الى عشائر واصول عربية فقد قام البعض من موظفي الجنسية ودوائر النفوس بتزوير السجلات وتسجيل العديد من العوائل بكونها عربية الاصل ونسبت الى بعض العشائر العربية العريقة  وخدعوا بذلك حتى صدام ولا زالت مسجلة بهذا الانتماء حتى يومنا هذا.... مع ان احدهم لم يكن يعرف من اللغة العربية سوى كلمة(( مرحبة و شلونك )) فقط ..... فكيف هو الحال بالانتماء العشائري الذي لا يعتمد على اية وثيقة رسمية سوى ما يقرره الشيخ الجليل فيدخل من يشاء من ضمن العشيرة ويخرج من لا يستفيد منه..وكيف يمكن للبعض من الشيوخ الاميين  ان يحفظوا الانساب لالاف من الرعايا اضافة للرشاوي التي كان يتقاضاها بعض الشيوخ مقابل الاعتراف لبعض الاشخاص بانتمائهم لعشيرته وهو ما حدث في زمن العهد الملكي  البائد واضحى ذلك احد وسائل الغنى والثراء .. فلم تعد التجارة كما هو متعارف عليه في المتاجرة بالكلى والعيون والقلوب والاعضاء البشرية التي يمارسها بعض الاطباء بل اضحت تجارة الانساب هي الرائجة من اجل الحصول على المنافع والمغانم والحبل على الجرار بالنسبة للتجارة التي راح يبتكرها بعض الساسة من خدام الشعب المخلصين في هذه الايام ...!!!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

776 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع