خالد حسن الخطيب
وقع كتاب في يدي اسمه ( الدواء من فجر التاريخ الى يومنا هذا ) الصادر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتي تاليف الدكتور رياض رمضان العلمي وقد شدّني كثيرا لكثرة محتوياته ومعوماته الغزيرة
وقد تناول الكتاب قضيّة الدواء منذ ُ فجر التاريخ الى يومنا هذا وكيف تطوّرت جرعة الدواء , فيحسبها الانسان انها بنت اليوم او الامس غير منتبه ولا عابئ بأنها حصاد تجربة انسانية امتدت عشرات الالوف من السنين . وقد شدّني ايضا ان مؤسس امبراطورية بابل الملك العادل حمورابي الذي حكمها ما بين عام 1728 – 1686 ق.م قد شجع التعامل بالادوية و اصدر قانون يحدد اجر الطبيب و مسؤوليته الكاملة في حال وقوع اي خطأ , وقد عُثر على قانون حمورابي على حجر اسطواني عام 1902 وقد جاء بالكثير من القوانين الطبية التي تخص الطب والاطباء والصيادلة . كما وردت في الالواح الطينية البابلية ان البابلين قد حضروا 255 دواء عشبيا و 120 دواء معدنيا واسعار هذه الادوية بالتحديد . كما شدّني ايضا ان اول صيدليه في العالم كانت في بغداد وقد وثقت هذه المعلومة جميع المصادر الاوربية . ومن القصص التي يرويها الكتاب انه صادف في عام 930 م ان وصل خبر وفاة احد الاشخاص الى الخليفة المقتدر بالله نتيجة خطأ أرتكبه احد الأطباء فأمر الخليفة رئيس اطبائه سنان بن ثابت بن قرة ان يعقد امتحان لجميع الاطباء والممارسين , ومن المدهش انه في السنة الاولى اجرى امتحان لاكثر من ثمانمائة طبيب في بغداد وحدها , وبالامكان تصور مدى التطور الذي وصلته الدولة الاسلامية في العراق . الا ان الشئ الذي تكلم عليه الكتاب كثيرا هو كيفية تطور دواء الكينين المستخرج من اشجار الكينا الذي يعالج مرض الملاريا المنتقل بواسطة البعوض وكيف تمكن هذا المرض من قتل الملايين من بني البشر وكيف كانت دول امريكا الجنوبية ( بوليفيا , الاكواردور ) قد وضعت طوقا فولاذيا بعدم السماح بتصدير او نقل بذور شجرة الكينا حتى تبقى مسيطرة تماما على هذا الدواء المستخرج . الا ان دواء الكينين الذي يعالج مرض الملاريا القاتل قد تطور بشكل تدريجي مرورا بعشرات بل مئات السنين . وعندما انتهيت من قراءة الكتاب ذهبت مسرعا الى جارنا المعمر موضحا له ما قرأت وان في يدي كتاب هو كنز من كنوز المعرفة ويجب ان يقرأهُ كل من اراد ان يعرف شيئا عن الطب والصيدلة والتاريخ ... فضحك هذا الرجل كثيرا وقال لي ( على كيفك .. على كيفك ) .. فتوقفتُ مندهشا انظرُ الى كلام جارنا المعمر وكيف كانت ردود افعاله ....وقال لي اكيد انك سمعت عن مرض السرطان الذي يفتك بالاف الناس يوميا حول العالم وكانت وما زالت الابحاث والدراسات مستمرة الى يومنا هذا وقد تم صرف ملايين بل مليارت الدولار ولم تحسم النتيجة لحد الان ... فقلت له صحيح يا عمي لم تحسم النتيجة لحد الان .. فقال الرجل المعمر ساروي لك قصة حدثت امامي عيني ولك ان تتخيل كيف كان المعالج الشعبي البسيط ( طب عرب ) يعالج الامراض بكل ثقة واتقان ...فقلت له تفضل .. فقال جارنا المعمر ... في سنة 1940 كنا نسكن في مدينة من مدن العراق الجميلة وكان معي في المدرسة طالب اسمه محمود , وذات يوم انقطع محمود عن المدرسة فقررنا نحن الطلاب من زيارة زميلنا في دارهم حتى وجدنا ان والده على فراش الموت مصابا بداء السرطان الذي فتك بجسده وجعله في ايامه الاخيرة . فذهب شقيق المريض الى احد المعالجين العراقيين المعروفين الذي لا يملك شهادة طبّية يحملها ولا عيادة واجهزه ومستلزمات فنية يتقنها من اجل علاج شقيقه المريض وتحديد العلاج المناسب له . وبعد التشخيص الطبي الدقيق ذكر المعالج الذي سحقته تجارب السنين ان علاج هذا المرض الخبيث يتم عبر تناول كبد الذئب تحديدا فقام افراد من مدينتنا متسلّحين بسلاح الغيرة والشهامه بوضع خروف صغير كطعُم امام احدى المغارات وعندما اقترب الذئب ليلا لأفتراس الخروف دخل الذئب المغارة خوفا من الرجال وعند ظهور بوادر الفجر خرج الذئب من المغارة فأطلق الرجال النار عليه وقتلوهُ بالحال فقام الرجال باستخراج كبد الذئب وارسله فورا الى والد محمود الذي كان يئن من اوجاع المرض الشديدة وقام بأكله على الفور , وبعد مرور عشرة ايام شفى والد زميلنا تمام وكتبت له الحياة من جديد وبقى حتى سن التسعين بصحة رائعة وقد رُزق من الاولاد والاحفاد ما شاء الله وما زلتُ اذكر كيف قام زميلنا محمود بتوزيع الحلوى على جميع من في المدرسة ابتهاجا بشفاء والده من هذا المرض الفتاّك .... وما زالت الابحاث مستمر و الامال معلّقة لصناعة دواء يشفي من مرض السرطان الذي لا نتيجة له ليومنا هذا ... فقلت له والله ياعمي ان في العراق كنوز من المعرفة والصيدلة والطب لا تخطر على بال البشر فوضعتُ الكتاب على جانبي وقمت استمع باهتمام بالغ لقصص و سوالف جارنا العزيز لعلي استمع لكنز اخر من الكنوز الصيدلة العراقية الخاصة بالطب .
891 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع