ميلينا عيسى تبحث عن حب لايتسربُ منه الوقت

           

السورية ميلينا تتحرك في مساحة الشعر ناسجة عبارات مشحونة بحساسية عالية طامحة لاكتشاف الحب وهي ترصد ندوب الروح في مجموعتها الشعرية 'وإن تكسرت العناوين'.

ميلينا تعلن بأن أوراق اللعبة لاتنتظمُ على طاولة الحياة دون مشيئة الانثى

ميلينا تنصرف الى صوت الشعر انصراف النُساك نحو تلاويح العشق

ميدل ايست اونلاين/ كيلان محمد:تداهم الكوارث الناجمة من الحروب والأوبئة الإنسان على مر التاريخ، وما يعيدُ الدفء إلى العلاقة بين الكائن البشري والحياة هو العمل الإبداعي الذي يعبرُ عن توق الروح إلى النهوض بحثاً عن ومضات الجمال وصناعة الفرح وسط المشاهد القاتمة.
يقولُ الشاعرُ الفرنسي إيف بون فوا أن البلد الذي لم يعد يملكُ شعراً هو بلد بدون المستقبل، يُفهمُ من منطوق هذا القول بأنَّ طاقة الحياة تستنفدُ إذا غاب الشعر ويسودُ العبث القاتل ومن هنا يمكنُ تأويل مطالبة كاليغولا بالقمر في مسرحية "ألبير كامو" المعنونة باسم الجلاد الروماني بأنَّه بحث عن القبس الجمالي وما أنْ منيت محاولته بالفشل حتى يتحولَ إلى وحش مخيف ينثرُ الموت بالإسراف.
إذن فإنَّ الإبداع بشارة للانبعاث من مهاوي اللامعقول والصراعات الدامية.
تنصرف السورية ميلينا عيسى إلى صوت الشعر انصراف النُساك نحو تلاويح العشق فبخلاف من يعتقدُ بأنَّ الشعر قد لايواكبُ تحولات الحياة ولاتسعهُ متابعةُ هواجس الإنسان الذي أصبح مغترباً عن تنهداته.
فإنَّ ميلينا تتحركُ في مساحة الشعر ناسجةً عبارات مشحونة بحساسية عالية طامحة إلى اكتشاف حُبِّ لايتسربُ منه الوقتُ وهي ترصدُ ندوب الروح في مجموعتها الشعرية "وإن تكسرت العناوين" الصادرة حديثاً من دار نينوى لكن لاتنساق وراء الصيغ البكائية معلنةً بأن أوراق اللعبة لاتنتظمُ على طاولة الحياة دون مشيئة الذات الأنثوية مشيرةً في تضاعيف كلماتها إلى مفارقات الحياة وما يتوارى خلف المظاهر وتميل إلى التيار الإبيقوري في إحتفائها بالحسي والجسدي كاشفة النقاب عن الالتذاذات المتخيلة.
ولاتغيبُ نبرات صوفية في هذا الفضاء الشعري، تضفي العبارات والرموز المكتنزة بايحاءات دينية بعدا روحانياً إلى الصور المبثوثة في وحدات منجز ميلينا الشعري حول تجربتها الإبداعية وخصوصية مجموعتها الشعرية الجديدة كان لنا حوار مع صاحبة "مطب مجاني".
كل جديد يتعلُّق بحياة زاخرة
1- إلى أي مدى تتقاطع مجموعتك الشعرية الجديدة مع مناخ ما أنجزته سابقاً؟
الكتابة بشكلها وخصوصيتها هي تجاوز القديم إلى الجديد، وإلا ما كانت ولا كانت الحركة، فكل جديد هو تعلُّق بحياة زاخرة وهو إضافة فاتنة وهو صلب الإبداع، أن تبرح محطتك في سفر الكتابة إلى محطات ناضجة مختلفة.
أمّا عن سؤالك فإنه عمل الناقد الذي بإمكانه أن يفاضل بين أعمالي السابقة ومجموعتي الأخيرة لأنك لا تستطيع أن تكون الخصم والحكم في آن خصوصاً إذا ما تعلّق الأمر بإبداعك.
حب وحرب وهزائم
2- يلاحظُ وجود عتبات متعددة في فضاء مجموعتك الشعرية كيف نفهم هذا التصميم؟
كل نص شعري وليد لحظة سماوية نسقط فيها إلى قعر الشعور نخرج من ذاتنا لنتشكل تارة قوس قزح ينعش حياةً وتارة أخرى نتشظى موتاً لننتزع الصراخ من صمت الجدران ومن ثم تكون القيامة. وأنا في مجموعتي الأخيرة "وإن تكسرت العناوين" تقاسمتني كل العتبات مجتمعة (حب وحرب وهزائم) ليتشكل كيان بكل قصيدة تعتريه شفاء وانبعاثاً.
الشعر تجربة شخصية جداً
3- لا تختفي النبرة الذاتية في نصوصك الشعريةهل تعتقدين بأن ما يقع خارج الذات المبدعة لا يضيفُ إلى تجربتك الشعرية؟
الشعر تجربة شخصية جداً تنطلق من الذات إلى الآخر (بأناها نرجسيتها صراخها وعبثها) لتجسده بالقدر الذي يؤثر فيها. فإلى أي مدى يستطيع ما هو خارج هذه الذات المبدعة أن يحل فيها جنيناً تتمخض به لتلد قصيدة الشاعر الأبدية؟
المشاعر تنسكب شهدا على الورق
4- لا يغيب الاهتمام بالبعد الحسي في مغامرتك الإبداعية، وما يعبر عن النكهة الرومانسية والاحتفاء بالجسد من أين تستمد هذه الثيمات خصوصيتها في الإبداع النسوي؟
هذه المسألة من أهم خصوصيات الشاعر وتقتضي قلباً جسوراً يجيد المواربة مع أحمر التابو الذي يرسمه المجتمع وحاجة المبدع لاعتناق اللامعقول.
إنها الرغبات والمشاعر تنسكب شهداً على الورق لتخلق كينونة يحلم بها الجميع ويعجز الأغلب عن المجاهرة بها خاصة فيما يتعلق بالأدب النسائي الذي غدا في معظمه مجرد أحاسيس آنية تخلو من الدسم الفكري والبعد.
فالمصداقية مع الذات ولحظة وجودك ثقل يتطلب نزعتك إلى التعب والمغامرة أن كيف أحيا وأعشق وأعبث وتتلبسني الخيبة . ولطالما كانت لغة الجسد أجمل ما عبّر عنها الشعر منذ أقصى الزمان إلى عصرنا هذا.
شغف بالكتب السماوية والأساطير
5- تنفتح نصوصك على الموروث الديني والتفاعل مع الرموز والأحداث الدينية، هل الغرض هو نحت قناع فني أو البحث عن معادل موضوعي؟
لدي شغف خاص بالكتب السماوية والأساطير تسرقني دائماً من نفسي وعنوة، فأجدنا نحزن كما العذراء، و ترزح نحت ثقل الصليب كما الرسل والأنبياء، ونرجم باللعنات كما المجدلية. أسقط في جب اللاجدوى وأحاول إيجاد مخرج لمعاناة الشاعر الأزلية بهذه الرموز التي تسعفني دائماً.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

726 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع