رئيس الوزراء العراقي يربك منافسيه في المنعطف الأخير من ولايته بكتلة برلمانية وازنة

رئيس الوزراء العراقي محمّد شياعي السوداني الذي يبدي مثابرة في معالجة القضايا الداخلية التي واجهتها بلاده والتعاطي مع التقلبات الإقليمية وسائر الإكراهات الخارجية بقدر كبير من الهدوء والرصانة، يظهر بالقدر نفسه قدرة على مفاجأة خصومه ومنافسيه السياسيين بأوراق قوّة غير متوقّعة تدعم موقفه خلال الانتخابات البرلمانية القادمة وتثري حظوظه في مواصلة قيادة الحكومة لولاية جديدة.

العرب/بغداد- فاجأ رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني خصومه ومنافسيه السياسيين على رئاسة الحكومة خلال الانتخابات البرلمانية القادمة بتشكيله كتلة وازنة تحت قبّة البرلمان الحالي ستتيح له قيادة إنقاذ مجلس النواب من حالة الجمود التشريعية والرقابية التي وقع فيها وتساعده على تمرير مجموعة من التشريعات الإصلاحية الضرورية ليثري بذلك رصيده من الإنجازات وليثبت لهؤلاء الخصوم والمنافسين قوته السياسية وصلابة موقفه الانتخابي في المنعطف الأخير من المسار نحو الاستحقاق الانتخابي المهمّ.

وتحمل الكتلة الجديدة التي يقودها السوداني اسم كتلة الإعمار والتنمية، وتَقَدّم للمشاركة فيها إلى حدّ الآن ثلاثة وخمسون نائبا وفقا لتصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية عن الناطق باسمها فراس المسلماوي.

ويمثّل البرلمان أحد أهم مؤسسات الدولة العراقية ورافعة أساسية للنظام القائم ما جعله مدارا رئيسيا للعبة السلطة والتنافس للفوز بأهم مواقعها والإمساك بزمامها، الأمر الذي جعل من عملية تشكيل الكتل النيابية تحت قبّته أحد أبرز رموز قوة من ينجح في تشكيل تلك الكتل وجمع أكبر عدد من النواب ومن خلفهم أحزابهم وتياراتهم تحت رايتها.

ولم تمنع أهمية هذه المؤسسة من تعثّرها في أداء دورها التشريعي والرقابي نتيجة الخلافات الحادّة بين القوى الممثلة فيها وتشتتّ آرائها ما جعلها تدخل خلال الفترة الأخيرة في حالة من الجمود، وهو الأمر الذي يعطي كتلة السوداني أهمية استثنائية باعتبارها المنقذة للبرلمان من نهاية لفترته النيابية مبكّرة وسابقة لأوانها بما يحدث فراغا تشريعيا على الساحة لا يحتمله البلد خلال هذه الرحلة المفصلية والحساسة.

وأصدرت رئاسة البرلمان العراقي أوائل شهر مايو الماضي قرارا بإنهاء فصله التشريعي الأمر الذي زاد من تضييق المساحة الزمنية المتبقية من عمر المجلس.

وعرف البرلمان على مدى مدته النيابية الحالية صعوبات استثنائية في عقد جلساته وإنجاز أعماله التشريعية والرقابية نتيجة الخلافات بين تلك القوى التي كثيرا ما لجأت لأسلوب الإخلال بالنصاب القانوني لتعطيل عقد جلسات لم تكن موافقة على جداول أعمالها والتشريعات والقوانين التي كانت ستناقش خلالها.

واعتبر نواب اعترضوا على القرار المذكور بأنّه عملية تقطيع للوقت في انتظار نهاية الدورة البرلمانية، وذلك لتفادي فتح الملفات المثيرة للخلافات وطرح التشريعات المحرجة محليا ودوليا.

وقال المسلماوي خلال الإعلان عن تشكيل كتلة الإعمار والتنمية في مؤتمر صحافي انعقد بمقر مجلس النواب إنّ الكتلة “تهدف إلى تشريع قوانين داعمة للتنمية والبنى التحتية في جميع المحافظات وصياغة تشريعات اقتصادية تعيد التوازن للقطاعات الاقتصادية والصناعية وتفعيل الدور الرقابي والمسؤولية في متابعة الأداء الحكومي ومحاربة الفساد وحماية المال العام وتعزيز الاستقرار التشريعي والسياسي في مجلس النواب وتمثيل الصوت الوطني المعتدل القائم على الحلول ومسار الدولة وإسناد الحكومة في الخطوات الإصلاحية.”

ووصف الكتلة بأنّها أكبر كتلة نيابية في البرلمان مؤكّدا أن مهمتها تتمثل بأخذ المبادرة لتشريع القوانين المهمة.

وقال متحدّثا لوكالة شفق نيوز إن “الكتلة تشكلت بهدف أن يكون هناك دور حقيقي لمجلس النواب في الفصل التشريعي الحالي،” مؤكّدا أنها “ستأخذ على عاتقها مسألة عقد الجلسات لتمرير قوانين تهم الشارع.”

وأضاف النائب “نعمل على تشريع القوانين التي لا جدال عليها أو التي تحقق منفعة للشعب العراقي، وفي جميع القطاعات الصحية او التربوية أو الخدمية والتعليمية، وغيرها من القطاعات ذات التماس المباشر مع الفرد، وأيضا قانون الحشد الشعبي للخدمة والتقاعد، إلى جانب قوانين أخرى مثل استكمال قانون جهاز الأمن الوطني والمخابرات وقوانين تخص الأجهزة الأمنية الأخرى وأي قانون يخدم الإعمار والتنمية.”

وأكّد قوله “نحن في كتلة الإعمار والتنمية ننطلق أولا من المواطنة، وثانيا من التوزيع العادل للثروات والخدمات على جميع المحافظات، بما يحفظ حقوق الجميع، وبالتالي فالباب مفتوح أمام جميع النواب الذين تقترب أو تنسجم توجهاتم مع أهداف الكتلة “، متوقّعا أن “يرتفع عدد نواب الكتلة في قادم الأيام إلى ستين نائبا.”

وعلى الصعيد ذاته نُقل عن النائب في الكتلة ناظم الشبلي قوله إن “الكتلة التي تم الإعلان عنها هي بمثابة مشروع لتحالف جديد،” وإنّ “منهجها واضح وخطوات عملها واضحة من خلال التسمية.”

وأظهرت دوائر سياسية وإعلامية اهتمامها بخطوة الإعلان عن الكتلة الجديدة معتبرة أنّ لها تأثيرا على الوضع السياسي للسوداني ومكانته في منظومة الحكم وقيادة النظام القائم.

ونقلت وكالة بغداد اليوم الإخبارية عن أستاذ العلوم السياسية خليفة التميمي قوله إن انضمام أكثر من خمسين نائبا من كتل وقوى سياسية متعددة إلى كتلة الإعمار والتنمية داخل البرلمان يمثل رسالة دعم مباشرة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ويعكس تحوّله إلى “رقم صعب” في المعادلة السياسية.

واعتبر التميمي أنّ “هذا الانضمام الجماعي رغم تباين الانتماءات السياسية يحمل دلالات مهمة أبرزها تنامي التأييد البرلماني للسوداني، وتكريس حضوره كفاعل سياسي رئيسي، وليس مجرد رئيس توافقي كما كان يُنظر إليه سابقا.”

وأضاف أن “الرسالة قد تكون مفاجئة للشارع العراقي، لكنها تعبّر عن قناعة متزايدة بقدرة السوداني على إدارة التوازنات الداخلية والخارجية، خصوصا مع نجاحه في تحييد العراق عن صراعات الإقليم، وتركيزه على ملفات الإعمار والخدمات ضمن رؤية واقعية بدأت تؤتي ثمارها.”

وأشار إلى أن “بعض القوى التقليدية باتت تنظر بقلق إلى تمدد نفوذ السوداني، لاسيما مع مؤشرات الشارع التي توحي بتزايد شعبيته، واحتمالية تصدّره مجددا للمشهد السياسي في الانتخابات المقبلة.”

كما توقّع أنّه “إذا ما جرت الانتخابات في موعدها، فإن المعطيات الراهنة ترجّح إمكانية فوز السوداني بدورة ثانية، بدعم نيابي وشعبي قد يكون مفاجئا للخصوم.”

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

715 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع