أخبار وتقارير ١٣ يوم آذار

 أخبار وتقارير ١٣ يوم آذار

١-السومرية…القصة الكاملة وبالأرقام.. أسرار فشل مشاريع جنرال إلكتريك وسيمنز السابقة في العراق

أثناء زيارة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، إلى العاصمة الألمانية برلين في كانون الثاني 2023، وقّع وزير الكهرباء زياد علي فاضل، مذكرة تفاهم جديدة مع شركة سيمنز الألمانية، تستهدف مواصلة التعاون مع الشركة في مجال إصلاح الكهرباء في العراق وتطوير هذا التعاون، حيث أصبحت الشركة فاعلاً أساسياً في هذا القطاع منذ عام 2008. وفي شباط 2023، وقَّعت حكومة السوداني على مذكرات تفاهم جديدة مع شركة جنرال إلكتريك (جي إي) الأمريكية لغرض تطوير المحطات الكهربائية وصيانتها. أثارت المذكرات مع الشركتين تساؤلات حول البُعد السياسي لهما، خصوصاً في ظل تنافس غير خفي تدخلت فيه أحياناً حكومتا الولايات المتحدة لصالح "جي إي"، وألمانيا لصالح سيمنز، ودار جزءٌ من تلك التساؤلات حول ما الذي يمكن أن تُغيِّره هذه المذكرات في واقع الكهرباء في العراق، نظراً لأن الشركتين تهيمنان على قطاع الكهرباء، في ظل استمرار المشاكل الهيكلية التي تسببت بأزمة الكهرباء في البلاد.ويُعاني العراق، كما بات معلوماً، من أزمة مستمرة منذ عقود في قطاع الطاقة الكهربائية، وهي أزمة تُلقي بظلالها على معظم القطاعات الأخرى، وتعرقل عمليات تطوير البنية التحتية والصناعات، وتُنغِّص حياة مواطني هذا البلد وتُثير حنقهم، بحيث أن التعامل مع هذه الأزمة صار أحد المؤشرات الأساسية في تقييم أداء الحكومات المتعاقبة كما في اندلاع الاحتجاجات الشعبية.

*أزمة الكهرباء "الطويلة" في العراق
يعاني العراق منذ عام 1991 من أزمة في قطاع الكهرباء أدت إلى انقطاع مستمر للتيار الكهربائي، يصل أحياناً إلى ثلثي ساعات اليوم في أوقات الذروة في الصيف. حتى العام 1990 كان العراق ينتج ما يكفيه من الطاقة الكهربائية، لكن القصف الجوي لقوات التحالف - الذي قادته الولايات المتحدة عام 1991 خلال حرب الخليج الثانية - للعديد من محطات الطاقة الكهربائية أدّى إلى تدمير كبير في قطاع الكهرباء العراقي. بعد الحرب وفي ظل استمرار العقوبات الدولية على العراق، لجأت الحكومة العراقية إلى إعادة إعمار ما يُمكن بنائه من الشبكة الكهربائية، مع التركيز على إعادة الكهرباء إلى العاصمة بغداد، في حين أُهمِلَت المحافظات العراقية الأخرى بشكل عام. مع ذلك، كانت العاصمة تخضع أيضاً لساعات قطع محدودة تصل إلى 5 ساعات يومياً خلال عقد التسعينيات. بعد سقوط نظام صدام حسين وإنهاء العقوبات الدولية على العراق عام 2003، أنفقت الحكومات العراقية المتعاقبة ما لا يقل عن 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء، ذهب نصفها تقريباً في صورة استثمارات في إنشاء محطات توليد جديدة، بينما ذهب النصف الآخر لتمويل النفقات التشغيلية مثل الرواتب وغيرها، بالإضافة إلى شراء الوقود والتيار الكهربائي من دول الجوار. ذهب جزءٌ كبيرٌ - ربما يصل إلى نصف أو أكثر- مما أُنفق في الاستثمار في قطاع الكهرباء سدى. فقد كان من الممكن أن يصل إنتاج العراق من الكهرباء إلى ما لا يقل عن 40 غيغا واط، وهو ما يسد حاجة البلاد المتزايدة في ظل التكاثر السكاني (ازداد سكان العراق من حوالي 25 مليون في عام 2003 إلى 42 مليون عام 2023)، وازدياد استهلاك الكهرباء. لكن إنتاج الكهرباء العراقي وصل في أقصى حدٍّ له إلى حوالي 23 غيغا واط، مقارنة بحوالي 3 ميغا واط عام 2003، وانخفض مؤخراً إلى أقل من 20 غيغا واط بسبب تراجع إمدادات الغاز الإيراني المستخدم في المحطات الغازية العراقية. ولا يُغطي هذا الإنتاج إلا أكثر بقليل من نصف الحاجة العراقية التي تُقدَّر بحوالي 35 غيغا واط، مما يؤدي إلى استمرار انقطاع الكهرباء لساعات طويلة في اليوم قد تتجاوز الـ 12 ساعة في ذروة ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف. لعب الفساد وسوء الإدارة والتدخلات السياسية وعدم الاستقرار والعمليات الحربية والإرهاب، والتجاوز على الشبكة الكهربائية، وعدم وجود نظام تسعيرة كهربائية فعّال في ضياع الجزء الأكبر ممّا أُنفق في الاستثمار في قطاع الكهرباء.

*"سيمنز" والعراق
يعود حضور شركة سيمنز في العراق إلى عام 1930 عندما بدأ العراق استيراد مكائن هذه الشركة الألمانية لتوليد الطاقة الكهربائية. كما أنشأت الشركة جسوراً على نهر دجلة في الخمسينيات، وطوّرت البنية التحتية للكهرباء في الثمانينيات. وفي ديسمبر 2008 وقّعت سيمنز مع الحكومة العراقية عقداً قيمته مليار و900 مليون دولار لتجهيز العراق بـ 16 توربين غازي لتوليد الكهرباء، تُنَّصب في خمس محطات كهرباء جديدة، بطاقة إجمالية بلغت 3.19 غيغا واط. وكان من المؤمل أن يُسهم هذا العقد – بالإضافة إلى عقد آخر مع شركة "جي إي" الأمريكية بقيمة مليارين و800 مليون دولار وُقِّعَ في نفس الشهر – في حل أزمة الكهرباء في العراق. لكن هذين العقدين فشلا في تحقيق ذلك، بحسب تقرير ديوان الرقابة المالية عن عقد شركة سيمنز مع العراق 2016. لكن رغم مرور أكثر من 14 سنة على توقيع عقد سيمنز الكبير في العراق، لم يُنتِج هذا المشروع أكثر من نصف ما وعد به من طاقة إن لم يكن أقل من ذلك. ويعود هذا لجملة من الأسباب الإدارية والتقنية واللوجستية التي تكشف بشكل أساسي فشل الدولة العراقية، وغياب التفكير الاستراتيجي لدى العديد من المسؤولين الحكوميين، والارتجالية العالية في صياغة السياسات العامة، فضلاً عن تأثيرات عدم الاستقرار السياسي والأمني.فمثلاً، تعاقدت الحكومة العراقية مع شركات من إيران ومصر وكوريا الجنوبية لنصب توربينات سيمنز في محطات الرميلة وبيجي ودبس وتازة ومدينة الصدر، بقيمة 900 مليون دولار. وأدّى قرار العراق التعاقد مع شركات إيرانية في محطتي مدينة الصدر ودبس إلى تأخُّر إرسال التوربينات لسنة كاملة بسبب رفض شركة سيمنزالتعامل مع شركات إيرانية أبان العقوبات الأوروبية على إيران حينها. كما أدّى عدم إعفاء الحكومة العراقية لشركة سيمنز من الضرائب – كما نصّ العقد – إلى تأخُّر وصول التوربينات لسنة و4 أشهر أخرى. وفي المحصلة وصلت التوربينات كاملة في عام 2013 بدلاً من 2011 كما نص العقد. وكانت توربينات سيمنز مُصممة أساساً لتعمل على الغاز بينما نصَّ العقد على أنّ بإمكانها العمل باستخدام الخام والوقود الثقيل. وأدّى ذلك عملياً إلى زيادة ساعات التنظيف والصيانة مما قلّل من إنتاجية التوربينات. كما كانت المحطات تستخدم الدورة البسيطة بدلاً من المركبة التي تسمح باستغلال الغاز العادم الناتج من عمل المحطة في توليد الكهرباء، مما يزيد من إنتاجيتها.ومع أن الحكومة العراقية وافقت على تمديد عقد نصب محطة مدينة الصدر لشركتين إيرانيتين لمدة سنتين ونصف، بالإضافة لمنحهما تسهيلات أخرى، فقد توقَّف العمل في محطة مدينة الصدر لمدة غير قصيرة بعد تعرُّضها لانفجار في أحد مكوناتها وحريق كبير التهم أجزاء من المحطة. وحتى قبيل الحريق، كانت المحطة تستهلك ما يعادل 40 مليون دولار شهرياً من زيت الغاز مما حولها إلى مشروع خاسر عملياً. وكانت هذه الكميات تنقل بـ 3500 صهريج شهرياً، الأمر الذي أدّى لأضرار بيئية في الضاحية البغدادية التي تضم أكبر تجمُّع سكاني في العراق.كما عانت محطة بيجي – غير المكتملة أصلاً – من دمار كبير بسبب المعارك بين القوات الحكومية العراقية وتنظيم "داعش" الإرهابي بعد 2014. ومُنِحَت سيمنز عقداً آخر بقيمة 750 مليون دولار لإعمار المحطة المدمرة. ولم تكتمل أيضاً محطة دبس، حيث سيطر هذا التنظيم على المنطقة بعد 2014، مما تسبب بتوقف العمل فيها. وقُتل عدد من الفنيين العراقيين والإيرانيين في هجوم لتنظيم "داعش" الارهابي على المحطة في أكتوبر 2016. ولا تزال المحطة غير مكتملة إلى يومنا هذا. كما تعثَّر تدريب الكادر العراقي لأسباب بيروقراطية، حيث أُرسل غالباً موظفون لا علاقة لهم بإدارة المحطات وتشغيلها إلى هذه الدورات التي نُظِّمت خارج العراق. تطرح هذه الحقائق سؤالاً عن سر نجاح سيمنز في مصر، وفشلها في العراق. يقول لؤي الخطيب، وزير الكهرباء العراقي الأسبق والخبير في شؤون الطاقة سابقاً، أن ظروف العراق مختلفة تماماً عن مصر إلى حد أن المقارنة بينهما غير علمية أو مفيدة. ويرى الخطيب أيضاً أن العامل الأهم الذي افتقر إليه العراق ولا يزال، هو وجود سياسة طاقة متفق عليها، وتنفيذ هذه السياسة وفق جدول زمني معقول دون تدخل الأطراف السياسية المختلفة فيها، بما في ذلك فرض تسعيرة جديدة للكهرباء تتناسب مع كلفة إنتاجه. ومع أن مشروع سيمنز في العراق قد أخفق، لكن بدفع من نجاح سيمنز في عقدها الضخم مع مصر، وقَّعت الحكومة العراقية مع نفس الشركة مذكرة غير مُلزمة لتنفيذ خارطة طريق عام 2018، بموجبها تعهَّدت الشركة بإضافة 11 غيغا واط للقدرة الإنتاجية العراقية مقابل 14 مليار دولار. كما وقّعت الحكومة أيضاً اتفاقية لتمويل عمليات سيمنز في العراق مع مصرف ستاندارد تشارتر الأمريكي. وفي عام 2019 وقَّعت الحكومة العراقية اتفاقية مع سيمنز لتنفيذ خارطة الطريق التي اقترحتها الشركة. وتقول سيمنز إن معداتها توفر الطاقة الكهربائية لحوالي 5 ملايين عراقي حالياً، كما أن نصف شبكة التوزيع العراقية يستخدم تقنيات سيمنز. وتتعهد الشركة، وفق خارطة الطريق، بتوفير الكهرباء لـ 40 مليون عراقي بأسعار معقولة. ويشمل ذلك إنشاء محطة كهرباء في واسط – لتضاف إلى محطات الصدر والرميلة والعمارة وخورمال - و13 محطة محولات، وتحديث 40 توربين غازي.

*"جي إي" تتحرك لضمان عدم استبعادها من العراق
بعد توقيع اتفاق تنفيذ خارطة الطريق في برلين، وظّفت شركة جنرال إلكتريك (جي إي) الأمريكية نفوذها السياسي في وزارتي الخارجية والتجارة الأمريكيتين والبيت الأبيض للضغط على الحكومة العراقية لضمان عدم استبعادها من العراق. ويبدو أن هذه الضغوط أدت دوراً في عدم تفرُّد سيمنز بالساحة العراقية، بحسب مسؤولون عراقيون. كانت "جي إي" قد حصلت على أكبر عقد كهرباء في تاريخ العراق في ديسمبر 2008، بقيمة مليارين و800 مليون دولار. سُمّي العقد حينها بالميغا ديل Mega deal. كان العقد أيضاً هو الأكبر في تاريخ الشركة (جزئها المتعلق بالطاقة). وقد نص العقد على أن تجهز "جي إي" العراق بـ 56 توربين غازي بطاقة إجمالية تبلغ 7 غيغا واط. أكملت الشركة إرسال التوربينات في عام 2012 بعد تأخير تسببت به جزئياً عدم قدرة العراق على تسديد قيمة العقد بعد انخفاض أسعار النفط في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008. في غضون ذلك تعاقَد العراق مع شركات من اليونان وتركيا والهند والأردن وكوريا الجنوبية ومصر والإمارات والعراق، بالإضافة إلى "جي إي" نفسها لنصب توربينات "جي إي" في 11 محطة كهرباء في العراق. بلغت القيمة الإجمالية لهذه العقود 4 مليارات و100 مليون دولار، مما رفع قيمة مشروع الميغا ديل إلى 7 مليارات و250 مليون دولار، وفقا لتقارير صادرة عن ديوان الرقابة المالية عن مشروع الميغا ديل. وكما كان الحال مع توربينات سيمنز، كانت أجهزة "جي إي" مُصممة للعمل على الغاز الذي لا يمتلك العراقالتقنيات التي تسمح له بإنتاج ما يكفي منه عبر استغلال الغاز المحروق في آبار نفطه أو احتياطيه الكبير منه لتوليد الكهرباء. وكانت النتيجة استخدام الوقود الخام والثقيل الذي أدّى لزيادة فترات الصيانة والتنظيف، وقلّل من إنتاجية التوربينات. وتكرر استخدام الدورة البسيطة وليس المركبة أيضاً. كما تُركت توربينات محطة الديوانية التي أرسلتها "جي إي" في العراء، وهي معرضة لمختلف الظروف الجوية في ميناء أم قصر لسنة كاملة! وقد توقفت هذه التوربينات بعد تشغيلها بسبب عدم تحمّلها درجات الحرارة في العراق. كما كانت هناك مشاكل أُخرى تتجاوز ما حدث مع سيمنز. ففي كربلاء حيث نُصبت أكبر محطات كهرباء الميغا ديل، اتضح أن 6 من توربينات "جي إي" من أصل 10 عانت من تشققات في بدنها تشير إلى عيوب في التصنيع أو اختيار المعدن. وربما كان سبب ذلك أنَّ الشركة سلّمت العراق معدات صنعت في الولايات المتحدة – كما نص العقد – ومعدات أخرى صنعت في الصين وفرنسا وهنغاريا في مخالفة للعقد. وعلى رغم أن "جي إي" أصلحت التشققات، فقد أوصى تقرير حكومي رقابي عراقي بمقاضاة الشركة وهو ما لم يحدث.
وكانت تجربة العراق مع الشركات التي نصبت توربينات "جي إي" وأنشأت المحطات أسوأ. فمن أصل 11 محطة، تأخَّرت 4 منها أكثر من عشر سنوات، إمّا بسبب الإهمال أو الفساد أو سوء الادارة أو العمليات الحربية بين قوات الأمنية العراقية وتنظيم "داعش" الارهابي بعد عام 2014، أو كل هذه العوامل مجتمعةً. فقد تنقلت محطة الناصرية بين شركتين فشلتا في إنشائها وانتهى بها المطاف إلى "جي إي" نفسها في عقد إضافي قيمته 700 مليون دولار. وفي نهاية الأمر لم تدخل الوحدة الأولى في المحطة إلى العمل إلا في عام 2020. في حين لم تتعاقد الحكومة العراقية مع أي شركة لإنشاء محطة السماوة أصلاً. وبعد 9 سنوات أُحيلت لشركة "جي إي" أيضاً، ودخلت الخدمة في عام 2019. وفي كلا المحطتين كانت توربينات الشركة قد وصلت العراق قبل 7 سنوات من تفعيلها. وفي القيارة وعكاز، كانت المحطتان غير مكتملتين أو تعملان جزئياً عندما استولى تنظيم "داعش" على المنطقة في 2014. وتعرَّضت المحطتان لأضرار بسبب العمليات الحربية هناك. وعادت محطة القيارة للعمل جزئياً في عام 2016، في حين مُنحت "جي إي" عقداً لإعمار محطة عكاز التي اُفتتحت في أكتوبر 2022. وفي المحطات الـسبعة الأخرى، توقفت 5 منها أو هُددت بالتوقف لأسباب مختلفة. كما انتهت أربعة من الشركات التي أنشأتها إلى إدراجها في القائمة السوداء للحكومة العراقية، أو التوصية بمقاضاة الشركة، أو رفض الحكومة العراقية استلامها بسبب عدم التزام الشركة بشروط العقد. وعرَّضت هذه المخالفات حياة العاملين في المحطات إلى الخطر، كما أضرَّت عموماً بالبيئة في منطقة المحطة. فقد رمت محطة النجيبية في البصرة مخلفات حرق الوقود مباشرة في شط العرب، ما أدّى لتكوين بقعة نفطية لوَّثت المنطقة. وفي العمارة استخدمت المحطة غازاً حامضياً هدد صحة العاملين فيها، وأثّر سلباً في مُعداتها. وفي النجف، افتقرت المحطة التي أُنشئت هناك لنظام سيطرة مما أُضطر المهندسين العراقيين لإدارتها يدوياً. وقد أوصى تقرير حكومي رقابي عراقي بإيقاف عملها حفاظاً على حياة العاملين فيها. وبعد مرور أكثر من 10 سنوات على توقيع العقد، وخسارة أكثر من 7 مليارات و250 مليون دولار – بالإضافة لمليارات أخرى أُنفقت على الوقود – لم يحصل العراق على أكثر من ثلث الطاقة الكهربائية التي نص عليها العقد. وهكذا صار عقد "الميغا ديل" أحد أكثر مشاريع الطاقة الكبرى فشلاً في التاريخ. وكان أحد أهم أسباب الفشل، تلاعُب بالعقود الأصلية التي يوافق عليها عادة مجلس الوزراء، بإضافة ملاحق تمنح المتعاقدين مُدداً إضافية دون تفعيل الشروط الجزائية، مما يغير جوهرياً صيغة العقود بالضد من المصلحة العراقية. وكان العامل المهم الآخر هو تنصُّل الجميع من المسؤولية. فشركة "جي إي" صنعت التوربينات وأرسلتها، لكن العراق تعاقد مع شركات أخرى لنصب التوربينات. ومن جهة أخرى، فإن وزارة الكهرباء غير مسؤولة عن تجهيز الوقود أو نوعيته. وهكذا تستطيع "جي إي" لوم الشركات التي نصبت توربيناتها أو الوقود غير المناسب. وتستطيع وزارة الكهرباء لوم "جي إي" أو الشركات الأخرى أو وزارة النفط. وتستطيع وزارة النفط لوم وزارة الكهرباء، لأنها استوردت محطات تعمل بالغاز ويستطيع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لوم الفنيين، وقد فعل هذا عام 2013. ويستطيع العراقيون لوم الولايات المتحدة والأجانب عموماً. وهكذا انتهى الأمر بسلسلة من اللوم المتبادل بين الجميع دون تحديد من المسؤول عن هذه الكارثة. وتقول "جي إي" إن 60% من إنتاج الكهرباء العراقي، أو حوالي 11 غيغا واط، يستخدم توربيناتها المختلفة.

*عُقْدة الغاز
بينما يحل العراق في المرتبة الـ 12 عالمياً في حجم احتياطيات الغاز المتوفرة لديه، فإنّ إنتاجه لا يزال متواضعاً، حيث يحتل المرتبة الـ 40 تقريباً، بحوالي 9 مليار متر مكعب من الغاز في عام 2021. وجزء من هذا الغاز يخرج في صورة ناتج عرضي أثناء استخراج النفط، ويسمى بـ "الغاز المصاحب" الذي يُحرق الجزء الأكبر منه لعدم قدرة العراق على استثماره.ومنذ العام 2009 إلى العام 2018 أجرت الحكومة العراقية 5 جولات تراخيص لزيادة إنتاج النفط والغاز بمشاركة شركات من مختلف أنحاء العالم. وعلى رغم وعود الحكومة العراقية بزيادة نسبة الغاز المستثمَر، فإن كل ما تحقق خلال 10 سنوات - منذ عام 2013 - كان خفضاً متواضعاً لنسبة الغاز المحروق إلى 50%. وقد وقَّعت الحكومة العراقية عقوداً مع "جي إي"، وشركة توتال، وشركة الهلال، وعدد من الشركات الصينية، لمعالجة الغاز المصاحب. لكن هذه العقود تحتاج لسنوات قبل أن تظهر نتائجها. في المقابل يستورد العراق من إيران ما قيمته حوالي 3.5 مليار دولار سنوياً من الغاز لاستخدامه في محطات الكهرباء. ولو اُستُثمِر كل الغاز المحروق حالياً في العراق فإنّه سيصل إلى ضعف ما يستورده من إيران. وحيث إن الأخيرة تخضع لعقوبات أمريكية خانقة، فإن العراق مُستثنى من هذه العقوبات بشكل دوري، لكنه مع ذلك لا يتمكن من دفع ثمن الغاز الإيراني بالدولار ويلجأ لأساليب بديلة. في المحصلة، ليست هناك فرصة للعراق لحل مشكلة الغاز المحروق خلال سنوات قليلة، وبهذا فإنّ اعتماده على الغاز الإيراني سيستمر على الأرجح.

*استنتاجات وتوقعات
وقَّعت حكومة السوداني مع شركة سيمنز مذكرة تفاهم جديدة في يناير 2023، هدفها إضافة 6 غيغا واط للشبكة الكهربائية، باستغلال الغاز المصاحب، وصيانة توربينات سيمنز العاملة في العراق، وتنفيذ مشاريع طاقة شمسية ورياح، وإنشاء محطات تحويل، بالإضافة إلى تدريب الكوادر العراقية. ومن الواضح أن حكومة السوداني ستمضي بالتعاون مع شركة "جي إي" أيضاً، بما يعني استمرار تعايش الشركتين في العراق دون احتكار إحداهما لقطاع الكهرباء العراقي، خصوصاً أن لكلٍّ منهما شركاء عراقيين كبار أصبحوا من أصحاب المليارات.وعلى رغم الوعود المتكررة التي يطلقها المسؤولون العراقيون بتحسين واقع الكهرباء، وبصيف قادم مختلف، فإن كل الظروف والعوامل التي أدّت لفشل مشاريع "جي إي" وسيمنز السابقة في العراق لا تزال مستمرة. لا تمتلك الشركتان، ولا أي طرف عراقي أو دولي حلولاً سحرية لمعضلة الكهرباء في العراق. والحقيقة أن قطاع الكهرباء العراقي كان ولا يزال، منجماً من الذهب فاضت بركاته على سيمنز و"جي إي"، وشركات أخرى والأحزاب العراقية الحاكمة، ورجال الأعمال المرتبطين بها، وجهات حكومية أخرى. وعلاوة على الفساد المتجذّر في البلاد، يُعاني هذا القطاع من سوء إدارة وغياب استراتيجية واضحة وفعّالة وموحدة للطاقة تجمع قطاعات الكهرباء والنفط والغاز معاً. يُضاف إلى ذلك، غياب تسعيرة معقولة للكهرباء، وضعف نظام الجباية بشكل يحرم الحكومة من إيرادات بوسعها تغطية جزء من تكلفة الطاقة الكهربائية، وغلبة المنظور الاشتراكي- الشعبوي في التعامل مع هذا الموضوع. وعندما نأخذ في الحسبان الزيادة السكانية العالية التي تضيف أكثر من مليون عراقي تقريباً كل سنة، والتوسع الاستهلاكي غير المنضبط نفهم لماذا أضاف العراق حوالي 20 غيغا واط منذ عام 2003 دون أن يحقق استقراراً في الإمدادات.وعلى المدى القريب، يبدو أنّ الاستقرار النسبي الذي تتمتع به حكومة محمد السوداني قد لا يدوم طويلاً. فقد يعود التيار الصدري إلى الواجهة ويقود موجة احتجاجات جديدة. كما أن القوى التي شاركت في انتفاضة تشرين ستُعبّر عن نفسها أيضاً بمعارضة ملموسة. كل هذا سيعني أن عدم الاستقرار السياسي الذي منع تشكل أي سياسة عامة دائمة في العراق منذ عام 2003 يُمكن أن يلقي بظلاله من جديد على قطاع الكهرباء العراقي.
نقلا عن: مركز الإمارات للسياسات
٢-الجزيرة………تقرير ………
20 ألف طن من الطعام تهدر يوميا في العراق.. ما الخسائر الاقتصادية والآثار البيئية؟
بغداد– يصنّف العراق ضمن البلدان الأكثر هدرا للطعام، ويرتبط ذلك بطبيعة العادات والتقاليد الاجتماعية، حيث تمثل بقايا الطعام نحو 43% من إجمالي النفايات في البلاد، وكانت وزارة البيئة العراقية قد أعلنت يوم 15 فبراير/شباط الماضي عن توجه حكومي لإعداد قانون جديد يضمن تدوير النفايات وتقليل الهدر، وأشارت إلى أن كميات بقايا الطعام من النفايات تصل إلى 20 ألف طن يوميا في عموم العراق.

هدر الطعام

يصف الكاتب علي فاهم حالة الهدر في البلاد بقوله يبدو كأن العراق بلد المتناقضات الدراماتيكية بين ما يملكه من ثروات هائلة اكتنزت في يد طبقة معينة استأثرت بها، وفقر كبير يعصف بشعبه.وفي حديثه للجزيرة نت، يعزو فاهم أسباب تزايد الهدر إلى طبيعة الفرد العراقي، التي يضاف إليها الضغوط الاجتماعية والموروث الشعبي، إذ تتسم الشخصية العراقية وسلوكها المجتمعي بالبداوة، حسب تعبيره.ويلفت فاهم إلى أن الطعام أصبح يُقدّم في صحون كبيرة جدا تزيد على الحاجة، ثم يُرمى باقي الطعام من دون أي فائدة، ويضيف أن هذه التقاليد الاجتماعية أسست ظواهر سلوكية غير منضبطة لا يمكن التخلص من تبعاتها بسهولة، مشددا على ضرورة نشر الوعي المجتمعي والثقافي بإطلاق برامج حقيقية لمواجهة السلبيات المتراكمة، وذلك بتضافر جهود الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.

آثار اقتصادية
ويحذّر الخبراء من تداعيات اقتصادية كبيرة على العراق جراء كميات الطعام المهدرة، وما تتطلبه من جهود كبيرة للتخلص منها أو تدويرها، وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني إن هدر الطعام يعد جزءا من سلوكيات المجتمع العراقي تحت مسمى إكرام الضيف، وذلك بطبخ كميات طعام أكبر من حاجة الأسرة بشكل مستمر ويومي، تحسبا لقدوم ضيوف غير متوقعين أو من دون موعد سابق.وفي حديثة للجزيرة نت، يتحدث المشهداني عن كميات هدر ليست بالقليلة، الأمر الذي يتسبب في خسائر كبيرة، لا سيما أن العراق يستورد جميع المواد الغذائية بمبالغ ضخمة في ظل أزمة ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، معلقا "لو تم حساب كمية الطعام المهدرة يوميا بالعراق (20 ألف طن) بقيمة الحبوب التي يصل سعر الطن الواحد منها إلى 400 دولار، فهذا يعني خسارة العراق أكثر من 8 ملايين دولار يوميا عدا الخسائر الأخرى".وبناء على ما تقدم، يرى المشهداني ضرورة تعزيز الثقافة المجتمعية وتضمين المناهج المدرسية كيفية التعامل مع الغذاء الذي أصبح من السلع النادرة، وذلك بهدف ديمومة الحياة وصيانة حقوق الأجيال القادمة، لافتا إلى أن المناسبات الدينية والزيارات المليونية بالبلاد تسهم سنويا في هدر الأطنان من بقايا الطعام الفائض الذي يرمى في النفايات، وفق قوله.

عواقب بيئية
ولا تقتصر مشكلة هدر الطعام على الخسائر المادية، بل تنذر بعواقب بيئية خطيرة تهدد الصحة العامة، إذ اعتبر الخبير البيئي أحمد صالح نعمة أن ارتفاع معدلات نفايات الطعام المهدر في العراق تعد من السلوكيات الخاطئة ومن مظاهر التشوه البصري في المدن، لا سيما أن البنى التحتية للبلديات ليست كافية لاستيعاب هذه الكميات الكبيرة من الطعام المهدر والنفايات المنزلية.وقد يؤدي تحلل هذه النفايات -نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة- إلى انبعاث غاز الميثان وبعض السموم، إضافة إلى انتشار أنواع البكتريا الضارة في البيئة العراقية، حسب ما يحذّر نعمة خلال حديثه للجزيرة نت.ولا يقف الأمر عند ذلك، إذ إن رمي بقايا الطعام بمجاري الأنهار يؤدي لزيادة تلوث المياه والإضرار بالتنوع البيولوجي من ناحية البكتريا الحميدة، وبيوض الأسماك والكائنات الحية الأخرى، وبرر نعمة انتشار كثير من الأمراض -لا سيما التنفسية والصدرية والجلدية- بسبب النفايات وما ينتج عنها، داعيا إلى الحفاظ على البيئة من خلال تدوير هذه النفايات وتحويلها إلى مادة الكومبوست التي تدخل في التسميد الزراعي ورفد التربة بالعناصر الغذائية المفيدة.

"صفر نفايات"
ومع تفاقم المشكلة، كشفت الجهات الحكومية المختصة عن مشروع طموح للتخلص من النفايات، ويقول مدير عام الشؤون الفنية في وزارة البيئة عيسى الفياض إن النفايات تعد مشكلة حقيقية تعانيها محافظات العراق بصورة عامة، وبغداد على وجه الخصوص، بسبب كمياتها الكبيرة والطرق التقليدية في إدارتها.وأشار إلى أن العاصمة بغداد تطمر نحو 10 آلاف طن من النفايات يوميا، مبينا أن الحاجة لمعالجة هذه النفايات تتطلب تنفيذ مشروع "صفر نفايات" الصديق للبيئة، مرجحا تحقيق مردود اقتصادي جيّد من خلال المشروع، فضلا عن توفيره كثيرا من فرص العمل.وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح الفياض أن المشروع المرتقب في طور إعداد دراسة الجدوى لمعرفة كافة المعلومات المطلوبة لتنفيذه من حيث كمية النفايات ونوعها وموقع تنفيذ المشروع والجهة المنفذة ونوع الآليات المستخدمة وعدد الأيدي العاملة وغيرها.ويرى الفياض أن المشروع المرتقب حلقة مهمة ضمن إستراتيجية العراق لمكافحة التغيّر المناخي لتقليل الانبعاثات السلبية، مثل غازات الاحتباس الحراري وملوثات الهواء، مشيرا إلى استمرار المشاورات مع البنك الدولي لغرض الاستفادة من الخبرات والتمويل الدولي لضمان نجاح المشروع.

٣-شفق نيوز………
السوداني يوافق على استحداث كلية الشرطة الثانية ومقرها البصرة…
شفق نيوز/ وافق رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، محمد شياع السوداني، اليوم السبت، على استحداث كلية الشرطة الثانية، ويكون مقرّها محافظة البصرة، من أجل رفد تشكيلات وزارة الداخلية بالضباط واستيعاب الدورات التأهيلية التي تُفتح سنوياً.ووجّه السوداني في بيان اليوم، بأن يجري إعداد هيكل تنظيمي خاص بالكلية، بما يتناسب مع مهامها وواجباتها، استناداً إلى قانون كلية الشرطة رقم 37 لسنة 2000.يُشار إلى أنّ الكلية المستحدثة ستكون لها موازنة مالية مستقلة، وترتبط بمكتب وزير الداخلية من جميع النواحي، أسوةً بكلية الشرطة الحالية، وفقا للبيان.
٤-سكاي نيوز…………الأخبار العاجلة
l قبل 1 ساعة
غروب الشمس كما يرى من المريخ.. صورة مذهلة من "ناسا"
l قبل 2 ساعة
موريتانيا تعلن مقتل 3 إرهابيين وإلقاء القبض على آخر بعد أن فروا من السجن المركزي قبل 6 أيام
l قبل 3 ساعات
بالأرقام.. هل يعتبر صلاح مسددا جيدا لركلات الجزاء؟
l قبل 4 ساعات
أبطال إفريقيا.. الأهلي يسقط بخماسية ويقترب من الخروج
l قبل 4 ساعات
في مباراة حزينة لمحمد صلاح.. ليفربول يخسر بشكل مفاجئ أمام بورنموث في الدوري الإنجليزي
l قبل 5 ساعات
طبيب الزمالك يكشف: هل أصيب شيكابالا بمرض خطير في الدم؟
l قبل 5 ساعات
رغم التحذير الأميركي.. روسيا وإيران تبرمان صفقة "سوخوي 35"
l قبل 8 ساعات
أوكرانيا تكشف موعد "الهجوم المضاد".. وتحدد أولوياته

l قبل 8 ساعات
بسبب اللاجئين.. إيقاف مذيع أشهر برنامج رياضي في بريطانيا
l قبل 9 ساعات
فيديو لبركان يثور في إندونيسيا.. ويطلق سحابة ساخنة
l قبل 9 ساعات
وفاة "خطاط الشهادتين والسيف" في علم السعودية
l قبل 9 ساعات
جريمة عائلية غامضة تهز لندن.. شنقت ابنيها ثم انتحرت
l قبل 9 ساعات
بعيدا عن مسكنات الألم.. حيل بسيطة تخلصك من الصداع
l قبل 10 ساعات
شرقي باخموت بقبضة "فاغنر".. ونهر باخموتكا "خط مواجهة"
l قبل 11 ساعة
وزير الخارجية الإماراتي يؤكد أن عودة العلاقات بين السعودية وايران خطوة هامة للمنطقة نحو الاستقرار والازدهار
l قبل 12 ساعة
وزارة الدفاع الأوكرانية تعلن أن سلاح الجو نفذ 11 غارة جوية على مناطق تمركز القوات الروسية
l قبل 12 ساعة
المعركة الدموية.. أوكرانيا تكشف سر استمرار دفاعها في باخموت
l قبل 12 ساعة
تفاصيل مروعة لـ"مذبحة الإسكندرية".. قتل 8 بـ28 طلقة
l قبل 13 ساعة
لحم سمك دجاج.. ما مصدرك الأفضل للبروتين لإنقاص الوزن؟
l قبل 13 ساعة
تحدي المستحيل بمصر.. كواليس أول دوري كرة قدم لأصحاب الساق الواحدة
l قبل 14 ساعة
استقر في بطنها 9 سنوات.. جنين متحجر ينهي حياة والدته
l قبل 14 ساعة
حالة نادرة.. هذا المرض يترافق مع تحول لون البول إلى أرجواني
l قبل 15 ساعة
البرلمان الصيني يوافق على تعيين لي تشيانغ رئيسا جديدا للوزراء
l قبل 16 ساعة
إصابة بنزيما.. أنشيلوتي يكشف احتمالات مشاركته في مباريات ليفربول وبرشلونة
l قبل 17 ساعة
دراسة: "الإيموجي" وسيلة لإخفاء المشاعر "الحقيقية" على مواقع التواصل
l قبل 17 ساعة
راموس يرد على التقارير التي تحدثت عن شتمه باريس سان جرمان بعد الخسارة أمام بايرن ميونيخ
l قبل 19 ساعة
كويكب قد يضرب الأرض في هذا التاريخ.. ومراقبة دقيقة من وكالتي فضاء.
مع تحيات مجلة الكاردينيا

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

566 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع