كورونا يقف في طريق خمسة عقود من الخبرة
صناعة النبيذ تمثل لفخرية إيليا حنا حياة مستمرة وعملا تتوارثه الأجيال في عائلتها، لكنها بعد 50 سنة في هذه المهنة تعاني من قلة الزبائن بسبب الخوف من انتشار عدوى كورونا.
تشتكي عراقية تصنع النبيذ منذ حوالي خمسة عقود من قلة الزبائن بسبب الخوف من انتشار كورونا، مشيرة إلى أن هذه المهنة توارثتها عن عائلتها جيلا بعد آخر.
العرب/أربيل (العراق) - ظلت فخرية إيليا حنا، صانعة النبيذ المسيحية، على مدى 50 سنة، تقطف العنب من مزرعتي الكروم اللتين تملكهما، لتصنع النبيذ في معمل بمنزلها في أربيل بالعراق، لكن نشاطها الذي استمر لعقود لم ينج من الجائحة ولم يكن محصنا ضد ضربات فايروس كورونا المستجد.
وتمثل صناعة النبيذ بالنسبة للمرأة التي تبلغ من العمر 70 سنة، حياة مستمرة وعملا تتوارثه الأجيال في عائلتها، ولمشروبها الكحولي شهرة كبيرة في مدينة شقلاوة التي تقع على بعد 30 كيلومترا شمال شرقي أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
فقد عمل والدها وجدها في هذه الصناعة لمدة عشر سنوات قبل أن تنضم إليهما وتشترك معهما في العمل.
وكانت حنا قبل الوباء تستقبل الزبائن القادمين من المدن المجاورة لشراء نبيذها، لكن مع تزايد المخاوف من الإصابة بالمرض تراجعت أعداد الزبائن، وبالتالي انخفض دخلها.
وقالت صانعة النبيذ السبعينية “لو لا المخاوف من انتشار العدوى بكورونا لكان الناس يأتون من دهوك لشراء النبيذ، في السابق كان يأتيني من هناك عشرة أشخاص على أقصى تقدير يوميا، لكن بسبب الفايروس أصبح الناس يخافون من المجيء إلى هنا”.
وأوضحت أنها مازالت تعمل في صناعة النبيذ، التي تستلزم جهدا شاقا، لأنها ليس لديها مصدر آخر للرزق، مضيفة “أقوم بهذا العمل لكسب القوت وسد الرمق. ماذا يمكننا أن نفعل؟ ليست لدينا رواتب”.
وتتم عملية تصنيع النبيذ على مراحل تبدأ بجمع حنا للعنب وغسله، ثم تضعه في كيس بلاستيكي وتعصره بقدميها، بعد ذلك تقوم بتصفية العصير في آنية بمصفاة يدوية لتخليصه من القشور.
ويمكن لفخرية زراعة ما يصل إلى خمسة أطنان من العنب سنويا في بستاني الكروم اللذين تملكهما. ويبلغ سعر قارورة النبيذ الواحدة في متجر ابنها 15 ألف دينار عراقي (أي ما يعادل 12.6 دولار).
وأكد ابنها فاضل يوسف “أمي تصنع هذا النبيذ منذ حوالي 50 سنة. لقد ورثنا هذه المهنة عن أجدادنا. نصنعها في المنزل. لنا زبائننا الذين يفضلون في الغالب شرب نبيذ شقلاوة”.
وتمثل المشروبات الروحية، تجارة ناشئة في المحافظات العراقية، تواصل منذ نحو عامين توسيع مساحة انتشارها، وسط الإقبال الكبير من قبل العراقيين على الكحول.
ومرت تجارة الكحول في العاصمة العراقية وبعض المحافظات بمنعرجات عديدة، تأرجحت بين السماح بها جزئيا، أو منعها نهائيا في بعض الحالات، تبعا للوضع الأمني، أو رأي أطراف سياسية متنفذة ترفع شعار الدين.
ويقع قانون تجارة الكحول في العراق، ضمن دائرة غائمة، إذ تخشى الحكومات المتعاقبة منذ 2003 إثارة غضب أحزاب الإسلام السياسي، التي تتهم باستخدام هذه الورقة للمناورة مع الجمهور المتدين. لذلك، لم تصدر هذه الحكومات تعليمات واضحة بشأن منع الكحول أو السماح بتداولها، فيما تخضع عملية الحصول على إجازة لفتح متجر للمشروبات الروحية إلى مساومات تقع خارج القانون في الغالب.
واليوم يمكن التبضع من متاجر توفر أصناف البيرة والعرق والويسكي والفودكا والنبيذ، فيما تتولى شركة أمنية في الخارج مهمة تأمين المكان، وتنظيم عملية وقوف سيارات المتبضعين.
وفي مناطق الكرخ من بغداد، ذات الغالبية السكانية السنية، يمكنك أن تشتري الكحول حتى خلال المناسبات الدينية الشيعية الكبرى، كذكرى وفاة الحسين مثلا، وهو أمر كان يتسبب في ملاحقة وقتل المتاجرين بهذه البضاعة سابقا.
وبينما يرى الكثيرون في هذا الملمح انتصارا للروح المدنية، يربط آخرون بين ازدهار هذه التجارة وحاجة مجموعات عراقية مسلحة إلى مصادر تمويل، بعدما شح المال الإيراني، بسبب العقوبات الأميركية.
456 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع