الحرب على داعش في العراق التي سارت في بدايتها لمصلحة إيران وباتجاه تكريس سيطرتها على البلد عن طريق ميليشيات الحشد الشعب، بدأت تعدّل وجهتها لمصلحة الولايات المتحدة التي تمكّنت من وقف اندفاع الميليشيات بضغوط سياسية وإجراءات عسكرية.
العرب اللندنية/بغداد - أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أمس موافقة الحكومة على تزويد العراق بمعدات قتالية داعمة لأسطوله من طائرات إف16 المستخدمة حاليا في ضرب مواقع تنظيم داعش، وذلك في خطوة تعكس، إلى جانب خطوات أخرى متعددة، العودة القوية للولايات المتحدة إلى العراق، بعد أن لاح لفترة وجيزة أنها تفقد زمام المبادرة لمصلحة إيران، إضافة إلى دخول روسيا على خط المنافسة على الساحة العراقية.
ومع توالي الكشف عن إرسال الولايات المتحدة نخبا من قواتها محدودة العدد وعالية الكفاءة إلى العراق، وتكثيفها التحرك على جبهة الحرب ضد داعش استشارة وتخطيطا للمعارك وتقديما للمشورة للقوات العراقية، يتبين للمراقبين أن واشنطن أعادت بالفعل تركيز أقدامها في العراق، على حساب إيران التي لم يعد يسجّل لخبرائها حضور في ساحات الحرب مثلما كانت عليه الحال في بداية المواجهة، وغاب عن الساحة العراقية قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري قاسم سليماني، وتراجعت بشكل كبير مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران والتي مُنعت من المشاركة في إحدى أهم المعارك؛ معركة استعادة مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار بغرب البلاد.
وبالاستناد إلى المعطيات المتوفرة راهنا، يتوقّع خبراء عسكريون أن يكون الدور الأميركي في ما بقي من معركة محافظة الأنبار، وفي معركة الموصل كبيرا، وأن يتم استبعاد الدور الإيراني بشكل كامل عبر الاستغناء عن مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي.
وعقد أمس ضباط عراقيون وأميركيون اجتماعا لمناقشة زيادة أعداد المدربين الأميركيين للجيش العراقي وسير المعارك في الأنبار والتحضير لمعركة الموصل.
وذكر بيان لوزارة الدفاع العراقية أن الاجتماع الذي تم بمقر وزارة الدفاع الأميركية ضم رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الركن عثمان الغانمي وقائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى الجنرال لويد أوستن.
وتعيد الولايات المتحدة ربط القوات العراقية بها عبر تكثيفها عملية تدريب عناصرها وإعادة تأهيلهم، وتضمن عن طريق تسهيل صفقات السلاح ارتهان تلك القوات للسلاح الأميركي.
وتتضمّن الصفقة التي أعلن عنها البنتاغون بقيمة تقارب 1.95 مليار دولار، قنابل ذكية وصواريخ إيه آي إم-9إم سايدويندر وذخائر أخرى للاستخدام في أسطول العراق المكون من 36 مقاتلة إف16.
وقالت وكالة التعاون الأمني التابعة لوزارة الدفاع الأميركية إن الصفقة تتضمن أيضا دعما فنيا وستتطلب إقامة حوالي 400 من الخبراء الأميركيين في العراق حتى عام 2020. وتسجّل الولايات المتحدة بشكل متزايد حضور قواتها بشكل مباشر على الأراضي العراقي، حيث أعلن البنتاغون أول أمس الأربعاء عن نية زيادة القوات الأميركية داخل العراق.
وقال وزير الدفاع آشتون كارتر أثناء توجهه إلى العاصمة الفرنسية باريس لحضور اجتماع وزراء دفاع عدد من دول التحالف الدولي لمحاربة داعش، “أتوقع ازدياد عدد المدربين، وكذلك أنواع التدريبات، التي يقومون بتقديمها في العراق”، مضيفا “لا أستطيع أن أحدد رقما، لكن يمكنني القول إن العدد سيزيد بشكل كبير مع تنامي زخم الجهود” العراقية في محاربة داعش.
وأكد كارتر أن القوات العراقية مستمرة في تقدمها، وصولا إلى الموصل، حيث سنكون بحاجة إلى “قوات برية قادرة على استعادة الأرض، وقوات للشرطة قادرة على المحافظة على الأمن”.
وبحسب بيانات البنتاغون، فقد قامت القوات الأميركية، بتدريب أكثر من 16 ألف مقاتل عراقي وكردي.
ويتواجد في العراق حاليا نحو 3500 فرد من القوات الأميركية في مهمة لتدريب القوات الأمنية العراقية ومقاتلي العشائر السنية وقوات البيشمركة الكردية.
وكان ضابط عراقي كبير في قيادة عمليات الجزيرة والبادية قد كشف منذ يومين عن وصول قوة خاصة من الجيش الأميركي إلى قاعدة عين الأسد الواقعة على بعد حوالي مئتي كيلومتر غربي العاصمة بغداد للمساعدة في تحرير مناطق غربي محافظة الأنبار.
وبدوره قال الكولونيل ستيف وارن المتحدث باسم التحالف الدولي ضد داعش إن الجيش العراقي يحتاج إلى مئات المدربين العسكريين الغربيين قبل بدء هجومه لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية.
وكانت الحرب على تنظيم داعش في العراق قد سارت في بدايتها لمصلحة إيران بشكل كبير حيث شارك خبراؤها في عدّة معارك خصوصا بمحافظتي ديالى وصلاح الدين أين سجلّ حضور مباشر للجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني.
وعمّت الخشية في داخل العراق وخارجه من البروز الكبير لميليشيات الحشد الشعبي الذي تشكّل بفتوى دينية من المرجع الشيعي علي السيستاني.
واعتبر كثيرون أن الحشد سيكون بمثابة جيش احتلال إيراني مقنّع للعراق، خصوصا في ظلّ الانهيار الذي ألمّ بالقوات النظامية العراقية، مع غزو تنظيم داعش لمناطق شاسعة في شمال البلاد وغربها صيف عام 2014.
غير أن جهودا أميركية نجحت أخيرا في انتزاع المبادرة من أيدي ميليشيات الحشد الشعبي ومنحها للقوات النظامية التي تولت مهمة استعادة مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار.
وترافق ذلك مع ضغوط سياسية على حكومة حيدر العبادي التي لم تجد بدّا، في ظل ما تواجهه من مصاعب وتعقيدات سياسية واقتصادية، من الاستجابة لرغبة واشنطن والحدّ من دور الميليشيات في الحرب.
1167 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع