إذا أفلت أطفال العراق من الموت فسيسقطون في أتون الاستغلال

       

             الجهل و الأوبئة يتربصان ببراعم الغد

العراق مهدد في أجياله القادمة أمام استفحال الفوضى والعنف، فبراعم العراق التي كانت تنعم بما ينعم به جميع الأطفال من علم ورعاية وترفيه، أضحت اليوم تعاني الجهل والعنف وانتشار الأمراض والأوبئة إضافة إلى التجنيد القسري والاستغلال، حتى أصبح الطفل العراقي اليوم مهددا بالانقراض إذا ما تواصلت الحياة المزرية التي يعيشها على هذا النحو.

العرب/بغداد - أطفال العالم بأسره يمرحون ويذهبون إلى المدارس يتلقون العلم وهم يلعبون، ما عدا في مناطق الصراع، هناك يرسمون الدمع ويعانون الجوع والبرد والحر بعيدا عن الرعاية الصحية وعطف الأهل وصحبة الأقران، ففي العراق يكبر الأطفال قبل وقتهم الطبيعي إن لم يموتوا جراء العنف والاستغلال والأمراض.

فقد أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف، أن أكثر من مليون طفل عراقي معرضون لـ”الاعتداء والاستغلال” الجسدي، في حين حذرت منظمة مدنية من انقراض الطفولة في العراق نتيجة عدم الاهتمام بها وعدم تشريع قانون لحمايتها.

وقال مدير مكتب اليونيسيف للمنطقة الوسطى في العراق، حسام الموسوي، في كلمته خلال المؤتمر العلمي السنوي الحادي عشر في بغداد، إن “المؤتمر يأتي دعما لما يواجهه الآلاف من الأطفال بسبب التحديات الكبيرة التي تفاقمت بعد سنة 2014 نتيجة الإرهاب وانعدام الأمن في بعض المناطق وانتهاك حقوق الإنسان”.

وأضاف الموسوي، أن “التقديرات تدل على أن أكثر من مليون طفل يعيشون في الأراضي التي استولت عليها الجماعات المسلحة ويواجهون مخاطر عدة، كالاعتداء والاستغلال الجسدي فضلا عن الاضطرابات النفسية”.

وبيّن أن “لدى أولئك الأطفال الذين يصلون إلى المناطق الآمنة قصصا رهيبة عن الانتهاكات والصدمات النفسية التي يتعرضون لها، ما يؤدي إلى استمرار معاناتهم”.


وأدخل تنظيم داعش الإرهابي المئات من الأطفال إلى صفوفه في غرب العراق للقتال، وأغرى عوائل الأطفال الفقيرة التي يُحاصرها في الفلوجة والرمادي كما في الأنبار براتب شهري يقدر بنحو 1400 دولار للطفل الواحد، تزامنا مع معاناة الأهالي من المجاعة في ظل غلاء المواد الغذائية، لافتا إلى أن التجنيد إجباري والرافض يواجه عقوبة الإعدام.

وأفاد تقرير صادر عن لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة في شهر فبراير بارتكاب تنظيم داعش للعديد من الانتهاكات المروّعة في العراق، ومنها بيع الأطفال وقتلهم “صلبا أو حرقا”.

واستنكرت اللجنة، في تقريرها “القتل الممنهج للأطفال من أقليات دينية وعرقية على يد تنظيم الدولة بما في ذلك عدد من حالات القتل الجماعي لصبية صغار”. ولفتت اللجنة إلى تقارير تفيد بـ”قطع رؤوس وصلب أطفال وحرق أطفال أحياء”، مشيرة إلى أن داعش ارتكب “أعمال عنف جنسي بشكل ممنهج”، متضمنة “خطف أطفال واستغلالهم جنسيا”.

وأوضح التقرير أن داعش يجبر الصبية على القيام بهجمات انتحارية وتصنيع القنابل والعمل كمرشدين أو دروع بشرية لحماية المنشآت ضد الضربات الجوية.

وطالبت الأمم المتحدة بضرورة توفير الحماية للأطفال، ولكن هذا ليس ممكنا في كل المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم داعش في الوقت الراهن وخاصة أولئك الأطفال الذين تتابعهم تهم تتعلق بالإرهاب والذين يعانون من سوء المعاملة ويواجهون ظروف اعتقال سيئة للغاية، وقد يواجهون خطر الإعدام عندما يبلغون الثامنة عشرة.
    
ومن المعروف أن داعش يجند الأطفال، لكنه ليس الوحيد، فالميليشيات التي تحارب إلى جانب القوات العراقية ضد تنظيم الدولة، تستخدم هي الأخرى الأطفال أيضا. حيث يظهر الأطفال في أشرطة فيديو دعائية، مثل فيديو ظهر في مايو 2015 فيه مجموعة من الرجال يرتدون زيا عسكريا ويقفون حول فتاة في سن العاشرة تقول إن اسمها زهرة من قبيلة الجبور في محافظة صلاح الدين، وإنها فخورة بمحاربة داعش “حتى الموت” مع قوات الحشد الشعبي.

ومن فر من هذا الجحيم مع عائلته يواجه معاناة أخرى في ملاجئ النازحين لا تقل خطورة عمّا يعانيه الآخرون تحت نير الاضطهاد في صفوف الميليشيات. وتسبب نزوح الآلاف من الأسر من مناطقهم في شمال وغرب العراق في ارتفاع معدلات الفقر الذي أجبر العديد من الأطفال على العمل في مهن متنوعة لا يقدرون على قسوتها وتعبها، لعدم وجود معيل آخر يوفر لقمة العيش لأسرهم.

فبعد أن عاشوا “فرن الخيمة” في الصيف، حيث بلغت درجة الحرارة الخمسين درجة مئوية مع ما تجلبه هذه الحرارة من أوبئة وسوام، يأتي فصل الشتاء ببرده القارس وأمطاره الغزيرة ليغرق هؤلاء الأطفال في الوحل والمياه الآسنة والأمراض الشتوية التي لا يحتملونها.

وحذرت منظمات حقوقية دولية من أن المئات من الأطفال الذين نزحوا رفقة عوائلهم من أماكن الصراع المحتدم بين القوات الحكومية العراقية ومسلحي داعش، يواجهون خطر الموت في مخيمات اللاجئين التي أُنشئت في العراء، جراء نقص في الأغذية والأدوية، وبالأخص الأطفال الرُضع.

وذكرت منظمة اليونيسيف في بيان لها أن “سبعة ملايين طفل سوري وعراقي هم عالقون في النزاع (في البلدين)، سيواجهون شتاء قاسيا خاصة مع اقتراب هذا الموسم برياحه الباردة وأمطاره المتجمدة ودرجات الحرارة المتدنية في الشرق الأوسط”.

بدورها حذرت منظمة “ألق الطفولة” من خطر “انقراض” الطفولة في العراق، مطالبة بضرورة إقرار قانون لحماية هؤلاء الأطفال لا سيما في ظل وجود 18 مليون طفل في هذا البلد. وقالت رئيسة المنظمة فاتن عبدالإله، إن “ملامح الطفولة ستنقرض في العراق مثلما انقرض الإنسان البدائي ‘نياندرتال’ بسبب الحروب وغيرها من العوامل البيئية والموضوعية”، مبيّنة أن “أطفال العراق يتحدثون اليوم عن الإرهاب وداعش والعمليات العسكرية والتفجيرات وبؤس المخيمات، وغيرها من الأمور التي تنتهك براءتهم”.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

868 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع