محطات جميله في ذاكرة بغداد ـ ج4 ـ أكلات بغدادية لاتزال حاضرة

 

محطات جميله من ذاكرة بغدادـ ج4 ـ أكلات بغدادية لاتزال حاضرة

 


بغداد..

والله ماكنت طول العمر ناسيها

ولادنوت الى من ليس يدنيها

كأنها البدر في تكوين هيئتها

سبحان خالقها وسبحان باريها

قد صيرتني حزينا ساهرا

والقلب قد حار في معانيها



في كل مدينه من مدن العالم مميزات معينه تشتهر بها من جمال طبيعه او وجود آثار او صناعه حرفيه او اكله شعبيه وبغداد حالها ايضا كحال المدن الاخرى وخاصة انها تمتد في عمق التاريخ لمئات السنين الامر الذي جعلها تكتسب الكثير من التاريخ ..

يعتبر الطعام من الامور التي ترافق الانسان اكثر من اي شيء آخر في حياته منذ بدايتها الى نهايتها حيث يتقابل مع طعامه ثلاث مرات في اليوم او اكثر في بعض الاحيان ومن هنا نجد الاهتمام بالطعام والتفنن في طبخه واعداده وتقديمه وتزيين موائده ,, وهنا سنتطرق لبعض الاكلات البغداديه المشهوره دون الخوض في تفاصيل طبخها ونترك ذلك لربات البيوت الاختصاصيات في هذا المجال ..



لقد اشتهرت العديد من مدن العام بأكلات معينه مثل اليابان بأكلة ( السوتشي ) والهند بأكلة ( التندوري ) ..

والولايات المتحده باكلة ( الهمبركر والهوت دوك ) ولبنان بالتبوله والشاورما ومصر( بالفول المدمس) والكشري والخليج بأكلة ( الجبسه )...

والاردن (بالمنسف ) وهكذا بغداد فانها اشتهرت بالعديد من الاكلات اللذيذه التي يبقى يتذكرها زائريها ..


في عام 1978 جرت مسابقه بين مطابخ العالم وكان للعراق دور فيها حيث اوعزت الحكومه الى اتحاد نساء العراق باختيار عشرة بيوت بغداديه تتولى طبخ اكله عراقيه وبغداديه من كل بيت واحده وفعلا فاز المطبخ العراقي بالمرتبة الاولى عالميا لتنوع الماكولات ولذتها والقيمه الغذائيه التي تحتويها وطريقة العرض والتقديم ..



لم يكن في بغداد في مطلع القرن العشرين مطاعم تحمل الصفات التي تخطر على بالنا اليوم ولكنها كانت على قدر الحال محصوره في الخانات والبيوت وعلى الارصفه وعلى العربات وبالقرب من تجمعات العمال او مناطق الاضرحه الدينيه او معسكرات الجيش وكانت تقدم انواع من الاكلات من ضمنها ما سوف نذكره في مقالنا ادناه :



التمن والمرق

تعتبر هذه الاكله هي سيدة المائده وبدونها قد يكون الطعام غير موجود وكثيرا ماتردد ربة البيت (اليوم الجهال ما شبعوا لان ماطبخت تمن ومرق ) والتمن والمرك وجبه قياسيه تكاد تكون يوميه مع ثبات الرز وتنوع المرق...

  (الباميا بضلوع الغنم ( ويضرب بها المثل ,, الله الباميا شكد تنفخ ,,) – الباذنجان – الفاصوليا اليابسه – الفاصوليا الخضراء – الشجر – السبيناغ – القرنابيط – البصل – السلك – الطماطه – الحمص – الجمه ) وهذه الخضروات تطبخ كل منها بطريقه تختلف عن الاخرى ويكون فيها لحم الغنم حاضرا مع الطماطه ..

هذه الاكله تقدمها جميع مطاعم بغداد في جانبيها الكرخ والرصافه مثل :

( الشمس – شباب الكرخ – تاجران – الشباب – العاصمه - ابن سمينه – قدوري وغيرها )



الباجه

وهي العلامه المميزه لبغداد والموصل وتكون من خراف اصيله وليس من الماعز(الصخل ) ومن الخراف البيض وليست السود ( تفرقه عنصريه ) وتتم عملية تنظيفها بشكل خاص و كامل وتتألف لمن لم يحضرها من ( راس الخروف + الاطراف + المعده ,, الكرشه ,, + المصران ) ويتم طبخها بصوره تختلف عن بقية الاطعمه حيث تحتاج الى نيران قويه مع متابعه في رفع الزبد(الزفره ) من فوق المرق وتقدم في صحون متوسطه مع الثريد المنقوع بماء الباجه مع دهن حر (مفرقع ) فوق الثريد والراس كله او جزء ( يتألف الرأس من لحمة الراس +اللسان + المخ + العيون + الاذان ) والكراعين والكرشه منها تقدم كما هي ومنها (كيبايات ) مملوؤه بالرز كما حال الممبار وهوالمصران المحشى بالرز والكشمش واللوز ويعفر بالبهارات والدارسين ويقدم معها البصل والخضروات والحامض والطرشي ولبن الشنينه وبعدها شاي ( زنكين ) ويضرب به المثل ( قابل ماكل باجه ) يقال هذا المثل عندما يقدم الشاي الغامق (الثقيل )(الطوخ ) .

واشتهرت بغداد في تقديم الباجه محلات ابن طوبان بالكرخ والحاتي في شارع الشيخ عمر وهناك محلات اخرى تقدمها مثل الباجه الموصليه واللبنانيه وغيرها .



الدولمه

يعتقد انها من اصل تركي وهي التي تسمى بالملفوف وباسم ورق العنب وفي بغداد تسمى الدولمه وتطبخ بانواع منها بالزيت وهي قليله...

ومنها بالسلك او ورق العنب مع البصل والباذنجان والشجر والطماطه والعضود ( هي عضود ورق السلك ) وضلوع الغنم والبعض يضع الباقلاء ويوضع عصير الحامض ( تمر هندي او نارنج او ماي الرمان ) مع الحشوه من رز العنبر واللحم المفروم والطماطه المفرومه والبهارات



الخاصه وطريقة التقديم تكون بقلب القدر على صينيه وتتفرق من ذاتها وتؤكل وهي حاره مع الخبز الحار والطرشي والخضورات ولبن الشنينه .. ويحكى ان وفدا ايرانيا حضر الى بغداد ايام زمان وقدم له صحن من الدولمه ولكنه رفض ان يأكل منه وعندما سألوه عن السبب قال:

(اگر حيلة نداري جرى لفلف بكني)اي اذا لم تكن فيها حيله لماذا لفيتموها ؟



تبسي الباذنجان

الباذنجان له قصه مع العراقيين فهو مرافقهم منذ وقت طويل ويمتاز بطعمه اللذيذ وتوفره صيفا بشكل طازج وشتاءا بشكل يابس ( مجفف ) وله دور مشهود في الحصار الذي فرض على العراق حيث سمي ( وحش الطاوه ) وهو الذي تطور واصبح منه فلافل وكباب طاوه وبابا غنوج ومحشي الطرشي وغيرذلك ولكنه ظل يحافظ على صفته الاصليه وهي مرق الباذنجان وتبسي الباذنجان وهي الاكله التي تمتاز بسهولة طبخها ورخص سعرها وتنوعها ولاتحتاج الى اكثر من كيلو باذنجان وطماطه وبطاطا وفلفل اخضر مع معجون طماطه ولحم مفروم وزيت ويوضع بالفرن لحين النضوج وهو من الاكلات اللذيذه جدا



الشيخ محشي

ومن الاكلات البغداديه هذا الشيخ الذي تشيخ على باقي انواع المحشيات ويدخل في اصوله الباذنجان والشجر والطماطه ويتم تفريغ اللب لكل هذه الخضروات ثم يوضع بدلها الرز واللحم المثروم والهارات والمعدنوس والبصل المثروم ويطبخ على نار هادئه ويقدم بوضعه كما هو في تبسي او قدر وتكون المرقه مخلوطه بالرز ومعجون الطماطه والحامض وقليلا من البهارات الخاصه ..



كباب الطاوه

ويسمى العروك وهو من عائله البيتزا او العكس وكذلك اللحم بعجين وخبز العروك وهو بسيط العمل ولذيذ الطعم خاصة وان اللحم فيه يكون (دهين ) بالليه (لحم غنم من الخفايف وهي صفاح الخروف ) ومعه الكركم والطحين ويعجن مع البصل المفروم والمعدنوس ويقلى بالطاوه ويقدم مع الكرفس والرشاد والطرشي والخبز الحار ومع الشاي احيانا .



تمن باقلاء

وهو الرز المطبوخ مع الباقلاء الجديده الناعمه والمزاله قشورها ويوضع معها الشبنت ويكون الرز عنبر او بسمتي ويستخدم ماء اللحم او الدجاج في طبخ الرز ويقدم المرق (ماي لحم مع قطع اللحم ) وهو من الذ الاكلات البغداديه ويكثر طبخه في موسم الربيع وعند توفر مادة الباقلاء والشبنت ولكن الان اصبح متوفرا طيلة ايام السنه بواسطة التجميد وهناك انواع اخرى من التمن مثل تمن كلم وتمن جزر .



التمن الاحمر

وهو احدى الاكلات العراقيه التي دأبت العائله العراقيه ان تعين لها يوم اسبوعي في معظم العوائل وتتكون من الرز الاحمر المطبوخ مع معجون الطماطه ويقدم معه الدجاج المشوي مع البطاطا في الفرن والزلاطات والطرشي واللبن .



التكه والكباب والمعلاك

من المشويات التي تمتاز بها بغداد كما هو الحال في تركيا وايران وهي مشويات لحم الغنم على شكل قطع صغيره في بغداد وكبيره في البلدان الاخرى والكباب العراقي ذا شهره معروفه وهو من الذ المشويات في الشرق الاوسط وتجده ايضا في مدن عراقيه اخرى منها الفلوجه واربيل وسليمانيه...

وكذلك مشويات المعلاك ( الكبد ) والضره والمشاوي لذكر الخروف وتعتبر المشويات البغداديه من الاكلات الشائعه والتي كانت تقدم على الارصفه وبالقرب من المقاهي ومعها الخبز البغدادي والطرشي والخضورات والبصل  والطماطه المشويه...

وينصح الاطباء الابتعاد عن الكباب البغدادي وهذا ما فاجئني به طبيبي في عمان ( ممنوع الكباب العراقي ) ولكن هل يمكن ذلك ؟؟؟؟



السمك

تكثر اكلات السمك في بغداد لانها مدينه تقع على نهر دجله بضفتيه ويكثر فيه الصيادين واسعاره معتدله ويطبخ بعدة طرق منها ( المسكوف ) وهو اشهرها واطعمها لذة للاكلين وله طريقه خاصة لن تجدها في كل العالم لانه يختلف في نوع السمك ونوع الحطب ونوع الشوي وطريقته . وقد ذكرنا ذلك مفصلا في حلقه من مسلسل بغداد ايام الزمن الجميل ح \20 وهناك طبخات اخرى مثل المقلي على التمن ( المطبك) وعادة ما يكون التمن اصفر والحامض مع المرق والمشوي بالافران .

وللبغداديين ولع في اكل سمك ( الجري ) وهو نوع من السمك يوصي به الطبيب لانه كما يقول محبيه يعالج 70 مرض ويقدم مقلي مع الخبز والطرشي والعنبه الملازمتان للاكلة السمك ..



التشريب

هو غذاء اصحاب المهن الذين يصرفون جهدا بدنيا عاليا وهو متنوع ولكنه يتشابه من حيث الاساس وهو وجود الخبز البغدادي ( الثريد ) وتختلف مادة التشريب ومنه :

التشريب الاحمر وتدخل فيه الطماطه بشكل رئيسي ولحم الغنم والنومي بصره والبصل .



التشريب الابيض وهو بدون طماطه ولكن فيه كل الاشياء الاخرى .

قد يستخدم لحم الغنم مع التشريب وقد يستخدم الدجاج في كلا النوعين .

يقطع الخبز الى قطع صغيره ثم يوضع فوقها ماء التشريب وقطعه من اللحم او الدجاج مع نومية بصره ويقدم معه البصل الطازج والفلفل الا خضر واللبن الشنينه ويتبر وجبه دسمه مشبعه والبعض يعتبرها حشو مصران كما يقولون ولكنها مرغوبه ولايمكن للمطبخ الغدادي الا ويطبخها بين حين وآخر ..



وهناك نوع من التشريب هو ( تشريب البقلاء ) وهذه الاكله تعتبر من الاكلات المرغوبه وهي نوع من انواع الفول ولكن على الطريقه العراقيه حيث يتم سلق الباقلاء اليابسه وينقع الخبز في ماء السلق ويوضع الخبز في صحن وفوقه كميه من الباقلاء السلوقه وكميه من الدهن الحر المغلي وقليلا من البطنج والبعض يضع فوق الخليط بيض مقلي واشتهر مطعم قدوري في شارع ابو نواس بتقديم هذه الاكله...

وكانت في السابق تقدم في الازقه من قبل النسوه ولقد فاقت شهرتها حتى فتح قدوري مطاعم في دمشق ولبنان وعمان ..



كبة حامض الشلغم

لم اجد لها مثيل في دول الجوار وهناك كبة بلبن وكبه بالزيت وكبه بالعدس وغيرها ولكن كبة الحامض اختصت بها بغداد لوحدها وطريقة عملها لايمكن الا لربة البيت المختصه وخاصة في صناعة الكبه التي تتألف من الرز العنبر الذي ينقع بالماء ثم يدق بالجاون ( هاون خشبي كبير ) او باستخدام الخلاط ويخلط معه اللحم (عجل شرح ) بحيث تتلابس المادتين ومن ثم يوضع الحشو داخل كرات من الرز بقشره خفيفه وتوضع الكبه في القدر الذي يتألف من شوربة رز مع سلق مع قطع من الشلغم وقليلا من الكركم ويقدم في صحن عميق مع عدد من الكبايات مع الحساء وهناك من يطبخه مع عصير الطماطه واخرين بدون ذلك .



الدليميه

وهي اقرب الى التشريب مضافا اليه الرز وخاصة العنبر ولحم الغنم وتوضع بصحون كبيره وطريقة التحضير تتم بوضع الخبز والرز متلابسين ثم يوضع المرق ( ماء اللحم ) ثم يوضع اللحم شرط ان يكون من الغنم وتقدم في المناسبات وسميت دليميه بسبب الاكثار منها في محافظاتنا الغربيه وهي بالاصل بغداديه قديمه جدا كانت تسمى الثريد بالرز ..



الكبه بانواعها

المطبخ البغدادي والموصلي اشتهر بعمل انواع متعدده من الكبه وكلها بشكل عام تتألف من حشوه من اللحم والبصل والمعدنوس والبهارات ويختلف القشر منه من الرز او من البرغل والانواع المتداوله في المطبخ العراقي هي :



كبة البرغل الدائريه وقطرها قد يتجاوز 40 سم وفي الموصل قد يصل القطر الى اكثر من 80 سم وتقدم في صحون كبيره ( الطشت ) .



كبة الحلب والغريب ان اهل حلب يسمونها كبة بغداد واهل بغداد يسمونها كبة حلب وهي كرات بيضويه من الرز الاصفر وحشو من اللحم وتقدم بعد قليها .



كبة الجريش وهي من جريش الحنطه واللحم وتكون كرويه يختلف حجمها من صغيره الى كبيره بقبضة اليد وهذه ماكان يقدمها مطعم سوق السراي ( كبة السراي ) وتقدم مسلوقه .



قوزي على تمن

وكلمة القوزي اخذت من الجنين الذي يوجد في بطن النعاج عند الذبح وقد حلل اكله ولكن ماشاع من اكلة القوزي ليس فيها اي من هذا الجنين لانه نادرا ما تظهر مثل هذه الحاله ولكن التسميه شاعت بهذا الاتجاه والاكله تتكون من الرز وعليه قليلا من الكشمش واللوز والبصل المقلي مع قطعة لحم غنم كبيره نوعا ما مسلوقه ومحمره بالقلي ويقدم معها كأسه من المرق الاحمر اضافة الى المقبلات وكانت هذه الاكله تقدم في جميع المطاعم ويعتبر آكليها من الموسرين في ذلك الزمان حتى شاع مثل يقال ( قابل ماكل قوزي؟؟) .



المثروده

وتسمى تشريبايه وتسمى المحروك اصبعه وتسمى باكلة الفقير وهي ببساطتها ورخص كلفتها وسرعة طبخها وطريقة اكلها تكون قد حصدت الاسماء كلها ..

تتألف من الخبز وهو الاساس في تركيبها ومن عصير الحامض ( تمر هند – نارنج – دبس الرمان ) مع البصل المحموس جيدا في الدهن او الزيت ثم وضع العصير حتى يغلي لمده من الزمن ثم يضاف الخبز المقطع وقليلا من الكركم وقد يضاف قليلا من الفلفل الاحمر ويخلط الجميع حتي تتشرب قطع الخبز ثم تقلب في صينيه وتؤكل وهي حاره ..من الذ الاكلات البغداديه .


هناك اكلات اخرى دخلت المطبخ العراقي عموما والبغدادي خصوصا وهي حديثة عهد مثل الشاورما ( الكص ) والهمبركر والدجاج المقلي ( الكنتاكي ) والهوت دوك والستيك والسكالوب وغيرها وهي لم تستطع ازاحةالاكلات البغداديه الاصيله بل عززت المطبخ البغدادي .



وايضا هناك اكلات من دول الجوار قد يحسبها القارىء من الاكلات البغداديه مثل ( الفسنجون ) و ( المقلوبه ) و( البرته بلو ) و (المنسف ) وغيرها

نختتم مقالتنا آملين ان تكونوا قد استمتعتم بهذه الاكلات مع اجمل التحيات

عبد الكريم الحسيني

 للراغبين الأطلاع على الجزء الثالث .. النقر على الرابط أدناه:

http://www.algardenia.com/tarfiya/menouats/6501-2013-09-22-10-40-07.html
 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

784 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع