الشرق الأوسط:منذ حلقاته الأولى يحمل المسلسل المصري «خيانة عهد» الكثير من مقومات الأعمال الجاذبة للجمهور، فهو ينتمي للدراما الاجتماعية التي تناقش قضايا أسرية متشابكة، تعتمد على الغموض والتشويق، ورغم الإيقاع السريع لأحداث المسلسل، وما يتناوله من تسليط الضوء على الخيانة والرغبة في الانتقام بين الإخوة، والتي قد يجد المجتمع المصري صعوبة في تقبلها أو الاعتراف بها، فإن حضور يسرا المميز وأداء بقية الممثلين الجيد دفع الجمهور إلى التعلق بالمسلسل حتى الآن.
المسلسل الذي تقوم ببطولته الفنانة المصرية يسرا، بالاشتراك مع حلا شيحة، وجومانا مراد، وعبير صبري، وبيومي فؤاد، وهنادي مهنى، وخالد أنور، ومن إخراج سامح عبد العزيز، وقصة وسيناريو وحوار أحمد عادل، وأمين جمال، ووليد أبو المجد، ومحمد أبو السعد، يتعرف الجمهور من خلاله على «عهد» التي تجسدها يسرا، وهي سيدة أعمال تتمتع بشخصية ذات جوانب إنسانية بارزة، وإيجابية تدفعها إلى مساعدة الجميع، ومساندة أفراد عائلتها حتى أثناء تعرضها لأزمات وتحديات صعبة تستطيع أن تستشف بعضها قبل وقوعها من خلال براعتها في قراءة الفنجان منذ طفولتها، إلى حد أنها توقعت ما سيحدث لزوجها قبل وفاته، ثم ابنها هشام (خالد أنور) الذي تكتشف علاقته غير المشروعة بسيدة تكبره في السن، تدفعه لتعاطي المخدرات بإيعاز من أختها فرح (حلا شيحة) التي يساندها في الانتقام أخوهما «مروان» (خالد سرحان).
وتتوالى أحداث المسلسل حاملة خيوطاً درامية متنوعة وأحداثاً متشابكة يطغى عليها طابع التشويق، الذي سيزداد خلال الحلقات المقبلة، وفق أمين جمال، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «ستكشف حلقات المسلسل مفاجآت وتفاصيل جديدة».
انطلقت فكرة المسلسل من المؤلف أحمد عادل، قبل أن يُطوّرها فريق التأليف ويعرضها على يسرا، وفق أمين الذي يقول إنّ «فكرة العمل نالت إعجاب يسرا بمجرد عرضها عليها، فهي بالنسبة لي بمثابة (وش السعد) علينا منذ أن بدأنا العمل معها في مسلسل (فوق مستوى الشبهات)».
ومما يزيد الأمر إثارة، هو أن الحلقات المقبلة من المسلسل لن تبرز خيانة الإخوة أو تطور الصراع بينهم فقط، فهذا الخيط لن يعكس ظاهرة أو مرض يعاني منه المجتمع، أو يندد بتدهور العلاقات بين الإخوة أو داخل الأسرة الواحدة في العصر الراهن، لأنّ على حد تعبير أمين فإنّ قضية الصراع الأخوي ليست جديدة، ولا تقتصر على مجتمع دون آخر، وأكبر مثال على وجود ذلك هو قصة سيدنا يوسف، التي من الممكن أن نأخذ عنها عدداً كبيراً من القصص والعبر، لكن الموضوع في المسلسل لا يقتصر على الإخوة فقط، كما أنّه ليس السطر أو القضية الأساسية مثلما جاء في حلقاته الأولى، إنّما هناك قضية أخرى ربما أكثر درامية وتشويقاً.
ورغم أنّ جمال لم يرغب في الكشف عن هذه المفاجآت أو الإشارة إلى ما ستحمله الأحداث من جوانب مثيرة ومشوقة مبرراً ذلك بقوله: «حتى لا أحرق أحداث المسلسل بطبيعة الحال»، فإنّه يقول: «الخيط الرئيسي للعمل عبارة عن قراءة للفنجان، إذ سيُفاجأ الجمهور بتطور هذا البعد الدرامي الذي يقوم عليه المسلسل، وستواصل (عهد) ممارسة هوايتها وموهبتها في قراءة الفنجان، وسيصبح المشاهد أكثر شغفاً بمتابعة الأحداث، لا سيما أنّ يسرا تشحذ أداءها المتقن والمتجدد في أداء المشاهد المتعلقة بهذا الخيط بعيداً عن النمطية، بجرأة وقدرة لافتتين للغاية».
لكن لا تقتصر الجرأة على الأداء فقط، إنّما تمتد لتشمل الأحداث التي ستثير عدة تساؤلات وجدلاً واسعاً، إذ يتطرق المسلسل لمناقشة قضايا من بينها هل ما يدور يدخل في نطاق الموهبة أم في إطار الجدل والشعوذة، أو معرفة الغيب وقراءة المستقبل، فلا يمكن إنكار دور الأحلام التي تتعرض لها «عهد» منذ الحلقة الأولى للمسلسل في إثارة القلق داخلها.
وإذا كان الجمهور العربي قد اعتاد في الدراما الغربية تطرقها إلى علم الغيبيات، فربما يجد في توجه بعض الأعمال الدرامية العربية إلى هذا المجال بعداً جديداً إلى حد ما، بدأ منذ سنوات قليلة، وهو يساعد، وفق أمين، على الاستحواذ على متابعة المشاهدين وتعلقهم بالأحداث وإثارة تساؤلات عدة داخلهم، مما يجذبهم إلى الدراما بشكل عام حتى لو كانت قائمة على معالجة قضايا إنسانية أو مجتمعية دسمة ومعقدة.
ومن اللافت في المسلسل أيضاً ظهور سائر أبطال العمل بمشاهد متساوية من حيث المساحة، لا سيما الفنانة حلا شيحة التي فاجأت الجمهور، بتغيير «النيو لوك» الخاص بها، الذي أثار جدلاً بين جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، وتغير طبيعة أدوارها الدرامية، فلأول مرة تظهر بهذا القدر من الشر والرغبة في الانتقام إلى حد أنّها تسببت في أذى «هشام» ابن أختها (عهد) عبر دفع سيدة أكبر منه لإغوائه ودفعه إلى الإدمان، من ثمّ تحقنه بالهيرويين بدلاً من علاجه، ووفق أمين، فإنّ «حلا أجادت أداء دور الشر بعد أن اعتاد الجمهور رؤيتها كفتاة ناعمة رقيقة تتمتع بالطيبة والرومانسية، وكان اختيارها يرجع إلى المخرج سامح عبد العزيز، الذي راهن على نجاحها في الدور نظراً لموهبتها».
تألق في الحلقات الأولى من العمل أيضاً، الفنان خالد أنور الذي برع في أداء دور الشاب الثري الذي لم يستطع مقاومة إغراءات سيدة تكبره سناً، ولعبت دورها الفنانة السورية جومانا مراد.
وبشكل عام، كان الأداء الأنثوي في المسلسل أكثر حضوراً، إذ تقمصت يسرا الشخصية وأمسكت بأبعادها المختلفة والمتنوعة بشكل جيد، مستفيدة من خبرات السنين بالسينما والتلفزيون، بينما كان أداء سرحان «مروان» شقيق يسرا الذي يدبر لها مشكلة التهرب الضريبي، به قدر من المبالغة في بعض المشاهد، في حين جاء أداء بيومي فؤاد سلساً ولا يخلو من خفة الظل في أداء الشخصية التي تنتمي لـ«أخلاق أولاد البلد» كما يطلق عليها المصريون.
743 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع