العقيد الركن عبد الوهاب الشواف 1916-1959
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
وسألني أحد طلبة الدراسات العليا وهو الاخ احمد قاسم عن سيرة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف قائد الحركة المسلحة التي ابتدأها في صباح الثامن من آذار –مارس سنة 1959 ضد نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة . وقال لنه لم يلقَ المعلومات الكافية عن سيرته .
واجيبه انه استنادا لما ورد في الجزء الثاني من (تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري 7 شباط -13 تموز 1959 ) الطبعة الاولى 2001 الذي اصدره ( بيت الحكمة ) نجد ان عبد الوهاب بن الشيخ عبد الملك بن طه بن عبد الرزاق الشواف القيسي الكبيسي مولود في بغداد سنة 1916 من اسرة هاجر اجدادها من جزيرة ابن عمر ، واستقرت في (قرية) كبيسة في محافظة الانبار الان . ثم انتقلت الى العاصمة بغداد وقد عرفت اسرة الشواف بالعلم والتمسك بالدين الاسلامي .
وعائلة الشوّاف كما جاء في موسوعة –ويكيبيديا – الالكترونية عائلة عربية عريقة ترجع إلى بطن من بطون القبيلة العربية الشهيرة ( قيس).
وقد اشتهرت عائلة الشواف بالتقوى والصلاح وظهر فيها دعاة ومصلحون وشعراء ورجال دين ورجال سياسة منهم المرحوم الاستاذ عبد الفتاح الشواف صاحب كتاب (حديقة الورود) الذي ترجمت له كثير من المراجع العربية.
وأما والد العقيد عبد الوهاب هو الأديب الشاعر صاحب الرسائل النثرية المأثورة (طه الشواف) ، ومن رجالها البارزين النحوي المعروف أحمد الشواف جد الشاعر المسرحي الكبير الاستاذ خالد الشواف. ويعتبر العالم الجليل الشواف القاطن قي كبيسة من فضلاء العائلة وكما ظهر في العائلة أدباء وعلماء فلقد كان للقيادة والسياسة رجالها من هذه العائلة أيضاً، فلقد استوزر أحد رجالها المعروفين وهو الدكتور محمد الشواف كوزير للصحة
عبد اللطيف الشواف مع القادة السوفييت
والاستاذ عبد اللطيف الشواف ايضا غني عن التعريف .كان قاضيا متمكنا ضليعا في القانون وفي التراث وقد عمل مع الزعيم عبد الكريم قاسم وزيرا للتجارة حتى ان الزعيم عبد الكريم قاسم قال مرة وهو يشير الى وزير الصحة الطبيب العسكري الدكتور محمد عبد الملك الشواف والى القاضي عبد اللطيف الشواف : " خسرنا شوافا وكسبنا شوافين . كما برز في العائلة المرحوم الاديب والكاتب المسرحي الاستاذ خالد الشواف .
كان والد عبد الوهاب الشواف عالماً فقيهاً قاضياً في بغداد ، ونشأ ابنه عبد الوهاب في ظل هذه الرعاية العلمية ، وسطاً في الحق ، وسطاً في التقاليد ، أكمل الإعدادية في الثانوية المركزية ببغداد ودخل الكلية العسكرية وتخرج فيها برتبة ملازم ثم انتسب إلى كلية الأركان وتخرج فيها وبعد تخرجه في كلية الاركان ذهب الى باريس لمدة تسعة اشهر في اجازة ولم يعد منها الا في سنة 1952 ودخل مدرسة الاقدمين في بريطانيا وفي السنة التالية انتمى الى حركة الضباط الاحرار وبعد ثورة 14 تموز 1958 تقرر تعيينه حاكما عسكريا عاما ولكن هذا التعيين لم ينل موافقة العقيد الركن عبد السلام محمد عارف نائب القائد العام للقوات المسلحة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الذي لم يكن يرتاح الى الشواف ، فأراد ابعاده عن بغداد فتم تعيينه آمرا لحامية الموصل (اللواء الخامس ) الامر الذي ترك في نفسه اثرا عميقا وكان في بداية الامر يعتقد ان مهمته في الموصل ستكون مهمة مؤقتة وانها ستنتهي حالما تشكيل مجلس قيادة الثورة الذي كان يطمح الشواف ان يكون عضوا فيه ولما طال الوقت ولم يتم تشكيل مجلس قيادة الثورة اخذ الشواف يشعر بأن تعيينه كان ابعادا له وان خدماته لم تعد تلاقي التقدير بعد ابعاد عبد السلام محمد عارف والذي شغله العقيد الركن احمد محمد يحيى الذي كان الشواف ينظر اليه على انه أدنى منه رتبة عسكرية فضلا عن انه لم يكن عضوا في جماعة الضباط الاحرار وكل هذا جعل الشواف يعيش في عزلة واظهر عصبية حادة وراح بشيح بوجهه عن حكومة الزعيم واخذ يعد العدة للاطاحة بهذه الحكومة.
اشتد الخلاف بينه وبين الزعيم عبد الكريم قاسم –كما يقول الاستاذ حميد المطبعي – في الصفحة 156 من (موسوعة موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين )1996 خاصة بعد ان اصر الزعيم على عقد مهرجان السلام في الموصل الذي استهدف كسر شوكة القوى القومية العربية في الموصل ورغم تحذيراته بعدم عقد المهرجان الذي كان الشيوعيين وراءه عقد المهرجان فتمرد الشواف واعلن حركته المسلحة التي جوبهت بالقوة وفشلت وقصف مقر الشواف وجرح وبعد نقله الى المستشفى تصدى له بعض انصار الزعيم وقتلوه وقيل انه انتحر ونقلت جثته الى بغداد ودفن في مقبرة الغزالي . وبعد انقلاب 8 شباط –فبراير 1963الذي اطاح بحكم الزعيم عبد الكريم قاسم ، نقل رفاته الى جامع ام الطبول حيث مقابر الشهداء .
غادر العقيد الركن عبد الوهاب الشواف الحياة وعمره لم يتجاوز ال (43 ) سنة وهي حياة قصيرة ليس فيها من الاحداث الشيء الكثير وبعد مقتله بدأنا نسمع الكثير من الاحاديث والاشاعات عنه ومنها مثلا انه كان عصبي المزاج وقيل انه كان اقرب في افكاره الى افكار ورؤى الحزب الوطني الديمقراطي
وعندما كان في الموصل آمرا لموقع الموصل أو لامرية موقع الموصل كنا نرى وراءه وهو جالس في مكتبه صورة الرئيس العربي المصري جمال عبد الناصر ولاندري هل انه كان ليبراليا دمقراطيا ام قوميا عربيا .
ومرة سمعت ان له افكار يسارية وقيل الكثير عنه ولااعتقد اننا نملك الكثير من المعلومات عن سيرته ومنها انه كان سكيرا وكان يجلس في بار شريف وحداد في بغداد وكانت متهورا وامور اخرى سمعناها عنه . الرجل في اصراره على عدم عقد مهرجان السلام في الموصل كان جادا وكان يعرف ان الوضع في الموصل لم يكن يساعد على انعقاد المهرجان بسبب التصادم الذي كان محتملا ان يقع بين الشيوعيين والقوميين .
ونقطة اخرى ان الرجل لم يكن يحسب ان الزعيم عبد الكريم قاسم سيوجه الطائرات لقصف مقر قيادة الشواف بدليل انه لم يغير موقعه وهذا ايضا يدل على عدم تحسبه او ضعف في حسه الامني مما ادى الى اصابته ومن ثم قتله .
رحم الله العقيد الركن عبد الوهاب الشواف .كان من قادة الجيش العراقي اجتهد فكان ما كان .
644 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع