نواب السليمانية في عهد الملك فيصل الأول / الجزء الثاني

  

   نواب السليمانية في عهد الملك فيصل الأول الجزء الثاني

  

             

                اعداد :بدري نوئيل يوسف

           

          

حل المجلس التأسيسي بعد اكمال المهام المنوطة به بموجب الارادة الملكية في آب 1924 ، على أثرها استقالت وزارته جعفر العسكري وكانت مهمة وزارة العسكري الأولى هي جمع المجلس التأسيسي وإقرار المعاهدة وذيولها المذكورة في الجزء الاول ، ووضع الاتفاقيات المتممة للمعاهدة ، في اليوم ذاته الثاني من آب 1924 كلف ياسين الهاشمي بتولي الوزارة الجديدة ، وتضمن منهاج الوزارة الجديدة الاشارة إلى الانتخابات.

  

في الثامن من حزيران 1925 بدأت الانتخابات في جميع الالوية العراقية دون أن تسفر عن آية حوادث تذكر، سواء في بغداد، أو الالوية الأخرى، ومنها السليمانية، وكالمعتاد لم تخلو الانتخابات من تدخلات حكومية ، لضمان فوز مرشحيها ، وبالاشتراك مع الملك فيصل الأول.

في الثالث والعشرين من الشهر ذاته أعلنت نتائج الانتخابات وفاز عن لواء السليمانية أربعة نواب ، هم كل من: محمد أمين زكي ، ميرزا فرج الحاج صبري ، احمد مختار عثمان الجاف ، محمد صالح محمد علي ، وحسب ما ورد في صحيفة (ژيان) التي تصدر في السليمانية باللغة الكردية انتقدت النواب ذاكرة ((لم يكن قسم من نواب هذه الدورة عند حسن ظن أهالي السليمانية إن النواب الذين اخترناهم لأول مرة ، لا نقول جميعهم ، إلا أن معظمهم لم تكن لديهم شروط المبعوثية ، حيث لم يكونوا رجال تلك المهمة ، لقد اداروا ظهورهم عن المصلحة العامة مقابل منافعهم الشخصية)) .

بدعوى أن من فاز بالتزكية لا تهمه المصلحة العامة ، ولا يخلو مثل هذا الكلام عن جانب من الصحة ، بقدر ما يهمه ارضاء الحكومة ، خوفًا من ضياع كرسي النيابة ، ومسايرة سياستها ، فقد اثاروا العديد من القضايا والمواضيع الحيوية التي تخص الصحة والتعليم ويعد محمد أمين زكي النائب الأبرز في هذا المضمار ، ولا ينكر دور بقية نواب السليمانية في هذه الدورة لما قدموه من اقتراحات ومشاريع ، لم يكمل المجلس مدته القانونية ، والمحددة بأربع سنوات ولكن بلغ عدد الجلسات 192 التي عقدها مجلس النواب في دورته الأولى باجتماعاته العادية وغير العادية.

 

في 10 كانون الثاني 1929 اشترط عبد المحسن السعدون لتشكيل وزارته حل المجلس للدورة الثالثة فوافق الملك فيصل الأول على شروطه ، مضت بضعة ايام بعدما حلت الحكومة المجلس النيابي ، وأصدرت وزارة الداخلية أوامرها إلى كافة المتصرفين (المحافظين) بالبدء بإعداد الترتيبات اللازمة للبدء في الانتخابات الجديدة مع  الاشارة إلى العمل لضمان فوز مرشحي الحكومة .

 في 8 شباط 1928 بدأت انتخابات الدورة الانتخابية الثانية ، واستمرت لغاية 9 أيار من العام ، ورافقتها مخالفات صريحة وتدخلات واضحة بأنها جرت بشكل غير طبيعي واعتبرت تراجعا في التجربة البرلمانية العراقية ، وعلى اثرها نشرت الكتلة الوطنية في الموصل كتاباً عن التزوير الذي جرى بقدر تعلق الأمر بانتخابات المنطقة الشمالية ، اطلق عليه (فظائع الانتخابات) ، أما لواء السليمانية فلم يشهد أية حوادث تعكر جو الانتخابات .

           

بعد أن وقع الشيخ محمود اتفاقا مع بريطانيا بعدم التدخل في الشؤون السياسية عام 1927 وانتقل الشيخ إلى في قرية پيران على الحدود الايرانية ، في هذه الانتخابات رشح بعض المقربين من الشيخ محمود أمثال مصطفى ياملكي وماجد مصطفى والسبب لترشيحهم أنهم يأسوا من امكانيات الشيخ محمود لتحقيق أماني وآمال الكورد القومية ، بعد اخفاق الشيخ في تأسيس دولة كردية مستقلة ، في هذه الدورة من الانتخابات فاز عن لواء السليمانية كل من :محمد أمين زكي ،صبري علي اغا ، ،سيف الله خندان ، محمد صالح محمد علي.

         

              صورة نادرة للمرحوم / محمد صالح محمد

تكرر فوز نائبان عن اللواء في هذه الدورة من مجموع أربعة نواب وهما : محمد أمين زكي ، ومحمد صالح محمد علي،فقد تم انتخاب للمرة الأولى النائبان الآخران ، في الأول من حزيران 1928 في الدورة الانتخابية الثانية كانت ابرز مساهمات نواب السليمانية هو رفع مذكرة موقعة من قبل تسعة من النواب الكورد إلى وزارة المعارف العراقية، من ضمنهم ثلاثة من نواب السليمانية وهم: محمد أمين زكي، سيف الله خندان، محمد صالح محمد علي، يطالبون فيها السلطات اصلاح وتطوير التربية والتعليم في المنطقة الشمالية ، وفصل شؤون التربية والتعليم للمناطق الكردية عن بغداد والموصل ، وتأسيس جهاز خاص بها يكون مركزه في احدى الالوية الكردية ، وقدموا مذكرة أخرى إلى رئيس الوزراء والمندوب السامي يطلبون فيه استحداث لواء جديد باسم لواء دهوك وبهذا ذكرت صحيفة (ژيان) (استقبل الوطنيون الكورد هذه الإنباء بفرح ، إلا أن تلك المطالب قد أهملت ولم يجرِ بحثها في المجلس ،  كما أن النواب الكورد لم يجددوا طلبهم أيضًا خوفًا من اغضاب بريطانيا) .

               

في 9 آذار 1930 استقالت وزارة ناجي السويدي وفي الثالث والعشرين من آذار 1930 كان الواقع السياسي مهيئًا لوصول نوري السعيد إلى الحكم وبعد سبعة ايام على تشكيله الوزارة وقع معاهدة 1930 مع بريطانيا  أي في الثلاثين من حزيران تمهيدًا لمصادقة المجلس النيابي عليها.

صدرت الارادة الملكية بحل مجلس النواب السابق في الأول من تموز 1930 كما ورد في منهاج وزارته والإتيان بمجلس جديد موالٍ لنوري سعيد، والشروع في انتخابات المجلس الجديد بين العاشر من تموز الى العاشر من أيلول من السنة نفسها ، احدث نشر المعاهدة استياء في نفوس الكورد لان بنود المعاهدة الجديدة التزمت الصمت حيال مطالبهم ، وبالتحديد فيما يخص ردة الفعل على التعهد البريطاني بإدخال العراق إلى عصبة الأمم دون قيد أو شرط

، إذ كان ذلك يعني أن الضمانات المنصوص عليها بحقهم في المعاهدتين السابقتين سيتم إهمالها ، ويصرف النظر عنها وتأكدت مخاوفهم بعد نشر المعاهدة بصيغتها النهائية ، دفع الحكومة العراقية إلى اتخاذ اجراءات عقابية عدة بحق اهالي السليمانية بعدما قدم النواب الكورد مذكرتان تضمنتا مطالب الكورد في الحكم الذاتي الى رئيس الوزراء ، الذي رفعها بدوره إلى المندوب السامي ، كما نظموا مذكرات كثيرة الى سكرتارية عصبة الأمم طالبوا فيها بمنحهم حقوقهم القومية التي اعترفت بها عصبة الأمم ولكن دون جدوى ، بعدما علموا أن المعاهدة لم تحتوي على أية اشارة إلى للكورد أو أية ضمانات رسمية لحفظ حقوقهم .

في جو مشبع بالإرهاب والمعارضة الشديدة جرت الانتخابات في بغداد والمحافظات الأخرى في حين سادت في السليمانية اجواء الاحتجاجات ومشاعر عدم الرضا لمعاهدة 30 حزيران التي تجاهلت الامتيازات التي وعدتهم بريطانيا بها وتطور الموقف إلى اضطرابات دموية في السادس من أيلول عام 1930 ، برفقة رئيس البلدية حضر جمع من الناخبين الحكوميين إلى سراي الحكومة لإجراء انتخابات الهيئة المشرفة على الانتخابات (المنتخبين الثانويين)،

على اثرها أدت إلى اشعال فتيل المواجهة الساخنة تمثلت بمظاهرات كبرى انتهت بمجزرة دامية راح ضحيتها الكثير من القتلى والجرحى فقد شارك فيها الطلبة والكسبة وهم المعارضون للسلطة والسلطات الحكومية .

في اليوم السادس ( من أيلول الأسود)  1930 هكذا أطلقوا عليها بعدما شنت السلطات الحكومية حملة اعتقالات شملت احدى عشرة شخصية كردية ورغم حوادث باب السراي ، قررت الحكومة العراقية استئناف اجراء الانتخابات في السليمانية ، بعد تأجيلها لمدة أسبوع واحد ، في هذه الدورة الانتخابية فاز عن لواء السليمانية كل من: احمد الصالح ، واحمد مختار جاف، ومحمد صالح محمد علي، وسيف الله خندان من اصل ( 82 ) نائبًا .

 صوت لصالح المعاهدة 69 نائبًا ، وخالف المعاهدة  13 نائبًا بعد ما تم عرض المعاهدة العراقية البريطانية على المجلس ، مع العلم أن عدد نواب تلك الدورة بلغ ( 88 ) وهو عدد النواب الحاضرين في تلك الجلسة وكان نواب السليمانية الأربعة ضمن المصوتين لصالح المعاهدة.

          

استقالت على اثر ذلك وزارة نوري السعيد الثانية في 27 تشرين الاول 1932 على اعتبار أن مهمتها انتهت بنهاية الانتداب ، بعد دخول العراق عصبة الأمم في الثالث من تشرين الأول 1932.

صدرت الارادة  الملكية بحل مجلس النواب في الثامن من تشرين الثاني من العام نفسه ، واسند الملك فيصل الأول مهمة تكليف الوزارة الجديدة إلى ناجي شوكت وحرص على أن تجري الانتخابات بدون تدخلات حكومية ،

تدخل البلاط الملكي لضمان فوز عدد من مرشحين له ، فذكر ناجي شوكت بهذا الصدد :(كنت محايداً . لم أنتسب إلى حزب من الأحزاب ، أو كتلة من الكتل ، كنت شديد الرغبة في جعل مجلس النواب الجديد ممثلا للرأي العام على قدر الامكان وان تمثل فيه الأحزاب كافة ، وان يكون للمثقفين مقامهم فيه أيضاً ، إذ لم يكن في الاستطاعة ابعاد رؤساء القبائل عن المجلس بالمرة  وعلى الرغم من جميع هذه ألاتجاهات فان الانتخابات لم تخلوا من الانتقادات ، ولاسيما من قبل الذين كان تسيرهم الاغراض الشخصية ، ويتظاهرون بالبطولات الوطنية) .

في 10 كانون الأول 1933 أتمت وزارة ناجي شوكت انتخابات المجلس النيابي وفاز عن لواء السليمانية في هذه الدورة  الانتخابية الرابعة كل من : احمد الصالح ، سيف الله خندان ، صبري علي آغا ، ومحمد صالح محمد علي.

            

هناك حقيقتان عن دور نواب السليمانية في عهد الملك فيصل الأول أولا : أن عدد نواب السليمانية بقي ثابتًا خلال عهد الملك فيصل أي أربعة مقاعد ، ولعل السبب في ذلك هو بقاء العدد الكلي لمقاعد المجلس ثابتًا أي ( 88 ) مقعدا. وثانيا : في أواخر عهد الملك فيصل تراجع في دور النواب الكورد عامة ومنهم نواب السليمانية ، ويعزى إلى رغبة بريطانية في تحجيم المعارضة السياسية قبيل دخول العراق عصبة الأمم ، ويلاحظ إعادة انتخاب النائبين محمد صالح محمد علي، وسيف الله خندان ، والذين عرف عنهما ، ولغاية الدورة الثالثة ، بأنهما من أكثر النواب غيابا ، ومن اقلهم تحدثًا ومداخلة السليمانية.

نلتقي في الجزء الثالث من نواب السليمانية في عهد الملك فيصل غازي.

المصدر: دور نواب السليمانية في المجلس النيابي من رسالة الماجستير التي قدمها (سالار عبد الكريم) .

نبذة عن السيرة الذاتية للنواب:

سيف الله خندان: ( 1897 )من آل بابان ، وكان أبوه عزت بك حسين باشا ، وزيرًا في عهد السلطان محمد وحيد الدين السادس ، درس في مدرسة غلطة سراي ، عند وصوله إلى العراق عام 1923 ، تولى مناصب حكومية عدة ، حيث عين مديرَا للتشريفات في وزارة الخارجية ، وقنصلا في اسطنبول ، فسكرتيرًا أول للمفوضية العراقية في واشنطن 1942 ، نقل مشاورا في مفوضية لندن 1946 ، فقائم مقامًا بأعمال مفوضية باريس 1947 ، نال شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة باريس عام 1951 رفع إلى درجة وزير مفوض عام 1952 ، ثم وزيرًا مفوضًا للعراق في بون.231 – 1952 ، فسفيرا في مدريد. اعلام الكورد ص 230 ـ231

صبري علي آغا: هو ابن عم (سعيد كركوكلي زاد ه) النائب في مجلس المبعوثان  العثماني. خدم ضابطًا في الجيش العثماني خلال الحرب العالمية الاولى في الساحة العراقية انتخب نائبًا عن السليمانية في سنوات ( 1928

1930 )، وأعيد انتخابه في الأعوام 1933، 1934 ، 1937 . كما مارس التجارة ، وأقام في بغداد إلى وفاته ،عام 1956 .، أعلام الكورد، ص 167

  

محمد أمين زكي : (1880 - 1948) مؤرخ كردي من العراق من مواليد مدينة السليمانية يعتبر أول مؤرخ في العصر الحديث حاول وبصورة علمية دراسة الجذور التاريخية للشعب الكردي. قام في 15 مارس 1931 بطبع كتابه المشهور "خلاصة تاريخ الكرد وكردستان" والذي يعتبر من قبل الكثير من الباحثين ثاني أهم مرجع في تأريخ الأكراد بعد كتاب الشرفنامة للمؤرخ شرف الدين البدليسي الذي يعتبر أول كتاب عن تأريخ الإمارات الكردية. ينتمي (محمد أمين زكي بن عبد الرحمن بن محمود) إلى أسرة كوردية معروفة برزت منذ أيام البابانيين. ولد سنة1880 في مدينة السليمانية، وقد سمي بـ(زكي) لذكائه المفرط. بدأ تعليمه المبكر في الكتاتيب بمسقط رأسه (السليمانية) حيث أمضى عدة سنوات في تعلم الكتابة و مبادئ الدين واللغتين العربية والفارسية. وفي الثانية عشرة من عمره دخل المدرسة ليلتحق بعد سنة واحدة بالرشدية العسكرية في مدينته ، وبعد أن تخرج فيها التحق في العام 1896 بالإعدادية العسكرية في بغداد التي تخرج فيها أيضا بتفوق لينتقل بعد ثلاث سنوات إلى اسطنبول حيث انتمى إلى المدرسة العسكرية التي تخرج فيها ملازماً ثانياً في مطلع العام 1902، وبدرجة متميزة أهلته للدراسة في كلية الأركان وتخرج فيها سنة 1904 برتبة رئيس ركن. في مطلع شباط 1925، أسهم في تطوير الدراسات العسكرية في العراق بفضل خبراته النظرية والتطبيقية في هذا المضمار. رشح نفسه عن لواء محافظة السليمانية لعضوية مجلس النواب، ومنذ الجلسة الأولى لأول مجلس نواب في تأريخ العراق سطع نجم (محمد أمين زكي)، فقد انتخب في(16) تموز 1925 نائباً لرئيس المجلس ورئيساً للجنة العسكرية التي كانت تعد من أهم اللجان البرلمانية في عهد تأسيس الدولة، وجدد انتخابه إلى أن شغل حقيبة وزير المواصلات والأشغال، كما اختير فيما بعد عضواً في مجلس الأعيان أيضاً. حظي (محمد أمين زكي) باحترام البلاط الملكي وجميع رؤساء الوزراء العراقيين في ذلك العهد وثقتهم، فعهدوا إليه تسع مرات حقائب وزارية مهمة بما فيها المعارف والدفاع والاقتصاد والمواصلات ، مع العلم انه آمن بوحدة العراق وبشر بها صراحة في كتاباته وتصريحاته ومناقشاته .

(ويكيبديا) 

  

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

898 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع