الشعائر الحسينية بين العادة والعبادة

                                            

                            مكتب آية الله الصرخي

                  

ان الثورة الحسينية هي ثورة إحياء ضمير الامة ,عين الله في الارض فأفراد الأمة في زمن الامام الحسين عليه السلام كانت تصنف الى عدة اصناف الصنف الاول : وهم الجزء الاكبر من الامة والتي فقدت ارادتها وقدرتها على مواجهة الاوضاع الفاسدة فكانت تشعر بالذل والتبعية للعهد الفاسد الذي حول الخلافة الاسلامية الى حكم كسروي وقيصري وملكاً جاهلي ..هذا الصنف من الامة تمثل في قول الشاعر الفرزدق (قلوبهم معك وسيوفهم عليك..) اما الصنف الثاني :

هو الذي لم يعد يحمل هموم الرسالة بقدر اهتمامه بمصالحه الشخصية والأنانية حيث أخذت هموم الرسالة تضمحل بالتدريج ولتحل محلها الهموم الصغيرة الشخصية اما الصنف الثالث : هو ذلك القطاع الساذج المغفل من الامة والذي كان تنطلي عليه حيل الحكام من بني امية بعد ان ألبسوا حكمهم ثوبا شرعيا ؟! ومن هنا كان الامام الحسين عليه السلام يختار موقفه ويعلن ثورته لتحريك ضمير الامة ككل وليحسسها بأهمية الرسالة واهدافها وليلفتها الى الغفلة و الخمول والخضوع والخنوع الذي تعيش فيه ووسيلة انقاذ للامة في الحياة الدنيا والآخرة..فلم تك ثورة انتقامية او مذهببية او عشائرية بل كانت أوسع وأشمل بالمعنى والواقع كانت ثورة انسانية بما انه لكل انسان ضمير ممكن ان يحيى من سباته وينتفض لذا شارك فيها الصغير والشاب والشيخ الكبير والعربي وغير العربي والنساء والمسلم وغير المسلم..وشموليتها ناظرة لكل فساد وظلم وقبح وتحريف لقيم الانسان ومبادئه بغض النظر عن كون المفسد والظالم مسلما او غير مسلم, شيعيا او غير شيعي ,او ممن يدعي النسب والقربى او غيره ,ابن المذهب او غيره , ابن العشيرة او غيره , ابن البلد او غيره , فهي شاملة لكل جغرافيا الارض ولكل شرائح المجتمع باختلاف اعمارهم ومعتقداتهم وشاملة لكل انواع الظلم والفساد من اين كان مصدره ومنبعه..وهنا السؤال لماذا لاتجسد أهداف ثورة الحسين عليه السلام ويحيى الضمير الانساني وينتفض كما اراد منا الامام الحسين عليه السلام وقدم من اجل ذلك الغالي والنفيس..فهل هي استهانة ام غفلة عن حجم التضحية الحسينية هذه ..فكيف لمن يلطم ويبكي ويعظم الشعيرة الحسينية يغفل عن ذلك؟! ولماذا ننظر لمصدر الظلم والفساد فأن كان من غير مذهبنا ومن غير ديننا انتفضنا وثِرنا..وإن كان من ابن مذهبنا ومن ديننا وابن عشيرتنا اكتفينا بضرب صدورنا والبكاء واغمضنا عيوننا بل ورضينا به لانه يلطم معنا ويبكي ونياحه يفوق نياحنا ؟!.والذي اعتقده اننا عندما نكتفي باللطم والبكاء والمواكب فقط وفقط فسنحصل على المدح والثناء والدعاء من الآخرين ..اما اذا ما جسدنا أهداف ثورة الحسين عليه السلام وحققنا مراده ونقدنا الفاسد والظالم وخصوصا ابن المذهب والعشيرة والبلد وشخصنا سلبياته واحتجينا عليه بما ألزم نفسه وطالبنا بتغير واصلاح هنا نكون عرضه للذم والقدح واللوم والعتب وكلمات الزجر والانتقاص بل يصل أحيانا الى المقاطعة والبغض والعداء في اسلوب ضاغط على الانسان حتى يترك ما يقوم به أو حتى يفر منك الآخرون فرار العبيد ؟! والأمر الأعجب والأخطر ان الفاسد لايقوم بذلك بنفسه دائما بل له من يؤدي هذه المهمة من قبل أتباع ومنتفعين يؤدون الطقوس العاشورية ويلطمون كما تلطم أنت سواء أكان في العشيرة او في المدينة او البلد ككل كما هم مسؤولين عن ايصال الوشاية بك حول طبيعة موقفك أول بأول !  وبهذا  يكون احياء الشعيرة على نحو العادة فقط والمفروض انها تكون على نحو العبادة ....انها الفتنة والاختبار والبلاء فما زلنا لم نفهم بعد شمولية ثورة الحسين ومازلنا في الخطوة الاولى التي توقفنا عندها لأن البلاء والتمحيص والفتنة اكثر مما نتصور او لنقل اننا فهمنا غير مشمولين في البلاء والتمحيص وان الله تركنا بحجة اننا من اتباع ومحبي اهل البيت عليهم السلام وممن يحيون شعيرة عاشوراء وهي غفلة اخرى وشبهة مستحكمة فلو دققنا الايات القرآنية بتجرد لوجدناها تشملنا ايضا في صلب عقيدتنا والايمان بها قال تعالى (( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)) لذا قال السيد الصرخي الحسني دام ظله وأكد مرارا وتكرارا الى الالتفات الى كيف نكون حسينيون نطالب بالاصلاح والتغيير والالتفات الى كيف ان لانكتفي فقط وفقط باظهار شعائر عاشوراء بل لابد من التجسيد الفعلي الواقعي للثورة الحسينية وتحقيق اهدافها .... ففي بيان محطات في مسير كربلاء  (( .... هل أننا جعلنا الشعائر الحسينية المواكب والمجالس والمحاضرات واللطم والزنجيل والتطبير والمشي والمسير الى كربلاء والمقدسات هل جعلنا ذلك ومارسناه وطبقناه على نحو العادة والعادة فقط وليس لانه عبادة وتعظيم لشعائر الله تعالى وتحصين الفكر والنفس من الانحراف والوقوع في الفساد والافساد فلا نكون في اصلاح ولا من اهل الصلاح والاصلاح، فلا نكون مع الحسين الشهيد ولا مع جدّه الصادق الامين ((عليهما الصلاة والسلام )).
اذن لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نثبت فيها ومنها وعليها صدقاً وعدلاً الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين (عليه السلام) ورسالته ورسالة جدّه الصادق الامين ((عليه وعلى آله الصلاة والسلام)) في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في ايجاد الصلاح والاصلاح ونزول رحمة الله ونعمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار.......
المحطة الثانية:
ولنسأل انفسنا عن الأمر والنهي الفريضة الالهية التي تحيا بها النفوس والقلوب والمجتمعات هل تعلمناها على نهج الحسين ((عليه السلام)) وهل عملنا بها وطبقناها على نهج الحسين الشهيد وآله وصحبه الاطهار ((عليهم السلام)) وسيرة كربلاء التضحية والفداء والابتلاء والاختبار والغربلة والتمحيص وكل انواع الجهاد المادي والمعنوي والامتياز في معسكر الحق وعدم الاستيحاش مع قلة السالكين والثبات الثبات الثبات ......
قال العلي القدير جلت قدرته :
بسم الله الرحمن الرحيم
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }التوبة/16.
فها هو كلام الله المقدس الاقدس يصرّح بعدم ترك الإنسان دون تمحيص واختبار وغربلة وابتلاء ، فَيُعرف الزبد والضار ويتميز ما ينفع الناس والمجاهد للأعداء وابليس والنفس والدنيا والهوى فلا يتخذ بطانة ولا وليا ولا نصيرا ولا رفيقا ولا خليلا ولا حبيبا غير الله تعالى ورسوله الكريم والمؤمنين الصالحين الصادقين ((عليهم الصلاة والسلام))
فيرغب في لقاء الله العزيز العليم فيسعد بالموت الذي يؤدي به الى لقاء الحبيب جل وعلا ونيل رضاه وجنته
وفي كربلاء ومن الحسين عليه السلام جُسّد هذا القانون والنظام الالهي ، حيث قام (عليه السلام) في اصحابه وقال :
((إنَّه قدْ نَزَل من الأمر ما تَرَون ، وإنّ الدنيا قد تغيَّرت وتنكَّرت ،وأدبَر مَعروفُها.......... ألاَ تَرَون أن الحقِّ لا يُعمَل به ،والباطلِ لا يُتناهى عنه ، لَيرغَب المؤمنُ في لقاء ربِّه فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ بَرَماً ))
http://www.al-hasany.com/index.php?pid=44

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

920 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع