سناء الجاك
إيران تهتز... ماذا بعد؟؟
أطل ممانع من الأشاوس على شاشة محلية لبنانية، غاضباً ومنفعلاً ومطالباً الدولة اللبنانية بالتضامن والتكافل والقيام بالواجب مع إيران بعد تعرضها إلى الضربات الإسرائيلية. وكأن الدولة والمسؤولين فيها بانتظار توجيهاته، وتحتاج إلى براءة ذمة منه، وإلا فتهمة الخيانة والعمالة للعدو الصهيوني حاضرة.
لم يتوقف الممانع عند إعلان إسرائيل أنها قامت بعملياتها الحربية من داخل إيران، حيث الموساد يسرح ويمرح ويشن ضرباته، ما يعني أن العملاء والخونة في عمق إيران يفوقون عملاء البيئة الحاضنة عندنا بأشواط. فهم سهلوا ببراعة غير مسبوقة للموساد نشاطاته التجسسية والعسكرية في عقر دار من ضيع بالأوهام قدراته الجبارة، التي تغنى بها وبقدراتها على "إزالة إسرائيل عن الخارطة خلال سبع دقائق".
وأيضاً لم يستغرب الممانع الغاضب، صمت الإعلام الإيراني وحرصه على عدم توسيع "البيكار"، أو حتى اتهام الشيطان الأكبر بالتخطيط لهذه الفتنة، مع أن الحديث المطوَّل قبل أيام بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء العدو الصهيوني الغاشم بنيامين نتنياهو لم يجرِ سراً، وإنما على مرأى ومسمع الممانعين الأشاوس كلهم، لتكتفي الحكومة الإيرانية بإبقاء الاعتداءات في محليتها، وتعلِّق المفاوضات، ربما حتى تنقشع الرؤية فيبنى على الشيء مقتضاه.
تجاهل الممانع غياب القضية الفلسطينية والمقاومة عن الخطاب الرسمي الإيراني بعد الغارات الإسرائيلية المتواصلة، واعتبر أن العدو الإسرائيلي يستهدف إيران، فقط لأنها حليفة "المقاومة والجنوب اللبناني الصامد"، والقضية الفلسطينية، وليس لأن سياساتها واستراتيجياتها الإقليمية استنفدت وظيفتها.
وكأن أحداً لم يخبره أن أذرع المشروع الإيراني التوسعي وهلاله الشيعي ينفذون الأجندة، التي لا تخدم إلا العدو الصهيوني، وتقدم له فرصاً تاريخية، نتبين يومياً فداحة ما تلحقه بشعوب المنطقة.
لا يريد صاحبنا أن يقر ويعترف بأن هذه الأذرع تمت التضحية بها على مذبح المشروع، بعد أن تضخمت وتوسعت وانتشت بقوتها وجبروت مشغِّلها، وتم اختراقها من داخلها لتتهاوى تحت وطأة الهزائم المتكررة.
لا يريد أن يقر ويعترف بأن ما جرى هو ضربات نوعية، تؤثر على إيران فقط، وليس حرباً إقليمية، كما يتم الإيحاء، فتوازن الرعب وهْم خالص وركاكة دفاعية وهجومية غير مجدية، ما يعني أن الشرق الأوسط بهلاله الشيعي هو تحت السيطرة الإسرائيلية بفضل رأس المحور وأذرعه.
والأمر مخيف، ففي هذا الانكشاف الهائل حسابات كثيرة تتعلق بتوازنات المنطقة. ولا تقتصر على هزيمة رأس المحور، لتنسحب على أركانه في الإقليم. حينها سيخسر أوراقاً، لطالما استخدمها للضغط خلال المفاوضات.
وخطورة الضربات الإسرائيلية مع ترجيح عجز إيران عن الرد، لا تتعلق فقط بنتائجها الإيرانية، أو بغضب ممانعين أشاوس فقدوا بوصلتهم، وإنما تؤثر على دول المنطقة التي لا تزال تحاول فرض معادلة دولة فلسطينية مقابل السلام، وليس الغرق في عمليات ابتزاز لتحصيل المكاسب عبر تحريك أذرع لا حول لها ولا قوة...
ماذا بعد؟؟
797 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع