
د . وَائِلْ اَلْقَيْسِي
مُخَيَّمَاتِ اَلْمَوْتِ اَلْبَطِيءِ
أَنَّ مَنْ يُرِيدُ رِضَا اَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيَسْعَى لِلِاحْتِفَالِ وَالْفَرَحِ بِمَوْلِدِ سَيِّدِ اَلْخُلُقِ ، هُنَا ، فِي مُخَيَّمَاتٍ اَلنَّازِحِينَ وَالْمُهَجَّرِينَ ، سَيَجِدُ اَلْأَجْرُ وَالثَّوَابُ وَرِضَا اَللَّهِ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . . .
زُوِّرُوهُمْ ، تَفْقِدُونَهُمْ ، وَاسُوهُمْ ، أَشْعِرُوهُمْ بِصِلَةِ اَلرَّحِمِ ، فَقَدْ تَقَطَّعَتْ بِهُمْ اَلسُّبُلُ ، وَلَا مُعَيَّن لَهُمْ إِلَّا اَللَّهُ . 
إِنَّ مِنْ يَبْتَغِي اَلِاقْتِدَاءُ بِسَنَتِهِ وَالْفَوْزُ بِشَفَاعَةِ نَبِيِّهِ ، نَبِيُّ اَلرَّحْمَةِ وَالْهُدَى ، سَيَجِدُهَا هُنَا ، فِي هَذِهِ اَلْمُخَيَّمَاتِ اَلَّتِي لَا تَكَادُ تَسَتُّرَ عَوْرَةٍ ، وَلَا تُشْبِعُ بَطْنًا جَائِعًا، وَلَا تُجْبِرُ خَاطِرَ قَلْبٍ كَسِيرٍ . . . 
شُيُوخٌ تَئِنُّ، وَأُمَّهَاتٌ تَتَوَجَّعُ، وَأَطْفَالٌ عُرَاةٍ ، حُفَاةً ، مُسْتَقْبَلُهُمْ سَيَكُونُ مَشْحُونًا بِغَضَبِ اَلِانْتِقَامِ ، بِسَبَبَ اَلْجَوْرِ اَلَّذِي لِحَقِّهِمْ ، وَظُلْم بُنِيَ جِلْدَتَهُمْ عَلَيْهِمْ بِتَخَلِّيهِمْ عَنْ نُصْرَتِهِمْ. 
فَلَا تَعْتِبُونَ عَلَيْهِمْ عِنْدَمَا يَكْبُرُونَ ، وَالْغَضَبُ وَرُوحِ اَلثَّأْرِ تَخْتَزِنُهَا قُلُوبُهُمْ ، نَحْنُ جَمِيعًا سَاهَمْنَا بِظُلْمِهِمْ اَلَّذِي لَا يَرْضَاهُ اَللَّهُ، وَلَا تُقِرُّهُ شَرِيعَةُ نَبِيِّهِ اَلْكَرِيمِ ، صَاحِبُ اَلْخُلُقِ اَلْعَظِيمِ .
 رُبَّمَا يَقُولُ قَائِلَ إِنَّ حَالَهُمْ هَذَا فَوْقَ طَاقَتِنَا ، وَتَتَحَمَّلَ عَوَاقِبَهُ اَلْجِهَاتُ اَلْحُكُومِيَّةُ وَالْمِيلِيشْيَاتُ اَلْمُجْرِمَةُ ، وَنَحْنُ نَقُولُ هَذَا أَيْضًا ، لَكِنْ بِاسْتِطَاعَةِ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنَّا كَأَفْرَادٍ وَعَوَائِل وَعَشَائِرُ وَمُنَظَّمَاتٌ وَمُجْتَمَعٌ ، أَنْ يُقَدِّمَ أَيَّ شَيْءَ لَهُمْ ، مَهْمَا كَانَ بَسِيطًا ، بَلْ إننا لَوْ كُنَّا نُرِيدُ اَلِاقْتِدَاءُ بِدِينِ اَلرَّحْمَةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ، لَاسْتَطَاعَتْ كُلّ عَائِلَةِ، أَنْ تُنَاصِرَ عَائِلَةٌ مِنْ اَلنَّازِحِينَ أَوْ اَلْمُهَجَّرِينَ قَسْرًا ، فَنَكُون بِذَلِكَ عَلَى نَهْجِ وَرِسَالَةِ اَلْأَنْصَارِ حَقًّا ، حِينَمَا كَانُوا عَوْنًا وَسَنَدًا لِلْمُهَاجِرِينَ . 
أَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ اَلْعَلَمِ وَالْفِكْرِ مَدَى اَلْخَطَرِ اَلَّذِي يُشَكِّلُهُ ظُلْمُ هَؤُلَاءِ اَلْمَظْلُومِينَ ؟ !. 
 يَا سَادَةً أَنَّ اَلْخَطَرَ سَيَتَفَجَّرُ فِي اَلْمُسْتَقْبَلِ اَلْقَرِيبِ وَلَيْسَ اَلْبَعِيدُ. 
فأَنَّ تَرْكَهُمْ هَكَذَا سَيَجْعَلُ اَلْجَمِيعَ أَمَامَ قَنَابِلَ مَوْقُوتَةٍ ، فَالظُّلْمُ لَا يَخْلُقُ جِيلاً سَوِيًّا ، وَسَيَشْعُرُ كُلٌّ مَظْلُومٌ أَنَّ كُلًّ مِنْ تَقَاعُسٍ عَنْ نُصْرَتِهِ ، هُوَ عَدُوّهُ ، وَرُبَّمَا سَيَكُونُ اَلْمُجْتَمَعُ كُلُّهُ ضَحِيَّةُ صَنِيعِهِ . فَلْتَكُنْ ذِكْرَى وِلَادَةِ اَلنَّبِيِّ - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَا ، مَعَ أَحْبَابِ اَللَّهِ ، فَالْفَقِيرُ هُوَ حَبِيبْ اَللَّهْ . 
وَلَا تَنْسُو أَنَّهُمْ أَعِزَّةُ قَوْمٍ قَدْ ذِلُو وَظَلْمُو ، وَأَنَّ اَلْجَمِيعَ يَتَحَمَّلُ وِزْرَ وَذَنْبَ اَلظُّلْمِ اَلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِمْ . 
أَنَّهَا مُخَيَّمَاتُ موت بَطِئ وَشَرِّهَا مُسْتَطِيرًا. 
لِنَكُنْ مُسْلِمِينَ ، مُحَمَّدِيُّونَ حَقًّا وِنْآزِرْهِمْ وَنَقِفُ مَعَهُمْ فِي هَذِهِ اَلشِّدَّةِ وَالْمِحْنَةِ . إِنَّهَا مَسْؤُولِيَّةٌ جَمَاعِيَّةٌ تَفْرِضُهَا عَلَيْنَا اَلْإِنْسَانِيَّةُ قَبْلَ اَلدِّينِ . 
أَنَّهُمْ ظُلِمُوا ، وَانْ اَللَّهِ عَلَى نَصْرِهِمْ لِقَدِيرٍ...
530 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع